الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكساهم ووصلهم بالأموال ثمَّ خرج للطَّواف على أَعمال الْمغرب وتفقد أَحْوَال الرّعية وَالنَّظَر فِي سيرة ولاته وعماله فِيهَا وهم فِي صحبته فصلح على يَده الْكثير من أُمُور النَّاس
وَفِي سنة خمس وَسِتِّينَ بعْدهَا غزا يُوسُف مَدِينَة الدمنة من بِلَاد طنجة فَدَخلَهَا عنْوَة وَفتح جبل علودان
وَفِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة فتح يُوسُف جبال غياثة وَبني مكود وَبني رهينة وَقتل مِنْهُم خلقا كثيرا وفيهَا فرق عماله على بِلَاد الْمغرب فولى سير بن أبي بكر على مَدَائِن مكناسة وبلاد مكلاثة وفازاز وَولى عمر بن سُلَيْمَان على فاس وأحوازها وَدَاوُد بن عَائِشَة على سجلماسة ودرعة وَولى ابْنه تَمِيم بن يُوسُف على مَدِينَة مراكش واغمات وبلاد السوس والمصامدة وتادلا وتامسنا وَصفا ملك الْمغرب ليوسف بن تاشفين سوى سبتة وطنجة وَكَانَ من خبرهما مَا نذكرهُ
فتح سبتة وطنجة وَمَا ترَتّب عَلَيْهِ من جِهَاد بالأندلس
كَانَت سبتة وطنجة لبني حمود الإدريسيين من لدن دولة الأمويين وَلما انقرضت دولتهم وخلفهم بَنو حمود المذكورون بهَا استنابوا على سبتة وطنجة من وثقوا بِهِ من مواليهم الصقالبة وَلم يزل أَمر المدينتين إِلَى نظر هَؤُلَاءِ النواب وَاحِدًا بعد وَاحِد إِلَى أَن اسْتَقل بهما الْحَاجِب سكُوت البرغواطي
وَكَانَ عبدا لشيخ حداد من موَالِي الحموديين اشْتَرَاهُ من سبي برغواطة فِي بعض أَيَّام جهادهم ثمَّ صَار إِلَى عَليّ بن حمود فَأخذت النجابة بضبعيه إِلَى أَن اسْتَقل بِالْأَمر واقتعد كرْسِي عَمَلهم بطنجة وسبتة وأطاعته قبائل غمارة واتصلت أَيَّام ولَايَته إِلَى أَن كَانَت دولة المرابطين وتغلب يُوسُف بن
تاشفين على بِلَاد الْمغرب ونازل بِلَاد غمارة فَدَعَا الْحَاجِب سكُوت إِلَى مظاهرته عَلَيْهِم فهم بألأجلاب مَعَه ومظاهرته على عدوه ثمَّ ثناه عَن ذَلِك ابْنه الفائل الرَّأْي
فَلَمَّا فرغ يُوسُف بن تاشفين من أهل الدمنة وانقاد الْمغرب لطاعته صرف عزمه إِلَى الْحَاجِب سكُوت
وَكَانَ الْمُعْتَمد بن عباد صَاحب إشبيلية قد كتب إِلَى يُوسُف بن تاشفين يستدعيه للحوز برسم الْجِهَاد وَنصر الْبِلَاد فَأَجَابَهُ يُوسُف بقوله لَا يمكنني ذَلِك إِلَّا إِذا ملكت طنجة وسبتة فَرَاجعه ابْن عباد يُشِير عَلَيْهِ بِأَن يسير هُوَ إِلَيْهَا بعساكره فِي الْبر فينازلها وَيبْعَث ابْن عباد قطائعه فِي الْبَحْر فينازلوها أَيْضا حَتَّى يتملكها فَأخذ يُوسُف فِي محاولة ذَلِك وَصرف عزمه إِلَيْهِ ثمَّ دخلت سنة سبعين وَأَرْبَعمِائَة فَجهز إِلَيْهَا قائده صَالح بن عمرَان فِي اثْنَي عشر ألف فَارس من المرابطين وَعشْرين ألفا من سَائِر قبائل الْمغرب فَلَمَّا قربوا من طنجة برز إِلَيْهِم الْحَاجِب سكُوت بجموعه وَهُوَ شيخ كَبِير قد ناهز التسعين سنة وَقَالَ وَالله لَا يسمع أهل سبتة طبول اللمتوني وَأَنا حَيّ أبدا فَالتقى الْجَمْعَانِ بوادي منى من أحواز طنجة والتحم الْقِتَال فَقتل سكُوت وفضت جموعه وَسَار المرابطون إِلَى طنجة فَدَخَلُوهَا واستولوا عَلَيْهَا
وَلحق ضِيَاء الدولة يحيى بن سكُوت بسبتة فاعتصم بهَا وَكتب الْقَائِد صَالح بن عمرَان بِالْفَتْح إِلَى يُوسُف
وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة بعث يُوسُف بن تاشفين قائده مزدلي بن تيلكان اللمتوني لغزو تلمسان وَالْمغْرب الْأَوْسَط فَسَار إِلَيْهَا فِي عشْرين ألفا من المرابطين وَكَانَ بتلمسان يَوْمئِذٍ الْعَبَّاس بن بخْتِي من ولد
يعلى بن مُحَمَّد بن الْخَيْر بن مُحَمَّد بن خزر المغراوي فَدَخَلُوا الْمغرب الْأَوْسَط وتقروا بِلَاد زناتة وظفروا بيعلى ابْن الْأَمِير الْعَبَّاس بن بختى فَقَتَلُوهُ وانكفؤوا رَاجِعين إِلَى يُوسُف بن تاشفين فألفوه بمراكش ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَسبعين فِيهَا غير يُوسُف بن تاشفين السِّكَّة فِي جَمِيع عمله وَكتب عَلَيْهَا اسْمه
وفيهَا فتح مَدِينَة آكرسيف ومدينة مليلية وَجَمِيع بِلَاد الرِّيف وَفتح مَدِينَة نكور وخربها فَلم تعمر بعد
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة فِيهَا زحف يُوسُف بن تاشفين إِلَى مَدِينَة وَجدّة فَفَتحهَا وَفتح بِلَاد بني يزناسن وَمَا والاها ثمَّ سَار إِلَى تلمسان فَفَتحهَا واستلحم من كَانَ بهَا من مغراوة وَقتل أميرها الْعَبَّاس بن بخْتِي المغراوي وَأنزل بهَا عَامله مُحَمَّد بن تينغمر المسوفي فِي عَسَاكِر المرابطين فَصَارَت ثغرا لمملكته واختط بهَا مَدِينَة تاكرارت بمَكَان محلته وَهُوَ اسْم الْمحلة بِلِسَان البربر ثمَّ افْتتح مَدِينَة تنس ووهران وجبل وانشريس وَجَمِيع أَعمال شلف إِلَى الجزائر وانكفأ رَاجعا إِلَى الْمغرب فَدخل مراكش فِي ربيع الآخر سنة خمس وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة
ثمَّ ورد عَلَيْهِ بهَا كتاب الْمُعْتَمد بن عباد يُعلمهُ بِحَال بِلَاد الأندلس وَمَا آل إِلَيْهِ أمرهَا من تغلب الْعَدو على أَكثر ثغورها ويسأله النَّصْر والإعانة فَأَجَابَهُ يُوسُف بقوله إِذا فتح الله على سبتة اتَّصَلت بكم وبذلت جهدي فِي جِهَاد الْعَدو وَكَانَ الفنش قد تحرّك فِي هَذِه السّنة فِي جيوش لَا تحصى من الإفرنج والبشكنس والجلالقة وَغَيرهم فشق بِلَاد الأندلس شقا يقف على كل مَدِينَة مِنْهَا فَيفْسد وَيخرب وَيقتل وَيَسْبِي ثمَّ يرتحل إِلَى غَيرهَا وَنزل على إشبيلية فَأَقَامَ عَلَيْهَا ثَلَاثَة أَيَّام فأفسد وَخرب وَكَذَلِكَ فعل فِي شدونة وأحوازها وَخرب بشرق الأندلس قرى كَثِيرَة ثمَّ صَار حَتَّى وصل جَزِيرَة طريف فَأدْخل قَوَائِم فرسه فِي الْبَحْر وَقَالَ هَذَا آخر بِلَاد الأندلس قد وطئته ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَدِينَة سرقسطة فَنزل عَلَيْهَا وحاصرها وَحلف أَن لَا