الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظلمها الْعمَّال فِي أَيَّام أَبِيه وَأكْرم الْفُقَهَاء وراعى الصلحاء وَأهل الْفضل وأجرى على أَكْثَرهم الْإِنْفَاق من بَيت المَال وَفرق فِي الْمُوَحِّدين وَسَائِر الأجناد أَمْوَالًا جمة وَكَانَ أول شَيْء حدث فِي دولته شَأْن بني غانية المسوفيين أَصْحَاب جَزِيرَة ميورقة وأعمالها فلنأت بِشَيْء من ذَلِك
خُرُوج عَليّ بن إِسْحَاق المسوفي الْمَعْرُوف بِابْن غانية على يَعْقُوب الْمَنْصُور
قد تقدم لنا فِي أَخْبَار الدولة اللمتونية أَن أَمِير الْمُسلمين عَليّ بن يُوسُف بن تاشفين اللمتوني كَانَ قد اسْتعْمل على الجزائر الشرقية من بِلَاد الأندلس وَهِي ميورقة ومنورقة ويابسة مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى المسوفي الْمَعْرُوف بِابْن غانية وَهِي أَهَمَّهُمْ فتوارثها بنوه من بعده إِلَى أَيَّام يُوسُف بن عبد الْمُؤمن فَبعث إِلَيْهِ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد المسوفي الْمَذْكُور بِالطَّاعَةِ فَقبل ذَلِك يُوسُف بن عبد الْمُؤمن وَبعث إِلَيْهِ قائده عَليّ بن الروبرتير ليختبر أمره ويعقد لَهُ الْبيعَة عَلَيْهِ ويؤكد الْأَمر فِي ذَلِك
وَكَانَ لمُحَمد بن إِسْحَاق الْمَذْكُور عدَّة اخوة يساهمونه فِي الرياسة فَلَمَّا انْتهى إِلَيْهِم ابْن الروبرتير وَعَلمُوا الْأَمر الَّذِي قدم لأَجله أَنْكَرُوا على أخيهم ذَلِك لِأَنَّهُ لم يكن أعلمهم بمكاتبة يُوسُف بن عبد الْمُؤمن فخلصوا نجيا دونه وتقبضوا عَلَيْهِ وعَلى ابْن الروبرتير وَقدمُوا مَكَانَهُ أَخَاهُم عَليّ بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد ثمَّ بَلغهُمْ خبر وَفَاة يُوسُف بن عبد الْمُؤمن وَولَايَة ابْنه يَعْقُوب الْمَنْصُور فَركب عَليّ بن إِسْحَاق أسطوله وطرق بجاية على حِين غَفلَة من أَهلهَا وَعَلَيْهَا يَوْمئِذٍ السَّيِّد أَبُو الرّبيع بن عبد الله بن عبد الْمُؤمن
وَكَانَ خَارِجا فِي بعض مذاهبه فاستولى عَلَيْهَا ابْن غانية فِي صفر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
وَحكى ابْن أبي زرع فِي اسْتِيلَاء ابْن غانية على بجاية وَجها آخر قَالَ دخل الميورقي وَهُوَ عَليّ بن إِسْحَاق الْمَذْكُور مَدِينَة بجاية يَوْم الْجُمُعَة السَّادِس من شعْبَان سنة ثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَالنَّاس فِي صَلَاة الْجُمُعَة
وَكَانَ أَبْوَاب المدن قبل ذَلِك لَا تغلق وَقت صَلَاة الْجُمُعَة فَارْتَقِبْ ابْن غانية النَّاس حَتَّى أَحْرمُوا بِصَلَاة الْجُمُعَة ثمَّ اقتحم عَلَيْهِم الْمَدِينَة وَعمد إِلَى الْجَامِع الْأَعْظَم وأدار بِهِ الْخَيل وَالرجل فَمن بَايعه خلى سَبيله وَمن توقف عَن بيعَته ضرب عُنُقه قَالَ وَأقَام بهَا سَبْعَة أشهر ثمَّ استرجعت من يَده قَالَ وَمن ذَلِك الْيَوْم اتخذ النَّاس غلق أَبْوَاب المدن يَوْم الْجُمُعَة وَقت الصَّلَاة وَالله أعلم
ثمَّ استولى عَليّ بن إِسْحَاق على الجزائر ثمَّ على مازونة ثمَّ على مليانة ثمَّ على القلعة ثمَّ نَازل قسنطينة فامتنعت عَلَيْهِ
واتصل الْخَبَر بالمنصور فسرح السَّيِّد أَبَا زيد بن أبي حَفْص بن عبد الْمُؤمن وَعقد لَهُ على حَرْب ابْن غانية وَعقد لمُحَمد بن إِبْرَاهِيم بن جَامع على الأساطيل وَإِلَى نظره أَبُو مُحَمَّد بن عطوش وَأحمد الصّقليّ فوصل السَّيِّد أَبُو زيد إِلَى أفريقية وشرد ابْن غانية عَنْهَا إِلَى الصَّحرَاء فِي أَخْبَار طَوِيلَة
ثمَّ عاود ابْن غانية الإجلاب على بِلَاد إفريقية وَظَاهره على ذَلِك قراقوش الْغَزِّي من موَالِي السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب الْكرْدِي صَاحب مصر وَكَانَ قد تغلب على طرابلس وَمَا والاها
وَبلغ الْمَنْصُور أَن ابْن غانية قد استولى على قفصة فَنَهَضَ بِنَفسِهِ من حَضْرَة مراكش ثَالِث شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَوصل إِلَى فاس فأراح بهَا ثمَّ سَار إِلَى رِبَاط تازا ثمَّ سَار على التعبية إِلَى تونس
وَجمع ابْن غانية من إِلَيْهِ من الملثمين وَالْعرب وَجَاء مَعَه قراقوش الْغَزِّي صَاحب طرابلس فسرح إِلَيْهِم الْمَنْصُور مُقَدّمَة من جَيْشه لنظر السَّيِّد