الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُسلمين أبي الْحسن عَليّ بن يُوسُف بن تاشفين اللمتوني
لما توفى أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم بَايع النَّاس ابْنه عَليّ بن يُوسُف الْمَذْكُور بمراكش بِعَهْد من أَبِيه إِلَيْهِ وَتسَمى بأمير الْمُسلمين
وَكَانَ سنه يَوْم بُويِعَ ثَلَاثًا وَعشْرين سنة وَملك من الْبِلَاد مَا لم يملكهُ أَبوهُ لِأَنَّهُ صَادف الْبِلَاد سَاكِنة وَالْأَمْوَال وافرة والرعايا آمِنَة بِانْقِطَاع الثوار واجتماع الْكَلِمَة وسلك طَرِيقه أَبِيه فِي جَمِيع أُمُوره واهتدى بهديه
خُرُوج يحيى بن أبي بكر بن يُوسُف بن تاشفين على عَمه أَمِير الْمُسلمين عَليّ بن يُوسُف بن تاشفين
لما توفّي أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين سجاه ابْنه عَليّ بن يُوسُف بِثَوْبِهِ وَخرج إِلَى المرابطين وَيَده فِي يَد أَخِيه أبي الطَّاهِر تَمِيم بن يُوسُف فَبَايعهُ ثمَّ قَالَ للمرابطين قومُوا فَبَايعُوا أَمِير الْمُسلمين فَبَايعهُ جَمِيع من حضر من لمتونة وَسَائِر قبائل صنهاجة وَبَايَعَهُ الْفُقَهَاء وأشياخ الْقَبَائِل فتمت لَهُ الْبيعَة بمراكش
ثمَّ كتب إِلَى سَائِر بِلَاد الْمغرب والأندلس وبلاد الْقبْلَة يعلمهُمْ بوفاة أَبِيه واستخلافه من بعده وَيَأْمُرهُمْ بالبيعة فَأَتَتْهُ الْبيعَة من جَمِيع الْبِلَاد وَأَقْبَلت نَحوه الْوُفُود للتعزية والتهنئة إِلَّا أهل مَدِينَة فاس فَإِن ابْن أَخِيه يحيى بن أبي بكر بن يُوسُف كَانَ أَمِيرا عَلَيْهَا من قبل جده يُوسُف فَلَمَّا انْتهى إِلَيْهِ الْخَبَر بِمَوْت جده وَولَايَة عَمه عظم عَلَيْهِ ذَلِك وأنف من مبايعة عَمه فَخرج عَلَيْهِ وَوَافَقَهُ على ذَلِك جمَاعَة من قواد لمتونة فزحف إِلَيْهِ عَليّ بن يُوسُف من
مراكش حَتَّى إِذا دنا من فاس خَافَ يحيى بن أبي بكر على نَفسه وَعلم أَنه لَا طَاقَة لَهُ بِحَرب عَمه فَأسلم فاسا لِعَمِّهِ وَخرج مِنْهَا خَائفًا يترقب فَدَخلَهَا عَليّ بن يُوسُف يَوْم الْأَرْبَعَاء الثَّامِن من ربيع الآخر سنة خَمْسمِائَة واستقام لَهُ الْأَمر
وَقيل إِن عَليّ بن يُوسُف لما دنا من فاس نزل بِمَدِينَة مغيلة من أحوازها ثمَّ كتب إِلَى ابْن أَخِيه يعاتبه على مَا ارْتَكَبهُ من الْخلاف ويدعوه إِلَى الدُّخُول فِي الطَّاعَة كَمَا دخل النَّاس وَكتب كتابا آخر إِلَى أَشْيَاخ الْبَلَد يَدعُوهُم فِيهِ إِلَى بيعَته ويتوعدهم فَلَمَّا وصل الْكتاب إِلَى يحيى وقرأه جمع أهل الْبَلَد واستشارهم فِي الْمُقَاتلَة والحصار فَلم يوافقوه فَلَمَّا يئس مِنْهُم خرج فَارًّا إِلَى مزدلي بن تيلكان وَكَانَ عَاملا على تلمسان فَلَقِيَهُ مزدلي بوادي ملوية مُقبلا برسم الْبيعَة لعَلي بن يُوسُف فَأعلمهُ يحيى بِمَا كَانَ من شَأْنه فضمن لَهُ مزدلي عَن عَمه الْعَفو والصفح فَرجع مَعَه حَتَّى إِذا وصلا إِلَى فاس دخل مزدلي على أَمِير الْمُسلمين عَليّ بن يُوسُف وَنزل يحيى مستخفيا بحومة وَادي شردوع
وَلما اجْتمع مزدلي بأمير الْمُسلمين وَسلم عَلَيْهِ وَرَأى مِنْهُ إِكْرَاما وقبولا أعلمهُ بِخَبَر يحيى وَمَا ضمن لَهُ من الْعَفو فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَعَفا عَنهُ وأمنه ثمَّ جَاءَ يحيى فَبَايعهُ وخيره أَمِير الْمُسلمين بَين أَن يسكن بِجَزِيرَة ميروقة بشرق الأندلس أَو ينْصَرف إِلَى بِلَاد الصَّحرَاء فَاخْتَارَ الصَّحرَاء فَانْصَرف إِلَيْهَا ثمَّ سَافر مِنْهَا إِلَى الْحجاز فحج الْبَيْت وَرجع إِلَى عَمه فاستأذنه أَن يكون فِي جملَته وَيكون سكناهُ مَعَه بِحَضْرَة مراكش فَأذن لَهُ فِي ذَلِك فسكنها مُدَّة ثمَّ اتهمه عَمه بالتشغيب عَلَيْهِ فثقفه وَبعث بِهِ إِلَى الجزيرة الخضراء فاستمر بهَا إِلَى أَن مَاتَ