الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف بن عبد الْمُؤمن بن عَليّ
قَالَ ابْن خلدون لما هلك عبد الْمُؤمن أَخذ السَّيِّد أَبُو حَفْص بن عبد الْمُؤمن الْبيعَة على النَّاس لِأَخِيهِ أبي يَعْقُوب يُوسُف بن عبد الْمُؤمن بِاتِّفَاق من الْمُوَحِّدين كَافَّة ورضى من الشَّيْخ أبي حَفْص الهنتاتي خَاصَّة واستقل فِي رُتْبَة وزارته
وَذكر القَاضِي أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن عمر مؤرخ دولتهم أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف بن عبد الْمُؤمن بُويِعَ بيعَة الْجَمَاعَة يَوْم الْجُمُعَة ثامن ربيع الأول سنة سِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَذَلِكَ بعد وَفَاة وَالِده عبد الْمُؤمن بِسنتَيْنِ لِأَنَّهُ لما بُويِعَ بعد وَفَاة وَالِده توقف عَن بيعَته نَاس من أَشْيَاخ الْمُوَحِّدين وَامْتنع من بيعَته أَخَوَاهُ السَّيِّد أَبُو مُحَمَّد صَاحب بجاية وَالسَّيِّد أَبُو عبد الله صَاحب قرطبة فَكف عَنْهُم وَلم يطالبهم ببيعته وَتسَمى بالأمير وَلم يتسم بأمير الْمُؤمنِينَ حَتَّى اجْتمع عَلَيْهِ النَّاس
وَذكر ابْن مطروح فِي تَارِيخه أَنه لما مَاتَ عبد الْمُؤمن كَانَ وَلَده يُوسُف بإشبيلية فأخفى أَصْحَابه مَوته وَأَرْسلُوا إِلَى يُوسُف فوصل من إشبيلية إِلَى سلا فِي أقرب وَقت فبويع بهَا وَلم يتَخَلَّف عَن بيعَته إِلَّا نَاس قَلِيلُونَ فَلم يلْتَفت إِلَيْهِم
وَكَانَ أول شَيْء فعله بعد الْبيعَة أَن سرح الجيوش المجتمعة للْجِهَاد إِلَى بِلَادهمْ وقبائلهم وَكتب إِلَى الْبِلَاد بتسريح المساجين وتفريق الصَّدقَات فِي جَمِيع عمله وَتسَمى بالأمير ثمَّ ارتحل إِلَى مراكش فَدَخلَهَا وَأقَام بهَا وَكتب إِلَى جَمِيع أهل طَاعَته من الْمُوَحِّدين يطلبهم بالبيعة فَأَتَتْهُ الْبيعَة من جَمِيع بِلَاد إفريقية وَالْمغْرب والأندلس مَا خلا قرطبة وبجاية فَإِن ولاتهما وهما أَخَوَاهُ توقفا عَن ذَلِك وانتشر خبر أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف فِي أقطار
الْبِلَاد وأدان لَهُ من بالعدوتين من الْعباد وَفرق الْأَمْوَال فِي الْقَبَائِل والأجناد
وَفِي سنة تسع وَخمسين وَخَمْسمِائة قدم عَلَيْهِ أَخَوَاهُ السَّيِّد أَبُو مُحَمَّد صَاحب بجاية وَالسَّيِّد أَبُو عبد الله صَاحب قرطبة تَائِبين مبايعين وَقدم مَعَهُمَا أَشْيَاخ بلديهما وفقهائهما فوصلهم أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف بالأموال وَالْخلْع وَأحسن إِلَيْهِم
وَفِي هَذِه السّنة ثار مرزدغ الصنهاجي من صنهاجة مِفْتَاح وَضرب السِّكَّة باسمه وَكتب فِيهَا مرزدغ الْغَرِيب نَصره الله عَن قريب وَكَانَت ثورته بِبِلَاد غمارة فَبَايعهُ خلق كثير من غمارة وصنهاجة وأوربة فأفسد تِلْكَ النَّاحِيَة وَدخل مَدِينَة تازا وَقتل بهَا خلقا كثيرا وسبى فَبعث إِلَيْهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف جَيْشًا من الْمُوَحِّدين فَقتل وَحمل رَأسه إِلَى مراكش
وَفِي سنة سِتِّينَ وَخَمْسمِائة كَانَت وقْعَة الْجلاب بالأندلس بَين السَّيِّد أبي سعيد بن عبد الْمُؤمن وجيوش الفرنج مَعَ ابْن مردنيش وَكَانَت الفرنج ثَلَاثَة عشر ألفا فَهزمَ ابْن مردنيش وَقتل من مَعَه من الفرنج بأجمعهم وَكتب السَّيِّد أَبُو سعيد بِالْفَتْح إِلَى أَخِيه أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف
وَفِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة عقد أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف على بجاية لِأَخِيهِ السَّيِّد أبي زَكَرِيَّاء وعَلى إشبيلية للشَّيْخ أبي عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم ثمَّ أدال مِنْهُ بأَخيه السَّيِّد أبي إِبْرَاهِيم وَأقر الشَّيْخ أبي عبد الله على وزارته وَعقد على قرطبة لِأَخِيهِ السَّيِّد أبي إِسْحَاق وَأقر السَّيِّد أَبَا سعيد على غرناطة
ثمَّ نظر الموحدون فِي وضع الْعَلامَة الْمَكْتُوبَة بِخَط الْخَلِيفَة فَاخْتَارُوا الْحَمد لله وَحده لما وقفُوا عَلَيْهَا بِخَط الإِمَام الْمهْدي فِي بعض مخاطباته فَكَانَت علامتهم إِلَى آخر دولتهم وَالله أعلم