الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الله عز وجل فَقَالُوا قد أَعْطَانَا من الثَّوَاب مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر فَافْتتنَ النَّاس وظنوا أَن الْمَوْتَى قد كلموهم وحكوا ذَلِك لبَقيَّة إخْوَانهمْ فازدادوا بَصِيرَة فِي أمره وثباتا على رَأْيه وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال
وَفَاة الْمهْدي رحمه الله
كَانَت وَفَاة الْمهْدي عقب وقْعَة الْبحيرَة قَالَ ابْن خلدون لأربعة أشهر بعْدهَا وَقَالَ ابْن الْخَطِيب وَغَيره كَانَت وَفَاته يَوْم الْأَرْبَعَاء لثلاث عشرَة لَيْلَة خلت من رَمَضَان سنة أَربع وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَقيل غير ذَلِك
وَقَالَ فِي القرطاس لما رَجَعَ الموحدون من غَزْو مراكش إِلَى تينملل خرج إِلَيْهِم الْمهْدي فَسلم عَلَيْهِم ورحب بهم وأعلمهم بِمَا يكون لَهُم من النَّصْر وَالْفَتْح وَمَا يملكونه من الْبِلَاد وبمدة ملكهم وأعلمهم أَنه يَمُوت فِي تِلْكَ السّنة فبكوا وأسفوا ثمَّ مرض مَرضه الَّذِي مَاتَ مِنْهُ وَقدم عبد الْمُؤمن للصَّلَاة أَيَّام مَرضه ثمَّ توفّي فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم
وَذكر بعض المؤرخين أَن الْمهْدي رأى فِي مَنَامه قبل وَفَاته كَأَن آتِيَا أَتَاهُ فأنشده أبياتا نعى لَهُ فِيهِ نَفسه وأعلمه بِالْيَوْمِ الَّذِي يَمُوت فِيهِ فَكَانَ كَذَلِك انْظُر القرطاس
وَقد مر فِي هَذِه الْأَخْبَار ذكر كتاب الجفر وَرُبمَا تتشوق النَّفس لمعْرِفَة حَقِيقَته فقد قَالَ ابْن خلدون فِي كتاب طبيعة الْعمرَان وَاعْلَم أَن كتاب الجفر كَانَ أَصله أَن هَارُون بن سعيد الْعجلِيّ وَهُوَ رَأس الزيدية كَانَ لَهُ كتاب يرويهِ عَن جَعْفَر الصَّادِق رضي الله عنه وَفِيه علم مَا سيقع لأهل الْبَيْت على الْعُمُوم ولبعض الْأَشْخَاص مِنْهُم على الْخُصُوص وَقع ذَلِك لجَعْفَر ونظائره من رجالاتهم على طَرِيق الْكَرَامَة والكشف الَّذِي يَقع لمثلهم من الْأَوْلِيَاء وَكَانَ مَكْتُوبًا عِنْد جَعْفَر الصَّادِق فِي جلد ثَوْر صَغِير فَرَوَاهُ عَنهُ
هَارُون الْعجلِيّ وَكتبه وَسَماهُ الجفر باسم الْجلد الَّذِي كتب فِيهِ لِأَن الجفر فِي اللُّغَة هُوَ الصَّغِير فَصَارَ هَذَا الإسم علما على هَذَا الْكتاب عِنْدهم وَكَانَ فِيهِ تَفْسِير الْقُرْآن الْكَرِيم وَمَا فِي بَاطِنه من غرائب الْمعَانِي مروية عَن جَعْفَر الصَّادِق رضي الله عنه
وَذكره ابْن قُتَيْبَة فِي أَوَائِل كتاب اخْتِلَاف الحَدِيث فَقَالَ بعد كَلَام طَوِيل وأعجب من هَذَا التَّفْسِير تَفْسِير الروافض لِلْقُرْآنِ الْكَرِيم وَمَا يَدعُونَهُ من علم بَاطِنه بِمَا وَقع إِلَيْهِم من الجفر الَّذِي ذكره الْعجلِيّ ثمَّ قَالَ ابْن قُتَيْبَة
(ألم تَرَ أَن الرافضين تفَرقُوا
…
فكلهم فِي جَعْفَر قَالَ مُنْكرا)
(فطائفة قَالُوا إِمَام وَمِنْهُم
…
طوائف سمته النَّبِي المطهرا)
(وَمن عجب لم أقضه جلد جفرهم
…
بَرِئت إِلَى الرَّحْمَن مِمَّن تجفرا)
فِي أَبْيَات غير هَذِه ثمَّ قَالَ ابْن قُتَيْبَة وَهُوَ جلد جفر ادعوا أَنه كتب لَهُم فِيهِ الإِمَام جَعْفَر الصَّادِق كل مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَكلما يكون إِلَى يَوْم الْقِيَامَة اه وَهَذَا تزييف من ابْن قُتَيْبَة لكتاب الجفر وَخَالف هَذَا الْمَذْهَب أَبُو الْعَلَاء المعري فَقَالَ
(لقد عجبوا لأهل الْبَيْت لما
…
أَتَاهُم علمهمْ فِي مسك جفر)
(ومرآة المنجم وَهِي صغرى
…
أرته كل عامرة وقفر)
والمسك بِفَتْح الْمِيم الْجلد والجفر بِفَتْح الْجِيم مَا بلغ أَرْبَعَة أشهر من أَوْلَاد الْمعز وَكَانَت عَادَتهم فِي ذَلِك الزَّمَان أَنهم يَكْتُبُونَ فِي الْجُلُود وَمَا شاكلها لقلَّة الأوراق يَوْمئِذٍ
وَقَالَ ابْن خلدون كتاب الجفر لم تتصل رِوَايَته عَن جَعْفَر الصَّادِق رضي الله عنه وَلَا عرف عينه وَإِنَّمَا يظْهر مِنْهُ شواذ من الْكَلِمَات لَا يصحبها دَلِيل وَلَو صَحَّ النِّسْبَة إِلَى جَعْفَر الصَّادِق لَكَانَ فِيهِ نعم الْمُسْتَند من نَفسه أَو من رجال قومه فهم أهل الكرامات رَضِي الله عَنْهُم