الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَبَر عَن دولة أبي مُحَمَّد عبد الله الْعَادِل ابْن الْمَنْصُور رحمه الله
بُويِعَ لَهُ الْبيعَة الأولى بمرسية من بِلَاد الأندلس منتصف صفر سنة إِحْدَى وَعشْرين وسِتمِائَة وتلقب بالعادل فِي أَحْكَام الله ثمَّ خلص لَهُ الْأَمر وَبَايَعَهُ كَافَّة الْمُوَحِّدين وخطب لَهُ بِحَضْرَة مراكش أَوَاخِر شعْبَان من السّنة الْمَذْكُورَة
وَتوقف عَن بيعَته السَّيِّد أَبُو زيد بن أبي عبد الله أَخُو البياسي كَمَا ذَكرْنَاهُ آنِفا وَكَانَ واليا على بلنسية وشاطبة ودانية وَلما رأى السَّيِّد أَبُو مُحَمَّد البياسي أَخَاهُ السَّيِّد أَبَا زيد توقف عَن بيعَة الْعَادِل وَضبط بِلَاده ثار هُوَ ببياسة وَمَا انضاف إِلَيْهَا من قرطبة وجيان وقيجاطة وحصون الثغر الْأَوْسَط وتلقب بالظافر وَإِنَّمَا دعِي البياسي لقِيَامه من بياسة فوصلت بيعَة الْمُوَحِّدين من مراكش إِلَى الْعَادِل وَمَعَهَا كتاب أبي زَكَرِيَّا يحيى ابْن الشَّهِيد شيخ هنتانة بِقصَّة المخلوع وَمَا كَانَ من أمره فصادف وصولها هيجان هَذِه الْفِتْنَة فشغل الْعَادِل بهَا عَن مراكش وَبعث أَخَاهُ السَّيِّد أَبَا الْعَلَاء الْأَصْغَر وَهُوَ إِدْرِيس بن الْمَنْصُور فِي جَيش كثيف إِلَى البياسي فحاصره ببياسة وَلما اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحصار أظهر الطَّاعَة والانقياد وَبَايع للعادل حَتَّى إِذا أفرج عَنهُ أَبُو الْعَلَاء عَاد إِلَى النكث وَبعث إِلَى الفنش يستنصره على الْعَادِل وَضمن لَهُ أَن ينزل لَهُ عَن بياسة وقيجاطة فَكَانَ أول من سنّ إِعْطَاء الْحُصُون والبلاد للفرنج فَوجه إِلَيْهِ الفنش بِجَيْش من عشْرين ألفا وَلما توافت لَدَيْهِ جموع الفرنج نَهَضَ من قرطبة يُرِيد إشبيلية حَتَّى إِذا دنا مِنْهَا خرج إِلَيْهِ السَّيِّد أَبُو الْعَلَاء الْأَصْغَر وَهُوَ الَّذِي دعِي بعد بالمأمون فَالْتَقوا واقتتلوا قتالا شَدِيدا فَانْهَزَمَ السَّيِّد أَبُو الْعَلَاء وَاسْتولى البياسي والفرنج على محلته بِمَا فِيهَا من أثاث وَسلَاح ودواب وَغير ذَلِك
وَلما رأى الْعَادِل مَا وَقع بأَخيه وجنده خشِي أَن يَتَفَاقَم دَاء البياسي ويمتد عباب فتنته إِلَى مراكش فَترك أَخَاهُ أَبَا الْعَلَاء قبالته وَعبر الْبَحْر إِلَى العدوة وَلما احتل بقصر الْمجَاز دخل عَلَيْهِ عبد الله بن عبد الْوَاحِد بن أبي حَفْص الْمَدْعُو بعبو فَقَالَ لَهُ الْعَادِل كَيفَ حالك فأنشده
(حَال مَتى علم ابْن الْمَنْصُور بهَا
…
جَاءَ الزَّمَان إِلَيّ مِنْهَا تَائِبًا)
فَاسْتحْسن ذَلِك مِنْهُ وولاه إفريقية وَهَذَا الْبَيْت لأبي الطّيب المتنبي وَإِنَّمَا تمثل بِهِ عبو لموافقة اسْم مَنْصُور فِيهِ لاسم وَالِد الْعَادِل فَحسن التَّمْثِيل بِهِ
وانْتهى الْعَادِل فِي سيره إِلَى سلا فَأَقَامَ بهَا وَبعث عَن شُيُوخ جشم عرب تامسنا وَكَانَ لِابْنِ يرجان عناية واختصاص بِهِلَال بن حميدان أَمِير الْخَلْط فتثاقل جرمون بن عِيسَى أَمِير سُفْيَان عَن الْوُصُول إِلَى الْعَادِل ثمَّ بَادر الْعَادِل إِلَى مراكش وقاسى فِي طَرِيقه إِلَيْهَا من الْعَرَب شَدَائِد ثمَّ دَخلهَا واستوزر أَبَا زيد بن عبد الْوَاحِد بن أبي حَفْص وَتغَير لِابْنِ يرجان ففسد بَاطِنه وسعى فِي إِفْسَاد الدولة وَغلب أَبُو زَكَرِيَّا بن الشَّهِيد شيخ هنتاتة ويوسف بن عَليّ شيخ تينملل على أَمر الْعَادِل ثمَّ خَالَفت عَلَيْهِ عرب الْخَلْط وهسكورة وعاثوا فِي نواحي مراكش وخربوا بِلَاد دكالة فَخرج إِلَيْهِم ابْن يرجان فَلم يغن شَيْئا فأنفذ إِلَيْهِم الْعَادِل عسكرا من الْمُوَحِّدين لنظر إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل ابْن الشَّيْخ أبي حَفْص فَانْهَزَمَ وَقتل واضطربت الْأَحْوَال على الْعَادِل وَخرج ابْن الشَّهِيد ويوسف بن عَليّ إِلَى قبائلهما للحشد ومدافعة هسكورة وَالْعرب فاتفقا أَيْضا على خلع الْعَادِل واضطربت الْأُمُور
وَلما انْتهى إِلَى أبي الْعَلَاء صَاحب الأندلس خبر أَخِيه الْعَادِل وَمَا هُوَ فِيهِ بمراكش من الِاضْطِرَاب دَعَا لنَفسِهِ بإشبيلية فبويع بهَا وأجابه أَكثر أهل الأندلس وتلقب بالمأمون وَبَايع لَهُ السَّيِّد أَبُو زيد صَاحب بلنسية وَهُوَ أَخُو البياسي وَكَانَ ذَلِك فِي أَوَائِل شَوَّال سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة