المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌غزوة عبد المؤمن الطويلة التي استولى فيها على المغربين - الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى - جـ ٢

[أحمد بن خالد الناصري]

فهرس الكتاب

- ‌الدولة المرابطية

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الصنهاجية اللمتونية المرابطية وأوليتها

- ‌الْخَبَر عَن رياسة يحيى بن إِبْرَاهِيم الكدالي وَمَا كَانَ من أمره مَعَ الشَّيْخ أبي عمرَان الفاسي رحمهمَا الله

- ‌الْخَبَر عَن دُخُول عبد الله بن ياسين أَرض الصَّحرَاء وَابْتِدَاء أمره بهَا

- ‌شُرُوع عبد الله بن ياسين فِي الْجِهَاد وإعلانه بالدعوة وَمَا كَانَ من أمره فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن رياسة يحيى بن عَمْرو بن تكلاكين اللمتوني

- ‌الْخَبَر عَن غَزْو عبد الله بن ياسين وَيحيى بن عمر سجلماسة وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن رياسة أبي بكر بن عمر اللمتوني وَفتح بِلَاد السوس

- ‌فتح بِلَاد المصامدة وَمَا يتبع ذَلِك من جِهَاد برغواطة وَفتح بِلَادهمْ وَذكر نسبهم

- ‌غَزْوَة أبي بكر بن عمر بِلَاد الْمغرب سوى مَا تقدم وفتحه إِيَّاهَا

- ‌عود أبي بكر بن عمر إِلَى بِلَاد الصَّحرَاء وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين اللمتوني

- ‌بِنَاء مَدِينَة مراكش

- ‌فتح مَدِينَة فاس وَغَيرهَا من سَائِر بِلَاد الْمغرب

- ‌فتح سبتة وطنجة وَمَا ترَتّب عَلَيْهِ من جِهَاد بالأندلس

- ‌الْخَبَر عَن الْغَزْوَة الْكُبْرَى بالزلاقة من أَرض الأندلس

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار أَمِير الْمُسلمين فِي الْجِهَاد وَمَا اتّفق لَهُ مَعَ مُلُوك الأندلس وَكَبِيرهمْ ابْن عباد

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين سوى مَا تقدم

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُسلمين أبي الْحسن عَليّ بن يُوسُف بن تاشفين اللمتوني

- ‌خُرُوج يحيى بن أبي بكر بن يُوسُف بن تاشفين على عَمه أَمِير الْمُسلمين عَليّ بن يُوسُف بن تاشفين

- ‌أَخْبَار الْوُلَاة بالمغرب والأندلس

- ‌أَخْبَار أَمِير الْمُسلمين عَليّ بن يُوسُف فِي الْجِهَاد وجوازه الأول إِلَى بِلَاد الأندلس

- ‌اسْتِيلَاء الْعَدو على سرقسطة

- ‌ولَايَة الْأَمِير تاشفين بن عَليّ بن يُوسُف على بِلَاد الأندلس وأخباره فِي الْجِهَاد

- ‌الْخَبَر عَن دولة أبي الْمعز تاشفين بن عَليّ بن يُوسُف ابْن تاشفين اللمتوني

- ‌الدولة الموحدية الْخَبَر عَن دولة الْمُوَحِّدين من المصامدة وقيامها على يَد مُحَمَّد بن تومرت الْمَعْرُوف بالمهدي

- ‌وَفَاة الْمهْدي رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة أبي مُحَمَّد عبد الْمُؤمن بن عَليّ الكومي وأوليتها

- ‌بيعَة عبد الْمُؤمن بن عَليّ وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌غَزْوَة عبد الْمُؤمن الطَّوِيلَة الَّتِي استولى فِيهَا على المغربين

- ‌فتح مَدِينَة فاس

- ‌فتح مراكش واستئصال بَقِيَّة اللمتونيين

- ‌ثورة مُحَمَّد بن هود السلاوي الْمَعْرُوف بالماسي

- ‌انْتِقَاض أهل سبتة على الْمُوَحِّدين وَخبر القَاضِي عِيَاض رحمه الله مَعَهم

- ‌أَخْبَار الأندلس وفتوحها

- ‌قدوم عبد الْمُؤمن إِلَى سلا ووفادة أهل الأندلس عَلَيْهِ بهَا

- ‌غَزْو إفريقية وَفتح مَدِينَة بجاية

- ‌فتح المرية وبياسة وأبدة

- ‌قدوم عبد الْمُؤمن مَدِينَة سلا وتولية أَوْلَاده على النواحي بهَا

- ‌إِيقَاع عبد الْمُؤمن بِعَبْد الْعَزِيز وَعِيسَى أخوي الْمهْدي وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌إِيقَاع يحيى بن يغمور بِأَهْل لبلة وإسرافه فِي ذَلِك

- ‌أَمر عبد الْمُؤمن بتحريق كتب الْفُرُوع ورد النَّاس إِلَى الْأُصُول من الْكتاب وَالسّنة

- ‌نقل الْمُصحف العثماني من قرطبة إِلَى مراكش وَبِنَاء جَامع الكتبيين بهَا

- ‌نكبة الْوَزير ابْن عَطِيَّة وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌غَزْو إفريقية ثَانِيًا وَفتح المهدية وَغَيرهَا من الثغور

- ‌توظيف عبد الْمُؤمن الْخراج على أَرض الْمغرب

- ‌بِنَاء عبد الْمُؤمن جبل طَارق

- ‌عبور عبد الْمُؤمن إِلَى جبل طَارق وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌قدوم كومية قَبيلَة عبد الْمُؤمن عَلَيْهِ بمراكش وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌استعداد عبد الْمُؤمن للْجِهَاد وإنشاؤه الأساطيل بسواحل الْمغرب وَمَا يتبع ذَلِك من وَفَاته رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار عبد الْمُؤمن وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف بن عبد الْمُؤمن بن عَليّ

- ‌ثورة سبع بن منغفاد بجبال غمارة

- ‌الْجَوَاز الأول لأمير الْمُؤمنِينَ يُوسُف بن عبد الْمُؤمن إِلَى الأندلس بِقصد الْجِهَاد

- ‌غَزْو أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف بن عبد الْمُؤمن بِلَاد إفريقية وَفتح مَدِينَة قفصة وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْجَوَاز الثَّانِي لأمير الْمُؤمنِينَ يُوسُف ابْن عبد الْمُؤمن إِلَى الأندلس برسم الْجِهَاد وَمَا يتَّصل بذلك من وَفَاته رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف بن عبد الْمُؤمن وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَنْصُور بِاللَّه يَعْقُوب بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن بن عَليّ

- ‌خُرُوج عَليّ بن إِسْحَاق المسوفي الْمَعْرُوف بِابْن غانية على يَعْقُوب الْمَنْصُور

- ‌الْخَبَر عَن انْتِقَال الْعَرَب من جزيرتهم إِلَى ارْض إفريقية ثمَّ مِنْهَا إِلَى الْمغرب الْأَقْصَى وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن بني معقل عرب الصَّحرَاء من أَرض الْمغرب وَتَحْقِيق نسبهم وَبَيَان شعوبهم وبطونهم

- ‌الْجَوَاز الأول ليعقوب الْمَنْصُور رحمه الله إِلَى الأندلس بِقصد الْجِهَاد

- ‌مراسلة السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب صَاحب مصر ليعقوب الْمَنْصُور رحمهمَا الله والتماسه مِنْهُ الأساطيل للْجِهَاد

- ‌عود الْمَنْصُور إِلَى إفريقية وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌ذكر مَا شيده الْمَنْصُور رحمه الله من الْآثَار بالمغرب والأندلس

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار الْمَنْصُور وَسيرَته

- ‌وَفَاة يَعْقُوب الْمَنْصُور رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي عبد الله مُحَمَّد النَّاصِر لدين الله بن يَعْقُوب الْمَنْصُور بِاللَّه

- ‌غَزْو النَّاصِر بِلَاد إفريقية وَولَايَة الشَّيْخ أبي مُحَمَّد بن أبي حَفْص عَلَيْهَا وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌فتح جَزِيرَة ميورقة

- ‌ثورة ابْن الْفرس وَمَا كَانَ من أمره

- ‌غَزْوَة الْعقَاب الَّتِي محص الله فِيهَا الْمُسلمين

- ‌وَفَاة النَّاصِر رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ عبد الْوَاحِد المخلوع ابْن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة أبي مُحَمَّد عبد الله الْعَادِل ابْن الْمَنْصُور رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْمَأْمُون بن الْمَنْصُور ومزاحمة يحيى بن النَّاصِر لَهُ

- ‌ثورة مُحَمَّد بن أبي الطواجين الكتامي بجبال غمارة

- ‌أَخْبَار الثوار وَمَا آل إِلَيْهِ أَمر الْمُوَحِّدين بهَا

- ‌قدوم أبي الْعَلَاء الْمَأْمُون بن الْمَنْصُور من الأندلس إِلَى مراكش وَمَا اتّفق لَهُ فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة أبي مُحَمَّد عبد الْوَاحِد الرشيد ابْن الْمَأْمُون ابْن الْمَنْصُور رحمه الله

- ‌فتْنَة الْخَلْط مَعَ الرشيد واستيلاؤهم على حَضْرَة مراكش

- ‌هجوم نَصَارَى جنوة على مَدِينَة سبتة وحصارهم إِيَّاهَا

- ‌عود الرشيد إِلَى مراكش وفرار يحيى عَنْهَا إِلَى بني معقل ومقتله بهم

- ‌اسْتِيلَاء الْعَدو على قرطبة

- ‌وَفَاة الرشيد رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة أبي الْحسن السعيد عَليّ بن الْمَأْمُون بن الْمَنْصُور رحمه الله

- ‌نهوض السعيد من مراكش إِلَى غَزْو الثوار بالمغربين ومحاصرته يغمراسن بن زيان وَمَا آل إِلَيْهِ الْأَمر من مَقْتَله رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة أبي حَفْص عمر المرتضى ابْن السَّيِّد أبي إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن رحمه الله

- ‌رَجَعَ إِلَى أَخْبَار عمر المرتضى

- ‌انْتِقَاض أبي دبوس على المرتضى واستيلاؤه على مراكش ومقتل المرتضى عقب ذَلِك

- ‌رَجَعَ إِلَى خبر أبي دبوس

- ‌الْخَبَر عَن دولة أبي الْعَلَاء إِدْرِيس الواثق بِاللَّه الْمَعْرُوف بِأبي دبوس

الفصل: ‌غزوة عبد المؤمن الطويلة التي استولى فيها على المغربين

هَذِه الأقاليم كلهَا على مَا سَيَأْتِي تَفْصِيله إِن شَاءَ الله

وَلما تمت بيعَته غزا من حِينه بِلَاد تادلا فَقتل بهَا وسبى ثمَّ غزا بِلَاد درعة فاستولى عَلَيْهَا ثمَّ غزا بِلَاد غمارة فَافْتتحَ الْبَعْض مِنْهَا وَقتل واليها ثمَّ تسابق النَّاس إِلَى دَعوته أَفْوَاجًا وأنتقضت البربر على المرابطين فِي سَائِر أقطار الْمغرب وَكَانَ مَا نذكرهُ

‌غَزْوَة عبد الْمُؤمن الطَّوِيلَة الَّتِي استولى فِيهَا على المغربين

ثمَّ صرف عبد الْمُؤمن عزمه لفتح بِلَاد الْمغرب فغزا غزوته الطَّوِيلَة الَّتِي مكث فِيهَا سبع سِنِين وأجلت عَن فتح المغربين مَعًا الْأَقْصَى والأوسط خرج لَهَا ثمَّ تينملل فِي صفر سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة فَلم يزل يتقرى بِلَاد الْمغرب وَيفتح معاقلها وَيُسْتَنْزَلُ حماتها ويذلل صعابها إِلَى سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة

وَكَانَ خُرُوجه من تينملل على طَرِيق الْجَبَل وَخرج تاشفين بن عَليّ فِي أَتْبَاعه من مراكش على طَرِيق السهل إِلَى أَن وصلا إِلَى تلمسان حَسْبَمَا قدمْنَاهُ فِي أَخْبَار المرابطين

قَالَ ابْن خلدون خرج عبد الْمُؤمن فِي هَذِه الْغَزْوَة من تينملل يَعْنِي على طَرِيق الْجَبَل كَمَا قُلْنَا وَخرج تاشفين بن عَليّ يَعْنِي فِي حَيَاة وَالِده بعساكره يحاذيه فِي الْبَسِيط وَالنَّاس يفرون مِنْهُ إِلَى عبد الْمُؤمن وَهُوَ يتنقل فِي الْجبَال فِي سَعَة من الْفَوَاكِه للْأَكْل والحطب للدفء إِلَى أَن وصل إِلَى جبال غمارة واشتعلت نَار الْفِتْنَة والغلاء بالمغرب وأقشعت الرعايا عَن الْبِلَاد وألح الطاغية على الْمُسلمين بالعدوة الأندلسية وَهلك خلال ذَلِك أَمِير الْمُسلمين عَليّ بن يُوسُف سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَولي بعده ابْنه تاشفين بن عَليّ الْمَذْكُور وَهُوَ فِي غزاته هَذِه

ص: 103

وَفِي القرطاس ارتحل عبد الْمُؤمن إِلَى جبال غمارة وارتحل تاشفين بن عَليّ فِي أَثَره فَنزل بِإِزَاءِ عين الْقَدِيم وَذَلِكَ فِي فصل الشتَاء فَأَقَامَ بذلك المنززل شَهْرَيْن حَتَّى أحرق أهل محلته أوتاد أخبيتهم ورماحهم وهدموا بُيُوتهم وخيامهم انْتهى

ونشأت فتْنَة بَين لمتونة ومسوفة فَنزع جمَاعَة من أُمَرَاء مسوفة مِنْهُم عَامل تلمسان يحيى بن إِسْحَاق الْمَعْرُوف بآنكمار وَلَحِقُوا بِعَبْد الْمُؤمن ودخلوا فِي دَعوته فنبذ إِلَيْهِم المرابطون الْعَهْد وَإِلَى سَائِر مسوفة وَاسْتمرّ عبد الْمُؤمن على حَاله فنازل سبتة فامتنعت عَلَيْهِ وَتَوَلَّى كبر دفاعه عَنْهَا القَاضِي أَبُو الْفضل عِيَاض بن مُوسَى الشهير الذّكر وَكَانَ رئيسها يَوْمئِذٍ بأبوته ومنصبه وَعلمه وَدينه

قَالَ ابْن خلدون وَلذَلِك سخطته الدولة يَعْنِي دولة الْمُوَحِّدين آخر الْأَيَّام حَتَّى مَاتَ مغربا عَن سبته مُسْتَعْملا فِي خطة الْقَضَاء بالبادية من تادلا رحمه الله وَتَمَادَى عبد الْمُؤمن فِي غزاته إِلَى جبال غياثة وبطوية فافتتحها ثمَّ نَازل ملوية فَافْتتحَ حصونها ثمَّ تخطى إِلَى بِلَاد زناتة فأطاعته قبائل مديونة وَكَانَ قد بعث إِلَيْهِم جَيْشًا من الْمُوَحِّدين إِلَى نظر يُوسُف بن وانودين فَخرج إِلَيْهِم مُحَمَّد بن يحيى بن فانوا عَامل تلمسان من قبل المرابطين فِيمَن مَعَه من جيوش لمتونة وزناتة فَهَزَمَهُمْ الموحدون وَقتل ابْن فانوا وانفض جمع زناتة وَرَجَعُوا إِلَى بِلَادهمْ وَولى تاشفين بن عَليّ على تلمسان أَبَا بكر بن مزدلي وَقدم على عبد الْمُؤمن وَهُوَ بمكانه من الرِّيف أَبُو بكر بن ماخوخ ويوسف بن بدر من أُمَرَاء بني ومانوا من زناتة فَبعث مَعَهم يحيى بن يغمور ويوسف بن وانودين فِي عَسْكَر فأثخنوا فِي بِلَاد بني عبد الواد وَبني يلومي من زناتة سبيا وأسرا وَلحق صريخهم بتاشفين بن عَليّ فَأَمَدَّهُمْ بعساكر لمتونة وَمَعَهُمْ الروبرتير قَائِد الرّوم ونزلوا منداس وانضمت إِلَيْهِم قبائل زناتة من بني يلومي وَبني عبد الواد مَعَ شيخهم حمامة بن مطهر وإخوانهم بني توجين وَغَيرهم فأوقعوا بيني ومانوا وَقتلُوا

ص: 104

أَبَا بكر بن ماخوخ فِي سِتّمائَة من قومه واستنفذوا غنائمهم وتحصن الموحدون وفل بني وماتوا بجبل سيرات

وَلحق تاشفين بن ماخوخ صريخا بِعَبْد الْمُؤمن ومستجيشا بِهِ على لمتونة وزناتة فارتحل مَعَه عبد الْمُؤمن إِلَى تلمسان ثمَّ أجَاز إِلَى سيرات

وَقصد محلّة لمتونة وزناتة فأوقع بهم وَرجع إِلَى تلمسان فَنزل مَا بَين الصخرتين من جبل تيطرى وَنزل تاشفين بن عَليّ بالسهل مِمَّا يَلِي الصفصاف ثمَّ وصل مدد صنهاجة من قبل يحيى بن الْعَزِيز صَاحب بجاية لنظر قائده بن كباب أمدوا بِهِ تاشفين بن عَليّ وَقَومه لعصبية الصنهاجية وَفِي يَوْم وُصُوله أشرف على معسكر الْمُوَحِّدين وَكَانَ يدل بإقدام فَعرض بلمتونة وأميرهم تاشفين بن عَليّ لقعودهم عَن مناجزة الْمُوَحِّدين وَقَالَ إِنَّمَا جِئتُكُمْ لأخلصكم من صَاحبكُم عبد الْمُؤمن هَذَا وأرجع إِلَى قومِي فامتعض تاشفين بن عَليّ من كَلمته وَأذن لَهُ فِي المناجزة فَحمل على الْقَوْم فَرَكبُوا وصمموا للقائه فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ وانفض عسكره وَكَانَ تاشفين بعث من قبل ذَلِك قائده على الرّوم وَهُوَ الروبرتير فِي عَسْكَر ضخم فَأَغَارَ على قوم من زناتة كَانُوا فِي بسيط لَهُم فاكتسحهم وَرجع بالغنائم فاعترضه الموحدون من عَسْكَر عبد الْمُؤمن فَقَتَلُوهُمْ وَقتلُوا الروبرتير فِي جُمْلَتهمْ

ثمَّ بعث تاشفين بن عَليّ بعثا آخر إِلَى جِهَة أُخْرَى فَلَقِيَهُمْ تاشفين بن ماخوخ وَمن كَانَ مَعَه من الْمُوَحِّدين واعترضوا عَسْكَر بجاية عِنْد رجوعهم فنالوا مِنْهُم أعظم النّيل

وتوالت هَذِه الوقائع على تاشفين بن عَليّ اللمتوني فأجمع الرحلة إِلَى وهران وَبعث ابْنه ولي عَهده إِبْرَاهِيم بن تاشفين إِلَى مراكش فِي جمَاعَة من لمتونة وَبعث كَاتبا مَعَه أَحْمد بن عَطِيَّة ورحل هُوَ إِلَى وهران سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة فَأَقَامَ عَلَيْهَا شهرا ينْتَظر قَائِد أسطوله مُحَمَّد بن مَيْمُون

ص: 105

إِلَى أَن وَصله من المرية بِعشْرَة أساطيل فأرسى قَرِيبا من مُعَسْكَره وزحف عبد الْمُؤمن من تلمسان وَبعث فِي مقدمته الشَّيْخ أَبَا حَفْص عمر بن يحيى الهنتاتي وَمَعَهُ بَنو ومانوا من زناتة فتقدموا إِلَى بِلَاد زناتة ونزلوا منداس وسط بِلَادهمْ وَجمع لَهُ بَنو يادين كلهم وَبَنُو بلومي وَبَنُو مرين ومغراوة فأثخن فيهم الموحدون حَتَّى أذعنوا للطاعة ودخلوا فِي دعوتهم ووفد على عبد الْمُؤمن جمَاعَة من رُؤَسَائِهِمْ وَكَانَ مِنْهُم سيد النَّاس ابْن أَمِير النَّاس شيخ بني يلومي وحمامة بن مطهر شيخ بني عبد الواد وَغَيرهم فَتَلقاهُمْ بِالْقبُولِ وَسَار بهم فِي جموع الْمُوَحِّدين إِلَى وهران فبيتوا لمتونة بمعسكرهم ففضوهم ولجأ تاشفين إِلَى رابية هُنَاكَ فأحدقوا بهَا وأضرموا النيرَان حولهَا حَتَّى إِذا غشيهم اللَّيْل خرج تاشفين من الْحصن رَاكِبًا فرسه فتردى بِهِ من بعض حافات الْجَبَل وَهلك لسبع وَعشْرين من رَمَضَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَبعث بِرَأْسِهِ إِلَى تينملل وَنَجَا فل الْعَسْكَر إِلَى وهران فانحصروا بهَا مَعَ أَهلهَا حَتَّى جهدهمْ الْعَطش فنزلوا على حكم عبد الْمُؤمن يَوْم عيد الْفطر من السّنة الْمَذْكُورَة فاستأصلهم الْقَتْل رحمهم الله وَبلغ خبر مقتل تاشفين بن عَليّ إِلَى تلمسان مَعَ فل لمتونة الَّذين نَجوا من وقْعَة وهران وَفِيهِمْ سير بن الْحَاج فِي آخَرين من أعيانهم ففر مَعَهم من كَانَ بهَا من لمتونة

وَلما وصل عبد الْمُؤمن إِلَى تلمسان استباح أهل تاكرارت لما كَانَ أَكْثَرهم من الحشم بعد أَن كَانَ بعثوا سِتِّينَ من وُجُوههم فَلَقِيَهُمْ يصليتن من مشيخة بني عبد الواد فَقَتلهُمْ أَجْمَعِينَ وافتتح عبد الْمُؤمن تلمسان وَعَفا عَن أَهلهَا ورحل عَنْهَا لسبعة أشهر من فتحهَا بعد أَن ولى عَلَيْهَا سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن وانودين وَقيل يُوسُف بن وانودين

ص: 106