الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَنْصُور بإفريقية حَدثا أَنفسهمَا بالتوثب على الْخلَافَة فَلَمَّا قدما عَلَيْهِ بالتهنئة أَمر باعتقالهما خلال مَا استملأ أَمرهمَا ثمَّ قَتلهمَا وَعقد للسَّيِّد أبي الْحسن ابْن السَّيِّد أبي حَفْص على بجاية وَفِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة شرع الْمَنْصُور فِي إِدْخَال ساقية المَاء إِلَى مراكش ثمَّ تاقت نَفسه إِلَى الْجِهَاد فَكَانَ مِنْهُ مَا نذكرهُ
الْجَوَاز الأول ليعقوب الْمَنْصُور رحمه الله إِلَى الأندلس بِقصد الْجِهَاد
قَالَ ابْن أبي زرع وَفِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة تحرّك أَمِير الْمُؤمنِينَ يَعْقُوب الْمَنْصُور إِلَى الأندلس برسم غَزْو بِلَاد غربها وَهِي أولى غَزَوَاته فَعبر من قصر الْمجَاز إِلَى الخضراء يَوْم الْخَمِيس الثَّالِث من ربيع الأول من السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ نَهَضَ من الخضراء حَتَّى نزل شنترين وَشن الغارات على مَدِينَة أشبونة وأنحائها فَقطع الثِّمَار وَحرق الزروع وَقتل وسبا وأضرم النيرَان فِي الْقرى وأبلغ فِي النكاية وَانْصَرف إِلَى العدوة بِثَلَاثَة عشر ألفا من السَّبي فَدخل فاسا فِي آخر رَجَب من السّنة الْمَذْكُورَة
مراسلة السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب صَاحب مصر ليعقوب الْمَنْصُور رحمهمَا الله والتماسه مِنْهُ الأساطيل للْجِهَاد
كَانَت الفرنج قد ملكوا سواحل الشَّام فِي آخر الدولة العبيدية مُنْذُ تسعين سنة قبل هَذَا التَّارِيخ وملكوا مَعهَا بَيت الْمُقَدّس شرفه الله فَلَمَّا استولى السُّلْطَان صَلَاح الدّين رحمه الله على ديار مصر وَالشَّام اعتزم على جهادهم وَصَارَ يفتح حصونها وَاحِدًا بعد وَاحِد حَتَّى أَتَى على جَمِيعهَا
وافتتح بَيت الْمُقَدّس سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَهدم الْكَنِيسَة الَّتِي بنواحيه وَانْقَضَت أُمَم النَّصْرَانِيَّة من كل جِهَة وَتَتَابَعَتْ أساطيلهم الكفرية بالمدد من كل نَاحيَة لتِلْك الثغور الْقَرِيبَة من بَيت الْمُقَدّس واعترضوا أسطول صَلَاح الدّين فِي الْبَحْر وَلم تقاومهم أساطيل الْإسْكَنْدَريَّة لِضعْفِهَا يَوْمئِذٍ عَن ممانعتهم فَبعث صَلَاح الدّين صَرِيحَة إِلَى الْمَنْصُور سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة بِطَلَب إعانته بالأساطيل لمنازلة عكا وصور وطرابلس الشَّام وأوفد عَلَيْهِ أَبَا الْحَارِث عبد الرَّحْمَن بن منقذ من بَيت بني منقذ مُلُوك شيزر من حصون الشَّام وَكَانَ صَلَاح الدّين قد ملكهَا من أَيْديهم وَأبقى عَلَيْهِم فِي دولته فَبعث صَلَاح الدّين عبد الرَّحْمَن هَذَا إِلَى يَعْقُوب الْمَنْصُور طَالبا مدد الأساطيل لتحول فِي الْبَحْر بَين أساطيل الفرنج وَبَين أَمْدَاد النَّصْرَانِيَّة بِالشَّام ولمنازلة الثغور الَّتِي ذكرنَا
وَبعث مَعَه إِلَى الْمَنْصُور بهدية تشْتَمل على مصحفين كريمين منسوبين وَمِائَة دِرْهَم من دهن البلسان وَعشْرين رطلا من الْعود وسِتمِائَة مِثْقَال من الْمسك والعنبر وَخمسين قوسا عَرَبِيَّة بأوتارها وَعشْرين من النصول الْهِنْدِيَّة وسروج عدَّة مثقلة فوصل إِلَى الْمغرب فصادف الْمَنْصُور بالأندلس فانتظره بفاس إِلَى أَن رَجَعَ فَلَقِيَهُ وَأدّى الرسَالَة وَقدم الْهَدِيَّة
وَكَانَ الْكتاب الَّذِي بعث بِهِ صَلَاح الدّين من إنْشَاء الأديب عبد الرَّحِيم البيسني الْمَعْرُوف بِالْقَاضِي الْفَاضِل وَكَانَ عنوان الْكتاب من صَلَاح الدّين إِلَى أَمِير الْمُسلمين وَفِي أَوله الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى يُوسُف بن أَيُّوب وَبعده الْحَمد لله الَّذِي اسْتعْمل على الْملَّة الحنيفة من استعمر الأَرْض وأغنى من أَهلهَا من سَأَلَهُ الْقَرْض وأجرى من أجْرى على يَده النَّافِلَة وَالْفَرْض وزين سَمَاء الْملَّة بدراري الذَّرَارِي الَّتِي بَعْضهَا من بعض وَهُوَ كتاب طَوِيل