الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكداني فَابْعَثْ مَعَه من طلبتك من تثق بِعِلْمِهِ وَدينه وورعه وَحسن سياسته ليقرئهم الْقُرْآن وَيُعلمهُم شرائع الْإِسْلَام ويفقههم فِي دين الله وَلَك وَله فِي ذَلِك الثَّوَاب وَالْأَجْر الْعَظِيم وَالله لَا يضيع أجر من أحسن عملا
وَأَبُو مُحَمَّد واجاج هَذَا من رجال التشوف قَالَ فِيهِ وَمِنْهُم واجاج بن زلو اللمطي من أهل السوس الْأَقْصَى رَحل إِلَى القيروان وَأخذ عَن أبي عمرَان الفاسي ثمَّ عَاد إِلَى السوس فَبنى دَارا سَمَّاهَا بدار المرابطين لطلبة الْعلم وقراء الْقُرْآن وَكَانَ المصامدة يزورونه ويتبركون بدعائه وَإِذا أَصَابَهُم قحط استسقوا بِهِ اه
فَسَار يحيى بن إِبْرَاهِيم بِكِتَاب الشَّيْخ أبي عمرَان حَتَّى وصل إِلَى الْفَقِيه واجاج بِمَدِينَة نَفِيس فَسلم عَلَيْهِ وَدفع إِلَيْهِ الْكتاب وَكَانَ ذَلِك فِي رَجَب سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة فَنظر الْفَقِيه واجاج فِي الْكتاب ثمَّ جمع تلامذته فقرأه عَلَيْهِم وندبهم لما أَمر بِهِ الشَّيْخ أَبُو عمرَان فَانْتدبَ لذَلِك رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ عبد الله بن ياسين الْجُزُولِيّ وَكَانَ من حذاق الطّلبَة وَمن أهل الْفضل وَالدّين والورع والسياسة مشاركا فِي الْعُلُوم فَخرج مَعَ يحيى بن إِبْرَاهِيم إِلَى الصَّحرَاء وَكَانَ من أمره مَا نَقصه عَلَيْك
الْخَبَر عَن دُخُول عبد الله بن ياسين أَرض الصَّحرَاء وَابْتِدَاء أمره بهَا
لما انْتهى يحيى بن إِبْرَاهِيم إِلَى بِلَاده وَمَعَهُ الْفَقِيه عبد الله بن ياسين الْجُزُولِيّ تَلقاهُ قبائل كدالة ولمتونة وفرحوا بمقدمهما وتيمنوا بالفقيه وبالغوا فِي إكرامه وبره فشرع يعلمهُمْ الْقُرْآن وَيُقِيم لَهُم رسم الدّين ويسوسهم بآداب الشَّرْع وألفاهم يَتَزَوَّجُونَ بِأَكْثَرَ من أَربع حرائر فَقَالَ لَهُم لَيْسَ هَذَا من السّنة وَإِنَّمَا سنة الْإِسْلَام أَن يجمع الرجل بَين أَربع نسْوَة حرائر فَقَط وَله فِيمَا شَاءَ من ملك الْيَمين سَعَة
وَجعل يَأْمُرهُم بِالْمَعْرُوفِ وينهاهم عَن الْمُنكر وكبحهم عَن كثير من مألوفاتهم الْفَاسِدَة وشدد فِي ذَلِك فأطرحوه واستصعبوا علمه وَتركُوا الْأَخْذ عَنهُ لما جشمهم من مشاق التَّكْلِيف
فَلَمَّا رأى عبد الله بن ياسين إعراضهم عَنهُ واتباعهم لأهوائهم عزم على الرحيل عَنْهُم إِلَى بِلَاد السودَان الَّذين دخلُوا فِي دين الْإِسْلَام يَوْمئِذٍ فَلم يتْركهُ يحيى بن إِبْرَاهِيم لذَلِك وَقَالَ لَهُ إِنَّمَا أتيت بك لأنتفع بعلمك فِي خَاصَّة نَفسِي وَمَا عَليّ فِيمَن ضل من قومِي وَكَانَ قومه لَيْسَ عِنْدهم من الْإِسْلَام إِلَّا الشَّهَادَة دون مَا عَداهَا من أَرْكَان الْإِسْلَام وشرائعه
ثمَّ قَالَ يحيى بن إِبْرَاهِيم لعبد الله بن ياسين هَل لَك فِي رَأْي أُشير بِهِ عَلَيْك إِن كنت تُرِيدُ الْآخِرَة قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ إِن هَهُنَا جَزِيرَة فِي الْبَحْر قَالَ ابْن خلدون هُوَ بَحر النّيل يُحِيط بهَا من جهاتها يكون ضحضاحا فِي المصيف يخاض بالأقدام وغمرا فِي الشتَاء يعبر الزوارق قَالَ يحيى بن إِبْرَاهِيم وفيهَا الْحَلَال الْمَحْض من شجر الْبَريَّة وصيد الْبر وَالْبَحْر ندخل فِيهَا ونقتات من حلالها ونعبد الله تَعَالَى حَتَّى نموت فَقَالَ عبد الله بن ياسين إِن هَذَا الرَّأْي حسن فَهَلُمَّ بِنَا فلندخلها على اسْم الله فَدَخلَهَا وَدخل مَعَهُمَا سَبْعَة نفر من كدالة وابتنى عبد الله رابطة هُنَاكَ وَأقَام فِي أَصْحَابه يعْبدُونَ الله تَعَالَى مُدَّة فِي ثَلَاثَة أشهر فتسامع النَّاس بهم وَأَنَّهُمْ اعتزلوا بدينهم يطْلبُونَ الْجنَّة والنجاة من النَّار فَكثر الواردون عَلَيْهِم والتوابون لديهم فَأخذ عبد الله بن ياسين يُقْرِئهُمْ الْقُرْآن ويستميلهم إِلَى الْخَيْر ويرغبهم فِي ثَوَاب الله ويحذرهم ألم عِقَابه حَتَّى تمكن حبه من قُلُوبهم فَلم تمر عَلَيْهِ إِلَّا مُدَّة يسيرَة حَتَّى اجْتمع لَهُ من التلامذة نَحْو ألف رجل وَكَانَ من أَمرهم مَا تسمعه عَن قريب