الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمغرب وَلم يزَالُوا مستقرين بِتِلْكَ المفالات الصحراوية حَتَّى كَانَ إسْلَامهمْ بعد فتح الأندلس وَكَانَت الرياسة فيهم للمتونة واستوسق لَهُم ملك ضخم عِنْد دُخُول عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة إِلَى الأندلس توارثه مُلُوك مِنْهُم من بني ورتنطيو وطالت أعمارهم فِيهِ إِلَى الثَّمَانِينَ وَنَحْوهَا ودوخوا تِلْكَ الْبِلَاد الصحراوية وَجَاهدُوا من بهَا من أُمَم السودَان وحملوهم على الْإِسْلَام فدان بِهِ كثير مِنْهُم واتقاهم آخَرُونَ بالجزية فقبلوهم مِنْهُم ثمَّ افترق أَمرهم من بعد ذَلِك وَصَارَ ملكهم طوائف ورياستهم شيعًا واستمروا على ذَلِك مائَة وَعشْرين سنة إِلَى أَن قَامَ فيهم الْأَمِير أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن تيفاوت الْمَعْرُوف بتاسرت اللمتوني فَاجْتمعُوا عَلَيْهِ وأحبوه وَبَايَعُوهُ وَكَانَ من أهل الْفضل وَالدّين وَالْجهَاد وَالْحج فَلبث فيهم ثَلَاث سِنِين ثمَّ اسْتشْهد فِي بعض غَزَوَاته
الْخَبَر عَن رياسة يحيى بن إِبْرَاهِيم الكدالي وَمَا كَانَ من أمره مَعَ الشَّيْخ أبي عمرَان الفاسي رحمهمَا الله
لما توفّي أَبُو عبد الله بن تيفاوت قَامَ بِأَمْر صنهاجة من بعده يحيى بن إِبْرَاهِيم الكدالي وكدالة ولمتونة أَخَوان يَجْتَمِعَانِ فِي أَب وَاحِد وكل مِنْهُمَا قبيل كَبِير يسكنون الصَّحرَاء الَّتِي تلِي بِلَاد السودَان ويليهم من جِهَة الْمغرب الْبَحْر الْمُحِيط فاستمر الْأَمِير يحيى بن إِبْرَاهِيم على رياسة صنهاجة
وحربهم لأعدائهم إِلَى أَن كَانَت سنة سبع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة فاستخلف على صنهاجة ابْنه إِبْرَاهِيم بن يحيى وارتحل إِلَى الْمشرق برسم الْحَج فَلَمَّا قضى حجه وزريارته قفل إِلَى بِلَاده فَمر فِي عوده بالقيروان فلقي بهَا الشَّيْخ الْفَقِيه أَبَا عمرَان الفاسي وَحضر مجْلِس درسه وتأثر بوعظه فَرَآهُ الشَّيْخ أَبُو عمرَان محبا فِي الْخَيْر فأعجبه حَاله وَسَأَلَهُ عَن اسْمه وَنسبه وبلده فَأخْبرهُ بذلك كُله وأعلمه بسعة بِلَاده وَمَا فِيهَا من كَثْرَة الْخلق فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ وَمَا ينتحلون من الْمذَاهب قَالَ إِنَّهُم قوم غلب عَلَيْهِم الْجَهْل وَلَيْسَ لَهُم كَبِير علم فاختبره الشَّيْخ وَسَأَلَهُ عَن فروض دينه فَلم يجده يعرف مِنْهَا شَيْئا إِلَّا أَنه حَرِيص على التَّعَلُّم صَحِيح النِّيَّة والعقيدة فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ وَمَا يمنعك من تعلم الْعلم فَقَالَ يَا سَيِّدي عدم وجود عَالم بأرضي وَلَيْسَ فِي بلادي من يقْرَأ الْقُرْآن فضلا عَن الْعلم وَمَعَ ذَلِك فَأهل أرضي يحبونَ الْخَيْر ويرغبون فِيهِ لَو وجدوا من يُقْرِئهُمْ الْقُرْآن ويدرس لَهُم الْعلم ويفقههم فِي دينهم وَيُعلمهُم الْكتاب وَالسّنة وَشَرَائِع الْإِسْلَام فَلَو رغبت فِي الثَّوَاب من الله تعال لبعثت معي بعض طلبتك يُقْرِئهُمْ الْقُرْآن ويفقههم فِي الدّين فينتفعون بِهِ وَيكون لَك وَله الْأجر الْعَظِيم عِنْد الله تَعَالَى إِذْ كنت سَبَب هدايتهم فندب الشَّيْخ أبوعمران تلامذته إِلَى ذَلِك فاستصعبوا دُخُول أَرض الصَّحرَاء وَأَشْفَقُوا مِنْهَا فَقَالَ الشَّيْخ أَبُو عمرَان ليحيى بن إِبْرَاهِيم إِنِّي أعرف بِبَلَد نَفِيس من أَرض المصامدة فَقِيها حاذقا ورعا أَخذ عني علما كثيرا واسْمه وأجاج بن زلو اللمطي من أهل السوس الْأَقْصَى أكتب إِلَيْهِ كتابا لينْظر فِي تلامذته من يَبْعَثهُ مَعَك فسر إِلَيْهِ لَعَلَّك تَجِد حَاجَتك عِنْده فَكتب إِلَيْهِ الشَّيْخ أَبُو عمرَان كتابا يَقُول فِيهِ أما بعد إِذا وصلك حَامِل كتابي هَذَا وَهُوَ يحيى بن إِبْرَاهِيم