الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَاحب بطليوس وعامل بن مهيب صَاحب طلبيرة وتخلف ابْن الْقَيْسِي وَأهل شلب عَن هَذَا الْجمع فَكَانَ سَببا لقَتله من بعد وَانْصَرف أهل الأندلس إِلَى بِلَادهمْ وَرجع عبد الْمُؤمن إِلَى مراكش واستصحب الثوار فَلم يزَالُوا بِحَضْرَتِهِ وَالله تَعَالَى أعلم
غَزْو إفريقية وَفتح مَدِينَة بجاية
ثمَّ بلغ عبد الْمُؤمن اضْطِرَاب بِلَاد إفريقية بِسَبَب تنَازع مُلُوكهَا من بني زيري بن مُنَاد الصنهاجيين واستطالة الْعَرَب عَلَيْهِم بهَا فاجمع الرحلة إِلَى غزوها بعد أَن شاور الشَّيْخ أَبَا حَفْص وَأَبا إِبْرَاهِيم وَغَيرهمَا من المشيخة فوافقوه فَخرج من مراكش أَوَاخِر سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة واستخلف عَلَيْهَا الشَّيْخ أباحفص الهنتاتي وَسَار حَتَّى وصل إِلَى سلا فَأَقَامَ بهَا شَهْرَيْن ثمَّ نَهَضَ مِنْهَا إِلَى سبتة مظْهرا أَنه يُرِيد العبور إِلَى الأندلس بِقصد الْجِهَاد
فَلَمَّا وصل إِلَى سبتة استدعى فُقَهَاء قرطبة وإشبيلية وأعيان الأندلس وقوادها فاستوضح مِنْهُم أَحْوَال الْبِلَاد وأوصاهم بِمَا إِلَيْهِم مِنْهَا وودعهم
ورحل عَن سبتة مظْهرا الْعود إِلَى مراكش وَصَارَ حَتَّى وصل إِلَى الْقصر الْكَبِير وَهُوَ قصر كتامة فميز جيوشه وأزاح عللهم وَفرق فيهم الْأَمْوَال وَأمرهمْ بتجديد الأزواد وَخرج يعتسف الْبِلَاد على غير طَرِيق فَجعل مَدِينَة فاس عَن يَمِينه وجد السّير حَتَّى خرج على وَادي ملوية ثمَّ سَار إِلَى تلمسان فَأَقَامَ بهَا يَوْمًا وَاحِدًا ثمَّ خرج مِنْهَا وَولى السّير قَاصِدا بجاية فطرق الجزائر على حِين غَفلَة من أَهلهَا فَدَخلَهَا وأمنهم وفر صَاحبهَا الْقَائِم بن يحيى بن الْعَزِيز إِلَى أَبِيه يحيى ببجاية
وَخرج إِلَى عبد الْمُؤمن الْحسن بن عَليّ الصنهاجي صَاحب المهدية وَكَانَ الفرنج قد أَخْرجُوهُ مِنْهَا فقصد ابْن عَمه يحيى بن الْعَزِيز صَاحب
بجاية فَعدل بِهِ إِلَى الجزائر وأنزله بهَا كالمسجون فَلَمَّا طرق عبد الْمُؤمن الجزائر فِي هَذِه الْمرة خرج إِلَيْهِ الْحسن بن عَليّ الْمَذْكُور فصحبه وَوصل يَده بِيَدِهِ حَتَّى كَانَ من أمره مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله
ثمَّ اعترضت جيوش صنهاجة عبد الْمُؤمن بِأم الْعُلُوّ فَهَزَمَهُمْ وصبح بجاية من الْغَد فَدَخلَهَا وفر صَاحبهَا يحيى بن الْعَزِيز الصنهاجي آخر مُلُوك بني حَمَّاد أَصْحَاب القلعة فَركب الْبَحْر فِي أسطولين كَانَ أعدهما لذَلِك وَاحْتمل فيهمَا ذخيرته وأمواله وعزم على الْمسير إِلَى مصر ثمَّ عدل إِلَى بونة فَنزل على أَخِيه الْحَارِث فَأنْكر عَلَيْهِ سوء صَنِيعه وإفراجه عَن الْبَلَد فارتحل عَنهُ إِلَى قسنطينة فَنزل على أَخِيه الْحسن فتخلى لَهُ عَن الْأَمر
وَفِي خلال ذَلِك دخل الموحدون قلعة حَمَّاد عنْوَة وَكَانَ عبد الْمُؤمن وَجه جَيْشًا من الْمُوَحِّدين إِلَيْهَا وَأمر عَلَيْهِم ابْنه أَبَا مُحَمَّد عبد الله فَدَخَلُوهَا وأضرموا النيرَان فِي مساكنها وخربوها وَقتلُوا بهَا نَحْو ثَمَانِيَة عشر ألفا وامتلأت أَيدي الْمُوَحِّدين من الْغَنَائِم والسبي ثمَّ جمع لَهُم الْعَرَب الَّذين هُنَاكَ من الأثبج وزغبة ورياح وَغَيرهم بسطيف فأوقعوا بهم واستلحموهم وَسبوا نِسَاءَهُمْ واكتسحوا أَمْوَالهم
وَأما يحيى بن الْعَزِيز فَإِنَّهُ بَايع لعبد الْمُؤمن سنة سبع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَنزل لَهُ عَن قسنطينة وَاشْترط لنَفسِهِ فوفى لَهُ عبد الْمُؤمن وَنَقله إِلَى مراكش بأَهْله وخاصته فسكنها وأفاض عَلَيْهِ سِجَال الْإِحْسَان وأنزله منزلَة رفيعة ثمَّ انْتقل إِلَى سلا سنة ثَمَان وَخمسين وَخَمْسمِائة فسكن بقصر ابْن عشرَة مِنْهَا إِلَى أَن مَاتَ من سنته رحمه الله
ووفد على عبد الْمُؤمن بمراكش كبراء الْعَرَب من أهل إفريقية طائعين فوصلهم وَرَجَعُوا إِلَى قَومهمْ مغتبطين