الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَخْبَار الْوُلَاة بالمغرب والأندلس
لما بُويِعَ أَمِير الْمُسلمين عَليّ بن يُوسُف عزل عَن قرطبة الْأَمِير أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن الْحَاج اللمتوني وَولى مَكَانَهُ الْقَائِد أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن أبي زلفى فغزا طليطلة وأوقع بالنصارى فَقَتلهُمْ قتلا ذريعا بِبَاب القنطرة أَخذهم على غرَّة
وَفِي سنة إِحْدَى وَخَمْسمِائة عزل أَمِير الْمُسلمين أَخَاهُ تَمِيم بن يُوسُف بن تاشفين عَن بِلَاد الْمغرب وَولى مَكَانَهُ أَبَا عبد الله بن الْحَاج فَأَقَامَ واليا على فاس وَسَائِر أَعمال الْمغرب نَحْو سِتَّة أشهر ثمَّ عَزله وولاه بلنسية وأعمالها من بِلَاد شَرق الأندلس
وَلما عزل أَمِير الْمُسلمين أَخَاهُ تَمِيم بن يُوسُف عَن بِلَاد الْمغرب ولاه غرناطة وأعمالها من بِلَاد الأندلس فَكَانَت لَهُ على النَّصَارَى وقْعَة أفليج وَذَلِكَ أَنه خرج غازيا بِلَاد الفرنج سنة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسمِائة فَنزل حصن أفليج وَبِه جمع عَظِيم من الفرنج فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى اقتحم عَلَيْهِم الْحصن فأرز النَّصَارَى إِلَى القصبة فَتَحَصَّنُوا بهَا وانْتهى خبرهم إِلَى الفنش فاستعد لِلْخُرُوجِ لإغاثتهم فَأَشَارَتْ عَلَيْهِ زَوجته أَن يبْعَث وَلَده عوضا مِنْهُ لِأَن تَمِيم بن يُوسُف ابْن ملك الْمُسلمين وسانجة ابْن ملك النَّصَارَى فامتثل إشارتها وَبعث وَلَده سانجة فِي جَيش كثيف من زعماء الفرنج وأنجادهم فَسَار حَتَّى إِذا دنا من أفليج أخبر تَمِيم بن يُوسُف بمقدمه فعزم على الإفراج عَن الْحصن وَأَن لَا يلقى الفرنج فَأَشَارَ عَلَيْهِ قواد لمتونة مِنْهُم عبد الله بن مُحَمَّد ابْن فَاطِمَة وَمُحَمّد بن عَائِشَة وَغَيرهم بالْمقَام وشجعوه وهونوا عَلَيْهِ أَمرهم فَقَالُوا إِنَّمَا قدمُوا فِي ثَلَاثَة آلَاف فَارس وبيننا وَبينهمْ مَسَافَة فَرجع إِلَى رَأْيهمْ فَلم يكن إِلَّا عشي ذَلِك الْيَوْم حَتَّى وافتهم جيوش الفرنج فِي أُلُوف
كَثِيرَة فهم تَمِيم بالفرار فَلم يجد لَهُ سَبِيلا ثمَّ صمم قواد لمتونة على مناجزة الْعَدو وصمدوا إِلَيْهِ فَكَانَت بَينهم حَرْب عَظِيمَة بعد الْعَهْد بِمِثْلِهَا فَهزمَ الله تَعَالَى الْعَدو وَنصر الْمُسلمين وَقتل ولد الفنش وَقتل مَعَه من الرّوم ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ ألفا ونيف وَدخل الْمُسلمُونَ أفليج بِالسَّيْفِ عنْوَة وَاسْتشْهدَ فِي هَذِه الْوَقْعَة جمَاعَة من الْمُسلمين رحمهم الله واتصل الْخَبَر بالفنش فَاغْتَمَّ لقتل وَلَده وَأخذ بَلَده وهلاك جنده فَمَرض وَمَات أسفا لعشرين يَوْمًا من الْوَقْعَة وَكتب تَمِيم بن يُوسُف إِلَى أَمِير الْمُسلمين بِالْفَتْح
وَاعْلَم أَنه يُقَال فِي مُلُوك الجلالقة الَّذين نسميهم الْيَوْم الإصبنيول الأذفونش وَيُقَال الفنش فَقَالَ ابْن خلكان الأذفونش بِضَم الْهمزَة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وَضم الْفَاء وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا نون ثمَّ شين مُعْجمَة هُوَ اسْم لأكبر مُلُوك الإفرنج وَهُوَ صَاحب طليطلة وَقَالَ ابْن خلدون بَنو أذفونش هم ولد أذفونش بن بطرة أول مُلُوك الجلالقة اه وَأما قَوْلهم الفنش فَهُوَ اسْم علم لبَعض مُلُوكهمْ وَلَيْسَ لقبا لجميعهم
وَكَانَ مُحَمَّد بن الْحَاج رحمه الله مُدَّة مقَامه ببلنسية قد ضيق على النَّصَارَى تضييقا فَاحِشا بالغارات والنهب فَخرج فِي غزَاة لَهُ ذَات مرّة فَأخذ على طَرِيق الْبَريَّة فغنم وسبى وَكَانَ مَعَه جمَاعَة من قواد لمتونة فَبعث بالمغنم على الطَّرِيق الْكَبِير وَأخذ هُوَ على بَريَّة تقرب من بِلَاد الْمُسلمين وَكَانَ أَكثر النَّاس مَعَ الْمغنم وَكَانَ طَرِيق الْبَريَّة الَّذِي أَخذ عَلَيْهِ مُحَمَّد بن الْحَاج لَا يسْلك إِلَّا على سرب وَاحِد لصعوبته وَشدَّة وعورته فَلَمَّا توسطه مُحَمَّد بن الْحَاج وأخذته الأوعار والمضايق من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وجد النَّصَارَى قد كمنوا لَهُ فِي جِهَة من تِلْكَ الْجِهَات فَقَاتلهُمْ قتال من أَيقَن بِالْمَوْتِ واغتنم الشَّهَادَة إِذْ لم يجد منفذا يخلص مِنْهُ فاستشهد رحمه الله وَاسْتشْهدَ مَعَه جمَاعَة من المتطوعة وتخلص مِنْهُم الْقَائِد مُحَمَّد بن عَائِشَة فِي نفر يسير بحيلة أعملها