الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَاء فتبدو كَأَنَّهَا أرجل فسميت الْوَاقِعَة من أجل ذَلِك بِأم الرجلَيْن وَذَلِكَ فِي سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة وَبَقِي المرتضى يعالج أَمر عَليّ بن بدر الثائر بالسوس إِلَى سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة فَأقبل الْأَمِير يَعْقُوب بن عبد الْحق فِي جموع بني مرين حَتَّى نزل على مراكش واتصل الْحَرْب بَينه وَبَين الْمُوَحِّدين بظاهرها أَيَّامًا هلك فِيهَا عبد الله بن يَعْقُوب بن عبد الْحق فَبعث المرتضى إِلَى أَبِيه يَعْقُوب بالتعزية ولاطفه وَضرب إتاوة يبْعَث بهَا إِلَيْهِ فِي كل سنة فَرضِي يَعْقُوب وارتحل عَنْهَا وَقيل إِن مقتل عبد الله بن يَعْقُوب كَانَ سنة سِتِّينَ قبل وقْعَة أم الرجلَيْن وَالله تَعَالَى أعلم
انْتِقَاض أبي دبوس على المرتضى واستيلاؤه على مراكش ومقتل المرتضى عقب ذَلِك
لما ارتحل بني مرين عَن مراكش بعد مهلك عبد الله بن يَعْقُوب فر من الحضرة قَائِد حروب المرتضى وَابْن عَمه وَهُوَ السَّيِّد أَبُو الْعَلَاء إِدْرِيس الملقب بِأبي دبوس ابْن السَّيِّد أبي عبد الله مُحَمَّد ابْن السَّيِّد أبي حَفْص عمر بن عبد الْمُؤمن لسعاية تمكنت فِيهِ عِنْد المرتضى وَأَنه يطْلب الْأَمر لنَفسِهِ فاحس أَبُو دبوس بِالشَّرِّ وَلحق بِيَعْقُوب بن عبد الْحق فأدركه عِنْد مقدمه إِلَى فاس قَافِلًا من مَنَازِله مراكش فَأقبل عَلَيْهِ الْأَمِير يَعْقُوب وَبَالغ فِي إكرامه فَطلب مِنْهُ أَبُو دبوس الْإِعَانَة على حَرْب المرتضى وَكَانَ بطلا محربا وَضمن لَهُ فتح مراكش وَاشْترط لَهُ الْمُقَاسَمَة فِيمَا يغلب عَلَيْهِ من السُّلْطَان وَمَا يستفيده من الذَّخِيرَة وَالْمَال فأمده الْأَمِير يَعْقُوب بِخَمْسَة آلَاف من بني مرين وبالكفاية من المَال وبالمستجاد من آلَة الْحَرْب من طبول وبنود وَنَحْو ذَلِك وَكتب لَهُ مَعَ ذَلِك إِلَى عرب جشم وأميرهم يَوْمئِذٍ عَليّ بن أبي الخلطي أَن يَكُونُوا مَعَه يدا وَاحِدَة فَسَار أَبُو دبوس حَتَّى وصل إِلَى سلا فَكتب مِنْهَا إِلَى الْعَرَب وأشياخ الْمُوَحِّدين والمصامدة الَّذين فِي طَاعَة المرتضى يَدعُوهُم
إِلَى بيعَته ويعدهم ويمنيهم فَتَلَقَّتْهُ وُفُود الْعَرَب والهساكرة وصنهاجة آزمور بِبَعْض الطَّرِيق فَبَايعُوهُ وَسَارُوا مَعَه حَتَّى نزل بِلَاد هسكورة ثمَّ كتب إِلَى خاصته من وزراء المرتضى أَن يعلموه بِحَال الْبَلَد والدولة فراجعوه أَن أسْرع السّير وَأَقْبل وَلَا تخشن شَيْئا فَإنَّا قد فرقنا الْجند فِي أَطْرَاف الْبِلَاد وَهَذَا وَقت انتهاز الفرصة فزحف أَبُو دبوس إِلَى مراكش حَتَّى إِذا انْتهى إِلَى أغمات وجد بهَا الْوَزير أَبَا زيد بن يكيت فِي جَيش من حاميتها فناجزه الْحَرْب فَانْهَزَمَ ابْن يكيت وَقتل عَامَّة أَصْحَابه
وَسَار أَبُو دبوس يؤم مراكش وَمَعَهُ سُفْيَان وَبنى جَابر وَكَبِيرهمْ يَوْمئِذٍ علوش بن كانون السفياني فَلَمَّا دنوا من مراكش أغار علوش على بَاب الشَّرِيعَة مِنْهَا وَالنَّاس فِي صَلَاة الْجُمُعَة حَتَّى ركز رمحه بمصراع الْبَاب وَدخلت سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة والمرتضى بمراكش غافل عَن شَأْن أبي دبوس والأسوار خَالِيَة من الحامية والحراص فقصد أَبُو دبوس بَاب أغمات وتسور الْبَلَد من هُنَالك وَدخل الْمَدِينَة على حِين غَفلَة من أَهلهَا وصمد إِلَى القصبة فاقتحمها من بَاب الطبول وَاسْتولى عَلَيْهَا
وَقَالَ ابْن أبي زرع إِن دُخُول أبي دبوس مراكش كَانَ من بَاب الصَّالِحَة وَذَلِكَ ضحى يَوْم السبت الثَّانِي وَالْعِشْرين من الْمحرم سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة والصالحة الَّتِي اضيف إِلَيْهَا هَذَا الْبَاب هِيَ بُسْتَان كَبِير من جملَة بساتين أجدال دَار الْخلَافَة بمراكش وَلَا زَالَ هَذَا الْبُسْتَان مَشْهُور بِهَذَا الإسم إِلَى الْآن وَهُوَ من إنْشَاء عبد الْمُؤمن بن عَليّ رحمه الله فقد ذ كرّ الشَّيْخ أَبُو عبد الله بن مُحَمَّد عذارى الأندلسي فِي كتاب الْبَيَان المعرب عَن أَخْبَار الْمغرب أَن بُسْتَان المسرة الَّذِي بِظَاهِر جنان الصَّالِحَة أنشأه عبد الْمُؤمن بن عَليّ كَبِير الْمُوَحِّدين قَالَ وَهُوَ بُسْتَان طوله ثَلَاثَة أَمْيَال وَعرضه قريب مِنْهَا فِيهِ كل فَاكِهَة تشْتَهى وجلب إِلَيْهِ المَاء من أغمات واستنبط لَهُ عيُونا كَثِيرَة
قَالَ ابْن اليسع وَمَا خرجت أَنا من مراكش فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين