الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَليّ بن الْعَزِيز بن المعتز الرندي من بجاية وَكَانَ بهَا فِي مضيعة يحترف بالخياطة فَقدم عَلَيْهِم وثاروا بعمران بن مُوسَى عَامل الْمُوَحِّدين فَقَتَلُوهُ وَقدمُوا مَكَانَهُ عَليّ بن الْعَزِيز فساس ملكه وحاط رَعيته وأغزاه يُوسُف بن عبد الْمُؤمن سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة أَخَاهُ السَّيِّد أَبَا زَكَرِيَّاء فحاصره وضيق عَلَيْهِ وَأَخذه وأشخصه إِلَى مراكش بأَهْله وَمَاله وَاسْتَعْملهُ على الأشغال بِمَدِينَة سلا إِلَى أَن هلك بهَا وفنيت دولة بني الرند والبقاء لله وَحده اه كَلَامه فَالله أعلم أَي ذَلِك كَانَ
وَفِي سنة ثَمَان وَسبعين وَخَمْسمِائة خرج أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف من مراكش لبِنَاء حصن أزكندر فبناه على الْمَعْدن الَّذِي ظهر هُنَالك.
الْجَوَاز الثَّانِي لأمير الْمُؤمنِينَ يُوسُف ابْن عبد الْمُؤمن إِلَى الأندلس برسم الْجِهَاد وَمَا يتَّصل بذلك من وَفَاته رحمه الله
لما قدم أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف بن عبد الْمُؤمن من فتح قفصة سنة سبع وَسبعين وَخَمْسمِائة قدم عَلَيْهِ وُلَاة الأندلس ورؤساؤها يهنئونه بالإياب فَأكْرم وفادتهم وَانْصَرفُوا
ثمَّ بلغه الْخَبَر بِأَن أذفونش بن سانجة نَازل قرطبة وَشن الغارات على جِهَة مالقة ورندة وغرناطة ثمَّ نزل إستجة وتغلب على حصن شقيلة وأسكن بِهِ النَّصَارَى وَانْصَرف
فاستنفر السَّيِّد أَبُو إِسْحَاق سَائِر النَّاس للغزو ونازل الْحصن نَحوا من أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ بلغه خُرُوج أذفونش من طليطلة بمدده فانكفا رَاجعا وَخرج مُحَمَّد بن يُوسُف بن وانودين من إشبيلية فِي جموع الْمُوَحِّدين ونازل طلبيرة فبرز إِلَيْهِ أَهلهَا فأوقع بهم وَانْصَرف بالغنائم
فاعتزم الْخَلِيفَة يُوسُف بن عبد الْمُؤمن على معاودة الْجِهَاد وَولى على
الأندلس أمناءه وَقَدَّمَهُمْ للإحتشاد فعقد لِابْنِهِ السَّيِّد أبي زيد على غرناطة ولابنه السَّيِّد أبي عبد الله على مرسية ونهض سنة تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة
وَفِي القرطاس كَانَ خُرُوجه من مراكش فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور على بَاب دكالة قَالَ برسم غَزْو إفريقية فَلَمَّا وصل إِلَى سلا أَتَاهُ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن جَامع من إفريقية فَأعلمهُ بهدوئها وسكونها فصرف عزمه إِلَى الأندلس فَنَهَضَ من سلا ضحوة يَوْم الْخَمِيس الموفي ثَلَاثِينَ من ذِي الْقعدَة من السّنة الْمَذْكُورَة فَنزل بظاهرها وَبَات هُنَاكَ ثمَّ نَهَضَ يَوْم الْجُمُعَة الموَالِي لَهُ فوصل إِلَى مكناسة يَوْم الْأَرْبَعَاء السَّادِس من ذِي الْحجَّة فعيد بهَا عيد الْأَضْحَى خَارِجهَا ثمَّ ارتحل إِلَى فاس فَدَخلَهَا وَأقَام بهَا بَقِيَّة الشَّهْر
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَخَمْسمِائة فَفِي الْيَوْم الرَّابِع بهَا نَهَضَ من فاس وَسَار حَتَّى انْتهى إِلَى سبتة فَأَقَامَ بهَا بَقِيَّة الشَّهْر الْمحرم وَأمر النَّاس بِالْجَوَازِ إِلَى الأندلس فجازت قبائل الْعَرَب أَولا ثمَّ قبائل زناتة ثمَّ المصامدة ثمَّ مغراوة وصنهاجة وأوربة وأصناف البربر ثمَّ عبرت جيوش الْمُوَحِّدين والأغزاز وَالرُّمَاة فَلَمَّا اسْتكْمل النَّاس الْجَوَاز عبر هُوَ فِي آخِرهم فِي الْحَاشِيَة وَالْعَبِيد
وَكَانَ جَوَازه يَوْم الْخَمِيس خَامِس صفر من السّنة الْمَذْكُورَة فَنزل بجبل الْفَتْح ثمَّ ارتحل مِنْهُ إِلَى الجزيرة الخضراء ثمَّ سَار إِلَى إشبيلية فَلَمَّا أشرف عَلَيْهَا يَوْم الْجُمُعَة الثَّالِث وَالْعِشْرين من صفر خرج إِلَيْهِ وَلَده السَّيِّد أَبُو إِسْحَاق وَمَعَهُ فُقَهَاء إشبيلية وأشياخها فَبعث إِلَيْهِم يَأْمُرهُم بِالْوُقُوفِ بآخر الْمنية حَتَّى يصل إِلَيْهِم فَلَمَّا صلى الظّهْر وَركب اجتاز بهم فَلَمَّا دنا مِنْهُم نزلُوا عَن دوابهم فَوقف لَهُم حَتَّى سلمُوا عَن آخِرهم وركبوا
ثمَّ نَهَضَ إِلَى غَزْو مَدِينَة شنترين من بِلَاد غرب الأندلس فَانْتهى إِلَيْهَا فِي السَّابِع من ربيع الأول فَنزل عَلَيْهَا وأدار بِهِ الجيوش وشدد عَلَيْهَا فِي
الْحصار والقتال وبذل المجهود إِلَى لَيْلَة الثَّانِي وَالْعِشْرين من ربيع الْمَذْكُور فانتقل من مَوضِع نُزُوله بجوفي شنترين إِلَى غربها فَأنْكر الْمُسلمُونَ ذَلِك وَلم يعلمُوا لَهُ سَببا فَلَمَّا جن اللَّيْل وَصلى الْعشَاء الْآخِرَة بعث إِلَى وَلَده السَّيِّد أبي إِسْحَاق صَاحب إشبيلية فَأمره بالرحيل من غَد تِلْكَ اللَّيْلَة لغزو أشبونة وَشن الغارات على أنحائها وَأَن يسير إِلَيْهَا فِي جيوش الأندلس خَاصَّة وَأَن يكون رحيله نَهَارا فأساء الْفَهم وَظن أَنه أمره بالرحيل لَيْلًا وصرخ الشَّيْطَان فِي محلّة الْمُسلمين أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ قد عزم على الرحيل فِي هَذِه اللَّيْلَة وتحدث النَّاس بذلك وتأهبوا لَهُ ورحلت طَائِفَة مِنْهُم بِاللَّيْلِ وَلما كَانَ قرب الْفجْر أقلع السَّيِّد أَبُو اسحاق وأقلع من كَانَ مواليا لَهُ وتتابع النَّاس بالرحيل وتسابقوا لاختيار الْمنَازل وأمير الْمُؤمنِينَ مُقيم فِي مَكَانَهُ لَا علم لَهُ بذلك فَلَمَّا أصبح وَصلى الصُّبْح وأضاء النَّهَار لم يجد حوله من أهل المحلات أحدا إِلَّا يَسِيرا من خاصته وحشمه الَّذين يرحلون لرحيله وينزلون لنزوله وَإِلَّا قواد الأندلس فَإِنَّهُم الَّذين كَانُوا يَسِيرُونَ أَمَام ساقته وَخلف محلته من أجل من يتَخَلَّف عَنْهَا من الضُّعَفَاء فَلَمَّا طلعت الشَّمْس وتطلع النَّصَارَى المحصورون على الْمحلة من سور الْبَلَد وَرَأَوا أَمِير الْمُؤمنِينَ مُنْفَردا فِي عبيده وحشمه وتحققوا ذَلِك من جواسيسهم فتحُوا الْبَلَد وَخرج جَمِيع من فِيهِ خرجَة مُنكرَة وهم ينادون الرّيّ الرّيّ أَي أقصدوا السُّلْطَان فَضربُوا فِي محلّة العبيد إِلَى أَن وصلوا إِلَى أخبية أَمِير الْمُؤمنِينَ فمزقوها واقتحموها فبرز إِلَيْهِم وَقَاتلهمْ بِسَيْفِهِ حَتَّى قتل سِتَّة مِنْهُم ثمَّ طعنوه طعنة نَافِذَة وَقتل عَلَيْهِ ثَلَاث من جواريه كن قد أكببن عَلَيْهِ وَلما طعن وَقع بِالْأَرْضِ وتصايح العبيد وَنَادَوْا بالفرسان والأجناد فتراجع الْمُسلمُونَ وقاتلوا النَّصَارَى حَتَّى أزاحوهم عَن الأخبية وَاشْتَدَّ الْقِتَال بَينهم وتواقفوا سَاعَة ثمَّ انهزم الفرنج وركبهم الْمُسلمُونَ بِالسَّيْفِ حَتَّى أدخلوهم الْمَدِينَة وَقتل مِنْهُم خلق كثير يزِيدُونَ على الْعشْرَة آلَاف وَاسْتشْهدَ من الْمُسلمين جمَاعَة وَركب أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف