الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(10) - (227) - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(34)
- 883 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ،
===
(10)
- (227) - (باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
(34)
-883 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا خالد بن مخلد) القطواني -بفتح القاف والطاء- أبو الهيثم البجلي مولاهم الكوفي، صدوق يتشيع وله أفراد، من كبار العاشرة، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(خ م ت س ق).
(ح وحدثنا محمد بن المثنى) بن عبيد العنزي -بفتح النون والزاي- أبو موسى البصري، المعروف بالزمن، مشهور بكنيته وباسمه، ثقة ثبت، من العاشرة، وكان هو وبندار فرسي رهان، وماتا في سنة واحدة سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا أبو عامر) العقدي القيسي عبد الملك بن عمرو، ثقة، من التاسعة، مات سنة أربع، أو خمس ومئتين (205 هـ). يروي عنه:(ع).
قوله: (قال) الصواب: (قالا) بألف التثنية؛ أي: قال كل من خالد بن مخلد وأبو عامر العقدي:
(أنبأنا عبد الله بن جعفر) بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف القرشي الزهري المخرمي أبو محمد المدني.
روى عن: يزيد بن الهاد، ويروي عنه:(م عم)، وخالد بن مخلد، وأبو عامر العقدي، ليس به بأس، من الثامنة، مات سنة سبعين ومئة (170 هـ)، وله بضع وسبعون سنة.
عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ هَذَا السَّلَامُ عَلَيْكَ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَكَيْفَ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ؛ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ".
===
(عن يزيد) بن عبد الله بن أسامة (بن الهاد) الليثي أبي عبد الله المدني، ثقة مكثر، من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين ومئة (139 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن خباب) الأنصاري النجاري مولاهم المدني، ثقة، من الثالثة، مات بعد المئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك بن سنان - بنونين - ابن عبد بن ثعلبة بن عبيد بن خدرة الصحابي المشهور الأنصاري، من المكثرين رضي الله تعالى عنه، له ولأبيه صحبة، مات سنة ثلاث أو أربع أو خمس وستين، وقيل سنة أربع وسبعين. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة.
(قال) أبو سعيد: (قلنا) معاشر الصحابة: (يا رسول الله؛ هذا السلام عليك) الذي أمرنا الله به (قد عرفناه) كيف نسلم عليك بما علمتنا في التشهد؛ وهو قولنا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وأما الصلاة عليك .. فلم نعرفها (فكيف) نصلي (الصلاة) عليك، والله أمرنا بالصلاة والسلام عليك بقوله:{صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ؟ (1).
فـ (قال) لنا النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أردتم الصلاة على .. فـ (قولوا: اللهم؛ صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم).
(1) سورة الأحزاب: (56).
(35)
- 884 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا:
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التفسير، باب قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
…
} الآية (1)، رقم (4798)، وأخرجه أيضًا في الدعوات، والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر (53)، رقم (1293) وابن حبان، وقال: إسناده صحيح على شرطهما.
فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستدلال به.
قال السندي: قوله: (هذا السلام عليك) أي: نعرفه في التشهد، وبما جرى على الألسنة في سلام بعضهم على بعض، قوله:"كما صليت على إبراهيم" وجه التشبيه كون كل من الصلاتين أفضل وأولى وأتم من صلاة من قبله كذالك؛ أي: كما صليت على إبراهيم صلاة هي أتم وأفضل من صلاة من قبله، كذلك صلى الله على محمد صلاة هي أفضل وأتم من صلاة من قبله، وبهذا التقدير يندفع الإشكال المشهور في التشبيه، فليتأمل. انتهى من "سندي".
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي سعيد الخدري بحديث كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(35)
- 884 - (2)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي.
(حدثنا وكيع، حدثنا شعبة ح وحدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن جعفر) غندر.
(قالا) أي: قال عبد الرحمن ومحمد بن جعفر.
(1) سورة الأحزاب: (56).
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً؟ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: قَدْ عَرَفْنَا السَّلَامَ عَلَيْكَ فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: "قُولُوا:
===
(حدثنا شعبة عن الحكم) بن عتيبة الكندي أبي محمد الكوفي، ثقة ثبت فقيه، إلا أنه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة (113 هـ) ثلاث عشرة ومئة أو بعدها، وله نيف وستون سنة. يروي عنه:(ع).
(قال) الحكم: (سمعت) عبد الرحمن (بن أبي ليلى) اسمه يسار الأنصاري الأوسي أبا عيسى الكوفي، ثقة، من الثانية، مات سنة ثلاث وثمانين (83 هـ) بوقعة الجماجم. يروي عنه:(ع).
(قال) ابن أبي ليلى: (لقيني) أي: رآني (كعب بن عجرة) بن أمية الأنصاري المدني أبو محمد الصحابي المشهور رضي الله عنه، مات بعد الخمسين. يروي عنه:(ع).
وهذان السندان من سداسياته، وحكمهما: الصحة.
(فقال) لي كعب: (ألا) أي: انتبه واسمع ما أقول لك (أهدي لك هدية) نافعة لك مباركة؟ وتلك الهدية أنه (خرج علينا) ونحن في المسجد (رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا) له: (قد عرفنا السلام عليك) وتعلمناه بما علمتناه في التشهد؛ وهو السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وأما الصلاة عليك .. فلم نعرفها؛ لأنك ما علمتناها، (فكيف) كيفية (الصلاة عليك) يا رسول الله، والله أمرنا بالصلاة والسلام عليك بقوله جل وعلا:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ؟ (1).
فـ (قال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قولوا) إذا أردتم
(1) سورة الأحزاب: (56).
اللَّهُمَّ؛ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ؛ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".
(36)
- 885 - (3) حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ طَالُوتَ،
===
الصلاة على: (اللهم؛ صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد) الذات والصفات (مجيد) الفعال (اللهم؛ بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع؛ منها: في كتاب الأنبياء، وفي كتاب التفسير، وفي كتاب الدعوات، ومسلم في كتاب الصلاة على النبي بعد التشهد، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي بعد التشهد، والترمذي في أبواب الوتر، باب ما جاء في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو عيسى: حديث كعب بن عجرة حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدارمي وأحمد.
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث أبي حميد الساعدي رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(36)
- 885 - (3)(حدثنا عمار بن طالوت) بن عباد الجحدري - بجيم ثم حاء ساكنة - ثقة، من الحادية عشرة. يروي عنه:(ق).
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ
===
(حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز) بن عبد الله بن أبي سلمة (الماجشون) أبو مروان المدني الفقيه، مفتي أهل المدينة، صدوق له أغلاط في الحديث، من التاسعة، وكان رفيق الشافعي، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ). يروي عنه:(س ق).
(حدثنا مالك بن أنس) الأصبحي المدني، إمام دار الهجرة، حجة في الفقه والحديث، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) الأنصاري المدني القاضي، ثقة، من الخامسة، مات سنة خمس وثلاثين ومئة (135 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبيه) أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري النجاري المدني القاضي، وقد ينسب إلى جده، اسمه وكنيته واحد، وقيل: إنه يكنى أبا محمد، ثقة عابد، من الخامسة، مات سنة عشرين ومئة (120 هـ)، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن عمرو بن سليم) بن خلدة - بسكون اللام - الأنصاري (الزرقي) -بضم الزاي وفتح الراء بعدها قاف- ثقة، من كبار التابعين، مات سنة أربع ومئة (104 هـ)، ويقال: له رؤية. يروي عنه: (ع).
(عن أبي حميد الساعدي) المنذر بن سعد بن المنذر، وقيل: اسمه عبد الرحمن الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، شهد أحدًا وما بعدها، وعاش إلى أول خلافة يزيد سنة ستين. يروي عنه:(ع).
أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أُمِرْنَا بِالصَّلَاةِ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ؛ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".
===
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة.
(أنهم) أي: أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم (قالوا: يا رسول الله؛ أمرنا) بالبناء للمجهول؛ أي: أمرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز (بالصلاة عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أردتم الصلاة علي .. فـ (قولوا: اللهم؛ صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد) الفعال (مجيد) الذات والصفات.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأنبياء، ومسلم في كتاب الصلاة، وأبو داوود في كتاب الصلاة، وأحمد في "المسند"، ومالك في "الموطأ".
فالحديث في أعلى درجات الصحة، وغرضه: الاستشهاد به.
وقوله: (أمرنا بالصلاة عليك) فيه دليل على أن المندوب يدخل تحت الأمر إن جرينا على القول بأنها مندوبة في الصلاة وفي غيرها كما هو مذهب مالك ومن وافقه. انتهى "كوكب".
قال النووي: واعلم: أنه قد اختلف العلماء في وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد الأخير في الصلاة: فذهب أبو حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى والجماهير إلى أنها سنة لو تركت .. صحت الصلاة، وذهب الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى إلى أنها واجبة لو تركت .. لم تصح الصلاة،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وهو مروي عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضي الله تعالى عنهما، وهو قول الشعبي.
وقد نسب جماعة من العلماء الشافعي رحمه الله تعالى في هذا إلى مخالفة الإجماع، ولا يصح قولهم، فإنه مذهب الشعبي، كما ذكرنا، وقد رواه البيهقي، وفي الاستدلال لوجوبهما خفاء، وأصحابنا يحتجون بحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله تعالى عنه: أنهم قالوا: كيف نصلِّي عليك يا رسول الله؟ فقال: "قولوا: اللهم، صل على محمد
…
" إلى آخره، قالوا: والأمر للوجوب، وهذا القدر لا يصح الاستدلال به إلا إذا ضم إليه الرواية الأخرى: كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "قولوا: اللهم؛ صل على محمد وعلى آل محمد
…
" إلى آخره، وهذه الزيادة صحيحة رواها الإمامان الحافظان أبو حاتم بن حبان - بكسر الحاء - البستي والحاكم أبو عبد الله في "صحيحهما"، قال الحاكم: هي زيادة صحيحة.
واحتج لها أبو حاتم وأبو عبد الله أيضًا في "صحيحهما" بما روياه عن فضالة بن عبيد رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي لم يحمد الله، ولم يمجده، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"عجل هذا"، ثم دعاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"إذا صلى أحدكم .. فليبدأ بحمد ربه والثناء عليه، وليصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، وليدع ما شاء"، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
وهذان الحديثان وإن اشتملا على ما لا يجب بالإجماع؛ كالصلاة على الآل والذرية والدعاء .. فلا يمتنع الاحتجاج بهما؛ فإن الأمر للوجوب، فإذا خرج
(37)
- 886 - (4) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بَيَانٍ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ،
===
بعض ما يتناوله الأمر عن الوجوب بدليل آخر .. بقي الباقي على الوجوب، والله أعلم، والواجب عند أصحابنا: اللهم؛ صل على محمد. وما زاد عليه سنة، ولنا وجه شاذ أنه يجب الصلاة على الآل، وليس بشيء. انتهى.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(37)
- 886 - (4)(حدثنا الحسن بن بيان) هكذا في أكثر النسخ، والصواب: الحسين بن بيان بالياء، وليس في كتب الرجال الحسن بن بيان، بل الذي فيها حسين - بالتصغير - ابن بيان البغدادي، مقبول، من الحادية عشرة. يروي عنه:(ق).
(حدثنا زياد بن عبد الله) بن الطفيل العامري البكائي -بفتح الموحدة وتشديد الكاف- أبو محمد الكوفي، صدوق، ثبت في المغازي، وفي حديثه عن غير ابن إسحاق لين، ولم يثبت أن وكيعًا كذبه، من الثامنة، مات سنة ثلاث وثمانين ومئة (183 هـ). يروي عنه:(خ م ت ق).
(حدثنا المسعودي) عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفي، صدوق اختلط قبل موته، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ)، وقيل: سنة خمس وستين ومئة. يروي عنه: (عم).
(عن عون بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود الهذلي الكوفي، ثقة عابد، من الرابعة، مات قبل سنة عشرين ومئة (120 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن أبي فاختة) سعيد بن علاقة الهاشمي مولاهم الكوفي، مشهور بكنيته،
عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم .. فَأَحْسِنُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: فَعَلِّمْنَا، قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ؛ اجْعَلْ صَلَاتَكَ
===
ثقة، من الثالثة، مات دون المئة في حدود التسعين وقيل بعد ذلك بكثير. يروي عنه:(ت ف).
(عن الأسود بن يزيد) بن قيس النخعي الكوفي، ثقة مخضرم فقيه، من الثانية، مات سنة أربع، أو خمس وسبعين (75 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن مسعود) رضي الله تعالى عنه.
وهذا الإسناد من سباعياته، وحكمه: الصحة، لأن رجاله ثقات.
(قال) ابن مسعود: (إذا صليتم) أيها الناس (على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فأحسنوا الصلاة عليه) صلى الله عليه وسلم؛ أي: فأتوا في الصلاة عليه بالصيغة الجامعة لثنائه الفاذة البليغة الواردة عنه صلى الله عليه وسلم؛ (فإنكم لا تدرون) ولا تعلمون ما يفعل بصلاتكم عليه، (لعل ذلك) المذكور من الصلاة عليه بالصيغة الفاذة الجامعة، أو لعل إحسانكم الصلاة عليه (يعرض عليه) صلى الله عليه وسلم في قبره، كما ورد في الحديث المتفق عليه أن الأعمال تعرض عليه يوم الاثنين والخميس.
(قال) الأسود بن يزيد: (فقالوا) أي: فقال الحاضرون عند عبد الله (له) أي: لعبد الله بن مسعود: (فعلمنا) يا عبد الله الصيغة الحسنة الفاذة الجامعة في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ونحن لا نعلمها (قال) عبد الله لهم في بيان الصيغة الحسنة الفاذة في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:(قولوا) في الصلاة عليه إن أردتم الصيغة الحسنة: (اللهم؛ اجعل) أفضل (صلاتك
وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَخَاتَمِ النَّبِيّينَ؛ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، إِمَامِ الْخَيْرِ وَقَائِدِ الْخَيْرِ وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ، اللَّهُمَّ؛ ابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، اللَّهُمَّ؛ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ؛ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
===
و) أشمل (رحمتك و) أتم (بركاتك على) سيدنا (سيد المرسلين و) إمامنا (إمام المتقين و) هديتنا (خاتم النبيين) أحمد الخلق و (محمد) الخلق (عبدك) المجتبى (ورسولك) المصطفى.
(إمام) أهل (الخير) والإيمان، (وقائد الخير) والدين المرضي عند الله سبحانه الذي هو دين الإسلام، (ورسول) أرسل بـ (الرحمة، اللهم؛ ابعثه) وأعطه (مقامًا محمودًا) ومنصبًا رفيعأ يحمده فيه السابقون واللاحقون، و (يغبطه) أي: يتمنى كونه (به) أي: بسبب ذلك المقام (الأولون) من الأمم (والآخرون) منهم، (اللهم؛ صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم؛ بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد).
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه حسن صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.
لأن هذا الطرف الأخير في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رواه الحاكم من طريق يحيى السباق عن رجل من بني الحارث عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا، فذكره، وروى محمد بن يحيى بن أبي عمر في "مسنده" هذا الحديث بتمامه، قال: حدثنا المقرئ، قال: حدثنا المسعودي، فذكره بتمامه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ورواه أبو يعلى الموصلي: حدثنا محمد بن عباد المكي، حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا المسعودي، فذكره، وله شاهد من حديث ابن عمر رواه أحمد بن منيع في "مسنده"، وروي في "الصحيحين" و"الترمذي" و"النسائي" من حديث كعب بن عجرة، وفي "مسلم" من حديث أبي مسعود الأنصاري.
قال الترمذي: وفي الباب عن علي بن أبي طالب وأبي حميد وأبي مسعود وطلحة وأبي سعيد وبريدة وزيد بن حارثة وأبي هريرة، ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (2/ 508) مختصرًا في كتاب الصلوات باب قوله:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (1)، ورواه الخطيب في تاريخ بغداد (8/ 143).
فهذا الحديث حسن صحيح؛ لأن له شواهد إلى الطرف الأخير في "الصحيحين" وغيرهما، والطرف الأول حسن؛ لأن سنده حسن؛ لأن المسعودي إنما تغير قبل موته بسنة أو سنتين، ووثقه أحمد بن حنبل وغيره، فهو مختلف فيه، وهو أعلم الناس بعلم ابن مسعود.
قوله: (اللهم؛ صل على محمد وعلى آل محمد) قال القرطبي: واختلف في آله صلى الله عليه وسلم من هم؟ فقيل: أتباعه، وقيل: أمته، وقيل: آل بيته، وقيل: أتباعه من رهطه وعشيرته. انتهى، قال القاري: وقيل: من حرمت عليه الزكاة؛ كبني هاشم وبني المطلب، وقيل: كل تقي آله، وقيل: جميع أمة الإجابة، وقيل: الأزواج، ومن حرم عليه الصدقة، ويدخل فيهم الذرية، وقال ابن حجر: هم مؤمنو بني هاشم وبني المطلب عند الشافعي وجمهور العلماء، وقيل: أولاد فاطمة ونسلهم، وقيل: أزواجه وذريته، وقيل: كل مسلم، وإليه
(1) سورة البقرة: (238).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
مال مالك، واختاره الزهري وآخرون، وهو قول سفيان الثوري وغيره، ورجحه النووي في "شرح مسلم"، وآل إبراهيم هم: إسماعيل وإسحاق وأولادهما.
وفي هذا التشبيه؛ أعني: قوله: (كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم) .. إشكال مشهور؛ وهو أن المقرر كون المشبه دون المشبه به؛ كقولهم: زيد كالأسد، والواقع ها هنا عكسه؛ لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم وحده أفضل من إبراهيم وآله عليهم السلام.
وأجيب عنه بأجوبة؛ منها: أن هذا قبل أن يعلم أنه أفضل، ومنها: أنه قاله تواضعًا، ومنها: أن التشبيه في الأصل لا في القدر؛ كما في قوله تعالى: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (1)، وكما في قوله تعالى:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} (2)، وقوله:{وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (3)، ومنها: أن الكاف للتعليل؛ كقوله: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} (4)، ومنها: أن التشبيه متعلق بقوله: وعلى آل محمد، ومنها: أن التشبيه للمجموع بالمجموع؛ فإن الأنبياء من آل إبراهيم كثر وهو أيضًا منهم، ومنها: أن التشبيه من باب إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر، ومنها: أن المقدمة المذكورة مدفوعة، بل يكون التشبيه بالمثل وبما دونه؛ كما في قوله تعالى:{مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} (5). انتهى من "بذل المجهود".
وفي "المفهم": قد اختلف النحويون هل يضاف الآل إلى المضمر
(1) سورة البقرة: (183).
(2)
سورة النساء: (163).
(3)
سورة القصص: (77).
(4)
سورة البقرة: (198).
(5)
سورة النور: (35).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أم لا يضاف إلا إلى الظاهر؟ فذهب النحاس والزبيدي والكسائي إلى أنه لا يقال إلا: اللهم؛ صل على محمد وآل محمد، ولا يقال: وآله، قالوا: والصواب: وأهله، وذهبت طائفة أخرى إلى أن ذلك يقال؛ منهم ابن السيد، وهو الصواب؛ لأن السماع الصحيح يعضده؛ فإنه قد جاء في قول عبد المطلب:
لا هم إن العبد يمـ
…
ـنع رحله فامنع رحالك
وانصر على آل الصليـ
…
ـب وعابديه اليوم آلك
وغير ذلك من كلام العرب.
قوله: (وبارك) من البركة؛ وهي هنا الزيادة من الخير والكرامة، وأصلها من البروك؛ وهو الثبوت على الشيء، ومنه بركت الإبل، ويجوز أن تكون البركة هنا بمعنى التطهير والتزكية؛ كما قال تعالى:{رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} (1).
ثم اختلف أرباب المعارف في فائدة قوله: (كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم) على تأويلات كثيرة: أظهرها: أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ذلك لنفسه وأهل بيته؛ لتتم النعمة عليهم والبركة كما أتمها على إبراهيم وآله، وقيل: بل سأل ذلك لأمته؛ ليثابوا على ذلك، وقيل: ليبقى له ذلك دائمًا إلى يوم الدين، ويجعل له به لسان صدق في الآخرين كما جعله لإبراهيم، وقيل: كان ذلك قبل أن يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه أفضل ولد آدم، وقيل: بل سأل أن يصلى عليه صلاة يتخذه بها خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا، وقد أجابه الله واتخذه خليلًا؛ كما جاء في الصحيح: "لو كنت متخذًا خليلًا ..
(1) سورة هود: (73).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن صاحبكم خليل الرحمن"، رواه أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه من حديث ابن مسعود، وقد جاء: "أنا حبيب الرحمن"، رواه الترمذي بلفظ: "وأنا حبيب الله" من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
وقد اختلف العلماء أيضًا أيهما أشرف أو هما سواء؟ واختلف هل يدعى للنبي صلى الله عليه وسلم بغير الصلاة والسلام، فيقال مثلًا: اللهم؛ ارحم محمدًا، أو لمحمد، أو لا يقال ذلك؟ فذهب أبو عمر بن عبد البر إلى منع ذلك، واختار ذلك أبو محمد بن أبي زيد، والصحيح جوازه؛ فقد جاء ذلك في أحاديث كثيرة.
واختلف أيضًا هل يصلى على غير الأنبياء استقلالًا، فيقال: اللهم؛ صل على فلان؟ فكره ذلك مالك؛ لأنه لم يكن من عمل من مضى، بل ذكر عن مالك رواية شاذة أنه لا يصلى على أحد من الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه وسلم، وهي متأولة عليه بأنا لم نتعبد بالصلاة على غيره من الأنبياء، وذهبت طائفة إلى جواز ذلك على المؤمنين؛ لقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} (1)، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"اللهم؛ صل على آل أبي أوفى"، رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داوود والنسائي وابن ماجه من حديث عبد الله بن أبي أوفى، ورد الفريق الآخر بأن هذا صدر من الله ورسوله، ولهما أن يقولا ما أرادا، بخلاف غيرهما الذي هو محكوم عليه، والذي أراه ما صار إليه مالك " لقوله تعالى:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} (2)، ويضاف إلى ذلك أن
(1) سورة الأحزاب: (15).
(2)
سورة النور: (63).
(38)
-887 - (5) حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ شُعْبَةَ،
===
أهل البدع قد اتخذوا شعارًا في الدعاء لأئمتهم وأمرائهم، ولا يجوز التشبه بأهل البدع. انتهى من "المفهم".
قال بعضهم: الخلاف في الصلاة على غير الأنبياء إنما هي في الاستقلال نحو: اللهم؛ صل على فلان، وأما وهي تابعة نحو: اللهم؛ صل على محمد وأزواجه وذريته .. فجائزة، وعلى الجواز فإنما يقصد بها الدعاء؛ لأنها بمعنى التعظيم خاصة بالأنبياء عليهم السلام؛ كخصوص عز وجل بالله تعالى، فلا يقال: قال محمد عز وجل، وإن كان صلى الله عليه وسلم عزيزًا جليلًا، قال أبو محمد الجويني: وكذالك السلام هو خاص به صلى الله عليه وسلم، فلا يقال: أبو بكر عليه السلام، وعلي عليه السلام مثلًا. انتهى من "الأبي"، انتهى من "المفهم".
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث عامر بن ربيعة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(38)
- 887 - (5)(حدثنا بكر بن خلف) ختن المقرئ عبد الله بن يزيد المكي (أبو بشر) البصري، صدوق، من العاشرة، مات بعد سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).
(حدثنا خالد بن الحارث) بن عبيد بن سليم الهجيمي أبو عثمان البصري، ثقة ثبت، يقال له:(خالد الصدق) من الثامنة، مات سنة ست وثمانين ومئة (186 هـ) ومولده سنة عشرين ومئة (120 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن شعبة) بن الحجاج.
عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّي عَلَيَّ .. إِلَّا صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة مَا صَلَّى عَلَيَّ، فَلْيُقِلَّ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ".
===
(عن عاصم بن عبيد الله) بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، ضعيف، من الرابعة، مات في أول دولة بني العباس سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(عم).
(قال) عاصم: (سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة) العنزي حليف بني عدي أبا محمد المدني، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولأبيه صحبة مشهورة، ووثقه العجلي، مات سنة بضع وثمانين (83 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبيه) عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك العنزي - بسكون النون - حليف آل الخطاب الصحابي المشهور أسلم قديمًا، وهاجر وشهد بدرًا، مات ليالي قتل عثمان رضي الله تعالى عنهما. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف، وإن روى عنه شعبة ومالك وابن عيينة، فقد قال فيه البخاري وأبو حاتم وغيرهما: منكر الحديث.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يصلي علي .. إلا صلت عليه الملائكة) وما في قوله: (ما صلى علي) مصدرية ظرفية؛ أي: إلا ردت عليه الملائكة الموكلون بذلك مدة صلاته على، إذا عرفتم ذلك .. (فليقل العبد) منكم (من ذلك) أي: من صلاته على إن شاء؛ أي: فليأت العبد المسلم بالشيء القليل من صلاته على إن شاء قلة ثوابه، (أو) فـ (ليكثر) من ذلك إن شاء كثرة ثوابه أي: فليفعل العبد ما شاء؛ من الإقلال والإكثار في العدد، وهو مثل قوله: من شاء .. فليؤمن، ومن شاء .. فليكفر.
(39)
- 888 - (6) حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ،
===
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، فهو ضعيف السند، لما ذكر، حسن المتن؛ لأن له شواهد، كما قاله الترمذي، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
فقد روى الإمام أحمد هذا الحديث (3/ 445) وأبو بكر بن أبي شيبة في "مسنديهما" من طريق عاصم بن عبيد الله، قال الحافظ عبد العظيم المنذري: وعاصم وإن كان واهي الحديث، فقد مشاه بعضهم، وصحح له الترمذي، وهذا الحديث حسن في المتابعة، ورواه أبو داوود الطيالسي في "مسنده"(ص/156 رقم 1142) عن شعبة به، ورواه مسدد في "مسنده" عن يحيى بن سعيد عن شعبة به، ورواه عبد بن حميد في "مسنده": حدثنا زيد بن الحباب عن شعبة به، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" من طريق شعبة، وابن الشجري في "أماليه الحديثية"(1/ 124)، باب فضل النبي وفضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وما يتصل بذلك، وعزاه السيوطي للبيهقي في "شعب الإيمان"، كنز العمال (1/ 499)، رقم (1/ 220)، فالحديث: صحيح؛ لكثرة طرقه. انتهى من هامش المتن.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(39)
- 888 - (6)(حدثنا جبارة) بضم الجيم وتخفيف الموحدة (بن المغلس) -بضم الميم وتشديد اللام المكسورة ثم سين مهملة على صيغة اسم الفاعل من التغليس- الحماني -بكسر المهملة وتشديد الميم- أبو محمد الكوفي، ضعيف، من العاشرة، مات سنة إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(ق).
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ؟ عَلَيَّ .. خَطِئَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ".
===
(حدثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت فقيه، قيل: إنه كان ضريرًا، ولعله طرأ عليه؛ لأنه صح أنه كان يكتب، من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ)، وله إحدى وثمانون سنة. يروي عنه:(ع).
(عن عمرو بن دينار) الجمحي المكي، ثقة ثبت، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر بن زيد) أبي الشعثاء الأزدي ثم الجوفي -بفتح الجيم وسكون الواو بعدها فاء- البصري، مشهور بكنيته، ثقة فقيه، من الثالثة، مات دون المئة سنة ثلاث وتسعين (93 هـ)، ويقال: ثلاث ومئة (103 هـ). يروي عنه: (ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه جبارة بن المغلس؛ وهو متفق على ضعفه.
(قال) ابن عباس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نسي) وترك (الصلاة علي) بالكلية في الصلاة وفي غيرها .. فقد (خطئ) أي: أخطأ (طريق الجنة) أي: أخطأ الأعمال الصالحة الموصلة إلى الجنة التي من جملتها الصلاة علي، فتركها كلية ترك لطريق الجنة؛ أي: للطريق الموصلة إلى الجنة؛ لأنه إذا تركها في الصلاة .. فصلاته غير صحيحة، فلا تقبل منه، فمن لا تقبل صلاته .. لا تقبل منه الأعمال الصالحة، فيكون كافرًا، فلا يدخل الجنة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد من حديث أبي هريرة، رواه الطبراني في "السنن الكبرى"(9/ 286).
فالحديث: ضعيف السند، صحيح المتن بغيره، وغرضه: الاستشهاد به.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ستة أحاديث:
الأول منها للاستدلال، والباقي للاستشهاد، وكلها صحيحة.
والله سبحانه وتعالى أعلم