المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(31) - (248) - باب من أحق بالإمامة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة كتاب الأذان (1)

- ‌(1) - (218) - بَابُ الرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(2) - (219) - بَابُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ

- ‌(3) - (220) - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ

- ‌فائدة

- ‌(4) - (221) - بَابُ السُّجُودِ

- ‌(5) - (222) - بَابُ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(6) - (223) - بَابُ الاعْتِدَالِ فِي السُّجُودِ

- ‌(7) - (224) - بَابُ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (225) - بَابُ مَا يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌(9) - (226) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌(10) - (227) - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(11) - (228) - بَابُ مَا يُقَالُ فِي التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) - (229) - بَابُ الْإِشَارَةِ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌(13) - (230) - بَابُ التَّسْلِيمِ

- ‌فائدة

- ‌(14) - (231) - بَابُ مَنْ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً

- ‌(15) - (232) - بَابُ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ

- ‌(16) - (233) - بَاب: لَا يَخُصُّ الْإِمَامُ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ

- ‌(17) - (234) - بَابُ مَا يُقَالُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(18) - (235) - بَابُ الانْصِرَافِ مِنَ الصَّلَاةِ

- ‌(19) - (236) - بَاب: إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَوُضِعَ الْعَشَاءُ

- ‌(20) - (237) - بَابُ الْجَمَاعَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ

- ‌فرع

- ‌(21) - (238) - بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ

- ‌(22) - (239) - بَابُ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي

- ‌(23) - (240) - بَابُ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(24) - (241) - بَابٌ: ادْرَأْ مَا اسْتَطَعْتَ

- ‌(25) - (242) - بَابُ مَنْ صَلَّى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ

- ‌(26) - (243) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُسْبَقَ الْإِمَامُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(27) - (244) - بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(28) - (245) - بَابُ مَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كارِهُونَ

- ‌(29) - (246) - بَاب: الاثْنَانِ جَمَاعَةٌ

- ‌(30) - (247) - بَابُ مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ

- ‌(31) - (248) - بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ

- ‌(32) - (249) - بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ

- ‌(33) - (250) - بَابٌ: مَنْ أَمَّ قَوْمًا. . فَلْيُخَفِّفْ

- ‌(34) - (251) - بَابُ الْإِمَامِ يُخَفِّفُ الصَّلَاةَ إِذَا حَدَثَ أَمْرٌ

- ‌(35) - (252) - بَابُ إِقَامَةِ الصُّفُوفِ

- ‌(36) - (253) - بَابُ فَضلِ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ

- ‌(37) - (254) - بَابُ صُفُوفِ النِّسَاءِ

- ‌(38) - (255) - بَابُ الصَّلَاةِ بَيْنَ السَّوَارِي فِي الصَّفِّ

- ‌(39) - (256) - بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ

- ‌(40) - (257) - بَابُ فَضْلِ مَيْمَنَةِ الصَّفِّ

- ‌(41) - (258) - بَابُ الْقِبْلَةِ

- ‌(42) - (259) - بَابٌ: مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ .. فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ

- ‌(43) - (260) - بَابٌ: مَنْ أَكلَ الثُّومَ .. فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسْجِدَ

- ‌(44) - (261) - بَابُ الْمُصَلِّي يُسَلَّمُ عَلَيْهِ كيْفَ يَرُدُّ

- ‌(45) - (262) - بَابُ مَنْ يُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ

- ‌(46) - (263) - بَابُ الْمُصَلِّي يَتَنَخَّمُ

- ‌(47) - (264) - بَابُ مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ

- ‌(48) - (265) - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌(49) - (266) - بَابُ السُّجُودِ عَلَى الثِّيَابِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ

- ‌(50) - (267) - بَابُ التَّسْبِيحِ لِلرِّجَالِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(51) - (268) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ

- ‌(52) - (269) - بَابُ كَفِّ الشَّعْرِ وَالثَّوْبِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(53) - (270) - بَابُ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(54) - (271) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثوْبِ الْوَاحِدِ

- ‌(55) - (272) - بَابُ سُجُودِ الْقُرْآنِ

- ‌(56) - (273) - بَابُ عَدَدِ سُجُودِ الْقُرْآنِ

- ‌(57) - (274) - بَابُ إِتْمَامِ الصَّلَاةِ

- ‌(58) - (275) - بَابُ تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ

- ‌(59) - (276) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ

- ‌فائدة

- ‌(60) - (277) - بَابُ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ

الفصل: ‌(31) - (248) - باب من أحق بالإمامة

(31) - (248) - بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ

(110)

- 959 - (1) حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَصَاحِبٌ

===

(31)

- (248) - (باب من أحق بالإمامة)

(110)

- 959 - (1)(حدثنا بشر بن هلال الصواف) أبو محمد النميري -مصغرًا- ثقة، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين ومئتين (247 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا يزيد بن زريع) -بتقديم الزاي مصغرًا- البصري، أبو معاوية التيمي العيشي، يقال له: ريحانة البصرة، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن خالد) بن مهران أبي المنازل -بفتح الميم، وقيل: بضمها وكسر الزاي- البصري (الحذاء) -بفتح المهملة وتشديد الذال المعجمة- وقيل له ذلك؛ لأنه كان يجلس عندهم، ثقة يرسل، من الخامسة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي البصري، ثقة، فاضل كثير الإرسال، من الثالثة، مات بالشام هاربًا من القضاء سنة أربع ومئة (104 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن مالك بن الحويرث) -مصغرًا- أبي سليمان الليثي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، مات سنة أربع وسبعين (74 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله من الثقات.

(قال) مالك بن الحويرث: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب)

ص: 291

لِي، فَلَمَّا أَرَدْنَا الانْصِرَافَ. . قَالَ لَنَا:"إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ. . فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا".

===

أي: رفيق (لي فلما أردنا) نحن (الانصراف) والرجوع من عنده صلى الله عليه وسلم -كما في رواية مسلم- إلى قومنا. . (قال لنا: إذا حضرت الصلاة) المكتوبة ودخل وقتها. . (فأذنا وأقيما) أي: فليؤذن أحدكما وليقم، قال السندي: والمعنى يجوز لكل منكما الأذان والإقامة أيكما فعل حصل، ولا يختص بأكبركما كالإمامة، (وليؤمكما أكبركما) سنًا يدل على تساويهما في شروط الإمامة، ورجح أحدهما بالسن، وهذه الرواية تعارض رواية:(أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة) إلا أن يجمع بينهما بأن الوفادة كانت مرتين، أو كانت واحدة غير أن ذلك الفعل تكرر منه ومن النبي صلى الله عليه وسلم على ما ذكر، والله أعلم. انتهى من "المفهم".

قال السندي: ووجه تخصيص الأكبر في الإمامة: هو أنهما كانا متقاربين في سائر الأشياء الموجبة للتقدم؛ كالأقرئية، والأعلمية بالسنة. انتهى.

وقوله: "فأذنا وأقيما" يدل على تأكد الأذان والإقامة، وإن لم يكن في المساجد، بل في السفر، وكافة العلماء على استحباب الأذان للمسافر، إلا عطاء؛ فإنه قال: إذا لم يؤذن ولم يقم. . أعاد الصلاة، وحكى الطبري عن مالك في المسافر أنه يعيد إذا ترك الأذان، ومشهور مذهبه الاستحباب. انتهى من "الكوكب".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع كثيرة؛ منها في كتاب الأذان، وكتاب الجهاد، وكتاب الأدب في مواضع كثيرة، ومسلم أخرجه في كتاب المساجد، باب من أحق بالإمامة، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأذان في السفر، والنسائي في كتاب الأذان، باب أذان المنفردين في السفر.

ص: 292

(111)

- 960 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَوْسَ بْنَ ضَمْعَجٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَؤُمُّ الْقَوْمَ

===

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث مالك بن الحويرث بحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(111)

- 960 - (2)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري.

(حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري، ربيب شعبة.

(حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي البصري.

(عن إسماعيل بن رجاء) بن ربيعة الزبيدي -بضم الزاي- أبي إسحاق الكوفي، ثقة، تكلم فيه الأزدي بلا حجة، من الخامسة. يروي عنه:(م عم).

(قال) إسماعيل: (سمعت أوس بن ضمعج) -بفتح المعجمة وسكون الميم بعدها مهملة مفتوحة ثم جيم بوزن جعفر- معناه في أصله ناقة غليظة، الكوفي، حضرمي أو نخعي، ثقة مخضرم، من الثانية، مات سنة أربع وسبعين (74 هـ). يروي عنه:(م عم).

(قال) أوس: (سمعت أبا مسعود) الأنصاري الخزرجي عقبة بن عمرو بن ثعلبة المدني، البدري رضي الله تعالى عنه، مات قبل الأربعين وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(يقول) أبو مسعود: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم

ص: 293

أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمْ سَوَاءً. . فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً،

===

أقرؤهم لكتاب الله) تعالى؛ أي: أكثرهم قرآنًا وأجودهم قراءة، قال الطيبي: هذا خبر بمعنى الأمر؛ أي: ليؤمهم أقرؤهم لكتاب الله، والظاهر أن المراد به: أكثرهم له حفظًا، ويدل على ذلك ما رواه الطبراني في "الكبير" -ورجاله رجال الصحيح- عن عمرو بن سلمة أنه قال: انطلقت مع أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام قومه، فكان فيما أوصانا:"ليؤمكم أكثركم قرآنًا" فكنت أكثرهم، فقدموني، وأخرجه البخاري وأبو داوود والنسائي، وقيل: أحسنهم قراءة، وإن كان أقلهم حفظًا، وقيل: أعلمهم بأحكامه. انتهى "عون".

قال الحافظ ابن حجر: ولا يخفى أن محل تقديم الأقرأ إنما هو حيث يكون عارفًا بما يتعين معرفته من أحوال الصلاة، فأما إذا كان جاهلًا بذلك. . فلا يقدم اتفاقًا، والسبب فيه أن أهل ذلك العصر كانوا يعرفون معاني القرآن؛ لكونهم أهل اللسان، فالأقرأ منهم بل القارئ كان أفقه في الدين من كثير من الفقهاء الذين جاؤوا من بعدهم. انتهى كلام الحافظ.

(فإن كانت قراءتهم) أي: في مقدارها أو في حسنها أو في العلم بها على الخلاف المار (سواء) أي: مستوية في ذلك، (فليؤمهم أقدمهم) أي: أسبقهم (هجرة) أي: انتقالًا من مكة إلى المدينة قبل "الفتح"، فمن هاجر أولًا. . فشرفه أكثر ممن هاجر بعده، قال تعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} والآية (1)، هذه الزيادة فيها فضيلة الهجرة، قال الخطابي: وإن كانت الهجرة اليوم قد انقطعت ففضيلتها باقية على أبنائهم، فمن كان من أبنائهم أو كان في آبائه وأسلافه من له سابقة وقدم في الإسلام. . فهو مقدم على غيره، وقال صاحب "العون": قوله: (فأقدمهم هجرة) هذا شامل لمن تقدم هجرة

(1) سورة الحديد: (10).

ص: 294

فَإِنْ كَانَتِ الْهِجْرَةُ سَوَاءً. . فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا، وَلَا يُؤَمَّ الرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ وَلَا فِي سُلْطَانِهِ،

===

سواء كان في زمنه صلى الله عليه وسلم أو بعده؛ كمن يهاجر من دار الكفر إلى دار الإسلام، وأما حديث:"لا هجرة بعد الفتح". . فالمراد به الهجرة من مكة إلى المدينة، أو المعنى: لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح، وهذا لا بد منه للجمع بين الأحاديث. انتهى.

قال ابن الملك: والمعتبر اليوم الهجرة المعنوية؛ وهي الهجرة من المعاصي، فيكون الأورع أولى، كما في "المرقاة"، قال السندي: قوله: "أقدمهم هجرة" إما لأن القدم في الهجرة له شرف يقتضي التقديم، أو لأن من تقدمت هجرته فلا يخلو عن علم غالبًا بالنسبة إلى من تأخر، وقد جاء في بعض الرواية بعد الأقرأ:(الأعلم بالسنة)، فالظاهر أن في هذه الرواية اختصارًا، والله أعلم، وحملوا السنة على أحكام الصلاة. انتهى منه.

(فإن كانت الهجرة) أي: هجرتهم (سواء) أي: مستوية لا سابقية لبعضها على بعض؛ أي: كانوا مستوين فيها. . (فليؤمهم أكبرهم) أي: أسبقهم (سنًا) في الإسلام، وفي رواية مسلم:(فإن كانوا في الهجرة سواء) أي: مستوين. . (فأقدمهم) أي: أسبقهم (سِلمًا) أي: إسلامًا، وإن كان أصغرهم سنًا، فهو اسم مصدر لأسلم الرباعي؛ لأن ذلك فضيلة يرجح بها، (ولا يؤم الرجل) بالبناء للمجهول، واللفظ نهي أو نفي؛ أي: لا يكون إمامًا للرجل غيره (في أهله) ومنزله؛ لأن صاحب المنزل أحق من غيره، وإن كان غيره أفضل منه في صفات الإمامة، بأن كان أفقه منه وأقرأ وأورع، فصاحب المكان أحق من غيره، فإن شاء. . تقدم، وإن شاء. . قدم من يريد. انتهى "نواوي".

(ولا) يؤم الرجل أيضًا (في سلطانه) ومملكته؛ أي: لا يكون غيره إمامًا

ص: 295

وَلَا يُجْلَسْ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنٍ أَوْ بِإِذْنِهِ".

===

له في مملكته بلا إذن منه لعموم ولايته؛ لئلا يؤدي إلى التباغض والتنازع الذي شرع الإجماع لرفعه، (ولا يجلس) بالبناء للمجهول أيضًا (على تكرمته) وفراشه وسجادته وسريره وكرسيه وما يعد لإكرامه من وطاء ونحوه، ووجه هذا المنع أنه مبني على منع التصرف في ملك الغير إلا بإذنه، غير أنه خص التكرمة بالذكر للتساهل في القعود عليها، وإذا منع القعود عليها فمنع التصرف بنقلها مثلًا أو بيعها أولى. انتهى "مفهم".

وفي "السندي": التكرمة: الموضع المعد لجلوس الرجل عليه (في بيته) خص به إكرامًا له؛ أي: لا يقعد على موضع أعد له في بيته بوضع وسادة يتكئ عليها أو بإلقاء ما يجلس عليه (إلا بإذن) منه صريحا أو بقرينة، و (أو) في قوله:(أو بإذنه) أي: بإذن صاحب البيت. . للشك من الراوي في أي الكلمتين قال النبي صلى الله عليه وسلم، والجار والمجرور فيه متعلق بالفعلين؛ أعني: قوله: "ولا يؤم الرجل في أهله"، وقوله:"ولا يجلس على تكرمته"، وقيل: بالثاني فقط، فلا تجوز الإمامة إلا لصاحب البيت وإن أذن. انتهى "سندي".

وفي "التحفة": قلت: كل من قال: إن صاحب المنزل إذا أذن لغيره. . فلا بأس أن يصلي بهم يقول: إن قوله: "إلا بإذنه" متعلق بجميع ما تقدم، وكل من لم يقل به يقول: إنه متعلق بقوله: "ولا يجلس" فقط. انتهى منه.

قوله: "ولا يؤم الرجل في سلطانه" أي: في محل سلطنته وولايته، فهذا في الجمعات والأعياد؛ لتعلق هذه الأمور بالسلاطين، فأما في الصلوات الخمس. . فأعلمهم أولاهم بالإمامة، فإن جمع السلطان هذه الفضائل كلها. . فهو أولاهم بالإمامة، وكان أحمد بن حنبل يرى الصلاة خلف أئمة الجور ولا يراها خلف أهل البدع، وقولنا:(وهذا في الجمعات والأعياد. . .) إلى آخره، قال القاضي

ص: 296

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

عياض: وهذا مما لا يوافق عليه، بل الصلاة لصاحب السلطنة والولاية حق من حقه، وإن حضر أفضل منه، وقد تقدم الأمراء من عهد النبي صلى الله عليه وسلم فمن بعدهم على من تحت أيديهم وفيهم الأفضل منهم. انتهى "نووي".

وقد يؤول قوله: "ولا في سلطانه" بمعنى ما يتسلط عليه الرجل من ملكه في بيته، أو بكونه إمام مسجد قومه، والمعنى حينئذ: أن صاحب البيت والمجلس وإمام المسجد أحق من غيره وإن كان ذلك الغير أفقه وأقرأ وأورع منه، وصاحب المكان أحق، فإن شاء. . تقدم، وإن شاء. . قدم من يريد، وإن كان الذي يقدمه مفضولًا بالنسبة إلى باقي الحاضرين؛ لأنه سلطانه فيتصرف كيف شاء. انتهى "نووي".

وهذا الحديث يفيد تقدم الأقرأ، وغالب الفقهاء على تقدم الأعلم، ولهم عن هذا الحديث جوابان: النسخ بإمامة أبي بكر مع أن أقرأهم أبي بن كعب وكان أبو بكر أعلمهم، كما قال أبو سعيد الخدري. ودعوى أن الحكم مخصوص بالصحابة، أو كان أقرؤهم أعلمهم؛ لكونهم يأخذون القرآن بالمعاني، وبين الجوابين تناقض لا يخفى، ولفظ الحديث يفيد عموم الحكم. انتهى "سندي".

قوله: "فليؤمهم أكبرهم سنًا" أي: يقدم في الإمامة من كبر سنه في الإسلام؛ لأن ذلك فضيلة يرجح بها، قال ابن الملك: وإنما جعل الأسن مقدمًا؛ لأن في تقديمه تكثير الجماعة. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة، والترمذي في أبواب الصلاة، باب من أحق بالإمامة، قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي سعيد وأنس بن مالك ومالك بن الحويرث وعمرو بن سلمة،

ص: 297

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال أبو عيسى: وحديث أبي مسعود حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث مالك بن الحويرث.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول منهما للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 298