المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(55) - (272) - باب سجود القرآن - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة كتاب الأذان (1)

- ‌(1) - (218) - بَابُ الرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(2) - (219) - بَابُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ

- ‌(3) - (220) - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ

- ‌فائدة

- ‌(4) - (221) - بَابُ السُّجُودِ

- ‌(5) - (222) - بَابُ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(6) - (223) - بَابُ الاعْتِدَالِ فِي السُّجُودِ

- ‌(7) - (224) - بَابُ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (225) - بَابُ مَا يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌(9) - (226) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌(10) - (227) - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(11) - (228) - بَابُ مَا يُقَالُ فِي التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) - (229) - بَابُ الْإِشَارَةِ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌(13) - (230) - بَابُ التَّسْلِيمِ

- ‌فائدة

- ‌(14) - (231) - بَابُ مَنْ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً

- ‌(15) - (232) - بَابُ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ

- ‌(16) - (233) - بَاب: لَا يَخُصُّ الْإِمَامُ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ

- ‌(17) - (234) - بَابُ مَا يُقَالُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(18) - (235) - بَابُ الانْصِرَافِ مِنَ الصَّلَاةِ

- ‌(19) - (236) - بَاب: إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَوُضِعَ الْعَشَاءُ

- ‌(20) - (237) - بَابُ الْجَمَاعَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ

- ‌فرع

- ‌(21) - (238) - بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ

- ‌(22) - (239) - بَابُ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي

- ‌(23) - (240) - بَابُ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(24) - (241) - بَابٌ: ادْرَأْ مَا اسْتَطَعْتَ

- ‌(25) - (242) - بَابُ مَنْ صَلَّى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ

- ‌(26) - (243) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُسْبَقَ الْإِمَامُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(27) - (244) - بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(28) - (245) - بَابُ مَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كارِهُونَ

- ‌(29) - (246) - بَاب: الاثْنَانِ جَمَاعَةٌ

- ‌(30) - (247) - بَابُ مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ

- ‌(31) - (248) - بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ

- ‌(32) - (249) - بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ

- ‌(33) - (250) - بَابٌ: مَنْ أَمَّ قَوْمًا. . فَلْيُخَفِّفْ

- ‌(34) - (251) - بَابُ الْإِمَامِ يُخَفِّفُ الصَّلَاةَ إِذَا حَدَثَ أَمْرٌ

- ‌(35) - (252) - بَابُ إِقَامَةِ الصُّفُوفِ

- ‌(36) - (253) - بَابُ فَضلِ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ

- ‌(37) - (254) - بَابُ صُفُوفِ النِّسَاءِ

- ‌(38) - (255) - بَابُ الصَّلَاةِ بَيْنَ السَّوَارِي فِي الصَّفِّ

- ‌(39) - (256) - بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ

- ‌(40) - (257) - بَابُ فَضْلِ مَيْمَنَةِ الصَّفِّ

- ‌(41) - (258) - بَابُ الْقِبْلَةِ

- ‌(42) - (259) - بَابٌ: مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ .. فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ

- ‌(43) - (260) - بَابٌ: مَنْ أَكلَ الثُّومَ .. فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسْجِدَ

- ‌(44) - (261) - بَابُ الْمُصَلِّي يُسَلَّمُ عَلَيْهِ كيْفَ يَرُدُّ

- ‌(45) - (262) - بَابُ مَنْ يُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ

- ‌(46) - (263) - بَابُ الْمُصَلِّي يَتَنَخَّمُ

- ‌(47) - (264) - بَابُ مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ

- ‌(48) - (265) - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌(49) - (266) - بَابُ السُّجُودِ عَلَى الثِّيَابِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ

- ‌(50) - (267) - بَابُ التَّسْبِيحِ لِلرِّجَالِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(51) - (268) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ

- ‌(52) - (269) - بَابُ كَفِّ الشَّعْرِ وَالثَّوْبِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(53) - (270) - بَابُ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(54) - (271) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثوْبِ الْوَاحِدِ

- ‌(55) - (272) - بَابُ سُجُودِ الْقُرْآنِ

- ‌(56) - (273) - بَابُ عَدَدِ سُجُودِ الْقُرْآنِ

- ‌(57) - (274) - بَابُ إِتْمَامِ الصَّلَاةِ

- ‌(58) - (275) - بَابُ تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ

- ‌(59) - (276) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ

- ‌فائدة

- ‌(60) - (277) - بَابُ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ

الفصل: ‌(55) - (272) - باب سجود القرآن

(55) - (272) - بَابُ سُجُودِ الْقُرْآنِ

(180)

- 1029 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ .. اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ؛

===

(55)

- (272) - (باب سجود القرآن)

(180)

- 1029 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه (ع).

(عن الأعمش) سليمان بن مهران.

(عن أبي صالح) ذكوان الزيات القيسي مولاهم المدني.

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قرأ ابن آدم) المسلم آية (السجدة فسجد) لتلاوتها امتثالًا لأمره تعالى وخضوعًا وطاعة له تعالى .. (اعتزل) أي: ابتعد (الشيطان) أي: تباعد إبليس عنه كما يتباعد عنه عند الأذان وله ضُراط، حالة كون الشيطان (يبكي) ويحزن حسدًا لطاعته وإيمانه وامتثاله أمر ربه.

وقوله: (يقول) حال من فاعل يبكي، فيكون حالًا متداخلة؛ أي: حالة كون الشيطان يقول في بكائه، أو حال من الشيطان، فيكون حالًا مترادفة؛ أي: حال كون الشيطان يقول: (يا ويله) أي: يا ويلي ويا هلاكي؛ احضر إلي لأتعجب

ص: 462

أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ".

===

منك فهذا أوانك، والأصل هنا ضمير المتكلم، وأتى بدله بضمير الغائب صونًا لنفسه عن إضافة السوء إليها؛ لأنه مما يُستهجن عند البلغاء، ونداء غير العاقل يكون للتعجب، ونُصب على أنه منادىً، وضمير الغيبة بدل من ياء المتكلم في محل الجر مضاف إليه، وعبارة النووي: وقوله: (يا ويله) هو من آداب الكلام؛ وهو أنه إذا عرض في الحكاية عن الغير ما فيه سوء، واقتضت الحكاية رجوع الضمير إلى المتكلم .. صرف الحاكي الضمير عن نفسه تصاونًا عن صورة إضافة السوء إلى نفسه. انتهى.

وفي رواية: (يا ويلتاه) والألف فيها للندبة، والهاء للسكت، وهذا في رواية أبي بكر بن أبي شيبة، وفي رواية أبي كريب فهو:(يا ويلي) بكسر اللام على الأصل في كسر ما قبل ياء المتكلم للمناسبة؛ مثل يا أبي ويا أمي، وبفتحها بقلب الياء ألفًا للتخفيف بعد قلب الكسرة فتحة؛ ليسهل القلب وهذه الألف ضمير المتكلم في محل الجر مضاف إليه مبني، وبهذه الألف ألغز بعضهم، فقال: ما ألف وقعت ضمير متكلم وهي في محل جر، وقد بسطنا الكلام على هذا اللغز والجواب عنه في رسالتنا "هدية أولي العلم والإنصاف في إعراب المنادى المضاف"، فراجعها إن أردت إتقان ما في المقام.

(أُمر ابن آدم) أي: أمره ربه (بالسجود) للتلاوة أمر ندب عند قراءة آية السجدة، (فـ) أجاب أمر ربه، و (سجد) السجود الذي هو من شعب الإيمان، (فله الجنة) دار الكرامة جزاءً له على طاعته وسجوده، (وأُمرت) أنا؛ أي: أمرني ربي (بالسجود) أي: سجود انحناء تحية لادم، أو بالسجود الشرعي لله تعالى وآدم قبلة كالكعبة، (فأبيت) السجود؛ أي: امتنعت من إجابة أمر ربي بالسجود وعاندته وكفرت به واستكبرت عن السجود لآدم، (فلي النار) دار

ص: 463

(181)

- 1030 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ

===

الذل والإهانة جزاء على إبائي وكفري وامتناعي من السجود الذي هو من شعب الإيمان.

قال الأبي: والأظهر في الشيطان أنه إبليس؛ لقوله: (فعصيت) ولم يبك ندمًا، بل حسدًا أنه دخل الجنة بالسبب الذي هو عصى به.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، وأحمد (2/ 440 و 443).

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(181)

- 1030 - (2)(حدثنا أبو بكر) محمد (بن خلاد) بن كثير (الباهلي) البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م د س ق).

(حدثنا محمد بن يزيد بن خُنيس) -مصغرًا- المخزومي مولاهم المكي، مقبول، وكان من العُباد، من التاسعة، تأخر إلى بعد العشرين ومئتين. يروي عنه:(ت ق).

(عن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد) المكي، مقبول، من التاسعة. يروي عنه:(ت ق).

ص: 464

قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ جُرَيْج: يَا حَسَنُ؛ أَخْبَرَنِي جَدُّكَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي أُصَلِّي إِلَي أَصْلِ شَجَرَةٍ، فَقَرَأْتُ (السَّجْدَةَ)، فَسَجَدْتُ فَسَجَدَتِ الشَّجَرَةُ لِسُجُودِي،

===

(قال) الحسن: (قال لي) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي، ثقة، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(يا حسن؛ أخبرني) إياي (جدك عبيد الله بن أبي يزيد) المكي مولى آل قارظ بن شيبة، ثقة كثير الحديث، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ)، وله ست وثمانون سنة. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه مقبولين.

(قال) ابن عباس: (كنت) يومًا (عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه) أي: فجاءه صلى الله عليه وسلم (رجل) من المسلمين، قال ميرك: هو أبو سعيد الخدري، كما جاء مصرحًا به في روايته، وقد أبعد من قال: إنه ملك من الملائكة، قاله الشيخ الجزري في "تصحيح المصابيح"، كذا في "المرقاة". انتهى من "التحفة".

(فقال) ذلك الرجل: (إني رأيت) يا رسول الله في المنام (البارحة) أي: في هذه الليلة الماضية قريبًا (فيما يرى النائم) من المنام؛ أي: رأيت نفسي في المنام (كأني أصلي) مستقبلًا (إلى أصل شجرة) من الأشجار، (فقرأت) آية (السجدة، فسجدت) أنا لقراءتي، (فسجدت الشجرة لسجودي) يحتمل أن تكون السجدة صلاتية شرعية، والأظهر أنها سجدة تلاوة، وأن الآية آية (ص). انتهى من "التحفة".

ص: 465

فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ: اللَّهُمَّ؛ احْطُطْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاكْتُبْ لِي بِهَا أَجْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ (السَّجْدَةَ) فَسَجَدَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَهُ الرَّجُلُ عَنْ قَوْلِ الشَّجَرَةِ.

===

قال الرجل: (فسمعتها) أي: سمعت تلك الشجرة (تقول) في سجودها: (اللهم؛ احطط) أي: أسقط وأقلْ وحط (عني بها) أي: بهذه السجدة (وزرًا) أي: ذنبًا عملته فيما مضى، (واكتب لي بها) أي: بسبب هذه السجدة عندك (أجرًا) أي: ثوابًا عظيمًا (واجعلها) أي: اجعل هذه السجدة (لي عندك ذخرًا) أي: كنزًا مدخرًا لي عندك، قيل: ذخرًا بمعنى أجرًا، وكرر؛ لأن مقام الدعاء يناسبه الإطناب، وقيل: الأول طلب كتابة الأجر، وهذا طلب بقائه سالمًا من محبط أو مبطل، قال القاري: هذا هو الأظهر، وقال الحسن بن محمد بن عبيد الله: قال ابن جريج: قال لي جدك: (قال ابن عباس) هكذا في رواية الترمذي: (فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ السجدة فسجد، فسمعته) صلى الله عليه وسلم (يقول في سجوده مثل) القول (الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة).

قال السندي: قوله: (فأتاه الرجل) قال الطيبي نقلًا عن التوربشتي: هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، وقد رُوي هذا الحديث عنه.

قلت: كأنه صلى الله عليه وسلم هو أوَّل الشجرة بنفسه الكريمة؛ لكونه شجرة الدين وأصله، فصلاة الرجل إلى أصل الشجرة هو اتباعه واقتداؤه به صلى الله عليه وسلم في الصلاة وغيرها من أمور الدين، وفي رواية:"كأني أُصلي خلف شجرة"، وقراءة السجدة هي قصة هذه الرؤيا عليه، وقد رأى أن الشجرة سجدت عند ذلك، وقالت ما قالت، فسجد صلى الله عليه وسلم عند قصة الرؤيا عليه، وقال ما قال، والله أعلم بحقيقة الحال.

ص: 466

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

(واحطط بها) أي: بسبب هذه السجدة أو في مقابلة هذه السجدة، ولفظ الترمذي هكذا:(اللهم؛ اكتب لي بها عندك أجرًا، وضع عني بها وزرًا، واجعلها عندك ذخرًا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داوود)، قال السيوطي في "حاشية الترمذي": قال القاضي أبو بكر بن العربي: عسر عليّ في هذا الحديث أن يقول أحد ذلك؛ فإن فيه طلب قبول ذلك، وأين ذلك اللسان، وأين تلك النية؟

قلت: ليس المراد المماثلة من كل وجه، بل في مطلق القبول، وقد ورد في دعاء الأضحية" وتقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك ومحمد نبيك" وأين المقام من المقام؟ ما أُريد بهذا إلا مطلق القبول. انتهى.

ولا يخفى أن اعتبار التشبيه في مطلق القبول يجعل الكلام قليل الجدوى، ولو قيل: وتقبلها مني قبولًا مثل ما تقبلتها من عبدك داوود في أن كلًّا منهما فرد من أفراد القبول .. لم يكن في التشبيه كثير فائدة، ولم يكن إلا تطويل بلا طائل، والأقرب أن يعتبر التشبيه في الكمال، ويعتبر الكمال في قبول كل بحسب مرتبته. انتهى "سندي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي؛ أخرجه في كتاب الصلاة، باب ما يقول في سجود القرآن، الحديث (579)، قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي سعيد أخرجه البيهقي، واختلف في وصله وإرساله وصوّب الدارقطني في "العلل" رواية حماد عن حميد عن بكر أن أبا سعيد رأى فيما يرى النائم

وذكر الحديث، كذا في "النيل" و"التلخيص"، وقال أبو عيسى أيضًا: هذا حديث غريب من حديث ابن عباس، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ورواه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه"، وأقره الذهبي على تصحيحه، كذا

ص: 467

(182)

- 1031 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ،

===

في "المرقاة"، وقال الحافظ في "التلخيص" بعد ذكر حديث الباب ما لفظه: رواه الترمذي والحاكم وابن حبان وابن ماجه، وفيه قصة الرؤيا، وضعَّفه العقيلي بالحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد، فقال: فيه جهالة. انتهى، انتهى من "تحفة الأحوذي".

قلت: فالحديث حسن السند؛ لما قدمنا، صحيح المتن؛ لأن له شواهد مما ذكرنا آنفًا، وغرض المؤلف بسوقه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة، والله أعلم.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنهما-، فقال:

(182)

- 1031 - (3)(حدثنا علي بن عمرو) بن الحارث بن سهل (الأنصاري) أبو هبيرة -بهاء وموحدة مصغرًا- البغدادي، صدوق له أوهام، من العاشرة، مات أول سنة ستين ومئتين (260 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا يحيى بن سعيد) بن أبان بن سعيد بن العاص (الأموي) أبو أيوب الكوفي، صدوق يغرب، من كبار التاسعة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ)، وله ثمانون سنة. يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي، ثقة، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن موسى بن عقبة) بن أبي عياش -بتحتانية ومعجمة- الأسدي مولى

ص: 468

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنِ ابن أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَجَدَ .. قَالَ:"اللَّهُمَّ؛ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، أَنْتَ رَبِّي، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي شَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ".

===

آل الزبير، ثقة فقيه إمام في المغازي، من الخامسة، مات سنة إحدى وأربعين ومئة (141 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن الفضل) بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني، ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الرحمن بن هرمز (الأعرج) الهاشمي مولاهم المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن ابن أبي رافع) عبيد الله بن أبي رافع، قيل اسمه: إبراهيم، وقيل ثابت، وقيل: هرمز، مولى النبي صلى الله عليه وسلم، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع).

(عن علي) بن أبي طالب رضي الله عنه.

وهذا السند من ثمانياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد .. قال) في سجوده: (اللهم؛ لك سجدت، وبك) أي: وبوحدانيتك (آمنت) أي: صدقت، (ولك) أي: ولأوامرك (أسلمت) أي: انقدت وامتثلت، (أنت) يا إلهي (ربي) أي: مالكي وخالقي، (سجد وجهي للذي) أي: للإله الذي (شق سمعه) أي: موضع سماعه (و) شق موضع (بصره) أي: إبصاره، (تبارك الله) أي: تزايد بره وإحسانه لعباده مرة بعد مرة (أحسن الخالقين) أي: المصورين والمقدرين؛ فإنه الخالق الحقيقي المنفرد بالإيجاد والإمداد، وغيره إنما يوجد صورًا مموهة

ص: 469

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ليس فيها شيء من حقيقة الخلق مع أنه تعالى خالق كل صانع وصنعته؛ كما قال: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (1)، وقال أيضًا:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (2).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم؛ أخرجه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل، رقم (201)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، رقم (760) مطولًا، والترمذي في كتاب الدعوات، باب (32)، رقم (342) مطولًا. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب نوع آخر من الذكر والدعاء بين التكبير والتطبيق، وابن خزيمة، والبغوي في "شرح السنة"، والطبراني.

ودرجته: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: ثلاثة:

الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

(1) سورة الصافات: (96).

(2)

سورة الزمر: (62).

ص: 470