الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(30) - (247) - بَابُ مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ
(107)
- 956 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا
===
(30)
- (247) - (باب من يستحب أن يلي الإمام)
(107)
- 956 - (1)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(دق).
(أنبأنا سفيان بن عيينة) الكوفي، ثقة، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن عمارة) بضم المهملة (ابن عمير) -مصغرًا- التيمي، الكوفي، ثقة ثبت، من الرابعة، مات بعد المئة، وقيل: قبلها بسنتين. يروي عنه: (ع).
(عن أبي معمر) عبد الله بن سخبرة -بفتح المهملة وسكون المعجمة وفتح الموحدة- الأزدي الكوفي، ثقة، من الثانية، مات في إمارة عبيد الله بن زياد. يروي عنه:(ع).
(عن أبي مسعود) عقبة بن عمرو بن ثعلبة (الأنصاري) البدري، الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنه، مات قبل الأربعين، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أبو مسعود: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا)
فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ: "لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى،
===
جمع منكب؛ وهو ما بين الكتف والعضد؛ أي: يمسحها ليعلم به استواء الصف واستقامته (في) القيام لـ (الصلاة) أي: يسوي مناكبنا في الصفوف ويعدلنا فيها، قال القاضي: وتسويتها سنة عمل بها الخلفاء بعده صلى الله عليه وسلم وشددوا فيها، حتى وكلوا بالصفوف من يسويها، فإذا استوت. . كبروا انتهى.
(و) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقول) لنا: سووا صفوفكم، وعدلوا مناكبكم و (لا تختلفوا) بمناكبكم بالتقدم والتأخر (فتختلف قلوبكم) بالفتن، كما وقع بعده صلى الله عليه وسلم، قال الأبي: وقوله: "فتختلف قلوبكم" بالنصب؛ لأن الفاء فيه فاء السببية الواقعة في جواب النهي؛ يعني: اختلاف الصفوف سبب لاختلاف القلوب، ويقول أيضًا:(ليليني منكم) بكسر اللامين وتشديد النون على التأكيد من الولي؛ وهو القرب والدنو، والمراد: بيان ترتيب القيام في الصفوف؛ أي: ليكن واليًا مني قريبًا إلي (أولو الأحلام) أي: أصحاب العقول الراجحة بالعلم (و) أولو (النهى) أي: وأصحاب العقول الخالصة عن الرذائل والصفات الخسيسة؛ أي: البالغون العقلاء.
والأحلام: جمع حلم بالكسر؛ لأن العقل الراجح ينسب للحلم والأناة والتثبت في الأمور، والنُّهى -بضم النون وفتح الهاء-: جمع نهية -بضم النون وسكون الهاء- نظير مدىً ومدية؛ وهي بمعنى العقل أيضًا، سمي بذلك؛ لأنه ينهى صاحبه عن القبيح، فالأحلام والنهى مترادفان بمعنىً واحد وهي العقول، وإنما خص صلى الله عليه وسلم هذا النوع بالتقديم على غيره؛ لأنهم الذين يتأتى منهم التبليغ، وأن يستخلف منهم إذا احتاج إليهم، وفي التنبيه على سهو إذا طرأ له في الصلاة، ولأنهم أحق بالتقدم ممن سواهم لفضيلة العقل والعلم. انتهى من "القرطبي".
ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ".
===
وقوله: "ليلني" أمر من الولي، كما مر آنفًا وهو القرب؛ أي: ليقرب مني، فالياء ساقطة للام الأمر، قال النووي: ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التوكيد؛ فرارًا من التقاء الساكنين. انتهى "ملا علي".
(ثم الذين يلونهم) أي: يقربونهم في هذا الوصف، قال الأبي: والأظهر أنه على الترتيب في أهل الصف الأول لا في الصفوف. انتهى؛ أي: يلي إلى جهة الإمام من أهل الصف الأول أولو الأحلام للأسباب السابقة، (ثم الذين يلونهم) أي: يلون من قبلهم من أهل المرتبة الثانية، وقال بعض الفقهاء: أولو الأحلام والنهى: الرجال البالغون، والذين يلونهم: الصبيان، والذين يلونهم: النساء، وهذا إنما يكون في ترتيبهم في الصفوف، قيل:(ثم الذين يلونهم) هم المراهقون، ثم الصبيان المميزون، ثم النساء، كذا في "السندي".
قال النووي: وفي هذا الحديث تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام، ولأنه أولى بالإكرام؛ لأنه ربما احتاج الإمام إلى الاستخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيره، وليضبطوا صفة الصلاة ويحفظوها وينقلوها ويعلموها الناس، وليقتدي بأفعالهم من وراءهم، ولا يختص هذا التقديم بالصلاة، بل السنة أن يقدم أهل الفضل في كل مجتمع إلى الإمام وكبير المجلس؛ كمجلس العلم، والقضاء، والذكر، والمشاورة، ومواقف القتال، وإمامة الصلاة، والتدريس، والإفتاء، وإسماع الحديث ونحوها، ويكون الناس فيها على مراتبهم في العلم والدين والعقل والشرف والسن والكفاءة في ذلك الباب، والأحاديث الصحيحة متعاضدة على ذلك، وفيه تسوية الصفوف واعتناء الإمام بها والحث عليها. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية
(108)
-957 - (2) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ يُحِبُّ أَنْ يَلِيَهُ الْمُهَاجِرُونَ
===
الصفوف، والترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء ليليني منكم أولو الأحلام، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف وكراهية التأخر، والنسائي في كتاب الإمامة، والدارمي.
فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي مسعود بحديث أنس رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(108)
-957 - (2)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي (الجهضمي) البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي، البصري، ثقة، من الثامنة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا حميد) بن أبي حميد الطويل، ثقة، يدلس، من الخامسة، مات سنة اثنتين ويقال: ثلاث وأربعين ومئة، وهو قائم يصلي. يروي عنه:(ع).
(عن أنس) بن مالك رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أنس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يليه المهاجرون
وَالْأَنْصَارُ؛ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ.
(109)
- 958 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ،
===
والأنصار) الكبار وأهل الفضل، لا الأعراب وأمثالهم من الصغار؛ (ليأخذوا عنه) أفعال صلاته وينقلوها عنه ويعلموها الناس.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن رواه الحاكم في "المستدرك" عن أبي بكر بن إسحاق عن أبي المثنى عن مسدد عن يزيد بن زريع عن حميد بالإسناد والمتن، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وله شاهد في "صحيح مسلم" في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف. . . إلى آخره، والترمذي في أبواب الصلاة من حديث ابن مسعود، قال: وفي الباب عن أبي بن كعب وأبي مسعود والبراء وأنس وأحمد بن حنبل.
فدرجته: أنه صحيح، لصحة سنده، ولأن له شواهد، فغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث أبي مسعود الأنصاري.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثاثيًا لحديث أبي مسعود الأنصاري بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(109)
- 958 - (3)(حدثنا أبو غريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي.
(حدثنا) يحيى بن زكريا (بن أبي زائدة) خالد الهمداني -بسكون الميم- أبو سعيد الكوفي، ثقة متقن، من كبار التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع وثمانين ومئة (184 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي الأشهب) العطاردي جعفر بن حيان السعدي البصري، مشهور
عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي أَصْحَابهِ تَأَخُّرًا فَقَالَ:"تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ؛ لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ".
===
بكنيته، ثقة، من السادسة، مات سنة خمس وستين ومئة (165 هـ)، وله خمس وتسعون سنة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي نضرة) -بنون ومعجمة ساكنة- منذر بن مالك بن قطعة -بضم القاف وفتح المهملة- العبدي العوقي -بفتح المهملة والواو ثم قاف- البصري مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة، مات سنة ثمان أو تسع ومئة (109 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن أبي سعيد) الخدري رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في) الصف الأول من (أصحابه تأخرًا) عنه (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل الصف الأول: (تقدموا) أي: تقربوا إلي (فأتموا بي) أي: فاقتدوا بي في أفعال صلاتي، (وليأتم بكم) أي: وليقتد بكم (من بعدكم) من الصفوف المتأخرة؛ (لا يزال قوم) من المصلين جماعة (يتأخرون) عمن قدامهم من الصفوف (حتى يؤخرهم الله) تعالى يوم القيامة عن رحمته أو جنته. انتهى "سندي" بتصرف.
وعبارة "الكوكب": (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في) قوم من (أصحابه تأخرًا) في أخريات المسجد (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لهم) أي: لأولئك المتأخرين: (تقدموا) في أوائل المسجد (فأتموا بي) أي: فاقتدوا بي في أفعال صلاتي واتبعوني فيها (وليأتم بكم من بعدكم)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أي: وليقتد بي أيضًا من وراءكم مستدلين على أفعال صلاتي بأفعالكم، ففيه جواز اعتماد المأموم في متابعة الإمام الذي لا يراه ولا يسمع صوته على مبلغ عنه، أو على صف قدامه يراه متابعًا للإمام، وقد تمسك الشعبي بظاهر هذا الحديث في قوله: إن كل صف منهم إمام لمن وراءه، وعامة الفقهاء لا يقولون بذلك؛ لأن ذلك الكلام مجمل؛ لأنه محتمل لأن يراد به الاقتداء في أفعال الصلاة، ولأن يراد به في نقل أفعاله وأقواله وسنته كي يبلغوها غيرهم، والشعبي دفع دعوى الإجمال وتمسك بالظاهر منه. انتهى "قرطبي"، (لا يزال قوم) من الحاضرين الصلاة معي (يتأخرون) في أخريات المسجد عن الصفوف الأولى (حتى يؤخرهم الله) تعالى عن رحمته، أو عظيم فضله، أو رفيع المنزلة، أو عن العلم، قال القرطبي: قيل هذا في المنافقين، ويحتمل أن يراد به أن الله تعالى يؤخرهم عن رتبة العلماء المأخوذ عنهم أو عن رتبة السابقين. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأذان، باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، وفضل الأول فالأول الحديث (981)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول الحديث (680)، وأخرجه النسائي في كتاب الإمامة، باب الائتمام بمن يأتم بالإمام الحديث (794). انتهى "تحفة الأشراف".
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث أبي مسعود.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم