الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(53) - (270) - بَابُ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ
(172)
- 1021 - (1) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ،
===
(53)
- (270) - (باب الخشوع في الصلاة)
(172)
- 1021 - (1)(حدثنا عثمان) بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي، أخو أبي بكر بن أبي شيبة، أسن منه بسنتين، ثقة، من العاشرة، مات سنة تسع وثلاثين ومئتين (239 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).
(حدثنا طلحة بن يحيى) بن النعمان بن أبي عياش الأنصاري الزرقي المدني سكن بغداد. روى عن: يونس بن يزيد الأيلي، ويروي عنه:(خ م د س ق)، وعثمان ابن أبي شيبة.
قال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال يعقوب بن شيبة: شيخ ضعيف، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق يهم، من السابعة.
(عن يونس) بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي -بفتح الهمزة وسكون التحتية بعدها لام- أبي يزيد الأموي مولاهم مولى آل أبي سفيان، ثقة، إلا أن في روايته عن الزهري وهمًا قليلًا، وفي غير الزهري خطأ، من كبار السابعة، مات سنة تسع وخمسين ومئة (159 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).
(عن الزهري) محمد بن مسلم المدني، ثقة إمام فاضل، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).
(عن سالم) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، أبي عمر
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَرْفَعُوا أَبْصَارَكُمْ إِلَى السَّمَاءِ أَنْ تَلْتَمِعَ"، يَعْنِي: فِي الصَّلَاةِ.
===
المدني، أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتًا عابدًا، من كبار الثالثة، مات في آخر سنة ست ومئة (106 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، وفي "الزوائد": إسناده ورجاله ثقات.
(قال) ابن عمر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ترفعوا أبصاركم إلى) جهة (السماء) مخافة (أن تلتمع) وتختطف وتختلس؛ (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم: لا ترفعوها (في الصلاة) إلى السماء مخافة اختطافها وأخذها بسرعة؛ عقوبة ما فعلته من الرفع، والتفسير من الراوي أو ممن دونه، قال السندي:"أن تلتمع" أي: لئلا تختلس وتختطف بسرعة، يقال: ألمعت بالشيء إذا أخذته واختلسته واختطفته بسرعة، ووجه النهي: أن في الصلاة شغلًا.
قال القرطبي: وهذا الحديث أيضًا وعيد بإعماء من رفع رأسه إلى السماء ولا فرق بين أن يكون الرفع عند الدعاء أو عند غيره؛ لأن الوعيد إنما تعلق به من حيث إنه إذا رفع بصره إلى السماء .. أعرض عن القبلة وخرج عن سمتها وعن هيئة الصلاة، وقد نقل بعض العلماء الإجماع على النهي عن ذلك، وحكى الطبراني كراهة رفع البصر في الدعاء إلى السماء في غير الصلاة، وحكي عن شريح أنه قال لمن رآه يفعله: اكفف يديك واخفض بصرك؛ فإنك لن تراه ولن تناله، وأجازهما الأكثر؛ لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة، وقد رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه ويديه إلى السماء عند الدعاء، فلا تنكر ذلك. انتهى من "الكوكب".
(173)
-1022 - (2) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا
===
قال البوصيري: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، رواه الطبراني في "الكبير"، ورواته رواة الصحيح، وكذا رواه ابن حبان في "صحيحه" من هذا الوجه، ورواه مسلم من حديث جابر بن سمرة، ورواه الترمذي في "جامعه" من حديث الفضل بن عباس، ورواه النسائي في "الصغرى" من حديث أنس.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد لحديث ابن عمر بحديث أنس رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(173)
-1022 - (2)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان الأزدي (الجهضمي) ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي أبو محمد البصري، ثقة، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا سعيد) بن أبي عروبة مهران، ثقة، من السادسة، مات سنة ست، وقيل: سبع وخمسين ومئة. يروي عنه: (ع).
(عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أنس: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا) من الأيام
بِأَصْحَابِهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ .. أَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ:"مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ؟ ! -حَتَّى اشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ- لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَيَخْطَفَنَّ اللهُ أَبْصَارَهُمْ".
===
(بأصحابه، فلما قضى الصلاة) وأتمها .. (أقبل على القوم بوجهه) الشريف، (فقال: ما بال أقوام) وشأنهم (يرفعون أبصارهم) في صلاتهم (إلى السماء؟ ! حتى اشتد)، وكرر (قوله في) شأن (ذلك) أي: في شأن رفع أبصارهم إلى السماء، والله (لينتهن) -بضم الهاء وتشديد النون- مضارع مؤكد بالنون، من الانتهاء وهو الانزجار عما نهى عنه؛ أي: لينزجرن أولئك الأقوام (عن ذلك) أي: عن رفع أبصارهم إلى السماء، (أو ليخطفن الله) أي: أو ليسلبن الله ويأخذن (أبصارهم) بسرعة؛ أي: أن أحد الأمرين واقع لا محالة، إما الانتهاء منهم، أو خطف أبصارهم من الله تعالى عقوبة على فعلهم.
والمعنى: أي: فليختاروا بين الانتهاء عن رفعها إلى السماء، أو بين عدم رجوع أبصارهم إليهم بعد نظرها إلى السماء فيبقون بلا أبصار، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم:"لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء"، وحديث أنس هذا مطلق فيقيد بما في حديث أبي هريرة؛ لأن المطلق يرد إلى المقيد؛ يعني: يرفعون أبصارهم عند الدعاء في الصلاة.
قوله: "أو ليخطفن الله" من الخطف؛ وهو السلب والأخذ بسرعة، قال تعالى:{يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} (1)، وفي الحديث النهي الأكيد عن رفع البصر إلى السماء عند الدعاء في داخل الصلاة بتهديد شديد. انتهى "كوكب".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب النظر في
(1) سورة البقرة: (20).
(174)
-1023 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ،
===
الصلاة، والنسائي في كتاب السهو، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والدارمي وأحمد.
ودرجة الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عمر.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(174)
-1023 - (3)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري (حدثنا عبد الرحمن) بن مهدي بن حسان الأزدي مولاهم أبو سعيد البصري، ثقة ثبت حافظ، عارف بالرجال والحديث، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ) بالبصرة، وكان يحج كل سنة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا سفيان) بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي، ثقة قارئ، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن المسيب بن رافع) الأسدي الكاهلي أبي العلاء الكوفي الأعمى، قال العجلي: كوفي تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة، من الرابعة، مات سنة خمس ومئة (105 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن تميم بن طرفة) -بفتح المهملتين- الطائي الكوفي، وقال في
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ أَوْ لَا تَرْجِعُ أَبْصَارُهُمْ".
(175)
- 1024 - (4) حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ
===
"التقريب": ثقة، من الثالثة، مات سنة خمس وتسعين (95 هـ). يروي عنه:(م د س ق).
(عن جابر بن سمرة) بن جنادة السوائي الكوفي الصحابي بن الصحابي رضي الله تعالى عنهما، مات بعد السبعين. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات أثبات.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لينتهين) أي: والله؛ لينزجرن (أقوام يرفعون أبصارهم) عند الدعاء في الصلاة عن رفعهم أبصارهم (إلى السماء، أو لا ترجع) إليهم (أبصارهم) بعد رفعها، فيبقون بلا أبصار؛ أي: فليختاروا بين الانتهاء عن رفعها إلى السماء، أو بين عدم رجوع أبصارهم إليهم بعد نظرهم إلى السماء فيبقون بلا أبصار.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة.
فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(175)
- 1024 - (4)(حدثنا حميد بن مسعدة) بن المبارك السامي -بالمهملة- أو الباهلي البصري، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربع وأربعين ومئتين (244 هـ). يروي عنه:(م عم).
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادِ قَالَا: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ تُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَسْنَاءُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَكَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَسْتَقْدِمُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَرَاهَا،
===
(وأبو بكر) محمد (بن خلاد) بن كثير الباهلي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(م د س ق).
(قالا: حدثنا نوح بن قيس) بن رباح الأزدي أبو روح البصري، صدوق رمي بالتشيع، من الثامنة، مات سنة ثلاث أو أربع وثمانين ومئة (184 هـ). يروي عنه:(م عم).
(حدثنا عمرو بن مالك) النكري -بضم النون وسكون الكاف- أبو يحيى البصري، صدوق له أوهام، من السابعة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن أبي الجوزاء) -بالزاي- أوس بن عبد الله الربعي -بفتح الموحدة- البصري، ثقة يرسل كثيرًا، من الثالثة، مات دون المئة، سنة ثلاث وثمانين (83 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) ابن عباس: (كانت امرأة) من الصحابيات، لم أر من ذكر اسمها (تصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم في صفوف النساء (حسناء) أي: جميلة (من أحسن الناس) أي: من أجملهم، (فكان بعض القوم) من الرجال (يستقدم) أي: يتقدم (في الصف الأول) أي: إلى الصف الأول، فالسين زائدة ليست للطلب؛ (لئلا يراها) أي: يرى تلك المرأة؛ خوفًا من الافتتان بها،
وَيَسْتَأْخِرُ بَعْضُهُمْ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ، فَإِذَا رَكَعَ .. قَالَ: هكَذَا يَنْظُرُ مِنْ تَحْتِ إِبْطِهِ، قَالَ اللهُ:{وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} فِي شَأْنِهَا.
===
(ويستأخر بعضهم) فالسين أيضًا زائدة؛ أي: يتأخر بعض القوم من أوائل الصفوف (حتى يكون في الصف المؤخر) من صفوف الرجال الذي يلي صفوف النساء، والله أعلم بم يتأخر.
(فإذا ركع) ذلك البعض المتأخر .. (قال) أي: فعل (هكذا) وفسر اسم الإشارة بقوله: أي (ينظر) إلى ورائه (من تحت إبطه، قال الله) أي: أنزل الله تعالى كما في رواية الترمذي، وبعض نسخ ابن ماجه قوله:{وَلَقَدْ عَلِمْنَا} قلوب {الْمُسْتَقْدِمِينَ} أي: خواطر المتقدمين {مِنْكُمْ} إلى الصف الأول، {وَلَقَدْ عَلِمْنَا} خواطر {الْمُسْتَأْخِرِينَ} (1)، أي: المتأخرين منكم إلى الصف الأخير، وقوله:(في شأنها) متعلق بقوله: قال الله؛ أي: فأنزل الله سبحانه في شأن تلك المرأة؛ أي: في شأن من حفظ نفسه من الافتتان بها وهم المستقدمون، وفي شأن من افتتن بها وهم المستأخرون.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي؛ أخرجه في كتاب تفسير القرآن (16)، باب ومن سورة الحجر، رقم (3122)، قال أبو عيسى: روى جعفر بن سليمان هذا الحديث عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء نحوه، ولم يذكر فيه عن ابن عباس، وهذا أشبه أن يكون أصح من حديث نوح، والنسائي في كتاب الإمامة، باب المنفرد خلف الصف، رقم (1869). انتهى "تحفة الأشراف".
قال ابن جرير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: اختلف أهل التأويل
(1) سورة الحجر: (24).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
في ذلك: فقال بعضهم: معنى ذلك: ولقد علمنا من مضى من الأمم فتقدم هلاكهم، ومن قد خُلق وهو حي، ومن لم يخلق بعد ممن سيخلق إلى يوم القيامة، ثم ذكر ابن جرير أسماء من قال بهذا القول من الأئمة المفسرين، ثم قال: وقال آخرون: عنى بالمستقدمين الذين قد هلكوا، والمستأخرين الأحياء الذين لم يهلكوا، ثم ذكر أسماء من قال بهذا القول.
ثم قال: وقال آخرون: بل معناه: ولقد علمنا المستقدمين في أول الخلف والمستأخرين في آخرهم، وذكر أسماء القائلين بهذا القول، ثم قال: وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولقد علمنا المستقدمين من الأمم والمستأخرين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر أسماء من قال بهذا القول، ثم قال: وقال آخرون: بل معناه: ولقد علمنا المستقدمين منكم في الخير والمستأخرين عنه، ثم ذكر أسماء من قال بهذا القول، ثم قال: وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولقد علمنا المستقدمين منكم في الصفوف في الصلاة والمستأخرين فيها بسبب النساء، ثم ذكر أسماء من قال بهذا القول.
ثم قال: وأولى الأقوال عندي في ذلك بالصحة قول من قال: معنى ذلك: ولقد علمنا الأموات منكم يا بني آدم فتقدم موته، ولقد علمنا المستأخرين الذين استأخر موتهم ممن هو حي ومن هو حادث منكم ممن لم يحدث بعد؛ لدلالة ما قبله من الكلام عليه؛ وهو قوله:{وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ} ، وما بعده؛ وهو قوله:{وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ} (1) على أن ذلك كذلك؛ إذ كان بين هذين الخبرين، ولم يجر قبل ذلك من الكلام ما يدل على خلافه ولا جاء بعد، وجائز أن تكون نزلت في شأن المستقدمين
(1) سورة الحجر: (23 - 25).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
في الصف لشأن النساء والمستأخرين فيه لذلك. انتهى كلام ابن جرير ملخصًا.
قلت: لو صح حديث ابن عباس هذا .. لكان هو أولى الأقوال، لكن الأشبه أنه قول أبي الجوزاء، كما صرح به الترمذي، قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" بعد ذكر حديث ابن عباس: هذا ما لفظه وهذا فيه نكارة شديدة، وكذا أحمد وابن أبي حاتم في "تفسيره"، ورواه الترمذي والنسائي في كتاب التفسير من "سننيهما" وابن ماجه من طرق عن نوح بن قيس الحداني، وقد وثقه أحمد وأبو داوود وغيرهما، وحكي عن ابن معين تضعيفه، وأخرج له مسلم وأهل السنن، وهذا الحديث فيه نكارة شديدة، وقد رواه عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك وهو النكري أنه سمع أبا الجوزاء يقول في قوله تعالى:{وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ} (1): في الصفوف في الصلاة والمستأخرين، والظاهر أنه من كلام أبي الجوزاء فقط ليس فيه لابن عباس ذِكرٌ، وقد قال الترمذي: هذا أشبه من رواية نوح بن قيس. انتهى من "تحفة الأحوذي".
قلت: وقد تحصل لنا مما ذكرنا أن هذا الحديث: ضعيف منكر (16)(124)، وإن صح سنده، فغرضه: الاستئناس به للترجمة.
* * *
فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول للاستدلال، والثانيان للاستشهاد، والأخير منكر ضعيف للاستئناس.
والله سبحانه وتعالى أعلم
(1) سورة الحجر: (24).