الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(5) - (222) - بَابُ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
(18)
- 867 - (1) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ الْغَافِقِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّي إِيَاسَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ
===
(5)
- (222) - (باب التسبيح في الركوع والسجود)
(18)
- 867 - (1)(حدثنا عمرو بن رافع) بن الفرات القزويني (البجلي) أبو حجر -بضم المهملة وسكون الجيم- ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا عبد الله بن المبارك) المروزي الحنظلي مولاهم، ثقة ثبت فقيه، عالم جواد مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة، مات سنة إحدى وثمانين ومئة (181 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن موسى بن أيوب) بن عامر (الغافقي) - بمحجمة وفاء ثم قاف - المصري، مقبول، من السادسة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(د ق).
(قال) موسى: (سمعت عمي إياس بن عامر) الغافقي - بالغين المعجمة - المصري، صدوق، من الثالثة. يروي عنه:(د ق).
(يقول: سمعت عقبة بن عامر الجهني) الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، اختلف في كنيته على سبعة أقوال: أشهرها أبو حماد، ولي إمرة مصر لمعاوية ثلاث سنين، وكان فقيهًا فاضلًا، مات في قرب الستين (60 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة.
يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} .. قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ"، فَلَمَّا نَزَلَتْ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} .. قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ".
===
أي: سمعت عقبة حالة كونه (يقول: لما نزلت) آية {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} ـ (1)، قال لنا) معاشر الصحابة (رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها) أي: اجعلوا التسبيح المستفاد من هذه الآية (في ركوعكم)، وجاء بيان ذلك التسبيح بحديث ابن مسعود الآتي في هذا الباب من قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا ركع أحدكم .. فليقل في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثًا"(فلما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (2) .. قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها) أي: اجعلوا التسبيح المستفاد من هذه الآية (في سجودكم)، وجاء بيان صيغتها بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود:"وإذا سجد أحدكم .. فليقل في سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثًا".
وعبارة "العون" هنا: (اجعلوها) أي: اجعلوا مضمون هذه الآية ومحصولها (في ركوعكم) يعني: قولوا: سبحان ربي العظيم، قال الفخر الرازي: معنى العظيم: الكامل في ذاته وصفاته، ومعنى الجليل: الكامل في صفاته، ومعنى الكبير: الكامل في ذاته، قوله:"اجعلوها في سجودكم" يعني: قولوا: سبحان ربي الأعلى ثلاثًا. انتهى منه.
قال السندي: قوله: "اجعلوها في ركوعكم" أي: اجعلوا التسبيح المستفاد منها في ركوعكم، وجاء بيان ذلك التسبيح بقوله:"سبحان ربي العظيم"، وهذا البيان يفيد أن لفظ الاسم في فوله تعالى:{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}
(1) سورة الواقعة: (74).
(2)
سورة الأعلى: (1).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
مقحم، وكذا قوله:"اجعلوها في سجودكم" وقد يقال: بيان الآية بهذا التسبيح مبني على أن مفعول (سبح) محذوف؛ أي: سبحه، وقوله:(باسم ربك) حال؛ أي: حال كونه ملتبسًا باسمه، والعظيم هو بيان الاسم، وهذا أقرب إلى تطبيق الآية بالبيان بعلمهم، فليفهم، إلا أنه لا يوافق آية السجود، ثم الأعلى وجه تخصيصه بالسجود؛ إذ الأعلى أبلغ من العظيم في المعنى، فجعل في الأبلغ تواضعًا وهو السجود، وأيضًا قد جاء:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"، فربما يتوهم قرب المسافة، فندب سبحان ربي الأعلى؛ دفعًا لذلك التوهم، وأيضًا في السجود غاية انحطاط من العبد، فيناسبه أن يصف فيه ربه بالعلو. انتهى من "السندي".
وعبارة "العون": والحكمة في تخصيص الركوع بالعظيم، والسجود بالأعلى: أن السجود لما كان فيه غاية التواضع؛ لما فيه من وضع الجبهة التي هي أشرف الأعضاء على مواطئ الأقدام .. كان أفضل من الركوع، فحسن تخصيصه بما فيه صيغة أفعل التفضيل وهو الأعلى، بخلاف العظيم؛ جعلًا للأبلغ مع الأبلغ، والمطلق مع المطلق.
قال الخطابي: في الحديث دلالة على وجوب التسبيح في الركوع والسجود؛ لأنه قد اجتمع في ذلك أمر الله سبحانه وبيان الرسول صلى الله عليه وسلم وترتيبه في موضعه من الصلاة، فتركه غير جائز، وإلى إيجابه ذهب بن راهويه، ومذهب أحمد بن حنبل قريب منه، وقد روي عن الحسن البصري نحو من هذا، فأما عامة الفقهاء مالك وأصحاب الرأي والشافعي .. فإنهم لم يروا تركه مفسدًا للصلاة. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب
(19)
- 868 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ
===
ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، رقم (869)، والدارمي، وابن حبان في "صحيحه"، وأحمد وابن خزيمة.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به، ولم نر علة من علل الحديث تقدح في سنده ومتنه.
* * *
ثم استشهد له المؤلف رحمه الله تعالى بحديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه، فقال:
(19)
- 868 - (2)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي مولاهم (المصري) ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).
(أنبأنا) عبد الله (بن لهيعة) بن عقبة الحضرمي أبو عبد الرحمن المصري القاضي، صدوق، من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه، مات سنة أربع وسبعين ومئة (174 هـ). يروي عنه:(م د ت ق).
(عن عبيد الله بن أبي جعفر) اسم أبيه يسار أبي بكر المصري، فقيه مولى بني كنانة أو أمية، ثقة، من الخامسة، مات سنة اثنتين، وقيل: أربع، وقيل: خمس، وقيل: ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه: (ع).
(عن أبي الأزهر) المصري، روى عن عمر وحذيفة وسلمان، ويروي عنه:(ق)، وعبيد الله بن أبي جعفر المصري، وموسى بن عبيدة الربذي، وهو مقبول، من الثانية، ولم أر من ذكر اسمه، ولعل كنيته اسمه.
(عن حذيفة بن اليمان) رضي الله تعالى عنه.
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا رَكَعَ: "سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ:"سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى"، ثَلَاثَ مَرَاتٍ.
(20)
- 869 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ،
===
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه ابن لهيعة، وهو مختلط.
(أنه) أي: أن حذيفة (سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول)، وكلمة (إذا) في قوله:(إذا ركع) .. ظرف مجرد عن معنى الشرط متعلقة بيقول؛ أي: سمعته يقول وقت ركوعه: (سبحان ربي العظيم ثلاث مرات)، وفي قوله:(وإذا سجد) شرطية جوابها جملة .. (قال: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم والترمذي والنسائي، قال في "تحفة الأحوذي": أما حديث حذيفة .. فقد أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه، وأخرجه الترمذي أيضًا في هذا الباب. انتهى.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بما قبله، وله شواهد وإن كان سنده ضعيفًا، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد ثانيًا لحديث عقبة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(20)
- 869 - (3)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).
حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ؛ اغْفِرْ لِي"، يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ.
===
(حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي ثم الرازي، ثقة صحيح الكتاب، من الثامنة، مات سنة ثمان وثمانين ومئة (188 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبو عتاب - بمثناة ثقيلة - الكوفي، ثقة ثبت وكان لا يدلس، من طبقة الأعمش من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح - مصغرًا - الهمداني مولاهم الكوفي، ثقة، من الرابعة، مات سنة مئة (100 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن مسروق) بن الأجدع بن مالك الهمداني الكوفي، ثقة، فقيه مخضرم، من الثانية، مات سنة اثنتين أو ثلاث وستين. يروي عنه:(ع).
(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قالت) عائشة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم؛ اغفر لي)، حالة كونه (يتأول) ويفسر بهذا الذكر قوله في (القرآن):{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (1)، ويمتثل أمر هذه الآية.
ومعنى قوله: (سبحانك اللهم) أي: أسبحك يا إلهي تسبيحًا، وأنزهك
(1) سورة النصر: (3).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
تنزيهًا، وأبرئك تبرئة من كل النقائص؛ أي: أعتقد نزاهتك من كل نقص يا (ربنا) ويا مالك أمرنا (و) الحال أني ملتبس (بحمدك) وثنائك ووصفك بكل وصف جميل، أو بهدايتك لي سبحتك، لا بحولي ولا بقوتي، (اللهم؛ اغفر لي) جميع ذنوبي ما تقدم منها وما تأخر، وجملة قوله:(يتأول القرآن) حال من فاعل يقول؛ أي: يكثر أن يقول ذلك، حالة كونه يتأول القرآن؛ أي: يفعل ويمتثل ما أمر به في القرآن؛ يعني: قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (1)، والأمر فيه، وإن لم يقيد بزمان ولا مكان، ولكن الصلاة أفضل محل للذكر، فلذا خصص كثرته بها؛ أي: يقول ذلك متأولًا القرآن؛ أي: مبينًا ما هو المراد من قوله: فسبح بحمد ربك واستغفره، آتيًا بمقتضاه. انتهى "نووي" مع "ملا علي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأذان، وفي مواضع أخر كالمغازي والتفسير، باب الدعاء في الركوع، رقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم (217)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الركوع والسجود، رقم (877)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب نوع آخر من الذكر في الركوع، رقم (1046).
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث عقبة بن عامر بحديث ابن مسعود رضي الله عنهم، فقال:
(1) سورة النصر: (3).
(21)
- 875 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَزِيدَ الْهُذَلِيِّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ .. فَلْيَقُلْ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا؛ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ
===
(21)
- 870 - (4)(حدثنا أبو بكر) محمد (بن خلاد) بن كثير (الباهلي) البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(م د س ق).
(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي العامري أبي الحارث المدني، ثقة فقيه فاضل، من السابعة، مات سنة ثمان وخمسين ومئة، وقيل: سنة تسع وخمسين ومئة (159 هـ). يروي عنه: (ع).
(عن إسحاق بن يزيد الهذلي) المدني، مجهول، من السادسة. يروي عنه:(د ت ق).
(عن عون بن عبد الله بن عتبة) بن مسعود الهذلي أبي عبد الله الكوفي، ثقة عابد، من الرابعة، مات قبل سنة عشرين ومئة. يروي عنه:(م عم).
(عن) عبد الله (بن مسعود) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأنه منقطع؛ لأن عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود.
(قال) ابن مسعود: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ركع أحدكم .. فليقل في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثًا، فإذا فعل ذلك)
فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ، وَإِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ .. فَلْيَقُلْ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ .. فَقَدْ تَمَّ سُجُودُهُ؛ وَذَلِكَ أَدْنَاهُ".
===
المذكور من التسبيح ثلاث مرات .. (فقد تم ركوعه، وإذا سجد أحدكم .. فليقل في سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثًا، فإذا فعل) أي: قال (ذلك) المذكور من التسبيح ثلاث مرات .. (فقد تم سجوده، وذلك) المذكور من تسبيح ثلاث مرات في الموضعين (أدناه) أي: أدنى الكمال في التسبيح المذكور في الموضعين؛ أي: أقل ما يحصل به الثواب الكامل في الموضعين، وأما أقله .. فمرة واحدة، وأما أكثره .. فتسع مرات، كذا قالوا.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب مقدار الركوع والسجود، رقم (881)، قال أبو داوود: هذا مرسل، لأن عونًا لم يلق عبد الله، قال صاحب "العون": أراد المؤلف بالمرسل المنقطع؛ لأن المرسل صورته: أن يقول التابعي سواء كان صغيرًا أو كبيرًا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو فعل كذا، أو فعل بحضرته كذا، أو نحو ذلك، وها هنا ليس كذلك.
نعم؛ صورة الانقطاع ها هنا موجودة؛ وهو أن يسقط راو واحد أو أكثر من الإسناد من أي موضع كان.
وشاركه الترمذي أيضًا في كتاب الصلاة، باب ما جاء في التسبيح في الركوع والسجود، رقم (261)، قال: وفي الباب عن حذيفة وعقبة بن عامر، قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود ليس إسناده بمتصل؛ لأن عون بن عبد الله لم يلق ابن مسعود، ومع عدم اتصال السند فيه إسحاق بن يزيد الهذلي، وهو مجهول، كما عرفت، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم يستحبون ألا ينقص الرجل في الركوع والسجود من ثلاث تسبيحات، وروي عن عبد الله بن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
المبارك أنه قال: أستحب للإمام أن يسبح خمس تسبيحات؛ لكي يدرك من خلفه ثلاث تسبيحات، وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم، وأحمد، وابن أبي شيبة في "مصنفه".
وفي الباب أيضًا حديث أبي بكرة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبح في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثًا، وفي سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثًا)، رواه البزار والطبراني في "الكبير"، وفيه أيضًا حديث جبير بن مطعم:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثًا، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثًا)، رواه البزار والطبراني أيضًا، وفيه أيضًا حديث أبي مالك الأشعري:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى، فلما ركع .. قال: سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاث مرات، ثم رفع رأسه)، رواه الطبراني في "الكبير" وفيه شهر بن حوشب، وفيه بعض كلام، وقد وثقه غير واحد، كذا في "مجمع الزوائد".
والظاهر أن هذه الأحاديث لكثرتها يقوي بعضها بعضًا، فترتقي إلى درجة الحسن، وإن كان في أسانيدها مقال، فلا تنحط عن درجة الحسن، وإن لم تبلغ درجة الصحة، فيصح الاستدلال بمجموعها على استحباب ألا ينقص الرجل في الركوع والسجود من ثلاث تسبيحات، والله أعلم، كذا في "تحفة الأحوذي" مع اختصار وتصرف.
فإذًا نقول: حديث ابن مسعود الذي ساقه المؤلف وشاركه فيه أبو داوود والترمذي .. في درجة: الحسن؛ لأن له شواهد، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث عقبة بن عامر.
وقوله: (سبحان ربي) -بفتح الياء وتسكن- وقوله: (وذلك أدناه) فيه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
إشعار بأن المصلي لا يكون متسننًا بدون الثلاث، وقد قال الماوردي: إن أكثر الكمال إحدى عشرة أو تسع، وأوسطه خمس، ولو سبح مرة .. حصل التسبيح، وروى الترمذي عن ابن المبارك وإسحاق بن راهويه أنه يسن خمس تسبيحات للإمام، وبه قال الثوري، ولا دليل على تقييد الكمال بعدد معلوم، بل ينبغي الاستكثار من التسبيح على مقدار تطويل الصلاة من غير تقييد بعدد، وأما إيجاب سجود السهوفيما زاد على التسع، واستحباب أن يكون عدد التسبيح وترًا لا شفعًا فيما زاد على الثلاث .. فمما لا دليل عليه، كذا في "النيل". انتهى من "العون".
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: أربعة:
الأول للاستدلال، والثلاثة الباقية للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم