الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(24) - (241) - بَابٌ: ادْرَأْ مَا اسْتَطَعْتَ
(84)
- 933 - (1) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى أَبُو الْمُعَلَّى، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ،
===
(24)
- (241) - (باب: ادرأ ما استطعت)
أي: ادفع ما يمر بين يديك بقدر استطاعتك.
* * *
(84)
- 933 - (1)(حدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى الضبي أبو عبد الله البصري، ثقة، رمي بالنصب، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(م عم).
(أنبأنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت فقيه، من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا يحيى) بن ميمون العطار الضبي (أبو المعلى) الكوفي مشهور بكنيته، ثقة، من السادسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(س ق).
(عن الحسن) بن عبد الله (العرني) -بضم المهملة وفتح الراء بعدها نون- الكوفي، ثقة، أرسل عن ابن عباس، وهو من الرابعة. يروي عنه:(خ م د س ق).
(قال) العرني: (ذكر عند ابن عباس ما يقطع الصلاة) ولم أر من عين اسم الذاكر؛ أي: تحدثوا في شأن ما يقطع الصلاة.
فَذَكَرُوا الْكَلْبَ وَالْحِمَارَ وَالْمَرْأَةَ فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي الْجَدْيِ؟ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي يَوْمًا، فَذَهَبَ جَدْيٌ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَبَادَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ.
===
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، ولكنه فيه انقطاع؛ لأن العرني لَمْ يسمع ابن عباس.
قال البوصيري: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات إلَّا أنه منقطع، قال أحمد وابن معين: لَمْ يسمع الحسن من ابن عباس، ولكن له شاهد من سند متصل؛ فقد رواه ابن خزيمة في "صحيحه"(832) عن الفضل بن يعقوب عن الهيثم بن جميل عن جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم، والزبير بن الحارث عن عكرمة عن ابن عباس به، ورواه ابن حبان في "صحيحه"(411 - 412) في "الموارد"، وابن خزيمة في "صحيحه"، رقم (832) به، ورواه الحاكم في "المستدرك" من طريق جرير بن عبد الحميد به، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ورواه البيهقي من طريق صهيب البصري عن ابن عباس، ورواه أحمد بن منيع في "مسنده" عن علي بن عاصم عن أبي المعلى به، ورواه عبد بن حميد في "مسنده" من طريق يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس به بزيادة فيه، فسند المؤلف له شاهد من سند متصل، فلا يضره الانقطاع، فهو صحيح.
(فذكروا) أي: ذكر الحاضرون عنده مما يقطع الصلاة (الكلب والحمار والمرأة، فقال) لهم ابن عباس: (ما تقولون في الجدي؟ ) هل تقطع الصلاة أم لا؟ قال السندي: (الجدي) من أولاد المعز ما بلغ ستة أشهر أو سبعة ذكرًا كان أو أنثى، فسكتوا ولم يجيبوا له، فقال لهم ابن عباس مبينًا حكم الجدي:(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي يومًا) من الأيام، (فذهب جدي) وقصد أن (يمر بين يديه) أي: قدامه بينه وبين السترة، (فبادره) أي: بادر ذلك الجدي وسابقه (رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جهة (القبلة)،
(85)
- 934 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ،
===
فمنعه من المرور بين يديه؛ أي: بينه وبين السترة؛ أي: سبقه إلى جهة القبلة؛ ليمنعه من المرور بين يديه بتضييق الطريق عليه، وهذا موضع الترجمة من الحديث.
فالحديث: صحيح؛ لأن له شواهد بأسانيد متصلة، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(85)
- 934 - (2)(حدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي.
(حدثنا أبو خالد الأحمر) سليمان بن حيان الأزدي الكوفي، صدوق يخطئ، من الثامنة، مات سنة تسعين ومئة (190 هـ) أو قبلها، وله بضع وسبعون سنة. يروي عنه:(ع).
(عن) محمد (بن عجلان) المدني، صدوق إلَّا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، من الخامسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن زيد بن أسلم) العدوي مولاهم مولى عمر، أبي أسامة المدني، ثقة، عالم، من الثالثة، وكان يرسل، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الرَّحمن بن أبي سعيد) الخدري سعد بن مالك الأنصاري
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ .. فَلْيُصَلِّ إِلَى سُتْرَةٍ، وَلْيَدْنُ مِنْهَا، وَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يَمُرَّ .. فَلْيُقَاتِلْهُ؛
===
الخزرجي، ثقة، من الثالثة، مات سنة اثنتي عشرة ومئة (112 هـ)، وله سبع وسبعون سنة. يروي عنه:(م عم).
(عن أبيه) سعد بن مالك رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أبو سعيد: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم) أيها المسلمون؛ أي: إذا أراد أحدكم أن يصلي .. (فليصل) متوجهًا (إلى سترة) أي: إلى حاجز يحجز الناس من المرور بين يديه، (وليدن) مضارع مجزوم بلام الأمر من دنا يدنو دنوًا، إذا قرب من الشيء؛ أي: وليقرب (منها) أي: من تلك السترة على قدر ثلاثة أذرع، (وَلَا يدع) أي: ولا يترك (أحدًا) يريد أن (يمر بين يديه) أي: بينه وبين السترة لا وراءها؛ أي: لا يتركه على مروره (فإن) صلى إلى سترة قدر مؤخرة الرحل أو فوقها، و (جاء أحد) يريد أن (يمر) بين يديه؛ أي: قدامه بينه وبين السترة.
وقوله: (فليقاتله) حملوه على أشد الدفع؛ أي: فليدفع ذلك المار عن مروره ويمنعه منه بالأسهل، فالأسهل إما بالإشارة أولًا، أو بوضع اليد على نحره، أو بالضرب، فإن أبى وامتنع عن الرجوع، فلم يقبل إلَّا المرور .. فليقاتله المصلي؛ أي: فليدفعه بالقهر والغلبة، ولا يجوز قتله كذا في "المرقاة"، والمذكور في كتب الفقه أنه يكره ترك اتخاذ السترة في محل يظن المرور فيه بين يدي المصلي ويستحب اتخاذها، والسنة أن يقرب منها، والمستحب ترك دفع المار؛ لأن مبنى الصلاة على السكون، ورخص دفعه بالإشارة أو التسبيح
فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ".
===
لا بهما معًا؛ لأن في أحدهما كفاية ولا يقاتل المار، وما ورد في ذلك فمؤول بأن جواز ذلك كان في أول الإسلام، والعمل المنافي للصلاة مباح فيها إذ ذاك، وقد نسخ ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:"إن في الصلاة لشغلًا". انتهى من الدهني على مسلم.
(فإنه شيطان) أي: مطيع له فيما يفعله من المرور قوله: (فإنه) أي: فإن ذلك المار (شيطان) قال القاضي: قيل: معناه إنما حمله على مروره وامتناعه من الرجوع الشيطان، وقيل: معناه إنما عمله عمل الشيطان؛ لأن الشيطان بعيد من الخير وقبول السنة، وقيل: المراد بالشيطان القرين، كما جاء في الحديث الآخر:"فإن معه القرين".
قال النووي: وهذا الأمر بالدفع أمر ندب وإرشاد، وهو ندب متأكد، ولا أعلم أحدًا من العلماء أوجبه، بل صرح أصحابنا وغيرهم بأنه مندوب غير واجب، قال القاضي عياض: وأجمعوا على أنه لا يلزمه مقاتلته بالسلاح ولا بما يؤدي إلى هلاكه، فإن دفعه بما يجوز، فهلك من ذلك .. فلا قود عليه باتفاق العلماء، وهل تجب ديته أو يكون هدرًا؟ فيه مذهبان للعلماء، وهما قولان في مذهب مالك رحمه الله.
قال: واتفقوا على أن هذا كله لمن لَمْ يفرط في حلاته، بل احتاط وصلى إلى سترة، أو في مكان يأمن فيه من المرور بين يديه، فإن صلى في مكان لا يأمن فيه من المرور بين يديه كالمطاف في الحرم، أو في محل الازدحام كالمسجد الحرام ونحوه في الموسم .. فتحرم صلاته؛ كما في المطاف وتكره، ولا يجوز له دفع المار حينئذ؛ لأنه كمن صلى في شوارع المارة في وقت مرورهم، ويدل على ذلك قوله في حديث أبي سعيد في الرواية الآتية بعد هذه:
(86)
- 935 - (3) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
===
"إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه .. فليدفع في نحره، فإن أبى .. فليقاتله".
قال: وكذا اتفقوا على أنه لا يجوز له المشي إليه من موضعه ليرده، وإنما يرده ويدفعه من موقفه؛ لأن مفسدة المشي في صلاته أعظم من مروره من بعيد بين يديه، وإنما أبيح له في قدر ما تناله يده من موقفه، ولهذا أمر بالقرب من سترته، وإنما يرده إذا كان بعيدًا منه بالإشارة أو التسبيح.
قال: وكذلك اتفقوا على أنه إذا مر .. لا يرده؛ لئلا يصير مرورًا ثانيًا، وروي عن بعض السلف أنه يرده، وتأوله بعضهم. هذا آخر كلام القاضي، وهو كلام نفيس والذي قاله أصحابنا أنه يرده إذا أراد المرور بينه وبين سترته بأسهل الوجوه، وإن أدى إلى قتله .. فلا شيء عليه، كالصائل عليه لأخذ نفسه أو ماله، وقد أباح له الشرع مقاتلته، والمقاتلة المباحة لا ضمان فيها. انتهى من "النووي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، رقم (258) - (505)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، رقم (697 - 698)، والنسائي في كتاب القبلة.
ودرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به، والله أعلم.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عباس بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(86)
- 935 - (3)(حدثنا هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي،
الْحَمَّالُ وَالْحَسَنُ بْنُ دَاوُودَ الْمُنْكَدِرِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ
===
أبو موسى (الحمال) - بالمهملة - البزاز، ثقة، من العاشرة مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ). يروي عنه:(م عم).
(والحسن بن داوود) بن محمد بن المنكدر، أبو محمد المدني (المنكدري) لا بأس به، تكلموا في سماعه من المعتمر، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين ومئتين (247 هـ). يروي عنه:(س ق) وفي بعض نسخ المتن: الحسن بن عبد الله المنكدري، وهو تحريف من النساخ، والصواب: الحسن بن داوود، وفي هامش بعض النسخ: هو معروف باسم أبيه الحسن بن داوود، وكذا في المطبوعة، ولعل في الممخطوطة أنه نسب إلى جده الأعلى؛ لأنه الحسن بن داوود بن محمد بن المنكدر بن عبد الله المنكدري. انتهى "تحفة الأشراف"(5/ 437). انتهى.
(قالا) أي: قال كلّ من هارون والحسن: (حدثنا) محمد بن إسماعيل بن مسلم (بن أبي فديك) - مصغرًا - اسمه يسار الديلي، المدني، صدوق، من صغار الثامنة، مات سنة مئتين (200 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن الضحاك بن عثمان) بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي الحزامي - بكسر أوله وبالزاي - أبو عثمان المدني، صدوق يهم، من السابعة. يروي عنه:(م عم).
(عن صدقة بن يسار) الجزري، نزيل مكة، ثقة، من الرابعة، مات في أول خلافة بني العباس، وكان ذلك سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(م د س ق).
(عن عبد الله بن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي .. فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ فَإِنْ أَبَى .. فَلْيُقَاتِلْهُ؛ فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ"، وَقَالَ الْمُنْكَدِرِيُّ:"فَإِنَّ مَعَهُ الْعُزَّى".
===
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم) أيها المسلمون (يصلي .. فلا يدع) أي: فلا يترك (أحدًا يمر بين يديه) أي: يريد أن يمر قدامه بينه وبين السترة، بل يمنعه من المرور، (فإن أبى) وامتنع من الرجوع واستمر في المرور .. (فليقاتله) أي: فليدفعه بالقهر والغلبة؛ (فإن معه) فإن مع ذلك المار (القرين) أي: الشيطان المقارن له الحامل له على هذا المرور والاستمرار فيه؛ أي: فينبغي منعه مهما أمكن عن ذلك المرور الذي الحامل له عليه هو الشيطان. انتهى "سندي" بتصرف.
وفي "النهاية" في (4/ 54): قرين الإنسان هو مصاحبه من الملائكة والشياطين، فقرينه من الملائكة يأمره بالخير ويحثه عليه، وقرينه من الشياطين يأمره بالشر ويحثه عليه. انتهى "سندي".
(وقال) الحسن (المنكدري) أي: المنسوب إلى جده الأعلى الذي هو منكدر بن عبد الله: (فإن معه العزى) -بضم العين والزاي المشددة وألف مقصورة- اسم صنم كان للمشركين، والمعنى: فإن معه الشيطان الذي يأمر المشركين بعبادة العزى؛ لأنه هو الذي يأمره بالشر الذي هو المرور بين يدي المصلي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصلاة (48)، باب منع المار بين يدي المصلي، رقم (260 - 506).
فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم