المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(41) - (258) - باب القبلة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة كتاب الأذان (1)

- ‌(1) - (218) - بَابُ الرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(2) - (219) - بَابُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ

- ‌(3) - (220) - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ

- ‌فائدة

- ‌(4) - (221) - بَابُ السُّجُودِ

- ‌(5) - (222) - بَابُ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(6) - (223) - بَابُ الاعْتِدَالِ فِي السُّجُودِ

- ‌(7) - (224) - بَابُ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (225) - بَابُ مَا يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌(9) - (226) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌(10) - (227) - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(11) - (228) - بَابُ مَا يُقَالُ فِي التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) - (229) - بَابُ الْإِشَارَةِ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌(13) - (230) - بَابُ التَّسْلِيمِ

- ‌فائدة

- ‌(14) - (231) - بَابُ مَنْ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً

- ‌(15) - (232) - بَابُ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ

- ‌(16) - (233) - بَاب: لَا يَخُصُّ الْإِمَامُ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ

- ‌(17) - (234) - بَابُ مَا يُقَالُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(18) - (235) - بَابُ الانْصِرَافِ مِنَ الصَّلَاةِ

- ‌(19) - (236) - بَاب: إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَوُضِعَ الْعَشَاءُ

- ‌(20) - (237) - بَابُ الْجَمَاعَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ

- ‌فرع

- ‌(21) - (238) - بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ

- ‌(22) - (239) - بَابُ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي

- ‌(23) - (240) - بَابُ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(24) - (241) - بَابٌ: ادْرَأْ مَا اسْتَطَعْتَ

- ‌(25) - (242) - بَابُ مَنْ صَلَّى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ

- ‌(26) - (243) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُسْبَقَ الْإِمَامُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(27) - (244) - بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(28) - (245) - بَابُ مَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كارِهُونَ

- ‌(29) - (246) - بَاب: الاثْنَانِ جَمَاعَةٌ

- ‌(30) - (247) - بَابُ مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ

- ‌(31) - (248) - بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ

- ‌(32) - (249) - بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ

- ‌(33) - (250) - بَابٌ: مَنْ أَمَّ قَوْمًا. . فَلْيُخَفِّفْ

- ‌(34) - (251) - بَابُ الْإِمَامِ يُخَفِّفُ الصَّلَاةَ إِذَا حَدَثَ أَمْرٌ

- ‌(35) - (252) - بَابُ إِقَامَةِ الصُّفُوفِ

- ‌(36) - (253) - بَابُ فَضلِ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ

- ‌(37) - (254) - بَابُ صُفُوفِ النِّسَاءِ

- ‌(38) - (255) - بَابُ الصَّلَاةِ بَيْنَ السَّوَارِي فِي الصَّفِّ

- ‌(39) - (256) - بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ

- ‌(40) - (257) - بَابُ فَضْلِ مَيْمَنَةِ الصَّفِّ

- ‌(41) - (258) - بَابُ الْقِبْلَةِ

- ‌(42) - (259) - بَابٌ: مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ .. فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ

- ‌(43) - (260) - بَابٌ: مَنْ أَكلَ الثُّومَ .. فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسْجِدَ

- ‌(44) - (261) - بَابُ الْمُصَلِّي يُسَلَّمُ عَلَيْهِ كيْفَ يَرُدُّ

- ‌(45) - (262) - بَابُ مَنْ يُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ

- ‌(46) - (263) - بَابُ الْمُصَلِّي يَتَنَخَّمُ

- ‌(47) - (264) - بَابُ مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ

- ‌(48) - (265) - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌(49) - (266) - بَابُ السُّجُودِ عَلَى الثِّيَابِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ

- ‌(50) - (267) - بَابُ التَّسْبِيحِ لِلرِّجَالِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(51) - (268) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ

- ‌(52) - (269) - بَابُ كَفِّ الشَّعْرِ وَالثَّوْبِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(53) - (270) - بَابُ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(54) - (271) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثوْبِ الْوَاحِدِ

- ‌(55) - (272) - بَابُ سُجُودِ الْقُرْآنِ

- ‌(56) - (273) - بَابُ عَدَدِ سُجُودِ الْقُرْآنِ

- ‌(57) - (274) - بَابُ إِتْمَامِ الصَّلَاةِ

- ‌(58) - (275) - بَابُ تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ

- ‌(59) - (276) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ

- ‌فائدة

- ‌(60) - (277) - بَابُ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ

الفصل: ‌(41) - (258) - باب القبلة

(41) - (258) - بَابُ الْقِبْلَةِ

(138)

- 987 - (1) حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ

===

(41)

- (258) - (باب القبلة)

(138)

-987 - (1)(حدثنا العباس بن عثمان) بن محمد البجلي أبو الفضل (الدمشقي) المعلم، صدوق يخطئ، من كبار الحادية عشرة، مات سنة تسع وثلاثين ومئتين (239 هـ)، وله ثلاث وستون سنة. يروي عنه:(ق).

(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم أبو العباس الدمشقي، ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية، من الثامنة، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه (ع).

(حدثنا مالك بن أنس) الأصبحي المدني، إمام الفروع وصاحب المذهب، ثقة حجة، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن جعفر بن محمد) بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبي عبد الله المعروف بالصادق، صدوق فقيه إمام، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن أبيه) محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب السجاد أبي جعفر، ثقة فاضل، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري المدني الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنهما.

ص: 361

أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَوَافِ الْبَيْتِ. . أَتَى مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ هَذَا مَقَامُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ عليه السلام الَّذِي قَالَ اللهُ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، قَالَ الْوَلِيدُ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: أَهكَذَا قَرَأَ {وَاتَّخِذُوا} ؟ قَالَ: نَعَمْ.

===

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن الوليد بن مسلم وإن كان صاحب تدليس وتسوية، فقد روى هنا عن الثقة بصيغة السماع، فالسند صحيح.

(أنه) أي: أن جابرًا (قال: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من طواف البيت) لعله طواف القدوم. . (أتى) رسول الله صلى الله عليه وسلم (مقام إبراهيم) عليه السلام، (فقال عمر) بن الخطاب:(يا رسول الله؛ هذا) الحجر (مقام أبينا إبراهيم عليه السلام الذي قال الله) تعالى في شأنه: ({وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى})(1) وهذا الحديث يدل على أنه قال: بعد نزول الآية، والحديث الآتي يدل على أن الآية نزلت بعد القول فيجمع بينهما بأنه قال مرتين. انتهى "سندي".

(قال الوليد) بن مسلم بالسند السابق: (فقلت لمالك) بن أنس: (أهكذا) أي: على مثل ما قرأته أنت لي؛ يعني: على صيغة الأمر (قرأ) لك شيخك جعفر بن محمد ({وَاتَّخِذُوا}) بصيغة الأمر؟ فـ (قال) مالك: (نعم) هكذا قرأ على شيخي جعفر بن محمد.

وهذا الحديث أخرجه أبو داوود في كتاب الحروف والقراءات، الحديث (3969)، وأخرجه الترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في كيف الطواف، الحديث (856)، وأخرجه أيضًا فيه، باب ما جاء أنه يبدأ بالصفا قبل المروة، الحديث (862) مختصرًا، وأخرجه النسائي في كتاب مناسك الحج، باب القول

(1) سورة البقرة: (125).

ص: 362

(139)

- 988 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: قُلْتُ:

===

بعد ركعتي الطواف، الحديث (2961)، وفي مواضع أخر، وأخرج الترمذي أيضًا في كتاب التفسير، باب (3) ومن سورة البقرة، رقم (2955)، عن أبي موسى الأشعري، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، فالحديث له مشارك فيه وشاهد من حديث أبي موسى، وشاهد من حديث أنس المذكور بعده.

فدرجة الحديث: أنه صحيح المسند والمتن، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جابر بحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فقال:

(139)

- 988 - (2)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).

(حدثنا هُشيم) بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية الواسطي، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي، من السابعة، مات سنة ثلاث وثمانين ومئة (183 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن حميد) بن أبي الحميد (الطويل) أبي عبيدة البصري، ثقة مدلس، من الخامسة، مات سنة اثنتين أو ثلاث وأربعين ومئة (143 هـ) وهو قائم يصلي. يروي عنه:(ع).

(عن أنس بن مالك) الأنصاري البصري رضي الله تعالى عنه.

(قال) أنس: (قال عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: (قلت:

ص: 363

يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَوِ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى؟ فَنَزَلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} .

(140)

- 989 - (3) حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ،

===

يا رسول الله؛ لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى؟ فنزلت) على وفق قولي آية: ({وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى})(1).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلاة، باب ما جاء في القبلة، وأخرجه أيضًا في كتاب التفسير، باب قوله تعالى:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، وفي مواضع أخر، وأخرجه الترمذي في كتاب التفسير، باب ومن سورة البقرة.

فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به لحديث جابر السابق، وقد تقدم وجه الجمع بينهما نقلًا عن "السندي".

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث جابر بحديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(140)

-989 - (3)(حدثنا علقمة بن عمرو) بن الحصين بن لبيد التميمي (الدارمي) العطاردي أبو الفضل الكوفي، صدوق له غرائب، وذكره ابن حبان في "الثقات"، من الحادية عشرة، مات سنة ست وخمسين ومئتين (256 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا أبو بكر بن عياش) بن سالم الأسدي، الكوفي المقرئ الحناط،

(1) سورة البقرة: (125).

ص: 364

عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَصُرِفَتِ الْقِبْلَةُ إِلَى الْكَعْبَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِشَهْرَيْنِ،

===

مشهور بكنيته والأصح أنها اسمه، وقيل: اسمه محمد، أو عبد الله، أو سالم، ثقة عابد، إلا أنه لما كبر. . ساء حفظه، وكتابه صحيح، من السابعة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله بن عبيد الهمداني السبيعي الكوفي، ثقة، من الثالثة مات سنة تسع وعشرين ومئة، وقيل قبل ذلك.

(عن البراء) بن عازب الأنصاري رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، قال الحافظ في "فتح الباري": قد جاء سماع أبي إسحاق عن البراء في غير هذا الحديث، فلا ضعف فيه من تدليس أبي إسحاق، ذكره في كتاب الإيمان. انتهى.

(قال) البراء: (صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس) أي: جهة بيت المقدس (ثمانية عشر شهرًا، وصرفت القبلة) أي: حولت القبلة (إلى الكعبة بعد دخوله إلى المدينة بشهرين) لا يخفى ما بين الكلامين من التنافي؛ فإن الأول يدل على أنه صرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخول المدينة بعد ثمانية عشر شهرًا، والثاني؛ يعني: قوله: وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخوله إلى المدينة بشهرين. . صريح في خلافه؛ وذلك لأن صلاة البراء مع النبي صلى الله عليه وسلم كانت بعد دخوله صلى الله عليه وسلم المدينة إلا أن يقال: أراد بقوله: (صلينا) صلاة الصحابة مطلقًا ولو بمكة، وهذا مبني على أنه صلى الله عليه وسلم وجه إلى بيت المقدس وهو بمكة، وكان على ذلك بعد دخوله المدينة بشهرين، ثم صرفت القبلة إلى الكعبة، وهذا خلاف المشهور

ص: 365

وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. . أَكْثَرَ تَقَلُّبَ وَجْهِهِ فِي السَّمَاءِ، وَعَلِمَ اللهُ مِنْ قَلْبِ نَبيِّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يَهْوَى الْكَعْبَةَ، فَصَعِدَ جِبْرِيلُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

===

بين الجمهور، قال الحافظ ابن حجر: كان قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة في شهر ربيع الأول بلا خلاف، وكان التحويل في نصف شهر رجب من السنة الثانية على الصحيح، وبه جزم الجمهور.

وبالجملة: فهذه الرواية شاذة مخالفة للروايات المشهورة في حديث البراء، فليس فيها؛ أي: في الرواية المشهورة الجملة الثانية أصلًا؛ يعني: قوله: (وصرفت إلى الكعبة بعد دخوله إلى المدينة بشهرين)، والجملة الأولى جاءت في بعضها على الشك بين ستة أشهر أو سبعة أشهر، وفي بعضها بالجزم بستة أشهر، وفي بعضها بالجزم بسبعة عشر، وقد حكم الحافظ ابن حجر على رواية ابن ماجه أنها شاذة في الجملة الأولى؛ يعني:(ثمانية عشر شهرًا)، وقال: هي من طريق أبي بكر بن عياش، وأبو بكر سيئ الحفظ، وقد اضطرب فيه، ثم بين الاضطراب.

(وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائمًا (إذا صلى) متوجهًا (إلى بيت المقدس أكثر. . تقلب وجهه) أي: تحول وجهه إلى السماء وتردد نظره (في السماء) طالبًا قبلة غير التي يصلي إليها؛ (وعلم الله) سبحانه (من قلب نبيه صلى الله عليه وسلم أنه يهوى) من باب رضي وزنًا ومعنىً؛ أي: يهوى ويحب (الكعبة) أي: الاستقبال إليها؛ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يترجى من ربه أن يحوله إلى الكعبة؛ لأنها قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام، وأدعى للعرب إلى الإيمان؛ لأنها مفخرة لهم، ولمخالفة اليهود، فكان ينتظر نزول جبريل بالوحي بالتحويل، وذلك يدل على كمال أدبه حيث انتظر ولم يسأل.

(فصعد جبريل) من عنده إلى السماء، (فجعل رسول الله صلى الله عليه

ص: 366

وَسَلَّمَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ وَهُوَ يَصْعَدُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ يَنْظُرُ مَا يَأْتِيهِ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} الْآيَةَ، فَأَتَى آتٍ فَقَالَ: إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ صُرِفَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَقَدْ صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَنَحْنُ رُكُوعٌ، فَتَحَوَّلْنَا فَبَنَيْنَا عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا جِبْرِيلُ؛

===

وسلم يتبعه) أي: يتبع جبريل ويلحقه (بصره) ناظرًا إليه (وهو) أي: والحال أن جبريل (يصعد) أي: يطلع ويرقى الجو (بين السماء والأرض) حالة كونه (ينظر) أي: ينتظر (ما) أي: وحيًا (يأتيه) أي: يأتي النبي صلى الله عليه وسلم جبريل (به) أي: بذلك الوحي من تحويل القبلة إلى الكعبة، (فأنزل الله) عز وجل آية ({قَدْ نَرَى}) ونعلم ({تَقَلُّبَ وَجْهِكَ}) أي: تصرف نظرك ({فِي}) جهة ({السَّمَاءِ} الآية)(1).

قال البراء (فأتى آت) أي: جاء رجل من المسلمين قد صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة صلاة العصر ونحن نصليها في مسجد القبلتين، (فقال) لنا ذلك الرجل:(إن القبلة) أي: الاستقبال في الصلاة (قد صرفت) وحولت من بيت المقدس (إلى الكعبة) قال البراء: جاء إلينا ذلك الرجل وأخبرنا بتحويل القبلة إلى الكعبة (و) نحن (قد صلينا) من صلاة العصر (ركعتين) متوجهين (إلى بيت المقدس) أي: أخبرنا بتحويلها (ونحن) أي: والحال أننا (ركوع) أي: ملتبسون بركوع الركعة الثالثة، (فتحولنا) أي: توجهنا إلى الكعبة في بقية الصلاة، (فبنينا) ما بقي من صلاتنا (على ما مضى) وفعلنا (من صلاتنا) أي: أتممناها على حساب ما مضى وفعلنا منها؛ أي: لم نستأنفها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: (يا جبريل؛

(1) سورة البقرة: (144).

ص: 367

كَيْفَ حَالُنَا فِي صَلَاتِنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ "، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} .

===

كيف حالنا) وشأننا (في صلاتنا) التي صليناها (إلى بيت المقدس) هل هي محسوبة لنا فلا نعيدها أم لا؟

(فأنزل الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ} ويحبط ({إِيمَانَكُمْ})(1) أي: صلاتكم إلى بيت المقدس، بل هي محسوبة لكم، وفي "الزوائد": حديث البراء صحيح ورجاله ثقات، رواه الشيخان وغيرهما من هذا الوجه، سوى ما ذكر ابن ماجه في تاريخ التحويل؛ فإنها زيادة شاذة منكرة متناقضة، كما بيناها في محلها، ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" عن محمد بن المثنى عن يحيى بن أبي سعيد عن أبي إسحاق به، ورواه ابن الجارود عن محمد بن يحيى عن النفيلي عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق به، قال الترمذي: وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وعمارة بن أوس وعمرو بن عوف المزني وأنس بن مالك، قلت: وهذه الزيادة التي رواها ابن ماجه رواها أيضًا أبو داوود الطيالسي في "مسنده" عن سلام عن أبي إسحاق به. انتهى "بوصيري".

قلت: فدرجة الحديث: أنه صحيح متنًا وسندًا إلا تلك الزيادة التي زادها ابن ماجه في تاريخ التحويل؛ فإنها شاذة منكرة متناقضة مضطربة؛ لأن للحديث شواهد كما ذكرناها، فغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث جابر بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(1) سورة البقرة: (143).

ص: 368

(141)

- 990 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو،

===

(141)

- 990 - (4)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الكريم بن نافع (الأزدي) البصري نزيل بغداد، ثقة، من كبار الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ت ق).

(حدثنا هاشم بن القاسم) بن مسلم الليثي مولاهم البغدادي أبو النضر مشهور بكنيته، ولقبه قيصر، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة سبع ومئتين (207 هـ)، وله ثلاث وسبعون سنة. يروي عنه:(ع).

(ح وحدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي (النيسابوري) ثقة حافظ فاضل، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ) على الصحيح، وله ست وثمانون سنة. يروي عنه:(خ عم).

(قال) محمد بن يحيى: (حدثنا عاصم بن علي) بن عاصم بن صهيب الواسطي أبو الحسن التيمي مولاهم، صدوق، ربما وهم، من التاسعة، مات سنة إحدى وعشرين ومئتين (221 هـ). يروي عنه:(خ ت ق).

(قالا) أي: قال كل من هاشم بن القاسم وعاصم بن علي: (حدثنا أبو معشر) نجيح بن عبد الرحمن السندي -بكسر المهملة وسكون النون- المدني وهو مولى بني هاشم مشهور بكنيته، ضعيف، من السادسة، أسن واختلط، اتفقوا على ضعفه، مات سنة سبعين ومئة (170 هـ). يروي عنه:(عم).

(عن محمد بن عمرو) بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

ص: 369

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ".

===

(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين، أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه أبا معشر وهم اتفقوا على ضعفه.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بين المشرق والمغرب قبلة") أي: لأهل المدينة، وقيل: للمسافر إذا التبس عليه أمر القبلة، ولا يخفى أن الواجب عليه حينئذ التحري، والله أعلم. انتهى "سندي".

قال السيوطي: ليس هذا عامًا في سائر البلدان، وإنما هو بالنسبة إلى المدينة المنورة ونحوها، قال البيهقي في "الخلافيات": المراد -والله أعلم- أهل المدينة ومن كانت قبلته على سمت أهل المدينة. انتهى، قال الشوكاني: وقد اختلف في معنى هذا الحديث: فقال العراقي: ليس هذا عامًا في سائر البلاد، وإنما هو بالنسبة إلى المدينة المشرفة وما وافق قبلتها، وهكذا قال البيهقي في "الخلافيات"، وهكذا قال أحمد بن خالويه الرهبي، قال: ولسائر البلدان من السعة في القبلة مثل ذلك بين الجنوب والشمال ونحو ذلك، قال ابن عبد البر: وهذا صحيح لا مدفع له ولا خلاف بين أهل العلم فيه، وقال الأثرم: سألت أحمد بن حنبل عن معنى هذا الحديث، فقال: هذا في كل البلدان إلا بمكة عند البيت؛ فإنه إن زال عنه شيئًا وإن قل .. فقد ترك القبلة، ثم قال: هذا المشرق وأشار بيده وهذا المغرب وأشار بيده وما بينهما قبلة، قلت له: فصلاة

ص: 370

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

من صلى بينهما جائزة؟ قال: نعم، وينبغي أن يتحرى الوسط. انتهى "تحفة الأحوذي" باختصار.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي أخرجه في كتاب أبواب الصلاة، باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة، ومالك في "الموطأ"، قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة هذا قد روي عنه من غير وجه؛ يعني: بأسانيد متعددة، وأخرجه الحاكم والدارقطني أيضًا، قال ابن تيمية: في "المنتقى" بعد ذكر حديث أبي هريرة هذا: وتصحيح الترمذي هذا الحديث يعضده قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي أيوب: "ولكن شرقوا أو غربوا". انتهى.

قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة هذا حديث حسن صحيح، وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما بين المشرق والمغرب قبلة" منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس، وقال ابن عمر: إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك .. فما بينهما قبلة إذا استقبلت القبلة.

قلت: فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، وإن كان سند ابن ماجه ضعيفًا، لأن له أسانيد متعددة صحاحًا وله شواهد كثيرة، كما بيناها.

فالحديث: ضعيف السند، صحيح المتن، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، وثلاثة للاستشهاد، كلها صحيحة.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 371