الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(21) - (238) - بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ
(71)
- 920 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي وَالدَّوَابُ
===
(21)
- (238) - (باب) بيان قدر (ما يستر المصلي) عن المارة
* * *
(71)
- 920 - (1)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي.
(حدثنا عمر بن عبيد) بن أبي أمية الطنافسي -بفتح الطاء والنون وبعد الألف فاء مكسورة ثم سين مهملة- الكوفي، صدوق، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومئة (185 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن سماك بن حرب) بن أوس بن خالد الذهلي الكوفي، صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، من الرابعة، مات سنة ثلاث وعشرين ومئة (123 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن موسى بن طلحة) بن عبيد الله التيمي أبي عيسى المدني نزيل الكوفة، ثقة فاضل، من الثانية، ويقال: إنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة ثلاث ومئة (103 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).
(عن أبيه) طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي أبي محمد المدني، أحد العشرة المبشرة رضي الله تعالى عنه، استشهد يوم الجمل سنة ست وثلاثين (36 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة.
(قال) طلحة: (كنا) معاشر الصحابة (نصلي والدواب) أي: والحال أن
تَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ".
===
الدواب (تمر) وتمشي (بين أيدينا) أي: قدامنا (فذكر ذلك) الذي وقع لنا من مرور الدواب قدامنا ونحن نصلي (لرسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل الشكوى منه هل يبطل صلاتنا أم لا؟ (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب من سأله عن مرور الدواب (مثل) اسم لكان المحذوفة؛ تقديره: إذا كانت سترة مثل (مؤخرة الرحل) في الارتفاع.
وقوله: (تكون) زائدة دالة على كان المحذوفة، وقوله:(بين يدي أحدكم) خبر لكان المحذوفة، وجملة قوله:(فلا يضره) جواب إذا المقدرة؛ والتقدير: إذا كانت سترة قدر مؤخرة الرحل في الارتفاع وهي ثلثا ذراع بين يدي أحدكم؛ أي: قدامه على قدر ثلاثة أذرع من مقامه .. فلا يضر أحدكم (من مر بين يديه) إنسانًا كان أو دابة؛ أي: لا يقطع صلاته ولا نقص ثوابها، وفي الحديث حذف وزيادة وتقدير، فليتأمل.
قال السندي: مؤخرة الرحل الخشبة التي يستند إليها الراكب بظهره بعيرًا كان المركوب أو فرسًا أو بغلًا أو حمارًا، وسواء كان المركب سرجًا أو قتبًا أو إكافًا، والدواب جمع دابة؛ وهي كلّ ما يدب على الأرض مما له قوائم.
ولفظ مسلم: (قال) طلحة: (كنا نصلي) في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم (والدواب تمر بين أيدينا) أي: قدامنا (فذكرنا ذلك) أي: مرور الدواب قدامنا الرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مثل مؤخرة الرحل تكون بين يدي أحدكم) وهو خبر بمعنى الأمر (ثم لا يضره ما مر بين يديه) من الدواب؛ أي: لا ينقص أجرها بنقصان خشوعه، (وقال ابن نمير) في روايته:(لا يضره من مر بين يديه) بمن التي للعاقل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وفي الحديث الندب إلى السترة بين يدي المصلي، وبيان أن أقلّ السترة مؤخرة الرحل؛ وهو قدر عظم الذراع؛ وهو نحو ثلثي ذراع، ويحصل الستر بأي شيء بين يديه، هكذا قال أصحابنا، وينبغي له أن يدنو من السترة، ولا يزيد ما بينهما على ثلاثة أذرع، فإن لَمْ يجد عصًا ونحوها .. جمع أحجارًا أو ترابًا أو متاعه، ولو كان فيه مصحف، أما وضع المصحف ونحوه ككتب حديث أو علم شرعي مجردًا عن المتاع، ليكون سترة له .. فلا يجوز؛ لما فيه من إهانة كتاب الله سبحانه وسنة رسوله بجعله هدفأ، وإن لَمْ يجد شيئًا يقيمه بين يديه .. فليبسط مصلىً، وإلا .. فليخط خطًا طولًا على جانبيه أو عرضًا قدامه على قدر ثلاثة أذرع من مقامه، وإذا صلى إلى سترة .. منع غيره من المرور بينه وبينها، وكذا يمنع من المرور بينه وبين الخط، وكذا بينه وبين رأس السجادة؛ أي موضع سجوده منها، ويحرم على غيره المرور بينه وبين السترة، إذا لَمْ يصل في الشوارع، أو في المطاف، أو في المسجد الحرام وقت شدة الزحام كأيام الموسم ولم يجد المار منفذًا لمروره، فلو لَمْ تكن سترة أو تباعد عنها .. فقيل: له منعه، والأصح أنه ليس له المنع؛ لتقصيره، ولا يحرم حينئذ المرور بين يديه، لكن يكره إذا وجد منفذًا، ولو وجد الداخل فرجة في الصف الأول .. فله أن يمر بين يدي الصف الثاني، ويقف فيها؛ لتقصير أهل الصف الثاني بتركها، والمستحب أن يجعل السترة عن يمينه أو شماله ولا يصمد لها، والله أعلم. انتهى "نووي" مع بعض زيادة.
وفي "تحفة الأحوذي": قوله: (مثل مؤخرة الرحل) هو العود الذي يستند إليه راكب الرحل، وفي المؤخرة لغات؛ ضم الميم وسكون الهمزة وكسر الخاء، حكاها أبو عبيد وأنكرها يعقوب، وفتح الهمزة والخاء معًا مع تشديد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الخاء، حكاها صاحب "المشارق"، وقال ابن العربي: المحدثون يروونه مشددًا، وأنكرها صاحب "النهاية"، فقال: ولا تشدد. وسكون الهمزة وفتح الخاء المخففة، حكاها صاحب السرقسطي في "غريبه" وأنكرها ابن قتيبة، وفتح الميم وسكون الواو من غير همزة وكسر الخاء حكاها صاحب المشارق، واللغة المشهورة فيها آخرة الرحل بالمد وكسر الخاء، وكذا ورد في حديث أبي ذر الآتي، وقال ابن العربي: إنه هو الصواب، قاله السيوطي، قال الحافظ في "الفتح": اعتبر الفقهاء مؤخرة الرحل في مقدار أقلّ السترة، واختلفوا في تقديرها بفعل ذلك: فقيل: ذراع، وقيل: ثلثا ذراع، وهو أشهر، لكن في "مصنف عبد الرزاق" عن نافع: أن مؤخرة رحل ابن عمر كانت قدر ذراع. انتهى، انتهى منه.
وقدر السترة عند مالك الذراع في غلظ الرمح نظرًا لهذا الحديث وإلى صلاته صلى الله عليه وسلم إلى العنزة، وهي من فضائل الصلاة ومستحباتها عند مالك، وحكمتها كف البصر والخاطر عما وراءها بذلك، ثم فيها كف عن دنو ما يشغله من خاطر ومنصرف مشوش، وانفرد أحمد بن حنبل بأجزاء الخط سترة؛ لحديث رواه لَمْ يصح عند غيره، وكونه صلى الله عليه وسلم يعرض راحلته ويصلي إليها دليل على جواز التستر بما يثبت من الحيوان، وأنها ليست بنجسة البول ولا الروث، ولا يعارضه النهي عن الصلاة في معاطن الإبل؛ لأن المعاطن مواضع إقامتها عند الماء واستيطانها، وإذا تكره الصلاة فيها إما لشدة زفورتها ونتنها، وإما لأنهم كانوا يتخلون بينها متسترين بها. انتهى "قرطبي".
قال القاضي عياض: والسترة مستحبة.
قلت: وفي الكافي أنَّها سنة، وأخذ ابن عبد السلام وجوبها من تأثيم المصلي
(72)
- 921 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ،
===
بغير سترة، ورده الشيخ ابن عرفة بالاتفاق على أنه لا يأثم إن لَمْ يمر بين يديه أحد، فلو كانت واجبة .. لأثم بتركها مطلقًا، وانظر صلاة الجنازة هل تفتقر إلى سترة؟ والأظهر أنَّها تفتقر وأنها الميت؛ لأن سر وضع السترة موجود فيه، فيمتنع المرور بين الإمام وبينها. انتهى من "الأبي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصلاة، باب سترة المصلي، رقم (242)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب ما يستتر المصلي، رقم (685)، والترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء في سترة المصلي، رقم (335)، قال: وفي الباب عن أبي هريرة وسهل ابن أبي حثمة وابن عمر وسبرة بن معبد الجهني وأبي جحيفة وعائشة، قال أبو عيسى: حديث طلحة حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم، وقالوا: سترة الإمام سترة لمن خلفه، وأحمد بن حنبل في مسنده.
فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرض المؤلف به: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث طلحة بحديث ابن عمر رضي الله عنهم، فقال:
(72)
- 921 - (2)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).
(أنبأنا عبد الله بن رجاء المكي) أبو عمران البصري، نزيل مكة، ثقة تغير
عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تُخْرَجُ لَهُ حَرْبَةٌ فِي السَّفَرِ فَيَنْصِبُهَا فَيُصَلِّي إِلَيْهَا.
(73)
- 922 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
===
حفظه قليلًا، من صغار الثامنة، مات في حدود التسعين ومئة (190 هـ). روى عن: ابن جريجٍ، وعبيد الله بن عمر، ويروي عنه:(م د س ق)، ومحمد بن الصباح الجرجرائي.
(عن عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم العمري المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن نافع عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة.
(قال) ابن عمر: (كان النبي صلى الله عليه وسلم تخرج) من منزله وخيمته إلى المصلى (له) صلى الله عليه وسلم؛ أي: لأجل صلاته إليها (حربة) -بفتح الحاء وسكون الراء- أي: رمح قصير عريض النصل (في) حالة (السفر، فينصبها) أي: يقيمها ويغرزها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أي: يأمر بغرزها في الأرض؛ لتكون له سترة، (فيصلي إليها) أي: متوجهًا إليها.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث طلحة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث طلحة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(73)
- 922 - (3) (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن
بِشْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَصِيرٌ يُبْسَطُ بِالنَّهَارِ وَيَحْتَجِرُهُ بِاللَّيْلِ يُصَلِّي إِلَيْهِ.
===
بشر) بن الفرافصة العبدي أبو عبد الله الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبيد الله بن عمر) بن حفص العمري المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثني سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبري أبي سعد المدني، ثقة، من الثالثة، تغير حفظه قبل موته بأربع سنين، وروايته عن عائشة وأم سلمة مرسلة، مات في حدود العشرين ومئة (120)، وقيل قبلها، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن أبي سلمة) عبد الله (بن عبد الرَّحمن) بن عوف الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين، أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة، لأن رجاله ثقات.
(قالت) عائشة: (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرته (حصير) أي: نسيج خوص النخل (يبسط) ويفرش (بالنهار) ليجلس عليه، (ويحتجره بالليل) أي: يتخذه كالحجرة في الليل" (يصلي إليه) أي: متوجهًا إليه كالسترة؛ لئلا يمر عليه مارة ويؤخر خشوعه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، رقم (730)، ومسلم مطولًا في كتاب صلاة المسافرين، باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره، رقم (215 - 782)، والنسائي في كتاب القبلة.
(74)
- 923 - (4) حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ ح وَحَدَّثَنَا عَفَارُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ،
===
فالحديث من المتفق عليه، فهو في أعلى درجات الصحة، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث طلحة بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(74)
- 923 - (4)(حدثنا بكر بن خلف) ختن المقرئ (أبو بشر) البصري، صدوق، من الحاشرة، مات بعد سنة أربعين ومئتين. يروي عنه:(د ق).
(حدثنا حميد بن الأسود) بن الأشقر البصري، أبو الأسود الكرابيسي، صدوق يهم قليلًا، من الثامنة. يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا إسماعيل بن أمية) بن عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي المكي، ثقة ثبت، من السادسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).
(ح وحدثنا عمار بن خالد) بن يزيد بن دينار الواسطي التمار، أبو الفضل أو أبو إسماعيل، ثقة، من صغار العاشرة، مات سنة ستين ومئتين (260 هـ). يروي عنه:(س ق).
(حدثنا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي، ثقة، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن إسماعيل بن أمية) بن عمرو المذكور آنفًا، وهو مجمع السندين.
عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ .. فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ .. فَلْيَنْصِبْ عَصًا،
===
روى إسماعيل (عن أبي عمرو بن محمد بن عمرو بن حريث) العذري البصري، هو جد لإسماعيل بن أمية من قبل أمه، وحكي عن ابن عيينة أن إسماعيل بن أمية مات قبله، وقال أبو جعفر الطحاوي: هو مجهول، من السادسة. يروي عنه:(د ق).
(عن جده حريث بن سليم) هو رجل من بني عذرة، اختلف في اسم أبيه: فقيل: هو ابن سليم أو سليمان أو عمار، مختلف في صحبته، وعندي أن راوي حديث الخط غير الصحابي، بل هو مجهول، من الثالثة. يروي عنه:(د ق).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه أبا عمرو بن محمد بن حريث، وهو وجده حريث مجهولان.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم) أيها المؤمنون؛ أي: أراد أن يصلي .. (فليجعل تلقاء وجهه) أي: مقابل وجهه من جهة القبلة (شيئًا) يستتر به عمن يمر بين يديه، وفي قوله:"شيئًا" أن السترة لا تختص بنوع، بل كلّ شيء ينصبه المصلي تلقاء وجهه يحصل به الامتثال.
انتهى من "العون"، (فإن لَمْ يجد) شيئًا يستتر به .. (فلينصب) - بكسر الصاد - أي: فليرفع، أو يقم (عصًا) ظاهره عدم الفرق بين الرقيقة والغليظة، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"استتروا في صلاتكم ولو بسهم"، وقوله صلى الله عليه وسلم أيضًا:"يجزئ عن السترة قدر مؤخرة الرحل، ولو بدقة شعرة" أخرجه الحاكم، وقال: على شرطهما.
فَإِنْ لَمْ يَجِدْ .. فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ".
===
(فإن لَمْ يجد) عصًا ولا غيره .. (فليخط خطًا) أي: فليسطر سطرًا على الأرض الترابية، أو بما يظهر على البلاط، أو الصخرات إن صلى عليها كالحبر والنورة قدامه مقوسًا كالهلال، أو عن يمينه وشماله كالعصا، (ثم) إذا فعل واحدًا من هذه الأمور وصلى (لا يضره) في حلاته بنقصان أجرها (ما مر بين يديه) أي: قدامه وراء السترة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة (103)، باب الخط إذا لَمْ يجد عصا، رقم (689).
فدرجته أنه ضعيف السند؛ لأن فيه راويين مجهولين؛ أبا عمرو بن محمد بن عمرو بن حريث، فاختلفوا في اسمه: فقيل: أبو عمرو بن محمد بن عمرو بن حريث، أو ابن محمد بن عمرو بن حريث، وقيل: محمد بن عمرو بن حريث، وقيل غير ذلك، وحريث بن سليم؛ فإنه مجهول، قيل: إنه حريث بن سليم، وقيل: حريث بن سليمان، وقيل: حريث بن عمار.
وفي "العون": إن حديث الخط المذكور أخرجه أيضًا ابن حبان وصححه والبيهقي، وصححه أحمد وعلي بن المديني فيما نقله ابن عبد البر في "الاستذكار" قاله الشوكاني، وأخذ به أحمد وغيره، فجعلوا الخط عند العجز عن السترة سترة، وأما الأئمة الثلاثة والجمهور .. فلم يعملوا به وقالوا: هذا الحديث في سنده اضطراب فاحش، كما ذكره العراقي في "ألفيته"، وقال الحافظ ابن حجر: وأورده ابن الصلاح مثالًا للمضطرب، ونوزع في ذلك، قال في "بلوغ المرام": ولم يصب من زعم أنه مضطرب. انتهى منه.
قلت: فهذا الحديث: ضعيف السند، صحيح بما قبله في المتن في غير
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الخط؛ أي: قوله: (فليخط خطًا)، وأما في الخط .. فضعيف متنًا وسندًا عند الجمهور إلَّا عند أحمد ومن وافقه.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: أربعة:
الأول للاستدلال، والباقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم