المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(4) - (221) - باب السجود - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة كتاب الأذان (1)

- ‌(1) - (218) - بَابُ الرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(2) - (219) - بَابُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ

- ‌(3) - (220) - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ

- ‌فائدة

- ‌(4) - (221) - بَابُ السُّجُودِ

- ‌(5) - (222) - بَابُ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(6) - (223) - بَابُ الاعْتِدَالِ فِي السُّجُودِ

- ‌(7) - (224) - بَابُ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (225) - بَابُ مَا يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌(9) - (226) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌(10) - (227) - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(11) - (228) - بَابُ مَا يُقَالُ فِي التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) - (229) - بَابُ الْإِشَارَةِ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌(13) - (230) - بَابُ التَّسْلِيمِ

- ‌فائدة

- ‌(14) - (231) - بَابُ مَنْ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً

- ‌(15) - (232) - بَابُ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ

- ‌(16) - (233) - بَاب: لَا يَخُصُّ الْإِمَامُ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ

- ‌(17) - (234) - بَابُ مَا يُقَالُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(18) - (235) - بَابُ الانْصِرَافِ مِنَ الصَّلَاةِ

- ‌(19) - (236) - بَاب: إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَوُضِعَ الْعَشَاءُ

- ‌(20) - (237) - بَابُ الْجَمَاعَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ

- ‌فرع

- ‌(21) - (238) - بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ

- ‌(22) - (239) - بَابُ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي

- ‌(23) - (240) - بَابُ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(24) - (241) - بَابٌ: ادْرَأْ مَا اسْتَطَعْتَ

- ‌(25) - (242) - بَابُ مَنْ صَلَّى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ

- ‌(26) - (243) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُسْبَقَ الْإِمَامُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(27) - (244) - بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(28) - (245) - بَابُ مَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كارِهُونَ

- ‌(29) - (246) - بَاب: الاثْنَانِ جَمَاعَةٌ

- ‌(30) - (247) - بَابُ مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ

- ‌(31) - (248) - بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ

- ‌(32) - (249) - بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ

- ‌(33) - (250) - بَابٌ: مَنْ أَمَّ قَوْمًا. . فَلْيُخَفِّفْ

- ‌(34) - (251) - بَابُ الْإِمَامِ يُخَفِّفُ الصَّلَاةَ إِذَا حَدَثَ أَمْرٌ

- ‌(35) - (252) - بَابُ إِقَامَةِ الصُّفُوفِ

- ‌(36) - (253) - بَابُ فَضلِ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ

- ‌(37) - (254) - بَابُ صُفُوفِ النِّسَاءِ

- ‌(38) - (255) - بَابُ الصَّلَاةِ بَيْنَ السَّوَارِي فِي الصَّفِّ

- ‌(39) - (256) - بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ

- ‌(40) - (257) - بَابُ فَضْلِ مَيْمَنَةِ الصَّفِّ

- ‌(41) - (258) - بَابُ الْقِبْلَةِ

- ‌(42) - (259) - بَابٌ: مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ .. فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ

- ‌(43) - (260) - بَابٌ: مَنْ أَكلَ الثُّومَ .. فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسْجِدَ

- ‌(44) - (261) - بَابُ الْمُصَلِّي يُسَلَّمُ عَلَيْهِ كيْفَ يَرُدُّ

- ‌(45) - (262) - بَابُ مَنْ يُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ

- ‌(46) - (263) - بَابُ الْمُصَلِّي يَتَنَخَّمُ

- ‌(47) - (264) - بَابُ مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ

- ‌(48) - (265) - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌(49) - (266) - بَابُ السُّجُودِ عَلَى الثِّيَابِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ

- ‌(50) - (267) - بَابُ التَّسْبِيحِ لِلرِّجَالِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(51) - (268) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ

- ‌(52) - (269) - بَابُ كَفِّ الشَّعْرِ وَالثَّوْبِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(53) - (270) - بَابُ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(54) - (271) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثوْبِ الْوَاحِدِ

- ‌(55) - (272) - بَابُ سُجُودِ الْقُرْآنِ

- ‌(56) - (273) - بَابُ عَدَدِ سُجُودِ الْقُرْآنِ

- ‌(57) - (274) - بَابُ إِتْمَامِ الصَّلَاةِ

- ‌(58) - (275) - بَابُ تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ

- ‌(59) - (276) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ

- ‌فائدة

- ‌(60) - (277) - بَابُ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ

الفصل: ‌(4) - (221) - باب السجود

(4) - (221) - بَابُ السُّجُودِ

(12)

- 861 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَجَدَ .. جَافَى يَدَيْهِ، فَلَوْ أَنَّ بَهْمَةً أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمَرَّتْ.

===

(4)

- (221) - (باب السجود)

(12)

- 861 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) السلمي الدمشقي، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن عبد الله ابن الأصم) العامري الكوفي، مقبول، من السادسة. يروي عنه:(م د س ق).

(عن عمه يزيد بن الأصم) اسمه عمرو بن عبيد بن معاوية البكائي -بفتح الموحدة وتشديد الكاف- أبي عوف الكوفي، نزل الرقة وهو ابن أخت ميمونة أم المؤمنين، يقال: له رؤية ولم تثبت، ثقة، من الثالثة، مات سنة ثلاث ومئة (103 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن ميمونة) بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان) دائمًا (إذا سجد) أي: أراد السجود .. (جافى) أي: باعد (يديه) أي: عضديه عن جنبيه، (فلو أن بهمة) أي: بهيمة صغيرة كالسخلة، والبهمة -بفتح الباء وسكون الهاء-: الواحدة من أولاد الغنم، تطلق على الذكر والأنثى والتاء للوحدة، والبهم بلا تاء يطلق على الجمع، (أرادت أن تمر بين يديه) وجنبيه .. (لمرت) تلك البهمة لمبالغة تباعد يديه

ص: 33

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

عن جنبيه، وفي رواية مسلم:(فرج بين يديه) بالتشديد من التفريج؛ أي: فرق ووسع وباعد (بين يديه) وجنبيه؛ أي: نحى وجافى كل يد عن الجنب الذي يليها.

قال الأبي: يريد بين يديه وجنبيه، فهو من حذف المعطوف؛ كقوله تعالى:{تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (1) أي: والبرد وهو المسمى عند البديعين بالاكتفاء، ويبعد أن تكون يديه تثنية يد وجنب على التغليب كالعمرين والقمرين، وإنما جافى يديه عن جنبيه؛ لأنه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض، قال النووي: معنى التفريج والتجافي والتجنيح والتخوية واحد؛ وهو مباعدة المرفقين والعضدين عن الجنبين في السجود. انتهى.

قوله: (فلو أن بهمة) أي: سخلة؛ أي: ولد ضأن أو عنز (أرادت أن تمر بين يديه) أي: تحت إبطيه، كما هو رواية أبي داوود، ذكره في "المشكاة" .. (لمرت) تحت يديه لمباعدته مرفقيه وعضديه عن جنبيه، وهذا الحديث يدل على شدة رفع بطنه عن الأرض وتجنيبه، (والبهمة) ولد الضأن والمعز، كما مر على ما يفهم من "القاموس" ذكرًا كان أو أنثى، وقال أبو عبيدة وغيره من أهل اللغة: البهمة -بفتح الباء- واحدة البهم -بضمها- وهي أولاد الغنم من الذكور والإناث، وجمع البهم بهام - بكسر الباء - وهي في الحديث أنثى، بدليل تأنيث الفعل، أفاده ملا على. انتهى من "الكوكب".

وفي "الكشاف" في تفسير سورة النمل: أن قتادة بن دعامة دخل الكوفة، فالتف عليه الناس، فقال: سلوا ما شئتم، وكان أبو حنيفة حاضرًا وهو غلام حدث، فقال: سلوه عن نملة سليمان أكانت ذكرًا أم أنثى؟ فسألوه، فأفحم،

(1) سورة النحل: (81).

ص: 34

(13)

- 862 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ دَاوُودَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَقْرَمَ الْخُزَاعِيِّ،

===

فقال أبو حنيفة: كانت أنثى، فقيل له: من أين عرفت؟ قال: من كتاب الله؛ وهو قوله: {قَالَتْ نَمْلَةٌ} (1)، ولو كانت ذكرًا .. لقال: قال نملة؛ وذلك أن النملة مثل الحمامة والشاة في وقوعهما على الذكر والأنثى، فيميز بينهما بعلامة نحو قولهم: حمامة ذكر وحمامة أنثى، وهو وهي. انتهى، وما نحن فيه نظيره.

وهذا الحديث يدل على شدة رفع بطنه عن الأرض وتجنيحه، وهذا كله حكم الرجال، فأما النساء .. فحكمهن عند مالك حكم الرجال إلا أنه يستحب لهن الانضمام والاجتماع، وخيرهن أبو حنيفة في الانفراج والانضمام، وذهب السلف إلى أن سنتهن التربع، وحكم الفرائض والنوافل في هذا سواء. انتهى "قرطبي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم وأبو داوود والنسائي.

فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستدلال به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ميمونة بحديث عبد الله بن أقرم رضي الله عنهم، فقال:

(13)

- 862 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن داوود بن قيس) الفراء الدباغ أبي سليمان القرشي مولاهم المدني، ثقة فاضل، من الخامسة، مات في خلافة أبي جعفر. يروي عنه:(م عم).

(عن عبد الله بن عبيد الله بن أقرم الخزاعي) حجازي ثقة، من الثالثة.

يروي عنه: (ت س ق).

(1) سورة النمل: (18).

ص: 35

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي بِالْقَاعِ مِنْ نَمِرَةَ، فَمَرَّ بِنَا رَكْبٌ فَأَنَاخُوا بِنَاحِيَةِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ لِي أَبِي: كُنْ فِي بَهْمِكَ حَتَّى آتِيَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَأُسَائِلَهُمْ قَالَ: فَخَرَجَ وَجِئْتُ - يَعْنِي: دَنَوْتُ - فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ

===

(عن أبيه) عبد الله بن أقرم - بتقديم القاف على الراء- ابن زيد الخزاعي أبي معبد الحجازي، له ولأبيه صحبة رضي الله تعالى عنهما، له عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد في الصلاة، ويروي عنه ابنه عبيد الله، ويروي عنه:(ت س ق) وهو صحابي مقل.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) عبيد الله بن عبد الله: (كنت مع أبي) عبد الله بن أقرم (بالقاع)، والقاع: أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والآكام (من) أرض (نمرة)، ونمرة: مكان معروف بقرب عرفة، (فمر بنا ركب) أي: جماعة راكبون الجمال، (فأناخوا) أي: أبركوا وأضجعوا جمالهم (بناحية الطريق) أي: في جانب الطريق هناك وقربه، (فقال لي أبي) أي: والدي عبد الله بن الأقرم: (كن) جالسًا يا ولدي هنا (في بهمك) أي: في غنمك وسخالك (حتى آتي هؤلاء القوم) الجمالين النازلين ها هنا (فأُسَائِلهم) الأخبار، وأستخبرهم عن أحوال الناس، أو أسألهم عمن هم؟

(قال) عبيد الله: (فخرج) أبي من عندي وذهب إليهم، ثم رجع إلي من عندهم، فقال لي: ذهبتُ من عندك إلى القوم (وجئتـ) ـهم (يعني) أبي بقوله جئتهم: (دنوت) إليهم وقربت منهم، (فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فيهم؛ أي: ففاجأني رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، (فحضرتِ الصلاة) ولم أر من عين تلك الصلاة؛ أي: حضرت وقت الصلاة،

ص: 36

فَصَلَّيْتُ مَعَهُمْ، فَكُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عُفْرَتَي إِبْطَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّمَا يسَجَدَ، قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: النَّاسُ يَقُولُونَ: عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: يَقُولُ النَّاسُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ.

===

فأذنوا فأقاموا، فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم، (فصليت معهم) تلك الصلاة، (فكنت) أنا (أنظر) وأنا في الصلاة (إلى عُفرتَي) وبياضي (إبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما سجد) رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لشدة تجافي عضديه عن جنبيه.

قوله: (كنت بالقاع) قال في "القاموس": القاع أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت وبعدت عنها الجبال والآكام، يجمع على قيع وقيعة وقيعان - بكسر أولهن - وأقواع وأقوع. انتهى، (من نمرة) -بفتح فكسر- قال في "القاموس": نمرة كفرحة: موضع بعرفات، أو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك خارجًا من المازمين. انتهى، (إلى عفرتي إبطيه) والعفرة - بالضم -: هو بياض غير خالص، بل كلون عفر الأرض، وهو وجهها؛ أراد منبت الشعر من الإبطين بمخالطة بياض الجلد سواد الشعر، كذا في "المجمع". انتهى "تحفة الأحوذي".

قال أبو الحسن القطان تلميذ المؤلف: (قال) لنا شيخنا (ابن ماجه: الناس يقولون: عبيد الله بن عبد الله) بتصغير الأول وتكبير الثاني (وقال أبو بكر بن أبي شيبة) في روايته لنا: (يقول الناس: عبد الله بن عبيد الله) بتكبير الأول وتصغير الثاني، والصواب الذي عليه كتب الرجال هو الأول.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في التجافي في السجود، رقم (274)، قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن أقرم حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث داوود بن قيس، ولا يعرف لعبد الله بن

ص: 37

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أقرم عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، والعمل عليه عند أهل العلم، وهذا الحديث يدل عل أن السنة في السجود أن ينحي يديه عن جنبيه، ولا خلاف في ذلك، وأخرجه النسائي أيضًا في كتاب الافتتاح، باب صفة السجود، رقم (1107).

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شواهد، فغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث ميمونة.

قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن عباس وابن بحينة وجابر وأحمر بن جزء وميمونة وأبي حميد وأبي أسيد وأبي مسعود وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة والبراء بن عازب وعدي ابن عميرة وعائشة.

أما حديث ابن عباس .. فأخرجه أحمد، ولفظه قال:(أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلفه، فرأيت بياض إبطيه وهو مجنح قد فرج يديه).

وأما حديث ابن بحينة عبد الله، وبحينة اسم أمه .. فأخرجه الشيخان، ولفظه:(إذا صلى .. فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه).

وأما حديث جابر .. فأخرجه أحمد، وأبو عوانة في "صحيحه"، ولفظه:(إذا سجد .. جافى حتى يرى بياض إبطيه).

وأما حديث أحمر بن جزء .. فأخرجه أحمد وأبو داوود وابن ماجه، وصححه ابن دقيق العيد على شرط البخاري، ولفظه: قال: (إن كنا لنأوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجافي مرفقيه عن جنبيه إذا سجد).

وأما حديث ميمونة وأبي حميد .. فأخرجه مسلم، ولفظهما:(كان إذا سجد .. خَوَّى بيديه حتى يرى وضح إبطيه).

ص: 38

(13)

- 862 - (م) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَصَفْوَانُ بْنُ عِيسَى وَأَبُو دَاوُودَ

===

وأما حديث أبي أسيد وأبي مسعود وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة .. فلينظر من أخرجه.

وأما حديث البراء .. فأخرجه أحمد، وفيه:(كان إذا سجد .. بسط كفيه، ورفع عجيزته وخوى)، ورواه ابن خزيمة والنسائي وغيرهما بلفظ:(كان إذا جنح)، يقال: جنح الرجل في صلاته إذا مد ضبعيه، وقال الهروي: أي: فتح عضديه، وخوى؛ يعني جنح.

وأما حديث عدي بن عميرة .. فأخرجه الطبراني بمثل حديث جابر المذكور.

وأما حديث عائشة .. فأخرجه مسلم بلفظ: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع). انتهى من "تحفة الأحوذي".

* * *

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن أقرم رضي الله تعالى عنه، فقال:

(13)

- 862 - (م)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري.

(حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(وصفوان بن عيسى) الزهري أبو محمد البصري القسام، ثقة، من التاسعة، مات سنة مئتين (200 هـ)، وقيل قبلها بقليل، وقيل بعدها. يروي عنه:(م عم).

(وأبو داوود) الطيالسي سليمان بن داوود بن الجاورد، ثقة، من التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ). يروي عنه:(م عم).

ص: 39

قَالُوا: حَدَّثَنَا دَاوُودُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَقْرَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.

(14)

- 863 - (3) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ،

===

(قالوا: حدثنا داوود بن قيس، عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه).

وهذا السند من خماسياته، غرضه: بيان متابعة هؤلاء الثلاثة؛ أعني: عبد الرحمن وصفوان وأبا داوود لوكيع بن الجراح، وساقوا نحوه؛ أي: نحو حديث وكيع السابق؛ أي: قريبه، والنحو عبارة عن الحديث اللاحق الموافق للسابق في بعض ألفاظه ومعناه.

* * *

ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، فقال:

(14)

- 863 - (3)(حدثنا الحسن بن علي) بن محمد الهذلي (الخلال) الحلواني -بضم المهملة- المكي، ثقة حافظ، له تصانيف، من الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وأربعين (242 هـ). يروي عنه:(خ م د ت ق).

(حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي أبو خالد الواسطي، ثقة متقن عابد، من التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ)، وقد قارب التسعين. يروي عنه:(ع).

(أخبرنا شريك) بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، صدوق يخطئ كثيرًا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، من الثامنة، مات سنة سبع أو ثمان وسبعين ومئة (178 هـ). يروي عنه:(م عم).

ص: 40

عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْير قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ .. وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ .. رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ.

===

(عن عاصم بن كليب) بن شهاب بن المجنون الجرمي الكوفي، صدوق، رمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة بضع وثلاثين ومئة. يروي عنه:(م عم).

(عن أبيه) كليب بن شهاب الجرمي الكوفي، صدوق، من الثانية، ووهم من ذكره في الصحابة. يروي عنه:(عم).

(عن وائل بن حجر) بن سعد بن مسروق الحضرمي الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنه، مات في ولاية معاوية رضي الله تعالى عنه. يروي عنه:(م عم).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه شيريكًا، وهو صدوق يخطئ كثيرًا، وقد تفرد برواية هذا الحديث عن عاصم، وهو ضعيف فيما تفرد به.

(قال) وائل: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد) أي: إذا أراد السجود .. (وضع ركبتيه) على الأرض (قبل) وضع (يديه) أي: كفيه عليها، (وإذا قام) وارتفع (من السجود .. رفع يديه) أي: كفيه من الأرض (قبل) رفع (ركبتيه) الشريفتين.

قوله: (إذا سجد .. وضع ركبتيه قبل يديه) قال صاحب "التحفة": استدل به من قال بوضع الركبتين قبل اليدين، لكن الحديث ضعيف؛ لأنه تفرد به شريك في روايته عن عاصم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب

ص: 41

(15)

- 864 - (4) حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ

===

كيف يضع ركبتيه قبل يديه في السجود، رقم (828)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود، رقم (268)، (55/ 159).

فدرجة هذا الحديث: أنه ضعيف متنًا وسندًا (2)(110)؛ لضعف سنده، كما عرفت آنفًا، وغرضه بسوقه: الاستئناس به للترجمة.

وقال البخاري في "صحيحه": قال نافع: كان ابن عمر يضع يديه قبل ركبتيه. انتهى، وقال الشوكاني في "النيل": وذهبت العِتْرة والأوزاعي ومالك وابن حزم إلى استحباب وضع اليدين قبل الركبتين، وهي رواية عن أحمد، وروى الحازمي عن الأوزاعي أنه قال: أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم، قال ابن أبي داوود: وهو قول أصحاب الحديث. انتهى، انتهى من "تحفة الأحوذي".

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ميمونة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(15)

- 864 - (4)(حدثنا بشر بن معاذ) العقدي -بفتحتين- أبو سهل (الضرير) البصري، صدوق، من العاشرة، مات سنة بضع وأربعين ومئتين. يروي عنه:(ت س ق).

(حدثنا أبو عوانة) وضاح -بفتحتين وتشديد الضاد المعجمة- ابن عبد الله اليشكري الواسطي البزاز مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة خمس أو ست وسبعين ومئة، وهو ابن سبعين سنة. يروي عنه:(ع).

ص: 42

وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ".

===

(وحماد بن زيد) بن درهم الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت فقيه، قيل: إنه كان ضريرًا، ولعله طرأ عليه؛ لأنه صح أنه كان يكتب، من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ)، وله إحدى وثمانون سنة. يروي عنه:(ع).

كلاهما رويا (عن عمرو بن دينار) الجمحي المكي، ثقة ثبت، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن طاووس) بن كيسان الحميري مولاهم الصنعاني، ثقة، من الثالثة، مات سنة ست ومئة، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمرت) أي: أمرني ربي أنا ومن اتبعني بـ (أن أسجد على سبعة أعظم) أي: على سبعة أعضاء: اليدين والركبتين والقدمين والجبهة، وقوله:"على سبعة أعظم" من إطلاق الجزء وإرادة الكل؛ لأن العظم بعض العضو، فلو أخل المصلي واحدًا من هذه السبعة .. بطلت صلاته.

نعم؛ في السجود على اليدين والركبتين والقدمين قولان عند الشافعية، صحح الرافعي الاستحباب، فلا يجب وضعها على الأرض؛ لأنه لو وجب وضعها .. لوجب الإيماء بها عند العجز عن وضعها كالجبهة، ولا يجب الإيماء بها، فلا يجب وضعها عند القدرة، واستدل له بعضهم بحديث المسيء صلاته، حيث قال فيه: ومكن جبهتك على الأرض، ولم يذكر هذه الأعضاء الستة.

ص: 43

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأجيب عنه: بأن غايته أنه مفهوم لقب، والمنطوق مقدم عليه، وليس هو من باب تخصيص العموم، وصحح النووي وجوب وضعها؛ لحديث الباب، وهو مذهب أحمد وإسحاق، ويكفي وضع جزء من كل واحد منها والاعتبار في اليدين بباطن الكفين سواء الأصابع والراحة، وفي القدمين ببطون الأصابع، ولا يجب كشف شيء منها إلا الجبهة.

نعم؛ يسن كشف اليدين والقدمين؛ لأن في سترهما منافاة للتواضع الذي هو صفة المتعبِّد، ويكره كشف الركبتين؛ لما يحذر من كشف العورة.

فإن قلت: ما الحكمة في عدم وجوب كشف القدمين؟

أجيب: بأن الشارع وقت المسح على الخف بمدة يقع فيها الصلاة بالخف، فلو وجب كشف القدمين .. لوجب نزع الخف المقتضي لنقض الطهارة، فتبطل الصلاة، وعورض بأن المخالف له أن يخص لابس الخف لأجل الرخصة. انتهى "قسطلاني".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأذان، باب السجود على سبعة أعظم، رقم (809)، وفي مواضع أخر، ومسلم في كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب، رقم (227)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود، رقم (889)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في السجود على سبعة أعظم، رقم (273)، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب التطبيق، باب على كم يسجد، رقم (1092).

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.

* * *

ص: 44

(15)

- 864 - (م) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ، وَلَا أَكُفَّ شَعَرًا وَلَا ثَوْبًا"،

===

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(15)

- 864 - (م)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا سفيان) بن عيينة الهلالي الكوفي ثم المكي، ثقة حجة إمام، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الله (بن طاووس) بن كيسان الحميري مولاهم الفارسي أبي محمد اليماني، ثقة فاضل عابد، من السادسة. يروي عنه:(ع)، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ).

(عن أبيه) طاووس بن كيسان، ثقة، من الثالثة، مات سنة ست ومئة، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، غرضه: بيان متابعة ابن طاووس لعمرو بن دينار.

(قال) ابن عباس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أسجد على سبع) أعضاء، (و) أمرت أن (لا أكف) وأجمع وأضم بيدي (شعرًا) في حال السجود والركوع، (و) أن (لا) أكف وأجمع (ثوبًا) بيدي في حال الصلاة، وهذا ظاهر الحديث، وإليه مال الداوودي، ورده القاضي عياض

ص: 45

قَالَ ابْنُ طَاوُوسٍ: فَكَانَ أَبِي يَقُولُ: الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، وَكَانَ يَعُدُّ ألْجَبْهَةَ وَالْأَنْفَ وَاحِدًا.

(16)

- 865 - (5) حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ،

===

بأنه خلاف ما عليه الجمهور؛ فإنهم كرهوا ذلك للمصلي سواء فعله في حال الصلاة أو خارجها، والنهي هنا محمول على التنزيه، والحكمة فيه أن الشعر والثوب يسجد معه، أو أنه إذا رفع شعره أو ثوبه عن مباشرة الأرض أشبه المتكبر.

وقوله "أكف" بضم الكاف؛ لأنه من باب رد، قال سفيان بالسند السابق:(قال) لنا (ابن طاووس) عند روايته لنا هذا الحديث: (فكان أبي) طاووس (يقول) في بيان الأعضاء السبع على طريق عطف البيان أو البدل من السبع: (اليدين والركبتين والقدمين) فهذه ست أعضاء، (وكان) أبي (يعد الجبهة والأنف) جميعًا (واحدًا) من السبع الأعضاء، وفي هذه الرواية بيان أن عد الأعضاء السبع لم يكن من ابن عباس، تركها مجملة بلا تفصيل؛ لأنها معلومة عندهم.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث ميمونة بحديث العباس بن المطلب رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(16)

- 865 - (5)(حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب) المدني نزيل مكة، صدوق ربما وهم، من العاشرة، مات سنة أربعين أو إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم) سلمة بن دينار المدني، صدوق فقيه،

ص: 46

عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِذَا سَجَدَ الْعَبْدُ .. سَجَدَ مَعَهُ سَبْعَةُ آرَابٍ: وَجْهُهُ وَكَفَّاهُ وَرُكْبَتَاهُ وَقَدَمَاهُ".

===

من الثامنة، مات سنة أربع وثمانين ومئة (184 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن يزيد) بن عبد الله بن أسامة (بن الهاد) الليثي أبي عبد الله المدني، ثقة مكثر، من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين ومئة (139 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن محمد بن إبراهيم) بن الحارث بن خالد (التيمي) أبي عبد الله المدني، ثقة، من الرابعة، له أفراد، مات سنة عشرين ومئة (120 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

(عن عامر بن سعد) بن أبي وقاص الزهري المدني، ثقة كثير الحديث، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن العباس بن عبد المطلب) بن هاشم عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله تعالى عنه، له خمس وثلاثون حديثًا.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أنه) أي: أن العباس (سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سجد العبد) في صلاته مثلًا .. (سجد معه سبعة آراب) قال السندي: جمع إرب - بكسر وسكون - وهو كأعضاء وزنًا ومعنىً، وأنث اسم العدد؛ لأن المعدود مذكر، وفي رواية مسلم:"سبعة أطراف"، وقوله:(وجهه) أي: جبهته (وكفاه وركبتاه وقدماه) .. بدل من سبعة آراب، بدل تفصيل من مجمل، والمعنى: إذا أراد العبد السجود .. سجد بسبعة آراب؛ أي: أعضاء.

ص: 47

(17)

- 866 - (6) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ،

===

قال المازري في "شرح مسلم": قوله: "سجد معه سبعة آراب" قال الهروي: الآراب: الأعضاء؛ وهو جمع إرب؛ وهو في الأصل عضو الشهوة، كما في حديث عائشة:(أيكم أملك لإربه؟ ) قال القاضي عياض: وهذا اللفظ لم يقع عند شيوخنا في "مسلم"، ولا هي في النسخ التي رأينا، والتي في كتاب مسلم سبعة أعظم. انتهى، قال الزيلعي: والذي يظهر - والله أعلم - أن أحدهم سبق بالوهم، فتبعه الباقون، وهو محلُّ اشتباه. انتهى من "العون" باختصار.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود، رقم (491)، وفيه (أطراف) بدلًا من (آراب)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في السجود على سبعة أعظم، قال: وفي الباب عن ابن عباس وأبي هريرة وجابر وأبي سعيد، قال أبو عيسى: حديث العباس حديث حسن صحيح، وعليه العمل عند أهل العلم، والنسائي في كتاب التطبيق.

فدرجته: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث ميمونة بحديث أحمر بن جزء رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(17)

- 866 - (6)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، حدثنا عباد بن راشد) التميمي مولاهم البصري البزار - آخره راء - قريب داوود بن أبي هند، صدوق له أوهام، من السابعة. يروي عنه:(خ د س ق).

(عن الحسن) بن أبي الحسن يسار - بالتحتانية والمهملة - الأنصاري

ص: 48

حَدَّثَنَا أَحْمَرُ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَأْوِي لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يُجَافِي بِيَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ إِذَا سَجَدَ.

===

مولاهم أبي سعيد البصري، أحد الأئمة الأعلام، ثقة فقيه فاضل عابد مشهور، وكان يرسل كثيرًا ويدلس، وهو رأس أهل الطبقة الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ)، قيل: إنه ولد سنة إحدى وعشرين لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله تعالى عنه. يروي عنه: (ع).

(حدثنا أحمر) بن جزء -بفتح الجيم وسكون الزاي ثم همز آخره- تفرد الحسن البصري بالرواية عنه. يروي عنه: (د ق)، (صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة، وفي "العون": قيل: لم يرو عنه غير الحسن، ولم يرو هو عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث، وكنيته أبو جزي.

(قال) أحمر بن جزء: (إن) مخففة من الثقيلة بدليل ذكر اللام الفارقة بعدها؛ أي: إنه (كنا) معاشر الصحابة (لنأوي) من أوى يأوي من باب رمى؛ إذا رق قلبه لغيره وتألم له وترحم؛ أي: إن كنا لنأوي؛ أي: لنترحم وترق قلوبنا وتشفق وتتحزن وتتألم وتتوجع (لـ) أجل تعب (رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشقته (مما يجافي بيديه) أي: بسبب مجافاته ومباعدته بيديه (عن جنبيه إذا سجد) أي: نتأسف ونحزن لما نراه في شدة وتعب وتحمل مشقة بسبب المبالغة في مجافاة اليدين عن الجنبين بلا اعتماد على شيء وقت سجوده في الصلاة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب صفة السجود، رقم (895).

ص: 49

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثمانية أحاديث:

الأول للاستدلال، وأربعة للاستشهاد، وواحد للاستئناس، وذكر فيه متابعتين؛ واحدة في حديث عبد الله بن أقرم، وواحدة في حديث عبد الله بن عباس.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 50