الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(44) - (261) - بَابُ الْمُصَلِّي يُسَلَّمُ عَلَيْهِ كيْفَ يَرُدُّ
(147)
- 996 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسْجِدَ قُبَاءٍ يُصَلِّي فِيهِ، فَجَاءَتْ رِجَالٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَسَأَلْتُ صُهَيْبًا وَكَانَ مَعَهُ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: كَانَ
===
(44)
- (261) - (باب المصلي يسلم عليه كيف يرد)
(147)
- 996 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق (الطنافسي) الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه: (ق).
(قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم) العدوي مولاهم، مولى عمر، أبي عبد الله المدني، ثقة عالم، وكان يرسل، من الثالثة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) ابن عمر: (أتى) أي: جاء (رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء) زائرًا له، وكان (يصلي فيه) تحية المسجد، (فجاءت رجال من الأنصار) من جيران المسجد وهم بنو عمرو بن عوف، وكانوا (يسلمون عليه) صلى الله عليه وسلم، قال ابن عمر:(فسألت صهيبًا) الرومي، (وكان) صهيب (معه) صلى الله عليه وسلم، فقلت لصهيب:(كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم) السلام؟ (قال) صهيب: (كان) رسول الله صلى الله عليه
يُشِيرُ بِيَدِهِ.
===
وسلم (يشير بيده) الشريفة إلى الرد عليهم برفعها، وفي حديث صهيب:(بإصبعه)، فهو يعارض حديث ابن عمر:(بيده).
قلت: ولا تعارض بينهما، فيجوز أن يكون مرة بإصبعه، ومرة بيده، ويحتمل أن يكون المراد باليد: الإصبع حملًا للمطلق على المقيد، قاله الشوكاني. انتهى "تحفة الأحوذي".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن بلال وأبي هريرة وأنس وعائشة، وأحاديث الباب تدل على جواز رد السلام بالإشارة في الصلاة، وهو مذهب الجمهور وهو الحق، واختلف الحنفية: فمنهم من كرهه ومنهم الطحاوي، ومنهم من قال: لا بأس به، واستدل المانعون بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التسبيح للرجال" يعني: في الصلاة "والتصفيق للنساء، من أشار في صلاته إشارة تفهم منه .. فليعدها"؛ يعني: الصلاة رواه أبو داوود، والجواب أن هذا الحديث ضعيف لا يصلح الاحتجاج به؛ فإن في سنده محمد بن إسحاق وهو مدلس، ورواه عن يعقوب بن عتبة بالعنعنة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الإشارة في الصلاة، رقم (365)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب رد السلام في الصلاة (927)، وابن خزيمة في "صحيحه" في كتاب الصلاة، والدارمي.
فدرجة الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به.
* * *
واستشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث جابر رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(148)
- 997 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَةٍ ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ .. دَعَانِي فَقَالَ: "إِنَّكَ
===
(148)
-997 - (2)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي (المصري) ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).
(أنبأنا الليث بن سعد) المصري، الفهمي، ثقة حجة إمام، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي الزبير) المكي الأسدي مولاهم محمد بن مسلم بن تدرس، صدوق، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر) بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) جابر: (بعثني النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة) أي: أرسلني لحاجة من حوائجه ونحن في سفر غزوة بني المصطلق في شعبان سنة ست من الهجرة، ولم أر من عيّن تلك الحاجة، (ثم) بعدما قضيت حاجته .. (أدركته) أي: لحقته في الطريق (وهو) صلى الله عليه وسلم (يصلي) النافلة على راحلته، (فسلمت عليه) أي: قلت له: السلام عليكم يا رسول الله، (فـ) ـلم يرد عليّ سلامي عليه بالكلام " لمنع الكلام في الصلاة، ولكن (أشار إلي) أي: إلى رد سلامي بيده الشريفة برفعها، ثم خفضها.
(فلما فرغ) من صلاته .. (دعاني، فـ) سألني عن قضاء حاجته، ثم اعتذر إلي في عدم رد السلام عليّ بالكلام، فـ (قال) في اعتذاره:(إنك)
سَلَّمْتَ عَلَيَّ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي".
(149)
- 998 - (3) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ،
===
يا جابر (سلمت على آنفًا) أي: في زمن قريب، (و) الحال (أنا أصلي) أي: مشغول بصلاة النافلة، فلم أرد عليك سلامك باللفظ؛ لأن في الصلاة شغلًا يمنع من كلام الآدميين، فلا يجوز الكلام فيها برد السلام على المسلم ولا بغيره، وفي رواية مسلم زيادة:(وهو) صلى الله عليه وسلم (موجه) -بكسر الجيم المشددة- أي: موجه وجهه وراحلته (حينئذ) أي: حين إذ صلى (قبل المشرق) أي: جهته؛ لأنه مقصده.
وحديث جابر هذا حجة لمالك ولمن وافقه على جواز رد المصلي سلام من سلم عليه بالإشارة، وعلى جواز ابتداء السلام على المصلي، وعلى أن العمل القليل في الصلاة لا يفسدها، وعلى منع الكلام في الصلاة، وفيه دليل على جواز التنفل على الراحلة، لكن في السفر، وعلى أنه يصلي النفل عليها حيث توجهت به، وسيأتي بسط الكلام على ذلك كله في محله إن شاء الله تعالى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الإشارة بالسلام في الصلاة، والنسائي في كتاب السهو، باب رد السلام بالإشارة في الصلاة. انتهى "تحفة الأشراف".
فدرجة الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(149)
- 998 - (3)(حدثنا أحمد بن سعيد) بن صخر (الدارمي)
حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ، فَقِيلَ لَنَا: إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا.
===
أبو جعفر السرخسي ثم النيسابوري، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئتين (253 هـ). يروي عنه:(خ م د ت ق).
(حدثنا النضر بن شميل) المازني أبو الحسن البصري ثم الكوفي النحوي، نزيل مرو وشيخها، ثقة ثبت، من كبار التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ)، وله اثنتان وثمانون سنة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا يونس بن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي أبو إسرائيل الكوفي، صدوق، يهم قليلًا، من الخامسة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئة (152 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(م عم).
(عن) أبيه (أبي إسحاق) السبيعي الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات سنة تسع وعشرين ومئة، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن أبي الأحوص) عوف بن مالك بن نضلة -بفتح النون وسكون المعجمة- الجشمي الكوفي مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة، قتل قبل المئة في ولاية الحجاج على العراق. يروي عنه:(م عم).
(عن عبد الله) بن مسعود الهذلي الكوفي رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) عبد الله: (كنا) معاشر الصحابة (نسلم في الصلاة) أي: نرد السلام علينا في الصلاة على من سلم علينا، (فقيل لنا) من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم:(إن في الصلاة لشغلًا) يشتغل به في الصلاة من القراءة والأذكار والتسبيح والتكبير، فلا تصلح لكلام الآدميين ومخاطباتهم، فلا تتكلموا فيها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
برد سلام ولا بغيره، أما حديث ابن مسعود هذا .. فقد أخرجه الشيخان مطولًا بلفظ: قال: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي .. سلمنا عليه فلم يرد علينا، فقلنا: يا رسول الله؛ كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا، فقال:"إن في الصلاة لشغلًا"، وفي الباب حديث معاوية بن الحكم، وحديث زيد بن أرقم، قال أبو عيسى: حديث زيد بن أرقم حديث حسن صحيح.
وهذا الحديث بهذا اللفظ المختصر انفرد به ابن ماجه، ولكن له شواهد في "الصحيحين" وفي غيرهما.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده؛ لأن له شواهد، فغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم