الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(23) - (240) - بَابُ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ
(78)
- 927 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّار، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِعَرَفَةَ، فَجِئْتُ أَنَا وَالْفَضْلُ عَلَى أَتَانٍ،
===
(23)
- (240) - (باب ما يقطع الصلاة)
أي: يقطع مروره بين يدي المصلي الصلاة، وهذا هو المراد من الكلام.
* * *
(78)
- 927 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي.
(حدثنا سفيان) بن عيينة.
(عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود الهذلي أبي عبد الله المدني، ثقة فقيه ثبت، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين، وقيل: ثمان وتسعين (98 هـ)، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) ابن عباس: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي) بالناس (بعرفة) في حجة الوداع، (فجئت أنا و) أخي (الفضل) بن عباس راكبين (على أتان) -بفتح الهمزة وشذ كسرها- وهي أنثى الحمر، وفي الرواية الأخرى:(على حمار)، وفي رواية للبخاري:(على حمار أتان)، قال أهل اللغة: الأتان هي الأنثى من جنس الحمير، ورواية من روى:(على حمار) محمول على إرادة الجنس، ولم يرد به الذكورية؛ كما يقال: إنسان للذكر والأنثي، ورواية البخاري مبينة للجميع. انتهى "نووي".
فَمَرَرْنَا عَلَى بَعْضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْنَا عَنْهَا وَتَرَكْنَاهَا ثُمَّ دَخَلْنَا فِي الصَّفِّ.
===
(فمررنا) أي: مررت أنا والفضل بن عباس (على بعض الصف) من الصفوف التي صفت وراء النبي صلى الله عليه وسلم، (فنزلنا عنها) أي: عن الأتان (وتركناها) أي: أطلقناها، حالة كونها ترتع، (ثم دخلنا في الصف) نصلي معهم، وفي رواية مسلم زيادة:(فلم ينكر ذلك) أي: مشينا بأتانة ولا بأنفسنا بين يدي الصف علينا (أحد) من الناس لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه.
وفي الحديث حجة على أن الإمام سترة لمن خلفه؛ لقوله: (فلم ينكر ذلك على أحد)، وهو الظاهر؛ لقوله:(فمررنا على بعض الصف)، وإن كان ذلك بموضع لَمْ يره النبي صلى الله عليه وسلم .. فقد رآه بعض أصحابه، فلم ينكروه عليه ولا أحد منهم، فدل على أنه ليس عندهم بمنكر، ولا خلاف في جواز هذا، ولا خلاف في أن السترة مشروعة للمصلي إذا كان بموضع لا يأمن فيه من المرور بين يديه، واختلف حيث يأمن، ولأصحابنا فيهما قولان: اللزوم والسقوط، واختلف العلماء: هل سترة الإمام نفسها سترة لمن وراءه، كما قاله مالك، أو هي سترة له، والإمام سترتهم، كما قاله عبد الوهاب بن عطاء؟ انتهى من "إكمال المعلم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلاة، باب سترة الإمام سترة من خلفه، ومسلم في كتاب الصلاة، باب سترة المصلي، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب من قال: الحمار لا يقطع الصلاة، والترمذي في أبواب الصلاة، باب لا يقطع الصلاة شيءٌ، قال أبو عيسى: وحديث ابن عباس حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين، قالوا: لا يقطع الصلاة شيءٌ، وبه يقول:
(79)
- 928 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ هُوَ قَاصُّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي حُجْرَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَبْدُ اللهِ أَوْ
===
سفيان الثوري والشافعي، والنسائي في كتاب القبلة، باب ذكر ما يقطع الصلاة، ومالك والدارمي وأحمد.
فالحديث في أعلى درجات الصحة، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها، فقال:
(79)
- 928 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع عن أسامة بن زيد) الليثي مولاهم أبي زيد المدني، صدوق يهم، من السابعة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ) وهو ابن بضع وسبعين. يروي عنه:(م عم).
(عن محمد بن قيس) المدني (هو قاص عمر بن عبد العزيز) ثقة، من السادسة، وحديثه عن الصحابة مرسل. يروي عنه:(م ت س ق).
(عن أبيه) مجهول (عن أم سلمة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لجهالة أبي محمد بن قيس، وكذا أمه مجهولة.
(قالت) أم سلمة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجرة أم سلمة) تعني نفسها؛ أي: في حجرتي، فهو إظهار في مقام الإضمار، (فمر بين يديه) صلى الله عليه وسلم ولدي (عبد الله) بن أبي سلمة، (أو) قالت
عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ بِيَدِهِ، فَرَجَعَ، فَمَرَّتْ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ بِيَدِهِ هكَذَا، فَمَضَتْ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم .. قَالَ:"هُنَّ أَغْلَبُ".
===
أم سلمة: فمر بين يديه ولدي (عمر بن أبي سلمة) والشك من الراوي عنها، (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم، أي: أشار (بيده) الشريفة إلى عبد الله أو إلى عمر بالرجوع وعدم المرور بين يديه، (فرجع) عبد الله أو عمر عن المرور بين يديه، فلم يمر قدامه، (فـ) جاءت و (مرت) بنتي (زينب بنت أم سلمة، فقال) أي: أشار (بيده) الشريفة إليها (هكذا) بالمرور بين يديه ولا ترجع، فأذن لها في المرور، (فمضت) أي: مرت، ومنع أحد الولدين من المرور، (فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: فلما فرغ من صلاته وسلم منها .. (قال) لنا: (هن) أي: النساء (أغلب) وأكثر في المخالفة بترك المأمورات وأكثر في المعصية بارتكاب المنهيات، فلذلك امتنع الغلام من المرور ومضت الجارية، والمطلوب أنه مضى في حلاته، فعلم أن مرورها لا يقطع الصلاة. انتهى "سندي".
فدل الحديث بمنطوقه على أن مرور المرأة لا يقطع الصلاة.
وهذا الحديث إسناده ضعيف، ووقع في بعض النسخ:(عن أمه) بدل (عن أبيه) واعتمد المزي ذلك (13/ 64) من "تحفة الأشراف"، وأخرج الحديث في ترجمة أم محمد بن قيس عن أم سلمة ولم يسمها، وأبوه أيضًا لا يعرف، والله أعلم.
وقال المزي: انفرد بهذا الحديث ابن ماجة.
ودرجة الحديث: أنه ضعيف (10)(118)، لضعف سنده، وغرضه بسوقه: الاستئناس به للترجمة.
* * *
(80)
- 929 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا جَابِرٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَقْطَعُ
===
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث آخر له رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(80)
- 929 - (3)(حدثنا أبو بكر) محمد (بن خلاد) بن كثير (الباهلي) البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م د س ق).
(حدثنا يحيى بن سعيد) القطان البصري التميمي، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه (ع).
(حدثنا شعبة، حدثنا قتادة، حدثنا جابر) بن زيد الأزدي اليحمدي أبو الشعثاء البصري الجوفي -بفتح الجيم وسكون الواو بعدها فاء- نسبة إلى درب الجوف؛ محلة بالبصرة، كذا في "اللباب" و"التقريب". روى عن: ابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، وغيرهم، ويروي عنه:(ع)، وقتادة، وعمرو بن دينار، وغيرهم. وقال عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس: لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد .. لأوسعهم علمًا من كتاب الله، وقال تميم بن حدير عن الرباب: سألت ابن عباس عن شيء، فقال: تسألوني وفيكم جابر بن زيد؟ ! مشهور ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة ثلاث وتسعين (93 هـ).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (يقطع
الصَّلَاةَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ، وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ".
===
الصلاة الكلب الأسود) أي: يقطع صلاة الرجل إذا لَمْ يكن بين يديه سترة الكلب الأسود، (والمرأة الحائض) أي: التي بلغت سن الحيض؛ يعني: المبالغة، اختلف العلماء في معنى هذا الحديث: فقال بعضهم: الحديث على ظاهره؛ يعني: أن مرور هاتين وغيرهما كالحمار تقطع الصلاة وتبطلها إذا لَمْ يكن بين يديه سترة، وقال أحمد بن حنبل: يقطعها الكلب الأسود، وفي قلبي من الحمار والمرأة شيء، وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي رحمهم الله تعالى وجمهور العلماء من السلف والخلف: لا تبطل الصلاة بمرور شيء من هؤلاء ولا من غيرها، وأوّل هؤلاء هذا الحديث على أن المراد بالقطع نقص الصلاة؛ لشغل القلب بهذه الأشياء، وليس المراد إبطالها، قاله النووي. انتهى من "العون". ولا يخلو هذا التأويل عن بُعدٍ، كما ستعرفه.
قوله: "والمرأة الحائض" يحتمل أن المراد بالغة سن الحيض، وعلى هذا فالصغيرة لا تقطع الصلاة. انتهى "سندي". وقيد الكلب الأسود دون الأحمر والأصفر والأبيض؛ لأنه شيطان، وإنما سمي شيطانًا؛ لأن الشيطان يتصور بصورة الكلاب السود، وقيل: لأنه أشد ضررًا من غيره؛ لكونه أحقر الكلاب وأخبثها وأقلها نفعًا.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب ما يقطع الصلاة، رقم (703)، والنسائي في كتاب القبلة، باب ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لَمْ يكن بين يدي المصلي سترة، رقم (750)، وأحمد.
ودرجة الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به
* * *
(81)
- 930 - (4) حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ أَبُو طَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
===
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عباس الأول بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم، فقال:
(81)
- 930 - (4)(حدثنا زيد بن أخزم) - بمعجمتين - الطائي النبهاني (أبو طالب) البصري، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، استشهد في فتنة الزنج بالبصرة، سنة سبع وخمسين ومئتين (257 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا معاذ بن هشام) بن أبي عبد الله الدستوائي البصري، صدوق ربما وهم، من التاسعة، مات سنة مئتين (200 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا أبي) هشام بن أبي عبد الله سنبر - بوزن جعفر - الدستوائي البصري، ثقة ثبت، من السابعة، وقد رمي بالقدر، من كبار السابعة، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن قتادة) بن دعامة (عن زرارة) بضم أوله (ابن أوفى) العامري الحرشي - بمهملة وراء مفتوحتين ثم معجمة - أبي حاجب البصري قاضيها، ثقة عابد، من الثالثة، مات فجأة في الصلاة سنة ثلاث وتسعين (93 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سعد بن هشام) بن عامر الأنصاري المدني، ثقة، من الثالثة، استشهد بأرض الهند. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، وفي "الزوائد": إسناده صحيح؛ فقد احتج البخاري بجميع رواته.
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَقْطَعُ الصَّلَاةَ: الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ".
(82)
- 931 - (5) حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى،
===
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقطع الصلاة) وينقص أجرها (المرأة) أي: مرور الأنثى المبالغة بين يدي المصلي إذا لَمْ يجعل سترة بين يديه، (و) كذا ينقص أجرها ولا يبطلها عند الجمهور مرور (الكلب) الأسود، (و) مرور (الحمار) مطلقًا؛ لكثرة نهيقها.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، وله شاهد من حديث أبي ذر الآتي رواه أبو داوود، رقم (702)، والترمذي في "جامعه"(1/ 161 - 162) أبواب الصلاة (253)، باب لا يقطع الصلاة إلَّا الكلب والحمار والمرأة، رقم (337)، إلَّا أنه قال: الكلب الأسود، وقال: هذا حديث حسن صحيح، قال: وفي الباب عن أبي سعيد والحكم بن عمرو وأبي هريرة وأنس.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده ولأن له شاهدًا، فغرضه: الاستشهاد به، والله أعلم.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث ابن عباس الأول بحديث عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(82)
- 931 - (5)(حدثنا جميل) مكبرًا (ابن الحسن) بن جميل -مكبرًا أيضًا - العتكي الجهضمي أبو الحسن البصري، صدوق، يخطئ أفرط فيه عبدان، من العاشرة. يروي عنه:(ق).
(حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي - بالمهملة - أبو محمد
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ،
===
البصري، ثقة، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم أبو النضر البصري، ثقة حافظ له تصانيف، وكان من أثبت الناس في قتادة، من السادسة، مات سنة ست، أو سبع وخمسين ومئة (157 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن قتادة) بن دعامة، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن الحسن) بن أبي الحسن يسار الأنصاري مولاهم البصري، ثقة، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (115 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن مغفل) - بمعجمة وفاء مشددة على صيغة اسم المفعول - ابن عبد نهم -بفتح النون وسكون الهاء- المزني أبي عبد الرَّحمن البصري الصحابي المشهور، بايع تحت الشجرة رضي الله تعالى عنه، مات سنة سبع وخمسين (57 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة.
قال البوصيري: هذا إسناد فيه مقال؛ لأن جميل ابن الحسن كذبه عبدان، وأرجو أنه لا بأس به، قال ابن عدي: لا أعلم له حديثًا منكرًا. انتهى. وذكر مسلمة الأندلسي وابن حبان في "الثقات"، وأخرج له في "صحيحه" هو وابن خزيمة، والحاكم في "المستدرك" وغيرهم، وسعيد بن أبي عروبة وإن اختلط بأخرة، إلَّا أن عبد الأعلى بن عبد الأعلى روى عنه قبل الاختلاط، ومن طريقه روى له الشيخان، وروى له ابن حبان في "صحيحه" في كتاب الصلاة، باب ما يكره للمصلي وما لا يكره، وأحمد في "المسند". انتهى من هامش المتن.
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَقْطَعُ الصَّلَاةَ: الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ".
(83)
- 932 - (6) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ،
===
(عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (قال: يقطع الصلاة) أي: ينقص أجرها كما هو مذهب الجمهور (المرأة) المبالغة، (والكلب) الأسود، (والحمار) أي: مرورها بين يدي المصلي إذا لَمْ تكن له سترة بين يديه.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ولكن درجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شواهد، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث ابن عباس الأول بحديث أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(83)
- 932 - (6)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري، غندر.
(حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي البصري.
(عن حميد بن هلال) العدوي أبي نصر البصري، ثقة عالم، توقف فيه ابن سيرين؛ لدخوله في عمل السلطان، من الثالثة. يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن الصامت) الغفاري البصري، ثقة، من الثالثة، مات دون المئة بعد السبعين. يروي عنه:(م عم).
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيِ الرَّجُلِ مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ: الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ"، قَالَ: قُلْتُ: مَا بَالُ الْأَسْوَدِ مِنَ الْأَحْمَرِ؟ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ: "الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ".
===
(عن أبي ذر) الغفاري جندب بن جنادة الربذي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (قال: يقطع الصلاة) وينقص أجرها (إذا لَمْ يكن بين يدي الرجل) وقدامه على قدر ثلاثة أذرع سترة (مثل مؤخرة الرحل) أي: قدرها وهو ثلثا ذراع، والمؤخرة الخشبة التي يستند الراكب إليها بظهره، والرحل: ما تركب عليه الدابة سرجًا كان أو قتبًا أو إكافًا أو برذعة .. (المرأة والحمار والكلب الأسود) أي: مرورها بين يديه على مقدار ثلاثة أذرع، (قال) عبد الله بن الصامت:(قلت) لأبي ذر الغفاري: (ما بال) وشأن تخصيص (الأسود من الأحمر) والأصفر والأبيض بقطعه الصلاة دونها؟ (قال) أبو ذر في جواب سؤال عبد الله بن الصامت: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكمة تخصيص الأسود بقطع الصلاة؛ أي: سألته صلى الله عليه وسلم عن حكمة تخصيص الأسود (كما سألتني) أنت يا عبد الله عن حكمة تخصيصه، (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤال:(الكلب الأسود شيطان) أي: خبيثة المنظر، كثيرة العقر، خسيسة العمل.
قوله: (قلت: ما بال الكلب الأسود؟ ) أي: ما شأنه الذي ميزه وخصه من الكلب الأحمر وغيره حيث يبطل الصلاة بمروره بين يدي المصلي؟ قوله: (الكلب الأسود شيطان) سمي شيطانًا؛ لكونه أعقر الكلاب وأخبثها وأقلها نفعًا وأكثرها نعاسًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ومن تمسك بظاهر هذا الحديث ولم يؤوله .. رأى القطع بهذه الأمور، وعلله بأن جميعها في معنى الشيطان الكلب الأسود بنص الحديث، والمرأة من جهة أنَّها تُقبل في صورة شيطان وتدبر كذلك، وأنها من حبائله، والحمار لما جاء من اختصاص الشيطان به في قصة نوح عليه السلام في السفينة، وقيل: لما في الجميع من معنى النجاسة، فالكلب الأسود شيطان، والشيطان نجس، وقد جعله صلى الله عليه وسلم خبيثًا مخبثًا رجسًا نَجسًا، والمرأة لما يظهر عليها من الحيض، وقد جاء في حديث ابن عباس:(والحائض) مكان (والمرأة)، والكلب نجس العين عند من يرى ذلك، أو لأنه لا يتوقى من النجاسة، والحمار؛ لتحريم أكل لحمه أو كراهيته ونجاسة بوله، وقد بسطنا الكلام هنا في "الكوكب الوهاج" فراجعه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصلاة، باب سترة المصلي، رقم (1/ 510)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب ما يقطع الصلاة، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في سترة المصلي، قال أبو عيسى: حديث أبي ذر حديث حسن صحيح، وقد ذهب أهل العلم إليه، والنسائي في كتاب القبلة، باب ذكر ما يقطع الصلاة.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: ستة:
الأول للاستدلال، والثاني للاستئناس، والأربعة الباقية للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم