المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(26) - (243) - باب النهي أن يسبق الإمام بالركوع والسجود - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة كتاب الأذان (1)

- ‌(1) - (218) - بَابُ الرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(2) - (219) - بَابُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ

- ‌(3) - (220) - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ

- ‌فائدة

- ‌(4) - (221) - بَابُ السُّجُودِ

- ‌(5) - (222) - بَابُ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(6) - (223) - بَابُ الاعْتِدَالِ فِي السُّجُودِ

- ‌(7) - (224) - بَابُ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (225) - بَابُ مَا يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌(9) - (226) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌(10) - (227) - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(11) - (228) - بَابُ مَا يُقَالُ فِي التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) - (229) - بَابُ الْإِشَارَةِ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌(13) - (230) - بَابُ التَّسْلِيمِ

- ‌فائدة

- ‌(14) - (231) - بَابُ مَنْ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً

- ‌(15) - (232) - بَابُ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ

- ‌(16) - (233) - بَاب: لَا يَخُصُّ الْإِمَامُ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ

- ‌(17) - (234) - بَابُ مَا يُقَالُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(18) - (235) - بَابُ الانْصِرَافِ مِنَ الصَّلَاةِ

- ‌(19) - (236) - بَاب: إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَوُضِعَ الْعَشَاءُ

- ‌(20) - (237) - بَابُ الْجَمَاعَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ

- ‌فرع

- ‌(21) - (238) - بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ

- ‌(22) - (239) - بَابُ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي

- ‌(23) - (240) - بَابُ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

- ‌(24) - (241) - بَابٌ: ادْرَأْ مَا اسْتَطَعْتَ

- ‌(25) - (242) - بَابُ مَنْ صَلَّى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ

- ‌(26) - (243) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُسْبَقَ الْإِمَامُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(27) - (244) - بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(28) - (245) - بَابُ مَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كارِهُونَ

- ‌(29) - (246) - بَاب: الاثْنَانِ جَمَاعَةٌ

- ‌(30) - (247) - بَابُ مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ

- ‌(31) - (248) - بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ

- ‌(32) - (249) - بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ

- ‌(33) - (250) - بَابٌ: مَنْ أَمَّ قَوْمًا. . فَلْيُخَفِّفْ

- ‌(34) - (251) - بَابُ الْإِمَامِ يُخَفِّفُ الصَّلَاةَ إِذَا حَدَثَ أَمْرٌ

- ‌(35) - (252) - بَابُ إِقَامَةِ الصُّفُوفِ

- ‌(36) - (253) - بَابُ فَضلِ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ

- ‌(37) - (254) - بَابُ صُفُوفِ النِّسَاءِ

- ‌(38) - (255) - بَابُ الصَّلَاةِ بَيْنَ السَّوَارِي فِي الصَّفِّ

- ‌(39) - (256) - بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ

- ‌(40) - (257) - بَابُ فَضْلِ مَيْمَنَةِ الصَّفِّ

- ‌(41) - (258) - بَابُ الْقِبْلَةِ

- ‌(42) - (259) - بَابٌ: مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ .. فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ

- ‌(43) - (260) - بَابٌ: مَنْ أَكلَ الثُّومَ .. فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسْجِدَ

- ‌(44) - (261) - بَابُ الْمُصَلِّي يُسَلَّمُ عَلَيْهِ كيْفَ يَرُدُّ

- ‌(45) - (262) - بَابُ مَنْ يُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ

- ‌(46) - (263) - بَابُ الْمُصَلِّي يَتَنَخَّمُ

- ‌(47) - (264) - بَابُ مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ

- ‌(48) - (265) - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌(49) - (266) - بَابُ السُّجُودِ عَلَى الثِّيَابِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ

- ‌(50) - (267) - بَابُ التَّسْبِيحِ لِلرِّجَالِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(51) - (268) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ

- ‌(52) - (269) - بَابُ كَفِّ الشَّعْرِ وَالثَّوْبِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(53) - (270) - بَابُ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(54) - (271) - بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثوْبِ الْوَاحِدِ

- ‌(55) - (272) - بَابُ سُجُودِ الْقُرْآنِ

- ‌(56) - (273) - بَابُ عَدَدِ سُجُودِ الْقُرْآنِ

- ‌(57) - (274) - بَابُ إِتْمَامِ الصَّلَاةِ

- ‌(58) - (275) - بَابُ تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ

- ‌(59) - (276) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ

- ‌فائدة

- ‌(60) - (277) - بَابُ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ

الفصل: ‌(26) - (243) - باب النهي أن يسبق الإمام بالركوع والسجود

(26) - (243) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُسْبَقَ الْإِمَامُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

(91)

- 940 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا أَلَّا نُبَادِرَ الْإِمَامَ بِالرُّكُوعِ

===

(26)

- (243) - (باب النهي) عن (أن يسبق الإمام بالركوع والسجود)

* * *

(91)

- 940 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن عبيد) - مصغرًا - ابن أبي أمية واسمه عبد الرَّحمن، ويقال: إسماعيل الطنافسي أبو عبد الله الكوفي الأحدب، مولى إياد. روى عن: الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وعبيد الله بن عمرو. يروي عنه:(ع)، وابنا أبي شيبة، وأحمد، وإسحاق، وغيرهم.

وقال العجلي: كوفي ثقة، وكان عثمانيًا، ووثقه الدارقطني، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث صاحب سنة، وقال في "التقريب": ثقة يحفظ، من الحادية عشرة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ).

(عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي الكوفي، ثقة قارئ، من الخامسة مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي صالح) ذكوان السمان القيسي مولاهم المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.

(قال) أبو هريرة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا) كيفية الصلاة، ويأمرنا (ألا نبادر) ولا نسابق (الإمام بالركوع) أي: إلى الركوع قبل ركوعه،

ص: 244

وَالسُّجُودِ، وَإِذَا كَبَّرَ .. فَكَبِّرُوا، وَإِذَا سَجَدَ .. فَاسْجُدُوا.

(92)

- 941 - (2) حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ

===

(و) إلى (السجود) قبل سجوده، كما يفهم من آخر الحديث ومن الترجمة أيضًا، (و) يقول لنا في تعليمها إيانا:(إذا كبر) الإمام؛ أي: شرع في التكبير؛ أي: تكبيرة كانت .. (فكبروا) عقب شروعه في التكبير ولا تسابقوه إلى التكبير، (وإذا سجد) أي: شرع في السجود .. (فاسجدوا) عقبه قبل أن يرفع رأسه من السجود، وهذا معنى المتابعة الواجبة على المأموم.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ولكن درجته: أنه صحيح متنًا وسندًا، لصحة سنده، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد له رحمه الله تعالى بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله تعالى عنه، فقال:

(92)

- 941 - (2)(حدثنا حميد بن مسعدة) بن المبارك الباهلي أبو علي البصري. روى عن: حماد بن زيد، وابن علية، وعبد الوهاب الثقفي، وجماعة، ويروي عنه:(م عم)، وأبو زرعة، وموسى بن هارون، وغيرهم.

وثقه النسائي، وقال الخطيب: كان ثقة ثبتًا حجة، وقال ابن حبان في "الثقات": كان من سادات أهل بلده فقهًا وعلمًا، وقال في "التقريب": حميد بن مسعدة السامي أو الباهلي بصري، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربع وأربعين ومئتين (244 هـ).

(وسويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل ثم الحدثاني أبو محمد الأنباري، صدوق، من قدماء العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ).

ص: 245

قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ

===

روى عن: حماد بن زيد، ويزيد بن زريع ومالك، وغيرهم، ويروي عنه:(م ق)، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وغيرهم.

قال العجلي: كان ثقة، من أروى الناس من علي بن مسهر، وقال ابن حبان: كان أتى عن الثقات بالمعضلات، فحينئذ يقال: فائدة المقارنة بيان كثرة طرقه.

(قالا: حدثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي أبو إسماعيل البصري الأزرق مولى آل جرير بن حازم. روى عن: محمد بن زياد القرشي، وثابت البناني، وأنس بن سيرين، وغيرهم، ويروي عنه:(ع)، وحميد بن مسعدة، وابن المبارك، وابن مهدي، وابن وهب، والقطان، وغيرهم.

وقال في "التقريب": ثقة ثبت فقيه، من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ)، وله إحدى وثمانون سنة.

قال: (حدثنا محمد بن زياد) القرشي الجمحي، مولاهم أبو الحارث المدني، سكن البصرة، روى عن: أبي هريرة، وعائشة، وعبد الله بن الزبير، وغيرهم، ويروي عنه:(ع)، والحمادان، وأيوب السختياني، وغيرهم.

وثقه النسائي والترمذي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة ثبت ربما أرسل، من الثالثة.

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا يخشى) الله تعالى ويخاف المصلي المأموم (الذي يرفع رأسه) من الركوع أو السجود (قبل)

ص: 246

الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ".

===

أن يرفع (الإمام) رأسه منهما (أن يحول الله) تعالى ويبدل (رأسه رأس حمار) عقوبة له على تلك الفعلة التي ارتكبها، قال السندي: أي: ألا يخشى فاعل ذلك الفعل أن تلحقه هذه العقوبة، فحقه أن يخشى هذه العقوبة، ولا يحسن منه ترك الخشية، ولإفادة هذا المعنى أدخل حرف الاستفهام الإنكاري على عدم الخشية، أو ليس فيه دلالة على أن من يفعل ذلك تلحق به هذه العقوبة. انتهى منه.

قال القرطبي: ومقصود هذا الحديث الوعيد بمسخ الصورة الظاهرة على مسابقة الإمام بالرفع، وتحميق منه صلى الله عليه وسلم من يفعل ذلك؛ فإن صلاته لما كانت مرتبطة بصلاة إمامه .. لا ينفعه استعجاله، وهذا يدلُّ على أن الرفع من الركوع أو السجود مقصود لنفسه، وأنه ركن مستقل كالركوع والسجود. انتهى من "الكوكب".

وقال السنوسي: وجه تخصيص التشبيه بالحمار؛ لأنه يضرب به المثل في البلادة، ولما كان ذلك الفعل لا يقع إلَّا من بليد .. خوفه بأن تقلب صورته حسًا إلى سورة حمار؛ كما انقلب إليها معنىً. انتهى منه.

وفي رواية البخاري: "ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام .. أن يجعل الله رأسه رأس حمار"، وعبارة"الفتح": أي: إذا رفع رأسه من السجود، فهو نص في السجود لحديث حفص بن عمر عن شعبة المروي في "أبي داوود":"الذي يرفع رأسه والإمام ساجد"، ويلتحق به الركوع؛ لكونه في معناه، ونص على السجود المنطوق به لمزيد مزية فيه؛ لأن المصلي أقرب ما يكون فيه من ربه وهو ساجد، ولأنه غاية الخضوع المطلوب، كذا قرره في "الفتح"، وتعقبه صاحب "العمدة" بأنه لا تخصص رواية البخاري برواية أبي داوود؛ لأن الحكم

ص: 247

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فيهما سواء، ولو كان مقصورًا على الرفع من السجود .. لكان لدعوى التخصيص وجه، قال: وتخصيص السجدة بالذكر في رواية أبي داوود من باب: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (1)، ولم يعكس الأمر؛ لأن السجود أعظم.

قوله: (أن يحول الله رأسه) أي: أن يجعل الله، كما هو لفظ البخاري:(رأسه رأس حمار) حقيقة بأن يمسخ به؛ إذ لا مانع من وقوع المسخ في هذه الأمة؛ كما يشهد له حديث أبي مالك الأشعري في المعازف الآتي إن شاء الله تعالى في الأشربة، لأن فيه ذكر الخسف، وفي آخره:"ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة"، أو تحول هيئته الحسية أو المعنوية كالبلادة الموصوف بها الحمار، فاستعير ذلك للجاهل، ورد بأن الوعيد بأمر مستقبل، وهذه الصفة حاصلة في فاعل ذلك عند فعله ذلك. انتهى من "إرشاد الساري".

ولمسلم: (أن يجعل الله وجهه وجه حمار)، ولابن حبان:(أن يحول الله رأسه رأس كلب)، والظاهر أن الاختلاف حصل من تعدد الواقعة، أو هو من تصرف الرواة.

ثم إن ظاهر الحديث تحريم الفعل المذكور للتوعد عليه بالمسخ، وبه جزم النووي في "المجموع" لكن تجزئ الصلاة، وقال ابن مسعود لرجل سبق إمامه: لا وحدك صليت، ولا بإمامك اقتديت. انتهى منه.

وقال القاضي عياض: رافع رأسه قبل الإمام عكس معنى الإمامة، فاقتدى بنفسه بعد أن كان مقتديًا بغيره، وذلك غاية الجهل، فأشبه الحمار المضروب به المثل في البلادة والجهالة، فخوفه بأنه يخشى أن تقلب صورته إلى الصورة التي اتصف بمعناها. انتهى، والله أعلم.

(1) سورة النحل: (81).

ص: 248

(93)

- 942 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ خَيْثَمَةَ،

===

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأذان، رقم (25)، باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود أو نحوهما، والترمذي في أبواب الصلاة (409)، باب ما جاء من التشديد في الذي يرفع رأسه قبل الإمام (582)، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الإمامة (38)، باب مبادرة الإمام، رقم (827) والدارمي وأحمد.

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة الأول، والله أعلم.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(93)

- 942 - (3)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي.

قال: (حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد) بن قيس السكوني أبو بدر الكوفي، والسكوني - بمهملة مفتوحة وكاف مضمومة وبنون - نسبة إلى السكون بن أشرس. روى عن: زياد بن خيثمة، والأعمش، وموسى بن عقبة، وغيرهم، ويروي عنه:(ع)، وأحمد، وإسحاق، ويحيى بن معين.

قال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: شجاع بن الوليد ثقة، وقال العجلي: كوفي لا بأس به، وقال في "التقريب": صدوق له أوهام، من التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ).

(عن زياد بن خيثمة) الجعفي الكوفي. روى عن: أبي إسحاق السبيعي،

ص: 249

عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ دَارِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى

===

وسماك بن حرب، ومجاهد، وثابت البناني، وغيرهم، ويروي عنه:(م عم)، وأبو بدر، وهشيم، وجماعة.

وثقه ابن معين وأبو زرعة، وقال أبو داوود: زياد بن خيثمة قرابة زهير ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة، من السابعة.

(عن أبي إسحاق) السبيعي عمرو بن عبد الله الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات سنة تسع وعشرين ومئة، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن دارم) الكوفي. روى عن: سعيد بن أبي بردة، ويروي عنه:(ق)، وأبو إسحاق السبيعي.

ذكره ابن حبان في "الثقات"، له في "ابن ماجة" حديث واحد؛ حديث:"إني قد بدنت، فلا تسبقوني بالركوع"، وقال في "التقريب": دارم الكوفي مجهول، من السادسة.

(عن سعيد بن أبي بردة) اسمه عامر بن أبي موسى الأشعري الكوفي. روى عن: أبيه أبي بردة، وأنس بن مالك، وأبي وائل، ويروي عنه:(ع)، وأبو إسحاق الشيباني سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقتادة، وشعبة، وغيرهم.

قال في "التقريب": ثقة ثبت، من الخامسة، ولكن روايته عن ابن عمر مرسلة.

(عن أبي بردة) عامر بن أبي موسى الأشعري، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ)، وقيل غير ذلك، وقد جاوز الثمانين. يروي عنه:(ع).

(عن أبي موسى) الأشعري عبد الله بن قيس رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من ثمانياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه راويًا مختلفًا فيه؛

ص: 250

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ؛ فَإِذَا رَكَعْتُ .. فَارْكَعُوا، وَإذَا رَفَعْتُ .. فَارْفَعُوا، وَإِذَا سَجَدْتُ .. فَاسْجُدُوا، وَلَا أُلْفِيَنَّ رَجُلًا يَسْبِقُنِي إِلَى الرُّكُوعِ وَلَا إِلَى السُّجُودِ".

===

وهو دارم الكوفي، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في "الميزان": مجهول، وكذا في "التقريب".

(قال) أبو موسى: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد بدنت) - بتشديد الدال - أي: كبرت؛ أي: كبر سني، وأما بالتخفيف مع ضم الدال .. فلا يناسب للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لكونه من البدانة وهي كثرة اللحم، قاله السندي، (فإذا ركعت) شرعت في الركوع .. (فاركعوا) عقب شروعي في الركوع قبل فراغي منه؛ لأن الفاء للتعقيب، (وإذا رفعت) رأسي من الركوع؛ أي: شرعت في الاعتدال .. (فارفعوا) رؤوسكم عقب شروعي في الرفع منه، (وإذا سجدت) أي: شرعت في الهوي للسجود .. (فاسجدوا) أي: فاهووا للسجود عقب شروعي في الهوي للسجود، (وَلَا ألفين) -بضم الهمزة- لأنه من ألفى الرباعي؛ أي: ولا أجدن (رجلًا) منكم أيها المؤمنون (يسبقني إلى) هوي (الركوع ولا إلى) هوي (السجود) أي: لا تشرعوا في الركوع والسجود قبل شروعي فيهما.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، وهو في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أبي هريرة، ومن حديث أنس، أخرجه أحمد في "مسنده"، وعبد الرزاق في "مصنفه".

فحكمه: الصحة؛ لأن له شاهدًا، ودرجته: أنه صحيح المتن، حسن السند، كما مر آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة الأول.

* * *

ص: 251

(94)

- 943 - (4) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ،

===

ثم استشهد له رحمه الله تعالى ثالثًا بحديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(94)

- 943 - (4)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير - مصغرًا - السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم)، تقدم البسط في ترجمته في أوائل الكتاب.

(حدثنا سفيان) بن عيينة، (عن) محمد (بن عجلان) المدني، صدوق إلَّا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، من الخامسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).

(ح وحدثنا أبو بشر بكر بن خلف) البصري، صدوق، من العاشرة، مات بعد سنة أربعين ومئتين. يروي عنه:(د ق).

(حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ التميمي القطان البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن) محمد (بن عجلان) المدني (عن محمد بن يحيى بن حبان) -بفتح المهملة وتشديد الموحدة- ابن منقذ الأنصاري المدني، ثقة فقيه، من الرابعة، مات سنة إحدى وعشرين ومئة، وهو ابن أربع وسبعين سنة. يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الله (بن محيريز) - بمهملة وراء آخره زاي مصغرًا - ابن جنادة بن وهب الجمحي -بضم الجيم وفتح الميم بعدها مهملة- المكي، كان يتيمًا في

ص: 252

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ، فَمَهْمَا أَسبِقْكُمْ بِهِ إِذَا رَكَعْتُ .. تُدْرِكُونِي بِهِ إِذَا رَفَعْتُ، وَمَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إِذَا سَجَدْتُ .. تُدْرِكُونِي بِهِ إِذَا رَفَعْتُ؛ إِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ".

===

حجر أبي محذورة بمكة، ثم نزل بيت المقدس، ثقة عابد، من الثالثة، مات دون المئة سنة تسع وتسعين (99 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).

(عن معاوية بن أبي سفيان) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله رجال الصحيح.

(قال) معاوية: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبادروني) أي: لا تسبقوني (بالركوع ولا بالسجود) أي: بأداء ركوع وسجود وفعلهما؛ بأن تشرعوا فيهما قبل أن أشرع فيهما، بل تأخروا عني في الشروع فيهما؛ بأن تشرعوا فيهما بعد أن أشرع فيهما، ولا تخافوا في ذلك أن ينقص قدر ركوعكم عن قدر ركوعي، ولا قدر سجودكم عن قدر سجودي، (فمهما أسبقكم به) بسكون القاف؛ لأنه فعل الشرط لمهما؛ أي: فأي قدر أسبقكم به (إذا ركعت) أي: شرعت في الركوع أو في السجود قبل شروعكم فيهما.

وقوله: (تدركوني به) بالجزم بحذف النون؛ لأنه جواب الشرط؛ أي: تدركوني بذلك القدر ببقائكم في الركوع أو السجود (إذا رفعت) رأسي منهما قبلكم؛ أي: قبل ارتفاعكم منهما، (و) كذلك (مهما أسبقكم به) أي: وأي قدر أسبقكم به (إذا سجدت) أي: إذا خررت للسجود قبلكم .. (تدركوني به) أي: بذلك القدر ببقائكم في السجود (إذا رفعت) أنا رأسي من السجود قبلكم؛ (إني قد بدنت). انتهى من "السندي".

ص: 253

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والحاصل: أن الجزء الذي فاتكم بسبب المتقدم مني في أداء الركوع أو السجود .. تدركون ذلك الجزء من الركوع والسجود بتأخركم عني في الرفع. انتهى من "البذل".

وقوله: "إني قد بدنت" تعليل لإدراك ذلك القدر بأنه قدر يسير بواسطة أنه قد بدن، فلا تسبقوا إلَّا بقدر يسير. انتهى "سندي"، قال أبو عبيد: روي بدنت بالتخفيف، وأنكره ابن دريد. انتهى "ابن رسلان"، وإنما هو بالتشديد؛ أي: كبرت، والتخفيف من البدانة؛ وهي كثرة اللحم، ولم يكن من صفته صلى الله عليه وسلم، قال الطيبي: روي بالتشديد والتخفيف مفتوحة ومضمومة، والعلماء اختاروا الأول؛ إذ السمن ليس من وصفه صلى الله عليه وسلم، لكن حديث عائشة لما أسن وأخذه اللحم .. يصحح الوجهين. انتهى "ابن رسلان"، ولعل هذا القول إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم يريد أنه لا أسارع ولا أبادر؛ لأني قد كبرت وضعفت وأنتم أقوياء، لعلكم تسبقوني، فلا تفعلوا هذه المسابقة واتبعوني. انتهى من "البذل".

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة عن أصحاب الأمهات، لكن شاركه أبو داوود في الجملة الأولى منها؛ يعني به: ما يتعلق بالركوع؛ وهو مهما الأول، ذكره في كتاب الصلاة في باب ما يؤمر من اتباع الإمام، برقم (916) عن مسدد عن يحيى بن سعيد بإسناده مقتصرًا على قصة الركوع، ورواه الدارمي في "مسنده" في كتاب الصلاة، وقال العراقي: ورجاله رجال "الصحيح"، عن أبي داوود الطيالسي عن الليث بن سعد عن محمد بن عجلان به، ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" من طرق، وابن حبان في "صحيحه"، والحميدي في "مسنده"، وأحمد في "مسنده".

ص: 254

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فدرجته: أنه صحيح؛ لأن له شواهد، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة الأول.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، والباقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 255