الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الوقف] :
قوله: "الوقف: قطع الكلمة عما بعدها".
أي: الوقف قطع الكلمة عما بعدها إن كان بعدها شيء.
[وإنما قيدنا بهذا القيد؛ لأنه قد يقف الواقف لا يكون بعدها شيء] 1
وإنما سُمّي الوقف وقفا؛ لأنه وقف فيه عن وصله بما بعده.
ويدل على صحّة ما ذكرناه أنه لو أسكن آخر الكلمة ووصل2 ما بعدها بها من غير سكنة تُؤذِن بوقفة [78] لم يعد ذلك السكون وقفا ولا ذلك المسكن واقفا.
ولو حرك آخر الكلمة وقَطَعَها عما بعدها كان ذلك القطع وقفا، وكان ذلك القاطع واقفا، إلا أنه مخطئ3 في تركه حكم الوقف.
والمشهور عنهم أنه إنما سُمّي الوقف وقفا؛ لأنه وقف عن تحريكه.
وقال المصنف إنه غير واضح؛ لأنه قد لا يكون متحركا حتى يوقف عن تحريكه؛ نحو: مَْن وهَلْ؛ ولأنه قد يوقف عن تحريكه وهو لا يكون وقفا، ولا الواقف عن4 تحريكه واقفا؛ لأنه لو قال واحد اثنان ثلاثة5، عد واصلا مع كونه وقفا6 عن التحريك.
1 ما بين المعقوفتين إضافة من "ق"، "هـ".
2 في "هـ": وفصل.
3 في الأصل: مخط. وفي "هـ": يخطئ. وما أثبتناه من "ق".
4 في "هـ": ولا الوقف.
5 في الأصل: وثلاثة. والصحيح إسقاط الواو، كما في "ق"، "هـ".
6 لفظة "وقفا" ساقطة من "هـ". وهي في الأصل: "وقف" خطأ. وما أثبتناه من "ق".
قوله: "وفيه وُجُوه [مختلفة في الحُسْن والْمَحَلّ]1.
أي:2 وفي الوقف وجوه مترتبة في الحسن، وذلك بأن بعض الوقوف3 أحسن من بعض، ووجوه مختلفة في محل أحكامه، كما يجيء.
ووجوه الوقف: الإسكان الصريح، والرَّوْم، والإشمام [وإبدال الألف من التنوين، وإبدال تاء التأنيث هاء، وزيادة الألف وإلحاق هاء السكت، وحذف الباء، وحذف الواو] 4 وإبدال الهمزة والتضعيف، ونقل الحركة إلى ما قبلها، وغير ذلك5 على ما يجيء تفاصيله.
ثم شرع في بيان أحكام الوقف على التفصيل ومحال أحكام الوقف فقال: "فالإسكان المجرد" عن الرَّوْم والإشمام لا يكون إلا "في المتحرك"6 -وهو ظافر- سواء كان قبله ساكن، نحو: زيد وعمرو، أو لم يكن، نحو: جَعْفَر.
والرَّوم أيضا لا يكون إلا في المتحرك؛ [لأن الرَّوْم هو7] :
1 ما بين المعقوفتين ساقط من عبارة ابن الحاجب من "هـ".
2 الواو ساقطة من "ق".
3 في "هـ": الوقف.
4 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
5 ينظر النشر: 2/ 120.
6 لأن الوقف بالسكون هو تفريغ الحرف من الحركات الثلاث، وهو لغة أكثر العرب، وهو اختيار جماعة من النحاة وكثير من القراء "المصدر السابق".
7 في "هـ": وهو موضع ما بين المعقوفتين.
[أن يأتي بحركة الحرف الموقوف عليه خفية1. ولا يمكن الإتيان بحركته خفية] 2 إلا بعد أن كان متحركا.
والرَّوْم في المفتوح قليل لخفة الفتحة والعين بالإتيان بها خفيّة، ولهذا لم يقرأ أحد من القراء بالرَّوْم3 في المفتوح في القرآن، وإنما ذكره سيبويه عن العرب4.
والإشمام لا يكون إلا في المضموم؛ لأن الإشمام هو أن تضم الشفتين بعد إسكان الحرف الموقوف عليه ليعلم أنه مضموم في الوصل، فلو أشممته في غير المضموم لأوهمت خلافه5.
1 هذا عند النحاة، قال الجوهري في صحاحه "روم": 5/ 1938: "وروم الحركة الذي ذكره سيبويه، هي حركة مختلسة مختفاة لضرب من التخفيف، وهي أكثر من الإشمام؛ لأنها تسمع، وهي بزنة الحركة وإن كانت مختلسة مثل همزة بَيْن بَيْن" ا. هـ. وينظر ما قاله سيبويه في معنى الرَّوْم في الكتاب: 4/ 168.
وأما الرَّوم عند القراء فهو عبارة عن النطق ببعض الحركة. وقال بعضهم: هو تضعيف الصوت بالحركة حتى يذهب معظمها. وكلا القولين واحد. "ينظر النشر: 2/ 121".
2 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
3 بالروم: ساقط من "هـ".
4 قال سيبويه: "وأما ما كان في موضع نصب أو جر فإنك تروم فيه الحركة وتضاعف وتفعل فيه ما تفعل بالمجزوم على كل حال، وهو أكثر في كلامهم
…
وأما رَوْم الحركة فقولك: رأيت الحارث، ومررت بخالد. وإجراؤه كإجراء المجزوم أكثر" "الكتاب: 4/ 171، 172".
5 وقال ابن الجزري: وأما الإشمام فهو عبارة عن الإشارة إلى الحركة من غير تصويت بها وقال بعضهم: أن تجعل شفتيك على صورتها إذا لفظت بالضمة. وكلاهما واحد، ولا تكون الإشارة إلا بعد سكون الحرف. وهذا مما لا يختلف فيه. نعم حكي عن الكوفيين أنهم يسمعون الإشمام رَوْما والرَّوْم إشماما، قال مكي: وقد روي عن الكسائي الإشمام في المخفوض. قال: وأراه يريد به الروم؛ لأن الكوفيين يجعلون ما سميناه رَوْما إشماما وما سميناه إشماما رَوْما. "النشر: 2/ 121".
والأكثرون1 على أنه لَا رَوْمَ وَلَا إشْمَامَ فِي هَاء التَّأْنِيثِ -أي: في تاء التأنيث المبدلة هاء في الوقف، نحو: ضَارِبَه- ولا في ميم الجمع، ولا في الحركة العارضة2، أمّا إنّه لا رَوْم في هاء التأنيث على الأكثر فلأنّ الحركة إنما كانت على التاء لا على الهاء التي هي بدل عن التاء، فلو أتيت بها على الهاء لأتيت بحركة على حرف لم يكن عليه [إعراب] 3 وأما أنه لا إشمام في هاء التأنيث؛ فلأن الغرض به الدلالة على أن الحرف الموقوف عليه مضموم في الوصل فلو أشممت مع الوقف بالهاء الذي هو العوض لأوهمت أن الضمة على الهاء، وصل، وذلك لا يجوز. نعم لو وقفت
1 تابع ركن الدين ابن الحاجب في قوله "الأكثر". ولكن الرضي يعترض على كلام ابن الحاجب ههنا ويبيّن منشأ توهمه في أن بعض النحاة أو القراء جوّز الرَّوْم والإشمام فِي هَاء التَّأْنِيثِ ومِيمِ الْجَمْعِ وَالْحَرَكَةِ الْعَارِضَة، بقوله: "لم أر أحداً: لا من القراء ولا من النحاة ذكر أنه يجوز الروْم والإشمام في أحد الثلاثة المذكورة، بل كلهم منعوهما فيها مطلقاً، وأرى أن الذي أوهم المصنف أنه يجوز الروم والإشمام فيها قول الشاطبي -رحمه الله تعالى بعد قوله:
وَفِي هَاءِ تَأْنِيثٍ وَميم الجميع قل
…
وَعَارِض شكل لم يكونا ليدخلا
وفي الهاء للإضمام قوم أبوهما
…
ومن قبله أو الكسر مثلا
أو أما هما واو وياء وبعضهم
…
يرى لهما في كل حال محللا
فظن أنه أراد بقوله: "في كل حال" في هاء التأنيث وميم الجمع وعارض الشكل وهاء المذكر، كما وهم بعض شراح كلامه أيضا، وإنما عني الشاطبي في كل حال من أحوال هاء المذكر فقط، كما يجيء كلامه" "شرح الشافية، للرضي: 2/ 276، 277".
2 ينظر النشر: 2/ 122.
3 لفظة "الإعراب" إضافة من المحقق.
بالتاء لجرى الرَّوم والإشمام فيها اتفاقا نحو: أُخْت وبِنْت؛ لعدم المانع1.
ووجه2 من وقف على الهاء المبدلة عن تاء التأنيث بالإشمام والروم هو أن الغرض بيان حركة الحرف في الوصل مضموم والوقف عليها بالروم أضعف من الوقف عليها بالإشمام.
وأما أنه لا رَوْم ولا إشمام في ميم الجمع، مثل: إليهم وعليهم وفيهم على الأكثر3 لأن عدم الرَّوْم والإشمام عند من وصل بالإسكان واضح4 لأن الوصل لا حركة فيه والروم هو الإتيان بحركة الوصل خفّية، والإشمام ضم الشفتين بعد الإسكان لبيان حركة الوصل.
وأما "79" أنه لا يحسن الرَّوم والإشمام عند من ضم ميم الجمع ووصلها بواو؛ فلأنه لما وقف بحذف الواو لم يبق للروم والإشمام تحقيق؛ لأن الروم هو الإتيان بحركة الحرف الذي هو آخر الكلمة [خفية والإشمام هو ضم الشفتين بعد إسكان آخر الكلمة لبيان ضم آخر الكلمة] 5
1 لأن الوقف إذ ذاك على الحرف الذي كانت الحركة لازمة له فيسوغ فيه الروم والإشمام والله أعلم "النشر: 2/ 126".
2 في "ق": ووجوه.
3 وذلك في قراءة من حرك ميم الجمع في الوصل ووصله، وفي قراءة من لم يحركه ولم يصله. وشذ مكي فأجاز الروم والإشمام في ميم الجمع لمن وصلها، قياسا على هاء الضمير وانتصر لذلك وقواه. وقال ابن الجزري:"وهو قياس غير صحيح؛ لأن هاء الضمير كانت متحركة قبل الصلة، بخلاف الميم، بدليل قراءة الجماعة، فعوملت حركة الهاء في الوقف معاملة سائر الحركات ولم يكن للميم حركة فعوملت بالسكون، فهي كالذي تحرك لالتقاء الساكنين. "النشر: 2/ 122".
4 في "ق"، "هـ": فواضح.
5 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
ولما لم يكن الميم آخر الكلمة لم يحسن ذلك فيه. والرَّوْم والإشمام فيمن1 ضم الميم في الوصل أشبه من الرَّوْم والإشمام فيمن سكّنه في الوصل وهو ظاهر.
وأما وجه الحركة العارضة نحو {قُلِ ادْعُوا اللَّه} 2، 3 يوقف عليها بالإسكان لا بالرَّوم والإشمام على الأكثر؛ فلأنه4 ليس للحرف حركة بنفسه بل لالتقاء الساكنين؛ فتلك الحركة كالعدم عند الوقف لزوال المقتضي له وحينئذ يمتنع الرَّوْم والإشمام؛ لأنهما لبيان حركة ذلك الحرف عند الوصل.
فقوله: "والرَّوم في المتحرك": مبتدأ وخبر. وهما معطوفان على قوله: "فالإسكان المجرد في المتحرك". وكذا5 "الإشمام في المضموم" على قوله: "فالإسكان المجرد في المتحرك".
قوله: "وإبدال الألف في المنصوب"[المنون، و [في] إذا و"في"6 نحو اضْرِبَنْ] 7، 8.
اعلم أن "وإبدال الألف" مبتدأ. وقوله: "في المنصوب" خبره9 ومجموعهما معطوف على قوله: "فالإسكان المجرد في المتحرك".
1 في الأصل: من. وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 لفظة الجلالة ساقط من "ق"، "هـ".
3 سورة الإسراء: من الآية "110".
4 في "ق"، "هـ": لأنه.
5 في "ق"، "هـ": لأنه.
6 لفظة "في" إضافة من الشافية.
7 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
8 وتكملة العبارة: "بِخِلَاف الْمَرْفُوع وَالْمَجْرُور فِي الْوَاوِ وَالْيَاءِ، عَلَى الأفصح""الشافية: ص8".
9 في "هـ": خبر.
أي: وإبدال الألف عن التنوين في المنصوب المنون، نحو:"رأيت زيدا" لا في المرفوع والمجرور وفي1 إذا، وفي نحو: اضْرِبَنْ.
اعلم أن في المنوَّن في الوقف ثلاثَ لغات:
إحداها: أن يقلب التنوين حرف مَدّ من جنس حركة ما قبله2، فتقول: جاءني زيدو، ورأيت زيدا، ومررت بزيدي3.
والثانية: أن يحذف التنوين في الأحوال الثلاثة كلها وتقف عليها كما تقف على غير المنون، فتقول: جاءني زيد، ورأيت زيد، ومررت بزيد.4 وليست هاتان اللغتان فصيحتين.
والثالثة: أن تبدل الألف من التنوين في المنصوب المنون ولا يدل في المرفوع والمجرور الواو والياء من التنوين، لثقل الضمة والكسرة مع الواو والياء وخفة الفتحة مع الألف، وهذه اللغة هي الفصيحة5.
1 الواو ساقطة من "هـ".
2 في الأصل، "ق": ما قبلها. والصحيح ما أثبتناه من "هـ".
3 زعم أبو الخطاب أنها لغة أَزْد السَّراة. "الكتاب: 4/ 166، 167".
4 وهذه لغة ربيعة، نسبها إليها ابن مالك "ينظر شرح الأشموني 3/ 747".
وهذه اللغة حكاها أبو الحسن عن بعض العرب. "ينظر حاشية "2" من الكتاب: 4/ 166".
5 ينظر الكتاب: 4/ 166، 167. وقال ابن مالك في ألفيته.
تنوينا إثر فتح اجعل ألفا
…
وقفا، وتلو غير فتح احذفا
وأجري "إذا" مجرى المنصوب في1 قلب نونها ألفا -على الأكثر2- لأن صورته صورة المنصوب المنون.
وكذا تقلب نون باب "اضْرِبَنْ" في الوقف ألفا ولا تثبت؛ لئلا يكون [للفعل على الاسم مزية] 3 وستجيء الأحكام إذا وقعت الضمة أو الكسرة قبل نون التأكيد على تفصيلها، إن شاء الله تعالى.
ولقائل أن يقول: لو قال وإبدال الألف في المنصوب المنوَّن غير المؤنث بالتاء لكان4 أولى؛ لأن الوقف في نحو: رأيت ضَارِبَهْ، بإبدال التاء هاء، لا بإبدال التنوين ألفا.
ويمكن أن يجاب عنه بأنه يعرف ذلك من قوله: "وإبدال تاء التأنيث الاسمية هاء".
1 في الأصل: "وأجري مجرى المنصوب إذا". وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 يقول ابن هشام في المغني، ص20:"والصحيح أن نونها تبدل ألفا، تشبيها لها بتنوين المنصوب. وقيل: يوقف بالنون؛ لأنها كنون "لن"، و"أن" روي عن المبرد والمازني.
وينبني على الخلاف في الوقف عليها خلاف في كتابتها، فالجمهور يكتبونها بالألف، وكذا رسمت في المصاحف، والمازني والمبرد بالنون، وعن الفراء: إن عملت كتبت بالألف، وإلا كتبت بالنون، للفرق بينها وبين "إذا". وتبعه ابن خروف" ا. هـ. "وينظر كذلك: شرح الشافية، للرضي: 2/ 279، 280، وشرح الأشموني: 3/ 1750".
3 في "ق": اختلاف طفيف في العبارة التي بين المعقوفتين، إذ جاءت هكذا:"للفعل مزية على الاسم".
4 في "ق"، "هـ": كان.
لا يقال: كان من الواجب عليه أن يقول: "بخلاف المرفوع والمجرور في الياء والواو1 على الأفصح" بل يحذف التنوين؛ لأن قوله المذكور يدل على أن الأفصح عدم إبدال التنوين فيهما واوا أو ياء وذلك لا يدل على حذف التنوين فيهما؛ لأنا نقول ذلك معلوم من قوله: "فالإسكان المجرد في المتحرك".
قوله: "ويُوقَفُ على الألف2 [في بَابِ عَصاً، ورَحًى باتفاق] "3.
اعلم أنه يوقف على كل منوّن مقصور4، ثلاثيا كان أو غيره على الألف باتفاق، سواء كان مرفوعا أو منصوبا، أو مجرورا، نحو: هذه5 عصى ورحى ومسمى "80" ومعلى، ورأيت عصى ورحى ومسمى ومعلى، ومررت بعصى ورحى ومسمى ومعلى.
لكن اختلفوا في هذه الألف؛ فقال المبرد هي الألف الأصلية في
1 واعترض الرضي على عبارة المصنف هذه، وقال:"قوله: بخلاف المرفوع والمجرور في الواو والياء" عبارة ركيكة، ولو قال: بخلاف الواو والياء في المرفوع والمجرور لكان أوضح، يعني لا يقلب تنوين المرفوع واواً وتنوين المجرور ياء، كما قلبت تنوين المنصوب ألفاً، لأداء ذلك إلى الثقل في موضع الاستخفاف. "شرح الشافية، 2/ 280".
2 في "ق": ألف.
3 ما بين المعقوفتين ساقط من عبارة ابن الحاجب من "هـ".
4 لفظة "مقصور" ساقطة من "هـ".
5 في الأصل: "هـ": "هذا". وما أثبتناه من "ق".
الأحوال الثلاث1. وقال المازني2: هي الألف المبدلة من التنوين في الأحوال الثلاث3.وقال سيبويه هي الألف المبدلة من التنوين حالة النصب، والألف الأصلية حالتي الرفع والجر4، 5.
واستدل على قول المبرد بوجهين:
أحدهما: أنهم أمالوا رحًى ومسمًّى ومُعَلًّى في الوقف "حالة النصب والرفع والجر"6؛ فلو كانت الألف فيها عوضا عن التنوين [لم تمل] .
1 ينظر المقتضب: 1/ 258.
2 هو: أبو عثمان بكر بن محمد بن حبيب بن بقية، من بني مازن الشيبانيين من أهل البصرة، بها مولده ومربّاه. أكب منذ صباه على حلقات النحاة واللغويين البصريين كما أكب على حلقات المتكلمين ولزم الأخفش وقرأ كتاب سيبويه عليه. وكان إماما في اللغة وراوية واسع الرواية. كما كان بارعا في الحجاج والمناظرة توفي سنة 249هـ، على أرجح الروايات. وله مؤلفات كثيرة ومفيدة منها: علل النحو، والتصريف، والعروض والقوافي وغير ذلك. "ينظر ترجمته في: طبقات النحويين واللغويين: 87-93، وإنباه الرواة: 1/ 246".
3 ينظر المنصف: هو مذهب أبي الحسن والفراء وأبى علي الفارسي في التذكرة "ينظر: شرح الأشموني: 3/ 748".
4 نص عبارة سيبويه: "واعلم أن كل ياء أو واو كانت لاما، وكان الحرف قبلها مفتوحا فإنها مقصورة تبدل مكانها الألف، ولا تحذف في الوقف، وحالها في التنوين وترك التنوين بمنزلة ما كان غير معتل، إلا أن الألف تحذف لسكون التنوين، ويتمون الأسماء في الوقف "الكتاب: 3/ 309".
وهذا هو مذهب معظم النحويين، وإليه ذهب أبو علي الفارسي في غير التذكرة، وذهب في التذكرة إلى موافقة المازني "الأشموني: 3/ 749".
5 وثمة مذهب آخر، وهو: أنها الألف المنقلبة في الأحوال الثلاث، وأن التنوين حذف، فلما حذفت عادت الألف، وهو مروي عن أبي عمرو والكسائي والكوفيين، وإليه ذهب ابن كيسان والسيرافي، ونقله ابن الباذش عن سيبويه والخليل. "ينظر شرح الأشموني: 3/ 748".
6 في "هـ": "حالة الرفع والنصب والجر".
والثاني: أنهم كتبوا مُعَلًّى ومُسمًّى بالياء في الأحوال الثلاث، [فلو كانت الألف عوضا عن التنوين] 1 لوجب أن يكتبا ألفا، كما كتبت: رأيت زيدا بالألف.
واستدل على قول المازني بأنه إنما قلب2 التنوين ألفا في الوقف حالة النصب لوقوعه3 بعد الفتحة وهذه العلة موجودة في الأحوال الثلاث في4 هذا الباب فوجب قلبها ألفا في الأحوال الثلاث عملا بالعلة.
واستدل على قول سيبويه بأن المعتل الذي يشكل أمره يحمل على مثاله من الصحيح، لكنه قد ثبت في الصحيح أنهم يقلبون التنوين ألفا في حالة النصب و5 يحذفونه في حالة الرفع والجر، فوجب أن يكون المعتل كذلك.
ويمكن أن يجاب عن دليل المبرد بأنا لا نسلم أن من كان رأيه غير رأي المبرد أمالها وكتبها بالياء، بل أمالها بالياء6 من كان رأيه رأي المبرد، فلم 7قلتم أنه ليس كذلك.
1 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
2 في "ق":قلبت.
3 في "ق"، "هـ": لوقوعها.
4 لفظة "في" ساقطة من "ق".
5 في الأصل، "ق"، أو. وما أثبتناه من "هـ".
6 بالياء: ساقطة من "هـ".
7 في "ق": ولم.
وعن دليل المازني بأنا لا نسلم أن الفتحة المقتضية لقلب التنوين ألفا موجودة قبل التنوين في الأحوال الثلاث؛ لأن الفتحة المقتضية له هي الفتحة المقدرة لا الملفوظة العارضة. ولهذا لا اعتبار1 للحركة والسكون العارضين، بل للحركة والسكون الأصليين كما مر في باب التقاء الساكنين.
والمقدّر في مُسَمًّى2 حالة الرفع هو الضمة؛ لأن أصله مسمّيٌ [بضم الياء، وحالة الجر هو الكسر؛ لأن أصله مسمّيٍ] 3 -بكسر الياء- وحالة النصب هو الفتح؛ لأن أصله: رأيت مسميا.
قوله: "وقلبها وقلب كل ألف
…
"4 إلى آخره5.
أي: وقلب الألف وقلب6 كل ألف همزة في الوقف، نحو: رأيت عصأ ورحأ ورجلأ، ضعيف.
وكذا قلب ألف التأنيث همزة أو واو أو ياء في الوقف، نحو: حُبْلأ وحُبْلَوْ وحُبْلَيْ: ضعيف.
1 في "ق"، "هـ": الاعتبار.
2 في "هـ": المسمى.
3 ما بين المعقوفتين إضافة من "ق"، "هـ".
4 في "هـ" فقط من عبارة ابن الحاجب: "وقبلها وقلب
…
".
5 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "قلبها وقلب كل ألف همزة ضعيف. وكَذَلِكَ قَلْبُ ألِفٍ نَحْوُ حُبْلَى هَمْزَةً أوْ واوا أو ياء""الشافية: ص8".
6 لفظة "قلب" ساقطة من "هـ".
اعلم أن في عبارته نظرا؛ لأن قوله: "وقلب1 كل ألف" يغني عن قوله: "وقلبها" وعن ذكر الهمزة في قوله: "وكذا قلب ألف التأنيث نحو حبلى همزة"2.
اعلم أن ناسا من فزارة وقيس يقلبون ألف التأنيث ياء في الوقف فيقولون: حُبْلَيْ -بالياء3 - وأن بعض طيّئ يقلب ألف التأنيث واوا فيقول: حُبْلَو4. ومنهم من يُسَوِّي في القلب بين الوقف والوصل فيقول فيهما: حُبْلَوْ وحُبْلَيْ5. فقال المصنف إنه ضعيف.
قوله: "وَإبْدَالُ تَاءِ التَّأْنِيثِ [الاسْمِيَّةِ هَاءً فِي نَحْوِ رَحْمَة على الأكثر]6.
اعلم أن "إبدال تاء التأنيث" مبتدأ. وقوله: "في نحو رحمة" خبره. والمجموع معطوف على قوله: "فالإسكان المجرد في المتحرك".
1 وقلب: ساقط من "هـ".
2 وهذا الاعتراض على عبارة المصنف اعترضه الرضي أيضا في شرحه على الشافية "2/ 285، 286".
3 خص المصنف هذا القلب عند هؤلاء بألف نحو حُبْلَي، وتابعه في ذلك ركن الدين، ولكن الرضي يعترض على ذلك ويذكر أن هؤلاء يقلبون كل ألف في الآخر ياء سواء كان للتأنيث كحُبْلَى، أو لا كمُثَنَّى، ويشير إلى أنه قول النحاة ويعلل لقلبها ياء بأن الألف خفية. "ينظر شرح الشافية: 2/ 286".
4 ينظر المصدر السابق.
5 ينظر المصدر السابق.
6 ما بين المعقوفتين ساقط من عبارة ابن الحاجب من "هـ".
أي: وإبدال تاء التأنيث الاسمية [في الاسم المفرد] 1 هاء في الوقف -عند الأكثر- في نحو رحمة؛ فرقا بينها وبين التاء الأصلية نحو: وَقْت ومَوْت وأُخْت2.
واحترزنا بقولنا: "في الاسم المفرد" عن [التاء في] 3 الجمع، نحو: غرفات وظلمات.
واحترزنا بقولنا [81] : "الاسمية" عن تاء التأنيث الفعلية في الوقف؛ فإنها لا تبدل هاء؛ للفرق بين تاء التأنيث الاسمية والفعلية، [فإن تاء التأنيث الفعلية لا تُبْدَل هاء في الوقف4]5.
وإنما قلنا: عند الأكثر6؛ لأن بعض العرب لا يقلبها هاء في الوقف، بل يَقِف عليها تاء فتقول7: رَحْمَت وظُلْمَت8. وقرئ في
1 ما بين المعقوفتين إضافة من "هـ".
2 وهذا الذي اختاره هو مذهب سيبويه "الكتاب: 4/ 166"، ووافقه الفراء وابن كيسان وأكثر النحاة "ينظر شرح الشافية: 2/ 288".
3 ما بين المعقوفتين إضافة من "هـ".
4 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
5 بل تبدل تاء وأصلها تاء أيضا.
6 في "هـ": الأكثرين.
7 في "هـ": "نحو".
8 وهذه اللغة حكاها أبو الخطاب عن ناس من العرب. "ينظر الكتاب: 4/ 167" ومن الشواهد التي جاءت على هذه اللغة قول الراجز:
الله نجاك بكفي مَسْلَمَتْ
من بعد ما وبعد مَتْ
صارت نفوس القوم عند الغَلْصَمَتْ
وكادت الحردة أن تُدعى أَمَتْ
"الشاهد "رقم 91" من شواهد شرح الرضي على الشافية: 2/ 289".
القرآن بالهاء والتاء جميعا1 ومنه قول الشاعر:
16-
دارا لسلمى بعد حول قد عَفَتْ
بل جوز تَيْهاء كظهر الحَجَفَتْ2
1 وجاء ذلك في كلمات وقف عليها بالتاء والهاء، وهذه الكلمات هي:
- "رَحْمَتْ" في البقرة "218"، والأعراف "56"، وهود "73"، مريم "2"، والروم "50"، والزخرف "32".
- و"نِعْمَتْ" في البقرة "231"، وآل عمران "103"، والمائدة "11"، وإبراهيم "28"، والنحل "72"، وفي لقمان "31"، وفاطر "3". والطور "29".
- و"امْرَأَتْ" في آل عمران "35"، يوسف "51"، القصص "9"، والتحريم "10"، "11".
- و"سُنَّتْ" في الأنفال "38"، فاطر "43"، غافر "85".
- و"لَعْنَتْ" في آل عمران "61"، النور "7".
- و"مَعْصَيِتْ" في المجادلة "8، 9".
- و"كَلِمَتْ" في الأعراف "137"، و"بقيت" في هود "86".
- و"قُرَّتْ" في القصص "9".
- و"فِطْرَتْ" في الروم "30".
- و"شَجَرَتْ" في الدخان "43".
- و"جَنَّتْ" في الواقعة "89".
- و"ابْنَتْ" في التحريم "12".
فوقف عليها بالتاء: نافع وابن عامر وعاصم وحمزة، ووقف عليها بالهاء ابن كثير وأبو عمرو والكسائي. وقيل ويعقوب.
"ينظر النشر: 2/ 129، 130".
2 رجز، نسبه ابن بري في أماليه على الصحاح لسؤر الذئب، ونقله صاحب اللسان وكذا نقله البغدادي في شرح الشواهد.
ينظر في الشاهد: الصحاح "حجف": 4/ 1341، والمفصل ص341" والإنصاف ص232، مسألة "55"، وشرح الجاربردي "مجموعة الشافية: 1/ 174"، وحاشية ابن جماعة، بهامشة، وشرح شواهد الشافية، للبغدادي ص198، "برقم 101"، وينظر كذلك اللسان "حجف": 2/ 786. وقد أورد ابن منظور الأرجوزة كاملة: والشاهد في قوله: "كظَهْرِ الحَجَفَتْ"؛ حيث وقف على الحجفة بالتاء.
أي: كظهر1 الحَجَفَة -وُقِفَ عليها بالتاء- وهي تُرْس من الصَرْم يشبه التَّيْهَاء2، وهي المغازة بظهر التُّرْسِ الذي من الصَّرْمِ، في الملامسة3.
ودارا: منصوبة بعرفت، مذكورا4 قبل البيت. وجَوْز الشيء: وَسَطُه. وجره بإضمار "رب".
قوله: "وتشبيه تاء هَيْهَات به قليل"5.
أي: وتشبيه "تاء هيهات"6 بتاء التأنيث قليل. ولو أشبهت7 تاء هيهات بتاء التأنيث؛ وذلك بأن تجعل "هيهات" مفردة وأصلها: هَيْهَيَة، فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، تقلب8 ياؤه هاء
1 في "هـ": ظهر.
2 ينظر الصحاح "حجف": 4/ 1341، واللسان "حجف": 2/ 786.
3 في "هـ": الملامسة.
4 لفظة "مذكورا" ساقطة من "هـ".
5 به قليل: ساقط من عبارة ابن الحاجب من "هـ".
6 تاء هيهات: ساقطة من "هـ".
7 في "ق"، "هـ": وإذا.
8 في "هـ": فتقلب.
في الوقف وهو قليل. وإن جعلت جمع "هيهية" أصلها: هيهاة1 فحذفت2 اللام على غير قياس.
ويمكن أن يقال: قلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها "ثم حذفت"3 الألف لالتقاء الساكنين، فبقي: هيهات، فوقفت بالتاء لا غير.
وقد قرئ "هيهات" بالتاء والهاء4 حال الوقف5.
قوله: "وفي الضاربات6 ضعيف"7.
أي: وتشبيه تاء الجمع، الضاربات بتاء التأنيث في المفرد حتى يوقف عليها بالهاء ضعيف.
قوله: "وعِرْقَات
…
" إلى آخره8.
1 في الأصل: هيهات. وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 في "هـ": فحذف.
3 في الأصل: فحذفت، وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
4 في "هـ": وبالهاء.
5 في قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} . في الآية "36" من سورة "المؤمنون".
وجاء في النشر "2/ 231، 232""وأما هيهات، وهو الحرفان في "المؤمنون" فوقف عليها بالهاء الكسائي والبزي. واختلف عن قُنْبُل فروي عنه العراقيون قاطبة الهاء كالبزي وهو الذي في الكافي والهداية والهادي والتجريد وغيرها، وقطع له بالتاء فيهما صاحب التبصرة والتيسير والشاطبية والعنوان والتذكرة وتلخيص العبارات وغيرها. وبذلك قرأ الباقون. إلا أن الخلاف في العنوان والتذكرة والتخلص لم يذكر في الأول، وانفرد صاحب العنوان عن أبي الحارث بالتاء في الثانية كالجماعة".
6 في "هـ": ضاربات.
7 لفظة "ضعيف" ساقطة من عبارة ابن الحاجب من "ق"، "هـ".
8 إلى آخره: ساقطة من "هـ". وعبارة ابن الحاجب بتمامها: "وعرقات إن فتحت تاؤه في النصب فبالهاء، وإلا فبالتاء""الشافية: ص8".
اعلم أنه روي "عرقاتهم" في قولهم: "استأصل الله عِرْقاتِهم" بفتح التاء وكسرها -فإن فُتِح تاؤه1 في النصب فالوقف عليها بالهاء، وكان بمنزلة "سعلاة"2، والألف للإلحاق والتاء لتأنيث الواحد -وهي العرق- وإن كسر تاؤه في النصب كان جمعا، كأنه: عِرْقَة وعِرْقَات -أي: عُروق، كسِدْرَة وسِدْرات- فالوقف عليها بالتاء. والراء من "عريقات" تسكّن وتكسر.
اعلم أن الوقف على تاء الفعل، نحو:"ضربت" بالتاء؛ للفرق بين التاء التي تدخل الاسم والتاء التي تدخل الفعل. وكذا الوقف على التاء التي تلحق الحروف، نحو: ثُمَّت ورُبَّت.
قوله: "وأما ثلاثَةَ أَرْبَعَهْ
…
" إلى آخره3.
هذا4 جواب عن سؤال "مقدر"5 وتقدير السؤال: أن تاء الثلاثة لا تنقلب هاء إلا حالة الوقف6. والوقف عليها مع7 حركتها متعذر.
1 في الأصل: هاؤه. وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 في الأصل: سعلات. وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
3 إلى آخره: ساقطة من "هـ". وعبارة ابن الحاجب بتمامها "وَأَمَّا ثلاثَةَ ارْبَعَةَ فِيمَنْ حَرَّكَ؛ فَلأَنَّهُ نَقَلَ حركة همزة القطع لما وصل، بخلاف: ألم الله؛ فإنه لما وصل التقى ساكنان""الشافية: ص8".
4 لفظة "هذا" ساقطة من "هـ".
5 لفظة "مقدر" إضافة من "ق"، "هـ".
6 لفظة "الوقف" ساقطة من "هـ".
7 في الأصل: من. والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
وتقرير الجواب: أنا لا نسلم أن تاء الثلاثة لا تنقلب هاء إلا حالة الوقف، لجواز أن تنقلب هاء حالة الوصل؛ بأن يجري الوصل مجرى الوقف باعتبار وقلب تاء ثلاثة هاء والحركة التي على هاء ثلاثة تكون حركة همزة القطع -أعني حركة همزة أربعة- نقلت إلى هاء ثلاثة، بخلاف الحركة التي على الميم في {الم، اللَّهُ} 1؛ فإنها ليست كذلك، بل لما وصل {الم} بالله التقى ساكنان -الميم الأخيرة من ميم ولام التعريف- فحركت الميم لالتقاء الساكنين.
وإنما ذكر هذا الكلام ههنا؛ لأن من الناس من يتوهم أن حركة الميم هي الحركة المنقولة من لام {اللهُ} إليها، فدفع هذا الوهم بأن ما ذكرناه في "ثَلاثَةَ ارْبَعَهْ" للضرورة، وهي منتفية ههنا.
قوله: "وزيادة الألف في أنا"2.
زيادة الألف "82": مبتدأ. وخبره: في أنا. والجملة معطوفة على قوله: "فالإسكان المجرد في المتحرك"؛ لأن زيادة الألف قسم من أقسام الوقف.
فإذا وُقِفَ على "أنا" فالفصيح3 أن يقال: أنا -بزيادة الألف ومن أجل أن الوقف على "أنا" بزيادة الألف كان الوقف على "لَكِنَّا" في قوله تعالى: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} 4 بالألف؛ لأن أصل "لَكِنَّا"، لَكِنْ أَنَا، فكما
1 آل عمران: "1"، "2".
2 وتكملة عبارة ابن الحاجب: "وَمِنْ ثَمَّ وُقِفَ عَلَى {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ} بالألف""الشافية: ص8".
3 في "ق": فالصحيح.
4 سورة الكهف: من الآية "38".
يوقف على "أنا" بالألف يوقف على "لكنا" بالألف؛ فنُقِلت1 حركة الهمزة إلى النون، وحذفت الهمزة ثم أدغمت النون في النون، فقيل: لَكِنَّا.
أما إثبات الألف فيه في الوصل -وهي قراءة ابن عامر2 فليست بضعيفة، بخلاف إثبات الألف في "أنا" في الوصل؛ لئلا يحصل اللبس بلَكِنَّ.
وإنما قلنا إن أصل "لكنا" ههنا: لَكِنْ أَنَا؛ لأن "لكنَّ" المشددة لا يقع بعدها المضمر3 المرفوع، كما يقع بعد "إن". ولا يمكن أن يقدر ضمير الشأن "المحذوف حتى يكون اسم "لكن" ويكون المبتدأ والخبر بعدها -أعني: هو الله- خبر "لكن" لأنه لا يحذف ضمير الشأن"4 إلا في حال الضرورة؛ ولأنه لولا أن أصله: "لكِن أَنَا" لم يَجْرِ5 الوقف عليها بالألف.
قوله: "وَمَهْ وأَنَهْ قَلِيل".
يعني: أن الوقف على "ما" الاستفهامية بالهاء6 والوقف على
1 في "هـ": نقلت.
2 وهي أيضا قراءة أبي جعفر ورويس، وقرأ الباقون بغير ألف ولا خلاف في إثباتها في الوقف اتباعا لرسم المصحف. "ينظر النشر: 2/ 311".
3 في "هـ":الضمير.
4 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
5 في الأصل: "لم يجري" خطأ.
6 أقول: أجاز بعضهم حذف ألف ما، والوقف عليه بالهاء، وإن لم مجروراً، كما في حديث أبي ذؤيب: قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج أهلوا بالإحرام، فقلت: مَهْ فقيل: هلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. "ينظر شرح الشافية، للرضي 2/ 296".
"أنا" بالهاء قليل1.
قوله: "وَإلْحَاقُ هَاءِ السَّكت لَازِمٌ فِي نَحْوِ: رَهْ
…
" إلى آخره2 عطف على قوله: "فالإسكان المجرد في المتحرك"؛ لأن إلحاق هاء السكت قسم من أقسام الوقف.
اعلم أن إلحاق هاء السكت على ضربين: أحدهما لازم والآخر جائز. أما اللازم ففي كلمة ليست كالجزء مع ما قبلها؛ أي: ليست مع ما قبلها كشيء واحد، وليس لحوق الهاء به لتبيين الألف، نحو: رَهْ أمرًا -من: رَأَى يَرَى- وَرِه -أمرا من وَرِيَ يَرِي، وَقِهْ- أمرا من وَقَى يَقِي، و: مَجِيءَ مَهْ، ومِثْل: مَهْ فِي: مَجِيءَ مَ جِئْتَ؟ ومثل مَ أَنْتَ؟.
أما: رَهْ وَرِهْ وَقِهْ فظاهر أنها ليست مع ما قبلها كلمة3 واحدة وأما "ما" فِي مَجِيء مَ جئتَ؟ وَمِثْلُ مَ أنتَ؟ فلأن "ما" متصل باسم مستقل بفائدته في مدلوله الإفرادي، فليست كالجزء مما قبلها. و"ما" فيهما استفهامية وقعت مضافا إليها، فوجب تقديم المضاف وهو المجيء والمثل عليها؛ لأنه لا يمكن تقديم المضاف إليه على
1 الوقف على "أنا" بالهاء لغة لبعض طيئ، فيقولون: إنه. "ينظر المصدر السابق".
2-
في "هـ" فقط من عبارة ابن الحاجب: "وإلحاق هاء السكت" وتمامها: "وقِهْ، ومَهْ في: مَجِيء مَهْ جِئْتَ؟، ومثل مَهْ أنتَ؟ وجائز في نحو: لَمْ يَخْشَهْ وَلَمْ يَغْزُهْ وَلَمْ يَرْمِهْ وغُلامِيَهْ وغُلامُهْ، وحَتَّامَه وإلامهْ مِمَّا حَرَكَتُهُ غَيْرُ إعْرَابِيَّةٍ وَلَا مشبهة بها، كالماضي وباب يا زيدو لا رجل""الشافية: ص8".
3 في "ق"، "هـ" ككلمة.
المضاف ووجب تأخير الفعل، وهو: جئتَ؛ لأن الاستفهام يقتضي صدر الكلام.
وأصله: جئتَ مجيءَ أي شيء؟، ومثل أي شيء أنت؟ فالأول استفهام عن صفة المجيء، والثاني استفهام عن مثل أي شيء هو، فلما وقف على "ما" وجب الوقف بالهاء؛ لأن ألفها1 قد زالت، لوقوعها مضافا إليها، فوجب إلحاق الهاء.
وأما الجائز ففي كلمة كانت كالجزء مع ما قبلها ولم تكن حركة آخره إعرابا، نحو: حركة الرجل ويضرب، ولا مشبهة بحركة الإعراب كحركة الماضي، فإن الماضي مبني2 على حركة لمشابهته المضارع، وكحركة باب يا زيد، ولا رجل؛ فإن حركة المنادى المضموم وحركة المبني مع "لا" على الفتح تشبه حركة الإعراب؛ لعروضها في المنادى "83"، والمنفي بـ"لا"، بما يشبه العامل؛ لعروض3 حركة الإعراب بالعامل، ولهذا جاءت صفة المنادى المفرد المعرفة والنكرة المبنية مع "لا" على الفتح معربة على لفظها أو في كلمة كأن إلحاق الهاء بها لتبين الألف.
ويعلم مما ذكرنا أنه لا تلحق هاء السكت في الوقف نحو الرجل، وضَرَبَ، ويا زيد، ولا رجلَ؛ أما عدم إلحاقه بالرجل؛ فلأنه اسم
1 في "ق": الألف.
2 في "هـ": بني.
3 في "ق"، "هـ": بعروض.
معرب. وأما عدم إلحاقه بمثل يا زيد، ولا رجل؛ فلمشابهة حركتهما حركة الإعراب. وأما عدم إلحاق بمثل ضَرَبَ؛ فلأنه لو ألحق به نحو: ضَرَبَهُ، التبس بهاء الضمير من غير اضطراب في بابه.
وإنما قلنا: من غير اضطراب في بابه. احترازا عن مثل: لم يَخْشَهْ؛ فإنه يحصل الالتباس، لكن اضطر إلى1 إلحاقه ببابه، نحو: رَهْ، فألحق الكل؛ أي: بكل الباب، إجراء للباب كله مجرى واحد.
وإنما قلنا إنَّ "رَهْ"، [ولم يَخْشَ] من باب واحد؛ لأن الأمر مأخوذ من المضارع. والأمر حكمه حكم المجزوم، أو مجزوم، كما أن مثل:"لم يَخْشَ" مجزوم.
وأما مثال جواز إلحاق الهاء بكلمة لكونها مع ما قبلها ككلمة "واحدة"2، ففي نحو: لَمْ يَخْشَهُ، وَلَمْ يَغْزُهُ، وَلَمْ يَرْمِهِ، وَغُلَامِيَةْ فيمن حرَّك الياء في غُلامِيَه، وفي حَتَّامه والإمه وعَلامَه؛ لأنها صارت متوسطة.
[و] 3 أما كون: يَخْشَ ويَغْزُ4 ويَرْمِ، مع "لم" ككلمة واحدة فظاهر. وكذا الياء في غلامي؛ لأنه لا يمكن التلفظ بالياء، التي هي الضمير المتصل من غير المضاف.
وأما "ما" الاستفهامية بعد حرف الجر، نحو: حَتَّامَهْ وإلامَهْ
1 لفظة "إلى" ساقطة من "هـ".
2 لفظة "واحدة" إضافة من "ق".
3 الواو إضافة من "هـ".
4 في الأصل: ويغزو.
وعلامه؛ فلأن الجار والمجرور بمنزلة كلمة واحدة ولهذا كتبت ياء حتى وإلى وعلى، في: حتامهْ وإلامه وعلامه بالألف، بخلاف ما الاستفهامية التي تقع بعد الاسم؛ لأن الاسم مستقل بفائدته في مدلوله الإفرادي، ولهذا لم يجعل كالمتصل معه.
وإنما قلنا: "غلامَيْه" فيمن حرّك الياء في "غُلامِيَ"؛ لأنه عند من لا يحرّك الياء وقال غلاميْ بإسكان الياء، لم يقف عليه بإلحاق الهاء، [بل بحذف الياء] 1؛ لأن الوقف بالهاء في "غلامي" بحركة الياء، إنما هو لبيان حركة الياء مع أنه يجوز في "غلامي" بحركة الياء الوقف2 عليه بسكون الياء. وحكم "ضربنيَ" بحركة الياء كحكم: غلامي بحركة الياء، فيجوز الوقف عليه بحذف الياء وسكون النون، كقوله تعالى:{رَبِّي أَكْرَمَن} 3، و {أَهَانَنِ} 4 في قراءة أبي5 عمرو6.
1 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
2 في "ق": للوقف.
3 سورة الفجر: من الآية "15".
4 سورة الفجر: من الآية "16".
5 في الأصل: "ابن". والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
6 هذا في الوقف. واختلف عن أبي عمرو وصلا، والذي عليه الجمهور عنه التخيير في إثبات الياء أو حذفها. والآخرون بالحذف، وعليه عوَّل الداني والشاطبي. قال في النشر: "والوجهان صحيحان مشهوران عن أبي عمرو،
والتخيير أكثر والحذف أشهر".
"النشر: 2/ 191، وينظر كذلك: الإتحاف، ص438".
وأثبت الياء فيهما وصلا نافع وأبو جعفر، وفي الحالين فيهما البزي ويعقوب. "ينظر المصدران السابقان".
وأما وقف على الكاف "أكرمتك" بالهاء فجائز، لبيان حركة الكاف -لا واجب- لأنه اسم منفصل عما قبله؛ لأنه مفعول، والمفعول لا يمتزج بالفعل امتزاج الفاعل به والوقف عليه بالإسكان جائز؛ لأنه ممتزج بالفعل ولا يلفظ به منفردا.
وكذا الوقف على الكاف في "عنك" بالسكون.
قوله: "وفي نحو ههناه وهؤلاء".
أي: وإلحاق هاء السكت للوقف جائز في نحو ههناه، وهؤلاء بالقصر، ووازيدا وشبهه "وهو"1 معطوف على لم يخشه، هذا مثال "84" كلمة تلحق هاء السكت بها لتبيين الألف.
وإنما قلنا: وهؤلاء بالقصر؛ لأنه إذا كان بالمد كان ألفه بينا لا يحتاج إلى بيان الألف.
وإنما لم يوقف على نحو حُبْلَى وأَعْمَى وأَفْعَى بالهاء، فلا يقال حُبْلَاهْ وأَعْمَاهْ، وأفعاهْ تبيينا للألف، لئلا يظن أنه مضاف كعصاه ورحاه.
قوله: "وحذف الياء في نحو القاضي
…
" إلى آخره2.
فـ"حذف الياء": مبتدأ. و"في نحو القاضي": خبره.
1 وهو: إضافة من "هـ".
2 في "هـ" جاء في عبارة ابن الحاجب فقط قوله: "وحذف الياء". والعبارة بتمامها: "وَحَذْفُ الْيَاءِ في نحو الْقَاضِي وَغُلَامِي حُرِّكَتْ أو سكنت، وإثباتها أكثر، عكس قاض".
"الشافية: ص8".
ومجموعهما معطوف على قوله: "فالإسكان المجرد في المتحرك" لأنه وجه من وجوه الوقف.
اعلم أن الاسم إذا كان في آخره ياء ثابتة في الوصل قبلها كسرة نحو القاضي، ويا قاضي، وغلامي، سواء حركت ياء غلامي أو سكنت وقف عليه بحذف الياء عند الأقلين1 فرقا بين الوصل والوقف والوقف2 عليه عند الأكثرين3 بإثبات الياء في الأحوال الثلاث؛ لأنها كانت ثابتة في الوصل فتثبت في الوقف؛ لعدم موجب حذف الياء.
وإن كانت الياء ساقطة في الوصل بالتنوين، نحو قاض، سقطت تلك الياء في الوقف عند الأكثرين -وهو اختيار سيبويه4؛ لأن ذلك التنوين مقدر لكونه متصرفا غير معرف5 باللام والإضافة.
ومنهم من يقف عليها6 بالياء، وهو أجود عند يونس7،
1 في "هـ": عند الأولين: والصحيح ما أثبتناه.
والوقف بحذف الياء في: يا قاضي، وغلامي، هو اختيار يونس وقواه سيبويه وأما في نحو: القاضي، فالبيان عنده أجود من الحذف "الكتاب: 4/ 183، 184".
2 لفظة "الوقف" ساقطة من "هـ".
3 وهو مذهب الخليل حكاه عنه تلميذه سيبويه "ينظر الكتاب: 4/ 183" وينظر كذلك "شرح الشافية، للرضي: 2/ 301".
4 ينظر الكتاب: 4/ 183.
5 في "هـ": غير معروف.
6 في الأصل، "ق": عليه. وما أثبتناه من "هـ".
7 قال سيبويه: "وحدثنا أبو الخطاب ويونس أن بعض من يوثق بعربيته من العرب يقول: هذا رامي وغازي، وعَمِي؛ أظهروا في الوقف حيث صارت في موضع غير التنوين؛ لأنهم لم يضطروا ههنا إلى مثل ما اضطروا إليه في الوصل من الاستثقال فإذا لم يكن في موضع تنوين فإن البيان أجود في الوقف. وذلك قولك: هذا القاضي، وهذا العمي؛ لأنها ثابتة في الوصل. "الكتاب: 4/ 183".
موضع تنوين فإن البيان أجود في الوقف. وذلك قولك: هذا القاضي، وهذا العمي؛ لأنها ثابتة في الوصل. "الكتاب: 4/ 183".
لزوال موجب حذف الياء وهو التنوين عند الوقف، لكن إثبات الياء في نحو القاضي، للوقف أكثر من إثباتها له في نحو قاض، لعدم موجب حذف الياء في نحو القاضي بوجه من الوجوه، ووجود1 موجب حذفها في نحو قاض وهو التنوين المقدر حكما.
قوله: "وإثباتها في نحو يا مُرِي اتفاق"2.
أي: وإثبات الياء في نحو: يا مُرِي، في الوقف اتفاق.
اعلم أن أصل يا مُري: يا مُرْئِيٌ من أَرَى يُرِي؛ أصلها3: أرْ أي: يُرْئِي؛ فتقلب حركة الهمزة إلى ما قبلها4 وحذفوها قياسا، فصار: يا مُرِيٌ، بضم الياء فاستثقلت الضمة على الياء مع كسرة ما قبلها، فحذفت فصار: يا مُرِي بسكو الياء. وإذا وقفوا عليه لم يحذفوا5 الياء في الوقف كما حذفوها في "نحو"6 القاضي، ويا قاضي في الوقف؛ لئلا يلزم اختلال الكلمة بحذف بعد حذف من غير إعلال موجب للحذف. ولا7 يلزم النقض بباب: "جاءني مُرٍ
1 ووجود: ساقط من "هـ".
2 لم يرد من عبارة ابن الحاجب في "هـ" إلا قول المصنف: "وإثباتها".
3 في "ق": أصلهما.
4 في "هـ": وحذفت.
5 في "ق"، "هـ": لم تحذف.
6 لفظة "نحو" إضافة من "ق"، "هـ".
7 في الأصل: ولم. وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
يا فتى" وباب "وزيدا"، مع حذف الهمزة والياء في "مُرٍ" و "ر" لأن حذف الهمزة فيهما قياس وحذف الياء فيهما للإعلال الموجب للحذف.
أما في: "جاءني مُرِ"1 فلالتقاء الساكنين وهما الياء والتنوين. وأما في "رَ" فلكونه: مجزوما أو شبيها بالمجزوم على اختلاف فيه، بخلاف [حذف] 2 الياء في يا مُرِي للوقف، لوجوب حذفه في باب "القاضي" في الوقف، فإنه لمجرد التخفيف.
قوله: "وإثْبِاتُ الواو والياء
…
" إلى آخره3.
أي: وإثبات الواو والياء فيما آخره واو أو4 ياء جزء كلمة، وحذفهما في الفواصل5 والقوافي فصيح، نحو: زيد يغزو ويرمي، وجاءني القاضي، وقوله تعالى:{الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} 6 {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ 7}
1 في الأصل، "ق" مري. وما أثبتناه من "هـ".
2 لفظة "حذف" إضافة من "ق"، "هـ".
3 لم يرد هي "هـ" من عبارة المتن إلا قوله: "وإثبات الواو". وعبارة ابن الحاجب بتمامها هي: "وإثْبَاتُ الْوَاوِ وَالْيَاءِ وَحَذْفُهُمَا فِي الْفَوَاصِلِ وَالْقَوَافِي فصحيح. وحذفهما فيهما في نحو لم يغزو ولم تَرمي وصنعوا قليل". "الشافية: ص8".
4 في الأصل: "و".
5 يعني بالفواصل: رءوس الآي ومقاطع الكلام.
6 سورة الرعد: من الآية "9". وقد أثبت الياء في الحالين ابن كثير ويعقوب وحذفها في الحالين قُنْبُل. وحذفها الباقون موافقة لرسم المصحف الشريف ورءوس الآي. "ينظر النشر 298، والإتحاف ص270".
7 سورة الفجر: من الآية "4" وأثبت الياء بعد الراء وصلا في "يسر" نافع وأبو عمرو وأبو جعفر وفي الحالين: ابن كثير ويعقوب وإثباتها هو الأصل؛ لأنها لام فعل مضارع.
وحذفها الباقون موافقة لخط المصحف الكريم ورءوس الآي. ومن فرق بين حالتي الوقف والوصل؛ فلأن الوقف محل استراحة "ينظر النشر: 2/ 400، والإتحاف 438".
و"يَوْمَ التَّنَادِ"1 إلا أن الأقيس إثباتهما مع أن الحذف أيضا فصيح2 لأن المحل محل التخفيف، بخلاف "85" وقوعهما في غير الفواصل والقوافي -أعني في أثناء الكلام- فإنه ليس بفصيح؛ لأنه يجوز في القوافي والفواصل3 ما لا يجوز في غيرهما للتناسب وحذف الواو والياء في الفواصل والقوافي في4 نحو: الزيدون لم يغزوا، وأنت يا امرأة لم ترمي، وأنت يا امرأة لم تحملي5. ونحو الزيدون صنع6 قليل قبيح؛ لأن الواو والياء فيهما ذكرناه اسم مستقل وحذفه محال7، بخلاف الواو والياء في نحو: زيد8 يغزو وزيد9 يرمي، وجاءني
1 سورة غافر، من الآية "32" وقد أثبت الياء في "التناد" وصلا ورش وابن وردان، وفي الحالين ابن كثير ويعقوب. وحذفها الباقون موافقة لخط المصحف الكريم ورءوس الآي. "ينظر الإتحاف، ص378".
2 وهو قول سيبويه. "الكتاب: 4/ 185".
3 في "ق": الفواصل والقوافي.
4 لفظة "في" ساقطة من "هـ".
5 في "ق"، "هـ": لم تكلمي.
6 أي: صنعوا. وحذف الواو والياء اللتين هما ضميران لغة لبعض قيس وأسد. "ينظر شرح الشافية، للرضي: 2/ 305".
7 في "ق": مخل.
8 لفظة "زيد" ساقطة من "هـ".
9 لفظة "زيد" ساقطة من "هـ".
القاضي؛ لأنها جزء كلمة في الآخر؛ فإذا حذفت "في الآخر"1 كانت بقية الكلام دالة عليها فلذلك استقبح قوله:
17-
لا يُبعِدِ الله أقواما تركتهم
…
لم أدر بعد غداة البَيْن، ما صَنع2
أي: ما صنعوا.
وقوله:
18-
يا دار3 عبلة بالجَواء تكلَّمِ
…
............................4
1 في الآخر: إضافة من "هـ".
2 هذا بيت من البسيط، قاله تميم بن أبي بن مقبل، وهو شاعر إسلامي معاصر للفرزدق وجرير. وهو في ديوانه ص168 برواية ما صنعوا. وينظر فيه: الكتاب: 4/ 211، برواية "أصحابا" بدلا من "أقواما" وشرح الشافية للرضي: 2/ 306 "رقم 102" برواية "إخوانا" وشرح شواهد الشافية للبغدادي ص236 "رقم 120".
والمشاهد فيه حذف واو الجماعة من صنعوا، كما تحذف الواو الزائدة إذا لم يريدوا الترنم. وهو قبيح؛ لأن الواو اسم جاء لمعنى فلا يحسن حذفه.
3 في النسخ الثلاث: ديار. بدلا من: يا دار. وما أثبتناه هو الصحيح، كما جاء في ديوان عنترة.
4 هذا صدر بيت من الكامل، قاله عنترة بن شداد العبسي، وعجزه:
"وعَمِيِ صَبَاحا دار عَبْلَةَ واسْلَمِي"
وهو أول بيت في معلقته الشهيرة، وهو في ديوانه ص "15" برواية: تكلمي، اسلمي. وينظر فيه: الكتاب: 2/ 269، 4/ 213، وشرح الشافية، للرضي: 2/ 206، "رقم 103"، وشرح شواهد شروح الشافية ص238 "رقم 121"، وحاشية ابن جماعة على شرح الجاربردي "مجموعة الشافية: 1/ 184" والتصريح 2/ 185.
والشاهد فيه حذف ضمير المخاطبة من "تكلمي" وهو الياء للوقف.
[يريد: تكلمي]1.
قوله: "وحذف الواو في ضربه...." إلى آخره2.
حذف الواو: مبتدأ. وقوله "في ضربه": خبره. ومجموعهما معطوف على قوله: "في ضربه": خبره. ومجموعهما معطوف على قوله: " [فالإسكان المجرد] 3 في المتحرك"؛ لأنه وجه من وجوه الوقف؛ أي: و4 حذف الواو في نحو ضربه وضربهم فيمن ألحق الواو "بضربهم" في الوصل. وحذف الياء في نحو "تِهِ وذِهِ" فيمن ألحق الياء به في الوصل.
اعلم أنك تقول في الوصل: ضَرَبَهُ زَيْدٌ. فإذا وقف عليه تقول: ضَرَبَهْ -بحذف الواو وإسكان الهاء- وإن من ألحق الواو بـ"ضربهم" في الوصل؛ فإذا وقف عليه وقف5 بحذف الواو وسكون الميم.
وإنما قيده بهذا القيد؛ لأن من لم يلحق الواو بـ"ضربهم" في الوصل امتنع منه حذف الواو في الوقف.
وكذلك الوقف على "تِهِي، وذِهِ" بإلحاق الياء في الوصل إنما هو بحذف الياء وسكون الهاء كما يكون الوقف على "بهِ وضربهِ" بحذف الياء والواو وسكون الهاء.
1 ما بين المعقوفتين إضافة من "ق".
2 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَحَذْفُ الْوَاوِ في ضَرَبَهُ وضَرَبَهُم فيمَنْ ألحَقَ وحذف الياء في تِهِ وهَذِهِ""الشافية: ص8".
3 ما بين المعقوفتين ساقط برمته من "هـ".
4 الواو ساقطة من "هـ".
5 لفظة "وقف" ساقطة من "هـ".
قوله: وإبدال الهمزة حرفا من حَرَكَتِها
…
" إلى آخره1.
إبدال الهمزة: مبتدأ. وقوله: "عند قوم": خبره. ومجموعهما معطوف على قوله: "فالإسكان المجرد في المتحرك"؛ لأنه وجه آخر من وجوه الوقف.
اعلم أن بعض العرب يقف على الاسم الذي2 في آخره همزة قبلها فتحة3 أو ساكن بإبدال الهمزة حرفا من جنس حركة تلك الهمزة، ثم إن كان ما قبل الهمزة مفتوحا تبقى الفتحة على حالها بعد الإبدال، وإن كان ما قبل ساكنا4 حرك الساكن بحركة الهمزة قبل الإبدال، فتقول في: الكَلَأ والخَبْء والبُطْء والرِّدْء، إذا وقفت5 عليها حال الرفع "هذا6" الكَلَوْ والخَبُوْ والبُطُوْ والرِّدُوْ بإبدال الهمزة واوا7. وحال النصب: رأيتُ الكَلَا والخَبَا والبُطَا والرِّدَا بإبدال الهمزة ألفا. وحال الجر: مررت بالكَليْ والخَبِي والبُطِي والرِّدِي
1 لم يرد من عبارة ابن الحاجب في "هـ" إلا قوله: "وإبدال الهمزة". والعبارة بتمامها: "وإبدال الهمزة حرفا من حَرَكَتِها عند قوم في مِثْل: هَذَا الكَلَوْ والخَبُوْ والبُطُوْ والرِّدُو، ورأيتُ الكَلَا والخَبَا والبُطَا، والرِّدا، ومررتُ بالكَلِي والخَبِي والبُطِي والرِّدَي. ومنهم من يقول: هَذَا الرِّدِي، ومن البُطُو فيتبع""الشافية: ص8".
2 لفظة "في" ساقطة من "هـ".
3 في "هـ": همزة.
4 في الأصل: ساكن. وكذا في "هـ": والصحيح ما أثبتناه "ق".
5 في "ق": وقف.
6 لفظة "هذا" إضافة من "ق"، "هـ".
7 الواو ساقطة من "ق"، "هـ".
بإبدال الهمزة ياء.
والخَبْءُ: ما خُبِّئ1. والبُطْء: خلاف السُّرعة2. والرِّدْءُ: العون3.
اعلم أنه قد أُورِدَ على المصنف أن لغة هؤلاء الذين نقل عنهم أن يوقف على الهمزة بإبدالها من جنس حركتها من غير تغيير الفتحة التي قبلها ولا السكون الذي قبلها إلا في حال النصب؛ فإنه إذا أبدلت الهمزة ألفا حال النصب فُتِحَ الساكن الذي قبل الهمزة "86" لتعذر مجيء الألف بعد الساكن؛ فيقال: هَذَا4 الكَلَوْ والخَبْو والبِطْو والرِّدْو، ورأيت الكَلَا والخَبَا والرِّدَا والبُطَا، ومررتُ بالكَلْي والخَبْي والرِّدْي والبُطْي. وأما قول بعضهم: الخَبْوْ والبُطْوْ والرِّدْوْ، فليس على هذه اللغة5، بل إنما هو على لغة النقل، فلما نُقلت حركة: الهمزة و6 بقيت ساكنة خففها بالإبدال كما خففوا راسا وبيرا وبوسا.
1 ينظر الصحاح "خبأ": 1/ 46.
2 ينظر المصدر السابق "بطأ": 1/ 36.
3 ينظر المصدر السابق "ردأ": 1/ 52.
4 في الأصل، "هـ": هذه. والصحيح ما أثبتناه.
5 أي: فليس ما ذكرناه جاريا على هذه اللغة، فأصحابها يحذفون حركة الهمزة ولا ينقلونها ثم يقلبون الهمزة إلى حرف علة يجانس حركة الهمزة، فيقولون: هذا الخَبْوْ والبُطْوْ والرِّدْوْ، ومررتُ بالخَبْيْ والبُطْيْ والرِّدْيْ. وأما في حالة النصب فلا يمكنهم تسكين ما قبل الألف؛ إذ الألف لا تجيء إلا بعد فتحة كما ذكر الشارح، فيقولون رأيت الخَبَا، والبُطَا والرِّدَا؛ بالنقل والقلب. "ينظر شرح الشافية للرضي: 2/ 312".
6 الواو ساقط من "هـ".
ومن هؤلاء من يقول -وهم ناس من بَنِي تميم- في الردء والبطؤ إذا وقفت1 عليهما: هذا الرِّدِي، ومن البُطُو -بكسر الدال اتباعا لحركة الراء، وبضم الطاء اتباعا لحركة الباء2.
ولم يُقَل: هذا3 الرِّدؤْ ومن البُطِئ؛ لعدم مجيء "فِعُل" -بكسر الفاء وضم العين- وعدم مجيء "فُعِل"- بضم الفاء وكسر العين في الأسماء في كلامهم.
"ولقائل أن يقول: ليس في كلامهم ما آخره واوا قبلها"4 ضمة فإن وُجِد ذلك في موضع فُرَّ منه، وقلبت الواو ياء والضمة كسرة.
وأجيب عنه بأنه ليس في كلامهم ما آخره واو أصلية وقبلها ضمة. والبُطُو ليس كذلك؛ لأن الواو فيه عارضة.
ولقائل أن يقول: "فُعِل" -بضم الفاء وكسر العين- "وبالعكس5" ليس في كلامهم إذا كان أصليا، أما إذا كان عارضا فَلِمَ لا يجوز. والبطو والردي عارض في الوقف.
1 في "ق"، "هـ": وقف.
2 أي: إنهم يتبعون العينَ فيهما الفاء في الأحوال الثلاث، فيقولون: هذا البُطُؤ؛ ورأيتُ البُطُؤ، ومررتُ بالبُطُؤ، وهذا الرِّدِئ ومَرَرْتُ بالرِّدِئ، ورأيتُ الرِّدِئ،؛ وذلك أنهم لما رأوا أنه يؤدي النقل في البُطء في الحال الجر، وفي الردء في حال الرفع إلى الوزنين المرفوضين أتبعوا العين الفاء في حال الجر في البطؤ وفي حال الرفع في الرِّدْء، فتساوى الرفع والجر فيهما، فكرهوا مخالفة النصب إياهما، فأتبعوا العين الفاء في الأحوال الثلاث. "ينظر شرح الشافية، للرضي: 2/ 312".
3 في الأصل: هذه. وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
4 ما بين المعقوفتين موضعه بياض في "هـ".
5 وبالعكس: إضافة من "ق"، "هـ".
[وأما إذا كان قبل الهمزة ضمّة أو كسرة، نحو: أَكْمُؤ - جمع كَمْء1، وهو نبت2 -ونحو أَهْنِئ، يقال في الوقف] 3 عليهما4 في5 لغة من يقول: هذا الرِّدِي ومن البُطُو: أَكْمُو وأَهْنِي، فتصير الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
وأَهْنِئُ6: اسم رجل؛ من: هَنَأَنِي الطعام يُهْنِئُنِي، أو من هَنَأْتُ الرجل: أَهْنَؤُهُ وأَهْنِئُهُ أيضا7: إذا أعطيته8.
قوله: "والتَّضْعِيف في المتُحَرِّك الصحيح
…
" إلى آخره9.
التضعيف: مبتدأ. وقوله: "في المتحرك": خبره. والمجموع معطوف على قوله: "فالإسكان المجرَّد في المتحرك"؛ لأنه نوع من أنواع الوقف.
والوقف بالتضعيف إنما يكون في المتحرك الآخر الصحيح الآخر غير الهمزة المتحرك ما قبل الآخر.
1 في النسخ الثلاث: كمئ. والصحيح ما أثبتناه.
2 ينقص الأرض فيخرج كما يخرج الفطر. "اللسان "كما": 5/ 3926".
3 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
4 في الأصل: عليهم. والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
5 في "ق"، "هـ": على.
6 وأَهْنِئُ: مع هِنْءِ، وهو العطاء.
7 لفظة "أيضا" ساقطة من "هـ".
8 أو من هَنَأْتُ البعير أَهْنُؤُه: إذا طليته بالهِنَاء، وهو القَطِران. "الصحاح "هنأ": 1/ 84"
9 لم يرد من عبارة ابن الحاجب في "هـ" إلا قوله: "التضعيف". وعبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَالتَّضْعِيفُ فِي الْمُتَحَرِّكِ الصَّحِيح غَيْرِ الْهَمْزَةِ الْمُتَحَرِّكِ ما قبله مثل: هذا جعفر، وهو قليل""الشافية: ص8".
و1 احترز بقوله: "المتحرك الآخر" عن ساكن الآخر؛ لأنه إذا كان ساكنا لم يوقف بالتضعيف؛ لأن التضعيف كالعوض من الحركة في الوقف.
واحترز بقوله: الصحيح الآخر "عن معتل2 الآخر، نحو: رأيت القاضي؛ فإنه لا يوقف بالتضعيف؛ لأن المعتل ثقيل، فلا يزاد ثقلا بالتضعيف واحترز بقوله: "غير3 الهمزة" عن المهموز، مثل الكلأ، فإنه لا يوقف عليه بالتضعيف؛ لاستثقال تضعيف الهمزة.
واحترز بقوله: "المتحرك ما قبله" عن الساكن ما قبله، نحو: بَكْر؛ فإنه لا يوقف عليه بالتضعيف4؛ لئلا يلزم اجتماع ثلاث سواكن5، نحو: جَعْفَرّ ويَجْعَلّ6.
1 الواو ساقطة من "ق"، "هـ".
2 في "هـ": المعتل.
3 في "ق"، و"هـ": عن.
4 في الأصل: بالتسكين. والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
5 يجوز الوقف على المشدد الذي تقع الألف قبله، نحو: الدوابّْ، وصواف وغير مضارّْ ولا جانّْ، وما أشبهه مما يجتمع فيه ثلاث سواكن في الوقف، وكذلك: اللذانّْ وهذانّْ، على قراءة ابن كثير؛ لأن التقاء الساكنين ههنا يجري مجرى التقاء متحرك وساكن؛ لأن الألف للزوم حركة ما قبله قوي المد بها فصارت لذلك بمنزلة المتحرك، فلذلك تمكن التقاء الساكن بعد الألف في الوقف "ينظر النشر: 2/ 127، وحاشية ابن جماعة بهامش شرح الجاربردي "مجموعة الشافية: 1/ 187".
6 وأجاز عبد القاهر تضعيف الحرف إذا كان قبله مدة كسعيد وثمود نظرا إلى إسكان الجمع بين اللين والمضاعف الساكن بعده، ويدفعه السماع والقياس. قاله الرضي في شرح الشافية: 1/ 315.
والوقف بالتضعيف قليل؛ لأنه مخالف للقياس لمجيء التضعيف في الموضوع الذي يقصد فيه التخفيف.
قوله1: "ونحو القَصَبَّا شاذ ضرورة".
أي: و2 تضعيف القَصَبَّا في مثل3 قوله:
19-
مثل الحريق وافَقَ القَصَبَّا4
شاذح لأنه أتى بحكم الوقف في5 حال الوصل لضرورة الشعر لا يقال هذا التضعيف جاء في آخر البيت، وآخر البيت موضع الوقف فأتى بحكم الوقف حالة الوقف، فلا يكون شاذا؛ لأنا [تقول لا] 6 نسلم أنه أتى بحكم الوقف حالة الوقف؛ لأن حكم الوقف بالتضعيف
1 قوله: ساقطة من "هـ".
2 الواو ساقطة من "هـ".
3 لفظة "مثل": ساقطة من "ق"، "هـ".
4 هذا بيت من مشطور الرجز، وقد عده بعض العروضيين من مشطور السريع ونحن نتفق مع أستاذنا الدكتور شعبان صلاح في أن إلحاق هذا البيت، وما جاء على صورته، بالرجز أحق من إلحاقه بالسريع المشطور "ينظر: موسيقى الشعر بين الاتباع والابتداع: 122، 123". والبيت لرؤبة بن العجاج "في ملحقات ديوانه، ص169". وينظر في البيت: الكتاب: 4/ 170، وشرح الشافية للرضي: 2/ 318، رقم "111"، وشرح الجاربردي "مجموعة الشافية: 1/ 187"، وحاشية ابن جماعة بهامشه، وشرح النقره كار "مجموعة الشافية: 2/ 32" وشرح شواهد الشافية: 254 "رقم 130".
والشاهد فيه: تحريك "القصبا"، المضعف للوقف، وهو شاذ للضرورة عند غير سيبويه، وليس ضرورة عند سيبويه، وتابعه الزمخشري في مفصله "ص342".
5 لفظة "في" ساقطة من "هـ".
6 ما بين المعقوفتين إضافة من "ق"، "هـ".
هو تضعيف الحرف الموقوف عليه من غير الحركة، وههنا حركة الباء، وحركة الباء لا تكون إلا في الوصل؛ ولأنه1 "87" ما وقف على الباء؛ لأنه زاد على الباء الألف فهو حالة الوقف، فأجري الوصل مجرى الوقف في إعطائه حكم الوقف. وشذ من ذلك قوله:
20-
لقد خشيت أن أرى جَدَبَّا
…
في عامنا ذا بعد ما أَخْصَبَّا2
أراد: جَدَبَّا ففتح الساكن ليمكنه التضعيف.
قوله: "ونقل الحركة [فيما قبله ساكن] 3.. "إلى آخره4.
1 في الأصل: "أن". وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 هذا بيتان من الرجز المشطور. وقد عدهما بعض العروضيين من السريع المشطور ولكن أستاذنا الدكتور شعبان صلاح يرى أن إلحاقهما بالرجز أحق من إلحاقهما بالسريع، كما ذكرنا في البيت الساق. ينظر حاشية "8". من الصفحة السابقة.
البيتان لرؤبة "في ملحقات ديوانه: 169". وقال البغدادي: "نسبهما ابن عصفور وابن يَسْعون نقلاً عن الْجَرْمي والسخاوي إلى ربيعة بن صبيح". ينظر في البيتين: الكتاب: 4/ 170، وشرح شواهده للأعلم: بهامش الكتاب: 2/ 282، 283 "بولاق، وابن يعيش: 9/ 69، وشرح الشافية للرضي: 2/ 319، وشرح شواهد شروح الشافية ص254، التصريح، 2/ 346 والشاهد في قوله: "جَدَتَّا، أَخْصَبَّا"، حيث شدد الباء ضرورة وحرك الدال بحركة الباء قبل التشديد؛ لالتقاء الساكنين وكذلك شدد أَخْصَبَّا؛ للضرورة.
3 ما بين المعقوفتين ساقط من عبارة ابن الحاجب من "هـ".
4 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "ونقل الحركة فيما قبله ساكن صحيح إلا الفتحة إلا في الهمزة، وهو أيضا قليل، مثل: هذا بَكُرْ وخَبُؤْ، ومررت بِبَكِرْ وخَبِئ، ورأيت الخَبَأ، ولا يقال: رأيت البَكَرْ، ولا هذا جِبُرْ، ولا من قُفِل، ويقال: هذا الرِّدُؤْ ومن البُطِئْ، ومنهم من يَفِرّ فَيُتْبِع "الشافية: 8، 9".
نقل الحركة: مبتدأ. وقوله: "فيما قبله ساكن": خبره. والجموع معطوف على قوله: "فالإسكان المجرد في المتحرك"؛ لأنه وجه آخر من وجوه الوقف؛ أي: ونقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى ما قبله إنما يكون قبل آخره حرف ساكن صحيح إلا الفتحة فإنها لا تنقل إلى ما قبله إلا إذا كانت تلك الفتحة1 على الهمزة، فإنها تنقل إلى ما قبلها.
فقوله: "ساكن". احتراز به عما قبلَه متحرك، نحو: رجل؛ فإنه لا ينقل حركته إلى ما قبله؛ لأن المتحرك لا يقبل الحركة.
وقوله: "صحيح". احتراز به أن يكون قبله ساكن غير صحيح نحو: زيد، وثمود2؛ فإنه لا تنقل حركته إلى ما قبله؛ لاستثقال الحركة على حرف العلة.
وقوله: "إلا الفتح" احترز به عن مثل: رأيت البَكَرْ؛ فإنه لا تنقل حركته3 إلى ما قبل الراء؛ لأنهم إنما نقلوا الضمة والكسرة لقوتهما وكراهتهم حذف القوي مع إمكان بقائه بوجه، بخلاف الفتحة فإنها خفيفة فجوز حذفها. ولأن: رأيت البَكَرْ فرع: رأيت بَكْرا؛ لأن المعروف فرع المنكر، فكما4 لا يجوز النقل في الأصل لا يجوز النقل في الفرع.
1 في "هـ": الحركة.
2 في الأصل: وثمود. والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
3 في "ق"، "هـ": فتحته.
4 في "ق": وكما.
وإذا كانت الفتحة على الهمزة جاز نقلها إلى ما قبلها؛ لأنَّ الوقف على قولك: رأيت الخَبَأْ1 -بإسكان الهمزة- مستثقل، بخلاف الوقف على قولك: رأيت البَكَرْ
…
بإسكان الراء، فلما كان الاستثقال لازما للوقف على ما آخره همزة قبلها ساكن بالإسكان -بخلاف غيره- نُقِلَتْ حركته في جميع أحواله إلى ما قبله، فقيل: رأيت الخَبَأْ، ولم يقل: رأيتُ البَكَرْ.
اعلم أنه لا بد لجواز النقل للوقف من أن يكون الحرف الموقوف عليه صحيحا، وأن تكون إعرابية؛ لأنه لو كان معتلا، نحو2 ظَبْي ودَلْو لم يُنْقَل؛ لأنه يُفْضِي إلى الإعلال بتغير الكلمة. ولو كانت حركته بنائية نحو حركة "أمس"، ومن قبل لم تنقل؛ لأن حركة الإعراب يؤذن بها العامل؛ لا حركة البناء. لكنه3 قد جاء قليلا في الأفعال نحو اضْرِبُهْ وضَرَبَتُهْ4، كقوله:
21-
عَجِبْتُ والدَّهْرُ كثير عَجَبُهْ
…
من عَنَزِيّ سَبَّنِي لم أضرِبُه5
1 في "هـ": خبأ.
2 لفظة "نحو" ساقطة من "هـ".
3 في "هـ": لكن.
4 حكاه سيبويه عن بعض العرب "ينظر الكتاب: 4/ 179".
5 رجز لزياد الأعجم، نسبه إليه سيبويه، وكذا الأعلم في شرح شواهده.
ينظر في هذا البيت: الكتاب: 4/ 179، 180، وشرح شواهده، للأعلم بهامش الكتاب: 2/ 287 "بولاق"، وابن يعيش: 9/ 70، 71، وشرح الشافية للرضي: 2/ 322 "رقم 114"، وشرح شواهد شروح الشافية، ص261 "رقم 131" والهمع: 2"/ 208".
وينظر كذلك: الصحاح "لمم": 5/ 2032 برواية: "يا عجبا والدهر جم عجبه"، واللسان "لمم": 5/ 4081".
والعَنَزِيّ: منسوب إلى عَنَزة -بفتح العين والنون- وهي قبيلة من ربيعة بن نزار.
والشاهد في قوله: "لم أضْرِبُه"؛ حيث نقل حركة هاء "اضْرِبُه" إلى الباء قبلها لتكون أبين للهاء في الوقف؛ لأن مجيئها ساكنة بعد ساكن أخفى الهاء.
وكقول الآخر:
22-
فَقَرَّبَنْ هذا وهذا زَحِّلُه1
أي: بَعِّده.
وإنما جاز "ذلك"2؛ لأنه لما كانت الهاء خفيفة وكان سكون ما قبلها يضعف اعتمادها في النطق نقلوا الحركة ليتمكن.
قوله: وهو قليل. أي: الوقف بنقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى ما قبله قليل، كما أن الوقف بتضعيف الحرف الأخير من الكلمة قليل، نحو: هذا بَكُرْ وضَبُؤْ، ومَرَرْتُ ببَكِرْ وخَبِئْ، وَرَأَيْتُ الخَبَأ.
وَلَا يُقَالُ: رأيت البَكَرْ، بنقل حركة الراء إلى الكاف؛ لما "88" ذكرناه.
ولا يقال في هذا: حِبْر، عند الوقف عليه: هذا حِبُر، بالنقل، ولا: من قُفِلْ؛ لأن عليهما بالنقل مؤدٍّ إلى مثال ليس في أبنية
1 رجز، لأبي النجم العجلي، نسبة إليه سيبويه وكذا الأعلم في شرح شواهده.
ينظر في البيت: الكتاب: 4/ 180، وشرح شواهده، للأعلم بهامش الكتاب: 2/ 287 "بولاق"، والمقرب: 154، وابن يعيش: 9/ 71 "برواية: أزحله". والأرجوزة في العقد الفريد: 1/ 172.
والشاهد في قوله: "زحله"، حيث نقل حركة الهاء إلى اللام قبلها ليكون أبين لها في الوقف.
2 لفظة "ذلك" إضافة من "هـ".
أسمائهم، على ما مر في أمثلة1 الثلاثي.
قوله: "ويقال هذا الرِّدُو، ومن2 البُطِي".
أي: ويقال في الردء والبطء -عند الوقف عليهما: الرِّدُو ومن البُطِي، ينقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى ما قبله وقلب الهمزة حرفا من جنس حركتها، وإن لم يقل: هذا حِبُرْ، ومن قُفِل بنقل الحركة لوجود التخفيف بالنقل وإبدال الهمزة حرفا من جنس حركتها فيما آخره همزة وعدم التخفيف بالنقل في مثل: هذا حِبُرْ، ومن قُفِل، بل حصول الثقل به.
قوله: "ومنهم من يَفِرُّ فيُتْبِع"3
أي: و4 منهم من يفر عن الزنة المستكرهة -أعني: فِعُل وفُعِل، بضم العين وكسر الفاء وبالعكس- إلى نقل حركة الهمزة إلى ما قبلها وجعل الحركة المنقولة تابعة لحركة ما قبل الساكن من الكسرة و5الضمة، لقوة كراهة الهمزة الساكنة بعد الساكن فيحصل التخفيف بالنقل والفرار عن الزنة المستكرهة بالاتباع، فيقولون:
1 لفظة "أمثلة" مطموسة في "هـ".
2 لفظة "من": ساقطة من "هـ".
3 فيتبع: ساقطة من "هـ".
4 الواو ساقطة من "هـ".
5 في "هـ": أو الضمة.
هذا الرِّدِيْ، ومررتُ1 بالبُطُوْ، فيتبعون الحركة المنقولة حركة ما قبل الساكن من الكسرة والضمة. وهؤلاء لا ينقلون مع الاتباع في باب حبر وقفل؛ لأن سكون الحرف الموقوف عليه مع سكون ما قبله ليس بمستكره؛ لأنه ليس بثقيل بخلاف ما إذا كان الحرف الموقوف عليه همزة ساكنة، ما قبلها ساكن.
1 في "ق": ومن.