الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا: اللهجات العربية الواردة في الكتاب
1-
قلب الكسرة والياء ألفا في كل ياء مفتوحة فتحة بناء وقبلها كسرة لهجة طيئ:
تحدث ركن الدين عن هذه اللهجة، فقال:"وطيئ يقلبون الكسرة فتحة ويقلبون الياء ألفا في كل ياء مفتوحة بناء وقبلها كسرة، فيقولون في بقِي يبقى: بقَى يبقَى، وفي فَنِي يفنَى: فنىَ يفنَى وفي دُعِي وبُنِي: دُعَى وبُنَى قياسا؛ طلبا للتخفيف؛ لأن الفتحة والألف أخف من الكسرة والياء"1.
وركن الدين بعد أن يذكر هذه اللهجة يأتي لها بما يؤيدها من كلامهم، فيقول2: "ومنه قول الشاعر على لغتهم:
نستوقد النَّيل بالحضيض ونصـ
…
طاد نفوسا بُنَتْ على الكَرم3
وهذا الشاهد الذي أتى به لرجل من بني بَوْلان4.
وبنو بولان حي في طيء، وفيه جاء:"بُنَتْ"، من الفعل "بُنِيَ" المبني للمفعول من "بَنى" متصلة به تاء التأنيث، وحذف الألف. وعلى لغة غيرهم:"بُنِيَتْ"، كما هو القياس.
2-
لهجة هُذَيل في الثلاثي المعتل العين إذا جُمع جمعَ مؤنث سالما:
1 الكتاب: ص281.
2 المصدر السابق.
3 ينظر المصدر السابق.
4 ينظر السابق.
إذا جمع باب "فَعلة" -بفتح الفاء وسكون العين- جمع التصحيح يجمع على "فَعَلات" إن كان اسما صحيحا، نحو تَمْرَة وتَمرات؛ فرقا بين الاسم والصفة. ويجوز إسكان العين للضرورة.
أما إذا كان الاسم معتل العين جمع على فَعْلات بسكون العين، نحو بَيْضَة وبَيْضَات، وجَوْزَة وجَوْزات؛ لاستثقال الحركة على الواو والياء إن لم يقلبوهما ألفا، وحصول التغيرات قلبوهما ألفا.
هذه هي اللغة المشهورة، ولكننا نجد هذيلا تسوي بين الصحيح والمعتل ههنا، فتحرك العين في المعتل كما تحركها في الصحيح، نقول في جمع بَيْضة وجَوْزة: بَيَضات وجَوَزات، استمع إلى ركن الدين وهو يحدثنا عن هذه اللهجة فيقول:"وهذيل تسوي بين الصحيح والمعتل العين فتقول في جمع بَيْضة وجَوْزة: بَيَضات وجَوَزات بفتح الباء والواو، ولم يلتفت إلى حركتهما لعروضهما"1.
وقد أشار سيبويه في كتابه إلى هذه اللغة2.
3-
تسكين العين في نحو حُجْرات وكِسْرات لهجة تميم:
إذا جمع "فُعْلَة" -بضم الفاء وسكون العين- جمع التصحيح وكان صحيح العين جمع على "فُعَلات" -بفتح العين- على الأصل
1 الكتاب: ص432.
2 ينظر كتاب سبيويه: 3/ 600.
وعلى هذه اللغة ورد قوله تعالى في "ثَلَاثُ عَوَرَاتٍ لَكُمْ"[سورة النور الآية: 58] في قراءة ابن أبي إسحاق. "ينظر مختصر ابن خالويه 103".
وضم العين اتباعا، نحو:"حَجَُرات" -بفتح الجيم وضمها- في جمع: "حُجْرة".
ولكن بني تميم يسكنون العهين فيقولون: "حُجْرات"، قال ركن الدين:"وقد يسكن في لغة بني تميم العين في جمع "فِعْلة" -بكسر الفاء وسكون العين- وفي جمع فُعْلة -بضم الفاء وسكون العين- فيقال في جمع كِسْرة وحُجْرة: كِسْرات وحُجْرات بسكون العين والجيم"1.
4-
لهجات العرب في نطق الأمر المدغم للواحد والمضارع المجزوم بالسكون:
قال ركن الدين: "ونحو "رُدَّ" و"لم يَرُدَّ" في لغة تميم؛ لأن أصل "رُدَّ": ارْدُدْ، وأصل "لم يَرُدَّ": لم يَرْدُدْ؛ فثقلت حركة الدال الأولى إلى ما قبلها للإدغام لاجتماع المثلين، فاجتمع ساكنان وهما: الدال الأولى المسكنة للإدغام والدال المسكنة للأمر أو النهي، فحركت الثانية لالتقاء الساكنين وأدغمت الأولى في الثانية"2.
وعلق على قول ابن الحاجب: "في تميم" بقوله: "وإنما قال: "في تميم؛ لأن أهل الحجاز يقولون: "ارْدُدْ"، و"لم يَرْدُدْ" على الأصل من غير تسكين الدال الأولى للإدغام؛ لأن من شرط الإدغام تحرك الحرف الثاني؛ لتلا يلزم التقاء الساكنين، وكان بني تميم لا يلتفتون إلى سكون الثانية؛ لكونه عارضا"3.
1 الكتاب: ص435.
2 السابق: ص498.
3 السابق.
وقال في موضع آخر: "يجوز في مثل "رُدَّ"، و"لم يَرُدَّ": الضم للاتباع، والفتح لكونه أخف، والكسر على الأصل"1.
وقال في موضع آخر: "وأما كسر الدال نحو "رُدَّه" فلغة قليلة سمعها الأخفش من بني عقيل؛ لأن الواو تنقلب ياء لكسرة الهاء ولا يستكره اجتماع الياء مع الكسرتين، لكون الهاء خفيفة"2.
وركن الدين في هذه المواضع يشير إلى اللهجات العربية في الأمر المضعف للواحد وكذلك المضارع المجزوم بالسكون المضعف، وهذه اللهجات هي:
- لهجات بني أسد وغيرهعم من بني تميم بفتح الدال. وهذه اللغة حكاها سيبويه في كتابه3 ونقلها عنه الزمخشري في مفصله4.
- لهجة كعب وغني ونمير كسر الدال، فيقولون:"رد"، و"لم يرد"5.
- لهجة حكاها الأخفش عن بني عقيل: وهي التي تكسر الدال لكسرة الهاء
1 الكتاب: ص505.
2 السابق: ص508.
3 3/ 533.
4 354.
5 وهذه اللهجة ذكرها سيبويه في كتابه: 3/ 534. وينظر شرح الشافية للرضي: 2/ 243.
بعدها، فيقولون:"رَدِّهِ"1.
- لهجة الحجازيين الإظهار: "ارْدُدْ"، و"لم يَرْدُدْ".
وقد أكدت المصادر أن هناك قبائل عربية عرفت بالإدغام وهي: تميم وطيئ وأسد وبكر بن وائل وتغلب وعبد القيس، وهي القبائل التي تسكن وسط الجزيرة وشرقها، وهناك قبائل عربية أخرى تؤثر الإظهار وهي: قريش وثقيف والأنصار وهذيل2.
وقد جاء القرآن الكريم غالبا بلهجة الحجازيين بالنسبة لهذه الظاهرة، يقول الله تبارك وتعالى:{إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} 3. ويقول: {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} 4، ويقول أيضا، {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} 5. ويقول أيضا: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} 6.
وقد ورد في القرآن بلهجة تميم ومن على شاكلتهم، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} 7. ومثله {مَنْ يُشَاقِّ} 8
1 ينظر في هذه اللهجة: المفصل: 354، وشرح الأشموني: 3/ 897.
2 ينظر الخصائص: 3/ 92، وابن عقيل: 2/ 611، 912.
3 سورة "آل عمران": من الآية "120".
4 سورة "طه": من الآية "81".
5 سورة "لقمان": من الآية "19".
6 سورة "المدثر": من الآية "6".
7 سورة "المائدة": من الآية "54".
8 سورة "الحشر": من الآية "4".
وعلى هذا يمكننا أن نقول: إن اللغة الأدبية اعترفت بشقي الظاهرة، أما القرآن الكريم فقد فضل الحجازية وإن اعترف بالتميمية كذلك.
والسر في التزام الحجازيين فك الإدغام أنه يترتب على الجزم عادة نقل النبر من موضعه إلى المقطع الذي قبله؛ لأن النبر يختصر أواخر الكلمات على حد تعبير الدكتور إبراهيم أنيس رحمه الله1.
والقبائل التي تؤثر الإدغام في المضارع المجزوم والأمر المضعف للواحد في نحو "لم يَرُدَّ"، و"رُدَّ" ليست على نمط واحد في هذه اللهجة، بل انقسموا إلى لهجات أخرى من حيث ضبط الحرف الأخير، فبنو أسد وغيرهم من بني تميم يؤثرون الإدغام مع التحريك بالفتح على كل حال؛ فهم يقولون: حجَّ، و"إن تَحُجَّ، أحُجَّ". ولغة بني أسد2 كلغة أهل نجد إلا أن يقع بعد الفعل حرف ساكن؛ فإنهم أجازوا الكسر في نحو: "غُضِّ الطرف". وكعب ونمير وغني3 يدغمون مع الكسر في كل حال، فيقولون: رِدِّ وغُضِّ وفِرِّ وإن تردِّ أرُدِّ.
5-
حذف الواو والياء اللتين هما ضميران لغة لبعض قيس وأسد:
1 ينظر: في اللهجات العربية، ص150.
2 ينظر شرح ابن عقيل: 2/ 612.
3 ينظر التصريح: 2/ 406.
قال ركن الدين: "ونحو: "الزيدون صنعُ" قليل قبيح؛ لأن الواو والياء فيما ذكرناه اسم مستقل وحذفه محال، بخلاف الواو والياء في نحو: زيد يغزو، وزيد يرمي وجاءني القاضي؛ لأنها جزء كلمة في الآخر فإذا حذفت في الآخر كانت بقية الكلام دالة عليها فلذلك استقبح قوله:
لا يبعد الله أقواما تركتهم
…
لم أدرِ بعد غداة البين ما صنعُ1
أي: ما صنعوا. وقوله:
يَا دَارَ عَبْلَةَ بِالْجِوَاءِ تكلَّمِ
…
.............................2
يريد: تكلمي.
وهذه اللغة التي ذكرها ركن الدين ونص على أنها قليلة قبيحة هي لغة لبعض قيس وبني أسد، كما ذكر الرضي في شرح الشافية3.
6-
إبدال الميم من لام التعريف لغة طائية:
قال ركن الدين في مواضع إبدال الميم4: وإبدالها من لام التعريف ضعيف، وهي لغة طائية، كقوله عليه السلام:"لَيْسَ مِنْ أمْبِرِّ أمصيامِ فِي أمْسفَر"5.
1 البيت لتميم بن أبي بن مقبل. ينظر تخريجه في حاشية "2"، ص552.
2 البيبت لعنترة وهو في ديوانه برواية "تكلمي" ينظر تخريجه في حاشية "4" ص552.
3 ينظر: 2/ 305.
4 الكتاب: ص866.
5 ينظر ص866.
وبعد أن ذكر هذه اللغة عاد وذكر أن هذه الميم التي جاءت على هذه اللغة قد لا تكون بدلا من اللام لجواز أن تكون مرادفة لها ويكون التعريف بالاستقلال لا لكونها بدلا من اللام1.
7-
إبدال الهاء من الهمزة لهجة طائية:
تحدث ركن الدين عن هذه اللهجة وهو بصدد الحديث عن مواضع إبدال الهاء من الهمزة، فقال:"وهو في "هن فعلت"، لغة طائية"2.
8-
أهل اليمن ينطقون الجيم كافا:
نص على ذلك ركن الدين، حكاية عن ابن دريد قال:"الكاف التي كالجيم، قال ابن دريد: هي لغة أهل اليمن، يقولون في جمل: "كمل"، وهي كثيرة في عوام أهل بغداد، فإنهم يقولون في جَمَل: كَمَل، وفي رَجُل: رَكُل وهي مردودة رديئة"3.
9-
قلب ألف التأنيث ياء في الوقف لهجة بعض فزارة، وقلبها واوا لهجة بعض طيئ:
نص على ذلك ركن الدين، حيث قال:"اعلم أن ناسا من فزارة يقلبون ألف التأنيث ياء في الوقف، فيقولون: "حُبْلَيْ" بالياء وأن بعض طيئ يقلب ألف التأنيث واوا، فيقول: "حُبْلَوْ" ومنهم من يسوي
1 ينظر الكتاب، ص866.
2 ينظر الكتاب: 873، وهذه اللهجة ذكرها ابن عصفور في الممتع: 1/ 397، والرضى في شرح الشافية: 3/ 224.
3 الكتاب: 922.
في القلب بين الوقف والوصل فيقول فيهما: "حُبْلَوْ وحُبْلَيْ"1.
وهذه اللغة ذكرها الرضي في شرح الشافية2.
10-
قيس يقربون الصاد من الزاي في النطق:
تحدث ركن الدين عن هذه اللغة، وذكر أنها لغة لقيس وأنهم يقربون الصاد في نطقهم من الزاي في مثل: يصدر، ويصدق، ثم قال3:"وقرئ على لغتهم في المشهور: "حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ"4 و"الصِّرَاطَ"5. وذكر الشيخ محمد الدمياطي الشهير بالبناء أنها لغة أسد6.
11-
اللهجات العربي في الوقف على المنون:
تحدث ركن الدين عن الوقف على المنون فذكر ثلاث لهجات: الأولى: قلب التنوين حرف مد من جنس حركة ما قبله، والثانية: حذف التنوين في الأحوال الإعرابية الثلاثة. والثالثة إبدال الألف من التنوين في المنصوب المنون، وعدم الإبدال في المرفوع والمجرور يقول: "اعلم أن في المنون في الوقف ثلاث لغات: إحداها: أن يقلب التنوين حرف مد من جنس حركة ما قبله، فتقول: جاءني زيدو،
1 الكتاب: 535.
2 ينظر: 2/ 286.
3 الكتاب: 919.
4 القصص: من الآية "23". وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف، ووافقهم رويس، ينظر النشر: 2/ 250، 341.
5 سورة "الفاتحة" من الآية "6"، وكذلك: طه "135"، والصافات:"128". وهي قراءة خلف عن حمزة، ووافقه المطوعي، كما ذكرنا في تخريجها في ص919.
6-
ينظر الإتحاف: 123.
ورأيت زيدا، ومررت بزيدي.
والثانية: أن يحذف التنوين في الأحوال الثلاثة كلها، ويوقف عليها كما يوقف على غير المنون فتقول: جاءني زيد ورأيت زيد، مرت بزيد، وليست هاتان اللغتان فصيحتين. والثالثة: أن تبدل الألف من التنوين في المنصوب المنون، ولا يبدل في المرفوع والمجرور الواو والياء من التنوين، لثقل الضمة والكسرة مع الواو والياء، وخفة الفتحة مع الألف، وهذه اللغة هي الفصيحة"1.
واللغة الأولى التي ذكرها ركن الدين ذكر أبو الخطاب أنها لغة أزد السَّراة2. واللغة الثانية حكاها أبو الحسن الأخفش عن بعض العرب3، وذكر الأشموني أن ابن مالك نسبها إلى ربيعة4.
واللغة الثالثة، وهي المشهورة، ذكرها سيبويه في كتابه5.
12-
بعض العرب يقف على الهاء في المؤنث بالتاء:
ذكر ذلك ركن الدين وهو بصدد الحديث عن الوقف على تاء التأنيث في نحو رحمة، وشجرة، ونعمة وغيرها من الكلمات المؤنثة بالتاء، وذكر أن الوقف على مثل هذه الكلمات بالهاء على اللغة
1 الكتاب: ص 529، 530.
2 ينظر كتاب سيبويه: 4/ 166، 167.
3 ذكر ذلك الأستاذ عبد السلام هارون في حاشية "2" في كتاب سيبويه: 4/ 168.
4 ينظر شرح الأشموني: 3/ 747.
5 ينظر: 4/ 166، 167.
المشهورة، وفي المقابل ذكر أن بعض العرب يقف عليها بالتاء في مثله، يقول1:"وإنما قلنا: عند الأكثر"، لأن بعض العرب لا يقلبها هاء في الوقف، بل يقف عليها تاء، فيقول: رحمت وظلمت. وقد قرئ به في القرآن بالهاء والتاء جميعا، ومنه قول الشاعر:
دارا لسلمى بعد حول قد عفت
…
بل جَوْزَ تَيْهاءَ كظهرِ الحَجْفَتْ2
وهذه اللغة حكاها أبو الخطاب عن ناس من العرب3، ولها ما يؤيدها من الشواهد، كقول الراجز:
الله نجاك بكفَّيْ مَسْلَمَتْ
من بعد ما وَبَعْدِ مَا وَبَعْدِ مَتْ
صَارَتْ نُفُوسُ الْقَوْمِ عند الغَلْصَمَتْ
وكادت الحُرَّةُ أن تُدْعَى أمَتْ4
وعلى هذه اللغة جاءت كلمات وقف عليها بالتاء عند نافع وابن عامر وعاصم وحمزة، وقد ذكرنا هذه الكلمات جميعا في موضعها من الكتاب5.
1 الكتاب: ص536.
2 ينظر تخريج الشاهد في ص537، 538 من هذا الكتاب.
3 ينظر كتاب سيبويه: 4/ 167.
4 ينظر ص536، 537.
5 وذلك في ص537.
13-
وَجَدَ يَجُدُ لغة عامرية:
تحدث ركن الدين عن هذه اللهجة، فقال:"وأما: وجد يجُد -بضم العين في المضارع فضعيف، لا اعتداد به، لخروجه عن القياس واستعمال الفصحاء"1.
وهذه لغة عامرية لا نظير لها في المثال، ذكرها ابن منظور في اللسان2.
1 الكتاب: ص274.
2 ينظر: "وجد": 6/ 4770. وينظر كذلك: شرح الشافية للرضي: 1/ 132.