الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليس شيعيا بالرغم من صلته بالمتشيعين. ويؤيد ذلك أننا نراه يستشهد بالحديث النبوي الشريف على القواعد النحوية وأيضًا بكلام الصحابة مثل: عمر بن الخطاب وابن الزبير رضي الله عنهما وأيضًا يستشهد بكلام لابن عباس رضي الله عنه كما سنوضح في الفصل الخاص بالشواهد النحوية، ولم نره يستشهد بكلام للإمام علي رضي الله عنه بعكس عالم آخر هو الرضي الأستراباذي الذي عاصره وظهرت نزعته الشيعية بصورة كبيرة من خلال ما استشهد به في مواطن كثيرة من كلام الإمام علي كرم الله وجه.
ل-
شيوخ ركن الدين وتلاميذه:
أولًا: شيوخه:
لم تذكر لنا كتب التراجم التي ترجمت لركن الدين من شيوخه سوى العلامة نصير الدين الطوسي وسيف الدين الآمدي، وكذلك لم يشر ركن الدين في مؤلفاته التي وصلت إلينا إلى واحد من شيوخه الآخرين. ولكنني أرجح أنه تتلمذ أيضًا على الإمام ابن الحاجب.
فإن قيل: ما السبيل إلى هذا الترجيح. قلنا: إننا لو تأملنا ميلاد كل من الطوسي وابن الحاجب وركن الدين، وكذلك تاريخ وفاتهم، لوجدنا أنهم تعاصروا؛ فالطوسي ولد سنة 597هـ، وتوفي سنة 672هـ، وابن الحاجب ولد سنة 571هـ، وتوفي سنة 646هـ، وركن الدين رجحنا أنه ولد حول سنة 600هـ تقريبًا؛ حيث ترجم له ياقوت المتوفى سنة 626هـ، وتوفي سنة 715هـ، وكان من المعمرين،
وقد شاخ على حد عبارة ابن العماد الحنبلي. وقد تعرف الطوسي على كافية ابن الحاجب وشرحها، ومن هذا الشرح نسخة في الأسكوريال ثان رقمها "191"1. وأيضًا تعرف ركن الدين على الكافية وشرحها ثلاثة شروح، وشرح الشافية شرحًا واحدًا، وشرح مختصر المنتهى الأصولي له أيضًا. أقول: فكيف عثر الطوسي وركن الدين على مؤلفات معاصرهم ابن الحاجب في زمن يصعب فيه نشر الكتب وتداولها وطباعتها إلا أن يكونوا قد تقابلوا وتدارسوا هذه الكتب؟.
وعلى كل فهذا مجرد ظن وترجيح وإن لم يكن ركن الدين قد تتلمذ مباشرة على ابن الحاجب فقد تتلمذ عليه بطريق غير مباشرة، أعني: تتلمذ على كتبه التي تبناها وجمعها وقرأها وأفاد منها ودرسها وشرحها، وهذا مما لا شك فيه. ويؤكد اهتمامه بجمع كتب ابن الحاجب وبخاصة نسخ الكافية وشرح المصنف لها ما قاله في الوافية2 حيث قال ما نصه:"اعلم أني وجدت نسخة قرئت على المصنف وعليها خطه كان "على الأفصح" بعد قوله: "والآخر الهمزة". وكان فيها بدل قوله: "ومن ثم لم يجز": "ومن ثم ضعف"، وهو قريب من الأول، لكن شرح المصنف يوافق ما ذكرناه أولًا.
وعلى كل فسوف نعده واحدًا من شيوخه الذين تتلمذ على كتبهم إن لم تكن تلمذة مباشرة، وفي سطور موجزة نقدم ترجمة مختصرة
1 تاريخ الأدب العربي: 5/ 310.
2 ص320.
للطوسي ولابن الحاجب، ولنبدأ بالطوسي؛ حيث لا شك في أنه تتلمذ عليه مباشرة:
1-
نصير الدين الطوسي:
هو أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن أشهر علماء القرن السابع الهجري، فيلسوف، فلكي، إذ كان رأسًا في العلوم العقلية وعلامة بالأرصاد والمجسطي والرياضيات. وهو إخباري متعدد الجوانب، وهو سياسي شيعي. ولد بطوس في الحادي عشر من جمادى الأولى 597هـ/ الثامن عشر من فبراير سنة 1201م. ودرس علوم اللغة من نحو وصرف وأدب بعد دراسته للقرآن الكريم، وتوفي ببغداد في الثامن عشر من ذي الحجة سنة 672هـ/ السادس والعشرين من شهر يولية سنة 1274م.
وكانت منزلته عالية عند هولاكو، فكان هولاكو يطيعه فيما يشير به عليه، حتى بنى له مرصدًا عظيمًا في مراغة، واتخذ خزانة ملأها بالكتب التي نهبت من بغداد والشام وشبه الجزيرة العربية، اجتمع فيها من الكتب نحو أربعمائة ألف مجلد وقرر منجمين لرصد الكواكب وجعل أوقافًا تقوم بمعاشهم، وكان هولاكو يمده بالأموال. وصحبه في غزو بغداد. وقيل إن الطوسي هذا هو الذي أشار على هولاكو بقتل الخليفة العباسي المستعصم بالله، بعد دخول بغداد، وساعده
في ذلك الوزير ابن العلقمي1.
وقد تحدد مذهبه السياسي بتحيزه الشديد للاثنى عشرية مما بوأه مقعد الزعامة للشيعة الإيرانية بفضل مواهبه وتفننه في علوم شتى2.
وللطوسي مصنفات كثيرة جدا في كل فروع المعرفة جاوزت المائة بين كتاب ورسالة ومقالة، في مختلف المواضيع، وباللغتين العربية والفارسية، حيث صنف في الحكمة والفلسفة والهيئة والنجوم والرياضيات والطبيعيات والعلوم الدينية وعلوم العربية وغيرها.
ومن مؤلفاته التي لا تحصى: شرح كافية ابن الحاجب3، وشكل القطاع، وتجريد العقائد، وتلخيص المحصل، ورسالة في الموسيقي شرحها، وغير ذلك4.
2-
السيف الآمدي:
هو: علي بن علي بن محمد بن سالم التغلبي، الإمام أبو الحسن سيف الدين الآمدي المشهور صاحب التصانيف الكثيرة. ولد بـ"آمد" سنة 511هـ وتوفي بها سنة 636هـ. وقد نص السيوطي5.
1 ينظر: البداية والنهاية، لابن كثير: 13/ 201.
2 ينظر: ترجمته في: الأعلام: 7/ 257، 258، وأعيان الشيعة: 46/ 4-19، ومعجم المؤلفين: 11/ 307، ودائرة المعارف الإسلامية: 15/ 378-382.
3 ينظر: تاريخ الأدب العربي: 5/ 310. وينظر مؤلفاته في هذا المصدر في: 1/ 508.
4 في فوات الوفيات، لابن شاكر الكتبي، فصل عن نصير الدين الطوسي ومصنفاته؛ ينظر: 3/ 246-252.
5 في بغية الوعاة: 1/ 522.
على أن ركن الدين قد أخذ عنه.
وللرجل مصنفات مفيدة منها: الباهر في علم الأوائل والأواخر، وأبكار الأفلاك في أصول الفقه، والحقائق في علوم الأواخر، وإحكام الأحكام في أصول الفقه، وغير ذلك1.
3-
ابن الحاجب:
هو أبو عمرو، عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، جمال الدين الدوني2 الكردي الأصل، المشهور بابن الحاجب، وقد اشتهر بذلك؛ لأن أباه كان حاجبًا للأمير عز الدين موسك الصلاحي. ولد بإسنا بصعيد مصر سنة 570هـ، ونشأ بالقاهرة ثم هاجر إلى دمشق، ومات بالأسكندرية سنة 646هـ، وله مؤلفات كثيرة جدا وعظيمة في مختلف المجالات، تدل على غزارة علمه ودقه فهمه، من بينها المقدمة الكافية في النحو، والشافية في الصرف، وشرحمها والإيضاح في شرح المفصل للزمخشري، ومنتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل، ومختصره المعروف بمختصر المنتهى الأصولي، وغير ذلك مما يضيق المقام عن حصره3.
1 ينظر في ترجمته: لسان الميزان: 3/ 134، 135، ومفتاح السعادة: 2/ 179، والأعلام: 5/ 53.
2 قال ابن فرحون في الديباج المذهب: 2/ 89: "ودونه موضع الأكراد ببلاد المشرق".
3 ينظر ترجمة ابن الحاجب في:
- وفيات الأعيان، لابن خلكان "ت 581هـ": 3/ 248. تحقيق إحسان عباس "دار الثقافة العربية".
ثانيًا: تلاميذه
لم تذكر لنا كتب التراجم من تلاميذ ركن الدين سوى تاج الدين الأردبيلي، وإن كنت أرى أنه تتلمذ على يديه كثير من أهل العلم والفضل، بدليل قول ابن حجر وهو بصدد ترجمته:"وتخرج به جماعة من الفضلاء"1.
تاج الدين الأردبيلي:
هو تاج الدين، أبو الحسن، علي بن عبد الله أبي الحسن2 ابن أبي بكر، الأردبيلي، التبريزي، الشافعي، عالم جامع لأنواع العلوم؛ النحو الفقه، التفسير، الحديث، الأصول، الحساب، الهندسة، الكلام، الطب.
- الطالع السعيد، للإدفوي "ت 648هـ"، ص 356، تحقيق سعد محمد حسن، الدار المصرية للتأليف/ سنة 1966م.
- البداية والنهاية، لابن كثير "ت 774هـ"، 13/ 176.
- الديباج المذهب، لابن فرحون "ت799هـ": 2/ 86. تحقيق الأحمدي أبو النور/ دار التراث بالقاهرة.
- مفتاح السعادة، طاش كبري زادة "ت 968هـ" 1/ 139. دار الكتب الحديثة بالقاهرة.
- شذرات الذهب، لابن العماد "ت 1089هـ": 5/ 234.
- روضات الجنات، للخوانساري "ت 1311هـ": تحقيق أسد الله إسماعيل/ قم سنة 1392هـ.
- تاريخ الأدب العربي، بروكلمان: 5/ 308-343.
- ابن الحاجب النحوي: آثاره ومذاهبه، طارق عبدعون الجنابي دار التربية ببغداد.
1 الدرر الكامنة: 2/ 16.
2 وفي الأعلام: "5/ 121": "أبو الحسن".