الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[علامات القلب] :
قوله: [ويعرف القب بِأَصْلِهِ كَنَاءَ يَنَاءُ مَعَ النَّأْيِ، وَبِأَمْثِلَةِ اشْتِقَاقِهِ كَالجَاهِ وَالحَادِي وَالقِسِيِّ، وَبِصِحَّتِهِ كَأَيِسَ، وَبِقِلَّةِ اسْتِعْمَالِهِ كآرَامٍ وآدُر، وبأدَاءِ تَرْكِهِ إِلَى هَمْزَتَيْنِ عِنْدَ الْخَلِيلِ نَحْوَ جَاءٍ، أَوْ إِلَى مَنْعِ الصَّرْفِ بِغَيْرِ عِلَّةٍ -عَلَى الأَصَحِّ- نَحْوَ أَشْيَاءَ؛ فَإِنَّها لَفعاء، وَقَالَ الْكِسَائيُّ: أفْعال، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَفْعاء وأصلها أَفْعِلاء] 1، 2.
أعلم أنه يعرف القلب بأشياء:
أحدها: أنه يعرف بأصل المقلوب أي بما يشتق منه، نحو: ناء بناء؛ فإنه على وزن: فَلَع يَفْلَع، مقلوب من نأى ينأى؛ لأنه مشتق من النأي3، والفعل منه: نأى ينأى وهو اللغة الكثيرة، فعلم أنهم نقلوا اللام إلى موضع العين، والعين إلى موضع اللام.
وثانيها: أنه يعرف بأمثلة اشتقاقه؛ أي: بالكلمات التي علم أن جميعها راجعة إلى أصل واحد كالجاه؛ فإنه نقل فيه الفاء إلى موضع العين وبالعكس، فوزنه عفل؛ لأن الجاه والوجيه والتوجيه والتوجه ووجه وتوجه راجعة إلى أصل واحد، وهو الوجه.
والحادي: مقلوب من "واحد"؛ لأن الحادي والواحد والتوحيد.
1 عبارة ابن الحاجب هذه من "ق". وفي الأصل، "هـ": "ويعرف القلب بأصله
…
" إلى آخره.
2 ينظر الخلاف حول وزن "أشياء" وعلة منع صرفها في كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف، للأنباري. مسألة "118"، ص481-487.
3 في "ق": النسائي. وهو تحريف.
والتوحد ووحَّد وتَوحَّد راجعة إلى أصل واحد، وهو الوحدة، فالحادي على وزن العالِف؛ فجعل الفاء موضع اللام، واللام موضع العين.
والقِسِيّ: مقلوبة من "قُوُوس" على وزن "فِليع" لا على وزن فِعِيل1، وأصله، قُوُوس على وزن فُعُول2؛ فنقلت الواو إلى آخر الكلمة، ثم قلبتا ياءين، وأدغمت الياء الأولى في الياء الثانية للتخفيف على ما يجيء، وكسرت السين للياء التي بعدها والقاف للتبعية كراهة للانتقال3 من الضمة إلى الكسرة.
والذي يدل على كون القِسِي مقلوبة من قُوُوس أن القسيَّ والأقواس والتقوس والتقويس وقوّس وتقوَّس راجعة إلى أصل واحد،
1 ركن الدين في جعله القيسي على وزن الفِلِيع -بكسر الفاء واللام وقلب الواو ياء- متأثر بعبارة الجوهري التي ستأتي في حاشية2، وهي:"فصارت قِسِي على فِلِيع".
والجوهري راعى الإعلال بالقلب في الميزان، وتابعه في ذلك ركن الدين. وحكي عن عبد القاهر المتوفى "471هـ" أنه راعى ذلك، وذكر أن وزن قال فال؛ لأن القلب عن حرف أصلي وهو الواو، وهو عين الكلمة "شرح الشافية للرضي: 238" ولكن جمهور النحاة يذهبون إلى أن الإعلال بالقلب لا يراعى في الميزان؛ فقال: على وزن: فَعَل، وقيل: على وزن فُعِل، وقِسِيّ: على وزن فُلُوع. المحقق".
2 قال الجوهري: "وكان أصل قِسِيّ: قُوُس؛ لأنه فُعُول، إلا أنهم قدموا اللام وصيروه "قُسُو" على فُلُوع، ثم قلبوا الواو ياء وكسروا القاف، كما كسروا عين عِصِي، فصارت قسي على فِليع، كانت من ذوات الثلاثة فصارت من ذوات الأربعة، وإذا نسبت إليها قلت: قُسَوِيّ، لأنها مغير من فعول، فتردها إلى الأصل". "الصحاح "قوس": / 964" وهذا الكلام قد نقله ابن منظور بتمامه عن الجوهري. "ينظر اللسان "قوس": 4/ 3773".
3 في "هـ": لكراهيتهم الانتقال.
وهو القوس، فعلمنا أنه جعلت العين في القسي موضع اللام، واللام موضع العين.
ولقائل أن يقول: معرفة القلب بأمثلة الاشتقاق راجعة إلى المعرفة بالأصل1.
وثالثها: أنه يعرف القلب بصحة حروف2 العلة مع تحركها وانفتاح ما قبلها، نحو: أَيِسَ يَأْيَسُ، فإنه مقلوب من يَئِسَ؛ لأنه لو كان أَيِسَ هو الأصل لوجب أن يقال: آس؛ لتحرك الياء3 وانفتاح ما قبلها، ولما لم يقل كذلك علم أن أَيِسَ4 مقلوب من: يئس؛ فوزن أَيِسَ غَفِلَ لا فَعِلَ.
ورابعها: أنه يعرف القلب بقلة استعماله5، نحو آرام، وآدُر: جمع رِئْم ودار؛ فإنهما أقل استعمالا من أرآم وأدْؤُر؛ فالأولى أن يجعل ما هو أكثر استعمالا، وهو أرآم وأدؤر، هو الأصل، فعلم أن آراما على وزن "أعفال" لا "أفعال" وأن أدؤرا على وزن "أعْفُل".
1 قال الرضي، معلقا على جعل المصنف القوس مما يعرف بأمثلة اشتقاقه؛ "وهذا منه عجيب، لم جعله قسمنا آخر وهو من الأول، أي: مما يعرف بأصله؟ بل الكلمات المشتقة من ذلك الأصل تؤكد كون الكلمات المذكورة مقلوبة"."شرح الشافية: 1/ 23".
وقال نقرة كار: "ويجوز أن يعرف القلب فيه بأصله، وهو القوس؛ لأن الواحد أصل للجمع"، "مجموعة الشافية: 2/ 10".
2 في "هـ": حرف.
3 في "ق": لتحركها.
4 وهو الظبي. ينظر اللسان "رأم": 2/ 1536.
5 في "ق": "استعمالها". يريد استعمال المقلوب.
لا "أَفْعُل".
ولقائل أن يقول: هذا القسم والذي قبله راجعان إلى القسم الأول؛ لأنه يعرف القلب فيهما بأصلهما، وهو: الرِّئْم، والدار، واليأس1.
ويمكن أن يجاب عنه بأن معرفتها بأصلها لا يمنع معرفتها بصحة حروف علته وبقلة استعماله؛ لأن المعرف ههنا أمارة، ويجوز اجتماع أمارات كثيرة على شيء واحد2.
وخامسها: أنه يعرف القلب بأن عدم القلب يؤدي إلى الجمع بين همزتين عند الخليل وأتباعه3 وهو غير جائز، نحو "جاء"؛ فإنه اسم فاعل، وأصله: جائي، بلا خلاف؛ لأنه من المجيء، فلو بقيت الياء التي بعد الألف غير مقلوبة4؛ أي: غير منقولة اللام إلى
1 قال الرضي: "ويصح أن يقال: إن جميع ما ذكر من المقلوبات يعرف بأصله، وكذا أَيِسَ يَأيَسُ باليَأسِ، وآرام وآدُر بِرِئم وَدَارٍ فإن ثبت لغتان بمعنًى يِتَوَهَّم فيهما القلب، ولكل واحد منهما أصل، كجَذَب جَذْبَاً، وجَبَذ جَبْذاً، لم يحكم بكون إحداهما مقلوبة عن الأخرى. ولا يلزم كون المقلوب قليل الاستعمال، بل قد يكون كثيراً كالحادي والجاه، وقد يكون مَرْفُوض الأصل كالقِسِيّ؛ فإن أصله -أعني القووس- غير مستعمل". "شرح الشافية: 1/ 24".
2 وهذا الجواب نقلة الجاربردي في شرح الشافية، يقول: "ورجوع هذه الأقسام -غير الأول- إلى الأول،
بناء على أنه يمكن البيان في الكل والأصل، لا يضر لجواز اجتماع دلائل كثيرة على مدلول واحد". شرح الشافية "مجموعة الشافية: 1/ 23، 24". ونقله أيضا الشيخ زكريا الأنصاري في: مناهج الكافية في شرح الشافية بهامش شرح النقرة كار "المصدر السابق: 2/ 11".
3 أي: إن الخليل يعرف القلب بهذا ويحكم به، وهو أن يؤدي تركه إلى اجتماع همزتين. "ينظر الكتاب: 4/ 376، 377".
4 والقلب في هذا الموضوع عندهم قياس. ومثل "جاء" في ذلك: "سواء" وهي جمع "سائية"، مؤنث ساء، اسم فاعل من قولهم: ساءه سوءا وسواء وسواءة وسواية وسوائية ومسائية -على القلب- أي: فعل به ما يكره. "ينظر شرح الشافية، للرضي: 1/ 24".
العين وبالعكس لوجب أن تقلب الياء التي بعد الألف همزة مثلها في "سائر وسائل"1 من: سار وسال، لقاعدة كلامهم، فيصير جائئا، بهمزتين مجتمعتين، فلذلك قال الخليل: لا تقلب الياء همزة لكن ترد الهمزة التي هي لام إلى موضع العين، فصار2 "جائي" على وزن: فَالِع، ثم أعل إعلال قاض3.
وإنما قلنا عند الخليل، لأن سيبويه وأتباعه لا يقولون بالقلب، بل يقولون: إذا اجتمعت همزتان في مثلها قلبت الثانية ياء ثم أعلت إعلال قاض، ولا يهربون عن توالي إعلالين هما قلب العين همزة وقلب اللام ياء4.
1 في الأصل: سائل وسائل، ولعله سهو من الناسخ.
2 في الأصل: فيبقى.
3 واعترض الرضي على مذهب الخليل، قائلا:"وليس ما ذهب إليه الخليل بمتين؛ وذلك لأنه إنما أدى الأمر إلى مكروه إذا خيف ثباته وبقاؤه، أما إذا أدى الأمر إلى مكروه وهناك سبب لزواله فلا يجب الاحتراز من الأداء إليه، كما أن نقل حركة واو نحو "مَقُوُول" إلى ما قبلها، وإن كان هناك سبب مُزيل له، وهو حذف أولها، وكذا في مسألتنا قياسٌ موجب لزوال اجتماع الهمزتين وهو قلب ثانيتهما في مثله حرف لين، كما هو مذهب سيبويه وإنما دعا الخليل إلى ارتكاب وجوب القلب في مثله أداء ترك القلب إلى إعلالين، كما هو مذهب سيبويه. وكثرة القلب في الأجوف الصحيح اللام، نحو: شاك وشَوَاع في: شائك وشوائع؛ لئلا يهمز ما ليس أصله الهمز
…
". "شرح الشافية: 1/ 25".
4 قال سيبويه: "واعلم أن الهمزتين إذا التقتا في كلمة واحدة لم يكن بد من بدل الأخيرة، ولا تخفف؛ لأنهما إذا كانتا في حرف واحد لزم التقاء الهمزتين الحرف، وإذا كانت الهمزتان في كلمتين فإن كل واحدة منهما قد تجري في الكلام ولا تلزق بهمزتها همزة، فلما كانتا لا تفارقان الكلمة كانتا أثقل فأبدلوا من إحداهما ولم يجعلوها في الاسم الواحد. والكلمة الواحدة بمنزلتهما في كلمتين، فمن ذلك قولك في فاعل من جئت: جائي، أبدلت مكانها الياء؛ لأن =
وقد أورد عليهم سؤال، وتقرير: أنه لو كانت الياء في "جاء" مقلوبة عن الهمزة الثانية أثبتت ولم تعل إعلال ياء قاض ووقف عليها على الأفصح كما أن الياء في "داري" و"مُسْتَهْزِيينَ"1 لما كانت مقلوبة عن الهمزة أثبتت ولم تعل إعلال ياء "قاض" ووقف عليها على الأفصح. وكما أن الياء المبدلة عن الهمزة في "رئيا" للتخفيف في قوله تعالى: {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} 2 [لما كانت] 3 مبدلة عن الهمزة أثبتت ولم تدغم في الياء الثانية على الأفصح ولما لم تثبت الياء في "جاء" ولم يوقف عليها علم أنها ليست مبدلة عن الهمزة4.
= ما قبلها مكسور فأبدلت مكانها الحرف الذي منه الحركة التي قبلها كما فعلت ذلك بالهمزة الساكنة حين خففت "الكتاب: 3/ 552".
وقد نقل سيبويه عن الخليل مثل ذلك أيضاً، وذلك أنه حكى عنه أنه إذا اجتمعت همزتان في كلمة واحدة اختير تخفيفُ الأخيرة نحو جاء وآدم، حيث قال في الكتاب: 3/ 549: "وكان الخليل يستحب هذا القول، فقلت له: لمه؟ فقال: إني رأيتهم حين أرادوا أن يبدلوا إحدى الهمزتين اللتين تلتقيان في كلمة واحدة أبدلوا الأخيرة، وذلك نحو: جائي وآدم". فقد حكم على ما ترى بانقلاب ياء الجائي عن الهمزة، وهو عين مذهب سيبويه.
1 دارئ: اسم فاعل من قولك: درأه درءا ودرأة، إذ دفعه وتقول: ناقة دارئ مغدة، ومستهزي: اسم فاعل من استهزأ منه وبه أي: سخر: "ينظر الوسيط: درأ: 286، هرأ: 1023".
2 سورة مريم من الآية "74".
3 ما بين المعقوفتين إضافة من "ق"، "هـ".
4 الشارح يعترض على الإعلال بالحذف بأنه لو صح أن الياء منقلبة عن الهمزة الثانية وليست هي العين أخرت إلى موضع اللام لكان يجب لها كما بقيت الياء المنقلبة عن الهمزة في داري ومستهزئين، وأصلهما: دارئ ومستهزئون، خففت الهمزة فيهما بقلبها من جنس حركة ما قبلها.
وأجيب عنه بمنع الملازمة وبالفرق بين "جاء" وبين "داري" ومستهزيين و"رِيِيا"1، وهو أن إبدال الياء عن الهمزة في "جاء" واجب، فيكون حكمها حكم الياء الأصلية وإبدال الياء عن الهمزة في "داري ومستهزيين ورييا" جائز غير واجب فيكون كالعارض، فلا اعتداد بها2.
وأورد على هذا الجواب بأنه قد تُبْدَل الياء عن الهمزة وجوبا مع أنه لا يكون حكمها كحكم3 الياء الأصلية، وقد تبدلت عنها جوازا مع أنه يجعل حكمها كحكم4 الياء الأصلية ويعتد بها.
1 وهي قراءة حمزة، حيث وقف على "رئيا" بإبدال الهمزة ياء مع الإظهار اعتبارا بالأصل فقال "رِيْيا" وبالإدغام.
وقال صاحب الإتحاف: "ورجح الأول صاحب الكافي وغيره، ورجح الثاني الداني في الجامع، قال: لأنه جاء منصوصا عن همزة، ولموافقته الرسم، وأطلق في التيسير الوجهين على السواء، وتبعه الشاطبي". "الإتحاف: 300، 65".
وقرأ ورش من طريق الأصبهاني بإبدال الهمزة ياء أيضا "ينظر: الإتحاف 53"، وقرأ أبو جعفر وقالون وابن ذكوان بتشديد الياء من غير همزة "ريَّا" وانفرد هبة الله المفسر عن زيد عن الداجوني عن أصحابه عن هشام بالهمز، ورواه عنه سائر الرواة، وبذلك قرأ الباقون "ينظر النشر: 1/ 389".
2 واعترض الرضي أيضا عما اعترض عليه الركن، ثم أجاب عن اعتراضه بقوله: "فإن قيل: لو كانت الثانية منقلبة عن الهمزة لم تعل بحذف حركتها كما في داري ومستهزيين.
فالجواب أن حكم حروف اللين المنقلبة عن الهمزة انقلابا لازما حكم حروف اللين الأصلية التي ليست بمنقلبة عن الهمزة، وإن كان الانقلاب غير لازم كما في داري ومستهزيين". "شرح الشافية: 1/ 26".
3 في "ق": حكم.
4 في "ق": حكم.
أما الأول فلأن الياء في أئمة مبدلة عن الهمزة وجوبا كما في "جاء" مع أنه ليس حكمها حكم1 الياء الأصلية، وإلا وجب أن تقلب ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فيقال "آمة". وأما الثاني؛ فلأن إبدال الياء أو الواو عن2 الهمزة في "خَطيّة ومَقْروّة" ليس بواجب كما في "رِيْيا"3 مع أنه يعتد بها، ولهذا يجب الإدغام عند المبدلين.
وأجيب عن الأول بأنا لا نسلم أنه لو كان حكم4 "الياء" المبدلة عن الهمزة وجوبا حكم الأصل5 لوجب أن تقلب الياء ألفا في "أئمة"، وإنما وجب أن6 لو لم تكن حركة الياء عارضة لكن حركتها عارضة؛ لأن أصل "أئمة":"أأمِمَة" على وزن "أَفْعِلة"؛ فانقلبت7 حركة الميم الأولى إلى ما قبلها للإدغام ثم أدغمت8 الميم في الميم فصار "أإمة"، ثم أبدلت الياء عن هذه الهمزة9 فصار "أئمة"؛ فالحركة على10 الياء عارضة لكونها عارضة على الهمزة
1 في "ق": كحكم.
2 في "هـ": من
3 رييا: أصله: رئيا، خففت الهمزة بإبدالها من جنس حركة ما قبلها. والرئي: المنظر الحسن. "وينظر الوسيط "رأى": 332".
4 لفظة "الياء" إضافة من "ق"، "هـ".
5 في الأصل: الأصلي.
6 في "ق": أنه.
7 في "هـ": فنقل.
8 في "هـ": أدغم.
9 في "ق": الشجرة. والصحيح ما أثبتناه من النسختين الأخريين.
10 في الأصل: عن.
وإذا كانت عارضة لا يعتد بحركتها كما لا يعتد بحركة الياء في: اخْشَيِ القومَ1.
وأجيب عن الثاني بأنه لا يعتد بالياء أو الواو المبدلة عن الهمزة إبدالا غير واجب إذا كان إبدالها عن الهمزة لغير الإدغام كجاء، أما إذا كان إبدالها عنها لإدغام فإنه يعتد بها في خطيّة ومقروَّة، ولهذا لا يجوز إبدالها عنها في مثل "خطيّة" و"مقروَّة" من غير إدغام2.
وسادسها: أنه يعرف القلب بأن عدم القلب يؤدي إلى منع صرف الاسم بغير علة3، كأشياء؛ فإنه غير منصرف4 بالاتفاق؛ فقال الخليل وسيبويه وأتباعهما: وزنه لفعاء، وأصله: شيئاء، على وزن: فعلاء، فمنع صرفه لألف التأنيث ثم تقلب اللام إلى موضع الفاء، فصار أشياء على وزن لفعاء5.
1 ينظر: شرح الشافية للرضي: 1/ 27.
2 ينظر: شرح الشافية، للرضي:228.
3 أي: يعرف القلب على الأصح بأداء تركه إلى منع صرف الاسم من غير علة، ودعوى القلب بسبب أداء تركه إلى هذا مَذْهَبُ سيبويه، فأما الكسائي فإنه لا يعرف القلب بهذا الأداء، بل يقول: أشياء أفعال، وليس بمقلوب، وَإن أدى إلى منع الصرف من غير علة.
ويقول: امتناعه من الصرف شاذ. "ينظر شرح الشافية، للرضي: 1/ 28، 29".
4 في "ق": فإنها غير منصرفة.
5 في سيبويه "4/ 380": "وكان أصل أشياء شيئاء، فكرهوا منها مع الهمزة مثل ما كره من الواو".
وقال المبرد: "ومن ذلك "أشياء" في قول الخليل: إنما هي عنده "فعلاء" وكان أصلها شيئاء يا فتى، فكرهوا همزتين بينهما ألف فقلبوا
…
فصارت اللام التي هي همزة في أوله فصار تقديره من الفعل: "لفعاء" ولذلك لم ينصرف".
"المقتضب: 1/ 30".
وقال الكسائي: وزنه أفعال؛ لأن فَعْلا معتل العين يجمع أفعال، كقَيل وأقيال1.
وقال الفراء2: وزنه أَفْعَاء3، وأصله "أَشْيئاء" على وزن "أَفْعِلاء" فخفف4 بحذف الهمزة5 الأولى، ورأى أن شيئا أصله "شيئ" على وزن "فَيْعِل" ثم خفف كما خفف "ميت"، ثم جمع على "أشيئاء" كما جمع "نبي" على "أنبياء"، ثم حذفت الهمزة التي هي لام الفعل تخفيفا، كراهة6 اجتماع همزتين بينهما ألف فصار وزنه "أفعاء"7، 8.
1 ينظر: شرح الرضي على الشافية: 1/ 29.
2 ينظر: معاني القرآن: 1/ 321.
وهذا ما يراه الأخفش أيضا "ينظر: المقتضب 1/ 30، الإنصاف مسألة 118، ص 481-487" فهما اتفقا في الوزن، ولكنهما اختلفا في "شيء""الذي هو مفرد أشياء"، فمذهب أبي الحسن أنه "فَعْل" كـ"مَيْت"، ومذهب الفراء أنه مخفف من "فَعْيِل"، والأصل شيء فخفف. "ينظر الممتع: 2/ 513".
3 في الأصل: أفعلاء.
4 في "ق": يخفف.
5 في "ق": الياء، والصواب ما أثبتناه من الأصل ومن "هـ".
6 في "هـ": لكراهتهم.
7 ينظر معاني القرآن، للفراء: 1/ 321 "وينظر تفصيل القول في هذه المسألة، في: "المنصف: 2/ 94-101، والإنصاف مسألة "118"".
8 وعلى هذا تكون "أشياء" عند الخليل وسيبويه اسم جمع لا جمع، كالقَضْباء والغَضْياء والطًَّرقاء، وفي: القصبة والغضباء والظَّرفة. وأصلها: شَيئاء، قدمت اللام على الفاء كراهة اجتماع همزتين بينهما حاجز غير حصين -أي: الألف- مع كثرة استعمال هذه اللفظة، فصار "لَفْعَاء". وقال الكسائي: هو جمع شيء، كبيت وأبيات، منع صرفه توهما أنه كحمراء، وقال الأخفش والفراء: أصله أشيئاء جمع شَيِّء، نحو بيّن وأَبْيناء.
"ينظر شرح الشافية، للرضي: 1/ 29، 30".
ومذهب الخليل وسيبويه أصح من مذهبي الكسائي والفراء1.
أما كونه أصح من مذهب الكسائي؛ فلأن مذهب الكسائي مستلزم لمنع صرف الاسم بغير علة، وانتفاؤه معلوم من لغتهم، والقلب الذي هو مذهب الخليل وسيبويه كثير شائع، فارتكابه أولى من ارتكاب ما لا نظير له في كلامهم2.
وأما كونه أصح من مذهب الفراء؛ فلأن مذهب الخليل وسيبويه يستلزم خلاف الظاهر بوجه -أعني القلب- وهو كثير شائع، [ومذهب الفراء يستلزم خلاف الظاهر بوجهين3: أحدهما غير شائع] 4 والآخر غير جائز5.
1 وقال الرضي: "وجمعه على أشْياوَاتٍ مما يقوِّي مذهب سيبويه؛ لأن فعلاء الاسمية تجمع على فَعْلاوات مطرداً نحو: صحراء على صحراوات، وجمع التاء بالألف والتاء كرجلات وبيوتات غير قياس. "شرح الشافية: 1/ 30".
2 وقال الرضي: "ويضعف قول الأخفش والكسائي قولهم: أَشَايا وأشَاوَى في جمع أشياء كَصَحَارى في جمع صحراء، فإن أفْعِلَاء وأفعالا لا يُجْمَعَان على فَعَالَى، والأصل هو الأشايا وقلبت الياء في الأشَاوى واواً على غير قياس كما قيل: جبيتُه جباية وجباوة". "المصدر السابق: 1/ 31".
3 في "هـ": من وجهين.
4 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
5 في "هـ": أحدهما غير جائز والآخر غير شائع.
والأول تقديره: شيئاء، [وأنَّ] 1 شَيِّئا على وزن فَيْعِل، فإنه خلاف الظاهر مع أنه لم يسمع "شيِّء"، فلو كان هو الأصل لكان هو الكثير الشائع "كما أنه لما كان ميت وبيّن أصل مَيُت وبَيُن"2 كان أكثر من "مَيْت وبَيْن" لكنه ليس كذلك.
والثاني: حذف الهمزة التي هي لام الفعل مع أن الهمزة3 التي وقعت بعدها همزة بينهما ألف لا يجوز حذفها4.
قوله: "وَكَذِلِكَ الْحَذْفُ5 كَقَوْلِكَ فِي قَاضٍ فَاعٍ، إِلَاّ أن يبين فيهما"6.
أي: وكالقلب الحذف في الزنة؛ فإنه إذا كان في الموزون حذف حُذف في الزِّنة ما حذف في الموزون، لما ذكرناه في القلب، فقاض على وزن فاع، ويَمُت على وزن يَعُل، وقل على وزن فل إلا إذا أريد أن يبين وزنها في الأصل، فإنه لا يقلب ولا يحذف في الزنة، فيقال أيس في الأصل على وزن: فَعِل، وأشياء في الأصل على وزن: فَعْلاء، وقاض في الأصل على وزن: فاعِل، وقل في الأصل على وزن: افْعُل.
1 وأن: إضافة في المحقق يتطلبها السياق.
2 في الأصل: "كما أنه لما كان هو ميت وبين هو الأصل". وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
3 في الأصل، ق: حذف الهمزة، وما أثبتناه من "هـ".
4 وقد ضعف الرضي أيضا رأي الأخفش والفراء هذا، بثلاثة وجوه، راجعها في شرح الشافية: 1/ 30.
5 قوله: "وكذلك الحذف" عطف على قوله: "إن كان في الموزون قلب قلبت الزنة مثلة".
6 عبارة ابن الحاجب المذكورة من "ق". وفي الأصل، هـ: "وكذلك الحذف
…
" إلى آخره.