الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[شواذ التصغير] :
قوله: "وما جاء على غير ما ذُكر؛ كأُنَيْسِيان وعُشَيْشِية وأُغَيْلِمة وأُصَيْبِيَة شاذ"1.
أي: وما جاء من المصغرات على خلاف ما ذكرنا2 فشاذ على خلاف القياس نحو "أُنَيْسِيان" في تصغير "إنسان" والقياس: أُنَيْسان؛ لأنه لا ياء في إنسان بعد السين، لا لفظا ولا تقديرا3.
ونحو "عُشَيْشِيَة" في تصغير: عِشَيَّة -لتقريب الوقت- والقياس: عُشَيَّة4؛ لأن القياس يقتضي5 أن يُضَمَّ أولها ويفتح ثانيها ثم تزاد ياء التصغير، فيجتمع ثلاث ياءات فتحذف الأخيرة.
وأُغَيْلِمة وأُصَيْبِيَة في تصغير: غِلْمَة وصِبْيَة، والقياس: غُلَيْمة وصُبَيَّة، وهو ظاهر.
فجاءت هذه التصغيرات على غير مكبَّرها وكأن6 عُشَيْشِيَة تصغير عَشَّاة؛ فإن فيها شِينَين يَفصل بينهما ياء التصغير7.
1 في الأصل: "وما جاء على غير ما ذكر إلى آخره" ومثله في "هـ" عدا: "إلى آخره".
2 في "ق": ما ذكر.
3 ينظر الكتاب: 3/ 457.
4 ينظر المصدر السابق: 3/ 484.
5 يقتضي: ساقطة من "هـ".
6 في "ق": وكانت.
7 ينظر الكتاب: 3/ 484.
ويمكن أن يقال: لما اجتمعت ثلاث ياءات أبدلت الشين من إحداهما؛ فكأن1 "أُنَيْسِيَان" تصغير إنسيان2 على وزن فِعْلِيان.
وكأن أُغَيْلِمة وأُصَيْبَة تصغير: أَغْلِمة وأَصْبِية؛ لأن غلاما فُعال مثل غراب، وصَبِيا فَعِيل، مثل قَفِيز، وهما يجمعان في القلة على أَفْعِلَة كأَغْرِبة وأَقْفِزة، فردوهما في التصغير إلى بابهما، ومن العرب من يجريهما على القياس فيقول: صُبَيَّة وغُلَيْمَة.
قوله: "وقولهم: أُصَيْغِر منك، ودُوَيْن هذا، وفُوَيق هذا لتقليل ما بينهما"3.
اعلم أن التصغير في قولهم: هو أُصَيْغِر منك، ودُوَين هذا، وفُوَيق هذا، ليس للذات التي وُضع اللفظ لها في التحقيق؛ لأنك إذا قلت: هذا أُصَيْغِر4 منك، لست تريد إلا تقليل ما بينهما من الزمان ولا يجوز أن يراد به بيان انحطاط المذكور عن5 المخاطب في الصغر؛ لأن صيغة أصغر تفيده بدون التصغير.
وإذا قلت: دُوَيْن هذا، وفُوَيْق هذا لست تريد إلا تقليل ما بينهما من التفاوت6، ولهذا لو قال7: السماء فوقنا كان صادقا،
1 في "ق"، "هـ": وكأن.
2 في "هـ": إنسان".
3 في الأصل: "وقولهم أصيغر منك....." إلى آخره، وفي "هـ":"وقولهم: أصيغر منك".
4 في الأصل: أصغر. والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
5 في "هـ": من.
6 وهذا مثال ما يحقر لدنوه من الشيء وليس مثله.
7 في الأصل، "هـ": قبل وما أثبتناه من "هـ".
ولو قال: فويقنا كان كاذبا.
ولو قال1: آتيك بعد اليوم، فأتاه بعد سنة لم يكن مخلفا لوعده ولو قال: آتيك بُعيد اليوم، فأتاه بعد سنة أو شهر كان مخلفا2 لوعده.
ومنه: "أُسَيِّد" في تصغير "أُسَيْوِد" الذي هو تصغير أَسْوَد؛
أي: لم يبلغ السواد، وحينئذ "40" لم يكن التصغير إلا للسواد الذي فيه، وإذا قيل: هذا مُثَيْل ذاك3 كان المراد به بيان القرب في المماثلة مع بيان الانحطاط4.
قوله: "ونَحْوُ: مَا أُحَيْسِنَه شَاذٌّ، وَالْمُرَادُ الْمُتَعَجَّبُ مِنْهُ"5.
اعلم أنهم يصغرون فعل التعجب؛ [فيقولون في ما أَحْسَنه: ما أُحَيْسِنَه وهو شاذ؛ لأن فعل التعجب] 6 فعل، والتصغير من خواص الأسماء7.
1 في "هـ": قيل.
2 في "ق": مخالفا.
3 في الأصل: ذلك.
4 ينظر الكتاب: 3/ 477.
5 في "هـ": جاءت عبارة ابن الحاجب مبتورة هكذا: "ونحو ما أحيسنه".
6 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ"، لانتقال نظر الناسخ.
7 القول بأن أفعل في التعجب فعل هو قول البصريين، والكوفيون يجعلونه اسما ويستدلون على اسميته بالتصغير في قول الشاعر:
يَا مَا أُمَيْلِح غِزْلانا شَدَنّ لَنَا
…
مِنْ هَاؤُليَّائِكُنّ الضال والسَّمر
"ينظر الإنصاف - مسألة "15"، ص81".
وقال سيبويه: "سألت الخليل عن قول العرب: ما أُمَيْلِحَه، فقال: لم يكن ينبغي له أن يكون في القياس؛ لأن الفعل لا يحقر وإنما تحقر الأسماء؛ لأنها توصف بما يعظم ويهون والأفعال لا توصف، فكرهوا أن تكون الأفعال كالأسماء لمخالفتها إياها في أشياء كثيرة، ولكنهم حقروا هذا اللفظ، وإنما يعنون الذي تصفه بالملح، كأنك قلت مُلَيِّح، شبهوه بالشيء الذي تلفظ به وأنت تعني شيئا آخر نحو قولهم: يطؤهم الطريق، وصِيدَ عليه يومان. ونحو هذا كثير في كلامهم. وليس شيء من الفعل ولا شيء مما سمي به الفعل يحقر إلا هذا وحده وما أشبهه من قولك: ما أفعله""الكتاب: 3/ 477، 478".
والذي يدل على أن الفعل لا يصغر أن اسم الفاعل إذا أُعمل لا يصغر؛ لقربه من الفعل؛ فعدم تصغير الفعل أولى؛ ولهذا1 قيل: المراد منه تصغير المتعجب منه؛ وهو الاسم الذي اشتق منه فعل التعجب2، كالحسن في مثالنا أو هو فاعل أُحَيْسِن، وهو "ما"، و"ما"3 لا يصغر، فجعل التصغير واقعا على الفعل؛ لأنهم لو عدلوا عن "ما" إلى لفظ4 آخر وصغروه لبطل معنى التعجب.
قوله: "ونحو جُمَيْل وكُعَيْت -لطائرين، كُمَيْت -للفرس، موضوع على التصغير"5.
اعلم أن نحو "جُمَيْل، وكُعَيْت" -لطائرين6 - "وكُمَيْت"
1 ولهذا: ساقطة من "هـ".
2 وهو مذهب الخليل. "ينظر الكتاب: 3/ 478".
3 وما: ساقطة من "هـ".
4 لفظ: ساقطة من "ق".
5 في "هـ": "ونحو جميل" فقط.
6 وجمعهما: جِمْلان وكِعْتان "ينظر الصحاح "جمل": 4/ 1660" وفي الصحاح "الكعيت: البلبل""ينظر "كعت": 1/ 262".
للفرس1 وضعوها على ألفاظ التصغير في أصل وضعها.
وقولهم في جمع جُمَيل وكُعَيت: جِمْلان وكِعْتان، وفي جمع كُمَيت: كُمْت يدل على أنهم قدروا مكبر جُمَيْل وكُعَيْت على فُعَل، فجمعوهما جمع فُعَل، [لأن فِعْلان جمع فُعَل] 2 كصُرَد وصِرْدان3 وقدروا مبكر كُمَيْت على أَكْمَت؛ لأنهم جمعوا كُمَيْتا جمع أَكْمَت وهو كُمْت؛ لأن فُعَلا في باب الألوان جمع أَفْعَل.
1 وقال الجوهري: "الكُمَيْتُ: من الخيل، يستوي فيه المذكر والمؤنث، ولونه الكُمْتَة، وهي حُمْرَة يدخلها قنؤ""الصحاح "كمت": 1/ 263".
وقال سيبويه: "وسألت الخليل عن كُمَيءت فقال: هو بمنزلة جُمَيْل وإنما هي حمرة مخالطها سواد ولم يخلص، فإنما حقروها؛ لأنها بين السواد والحمرة ولم يخلص أن يقال له أسود ولا أحمر وهو منهما قريب، وإنما هو كقولك: هو دُوَين ذلك". "الكتاب: 3/ 477".
2 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
3 الصُّرَد: طائر، وجمعه صِرْدان. والصُّرَد أيضا: بياض يكون على ظهر الفرس من أثر الدَّبَرِ "الصحاح "صرد": 2/ 497".