المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الحالة العلمية والفكرية والثقافية في عصره: - شرح شافية ابن الحاجب - ركن الدين الاستراباذي - جـ ١

[ركن الدين الأستراباذي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة:

- ‌الدراسة: ركن الدين الأستراباذي: حياته وآثاره

- ‌التمهيد: عصر ركن الدين الأستراباذي

- ‌ الحالة السياسية في عصره:

- ‌ الحالة الاقتصادية والاجتماعية في عصره:

- ‌ الحالة العلمية والفكرية والثقافية في عصره:

- ‌ الحياة الدينية في عصره:

- ‌الفصل الأول: ركن الدين: نشأته وحياته وآثاره

- ‌المبحث الأول: نشأته وحياته

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌اضطراب الروايات في زاوية الأسماء وما يتعلق بها من الكنى والألقاب:

- ‌أحمد هو أم محمد:

- ‌ ألقابه:

- ‌ كنيته:

- ‌ أسرته:

- ‌ ميلاده:

- ‌ موطنه:

- ‌ نشأته وحياته العلمية:

- ‌ رحلاته:

- ‌ أخلاقه وصفاته:

- ‌ مكانته العلمية وثقافته:

- ‌ شيوخ ركن الدين وتلاميذه:

- ‌ وفاته:

- ‌ آراء العلماء فيه:

- ‌ المبحث الثاني: آثاره "الموجود منها والمفقود

- ‌ما وصل إلينا من مصنفاته:

- ‌ كتاب البسيط:

- ‌ كتاب المتوسط:

- ‌ الشروح والحواشي على الكتاب:

- ‌أولًا: الشروح:

- ‌ثانيًا: الحواشي

- ‌ شرح الشافية:

- ‌الفصل الثاني: كتاب شرح شافية ابن الحاجب

- ‌المبحث الأول: دراسة الكتاب

- ‌ قيمة الكتاب:

- ‌ منهج ركن الدين في عرض قضاياه التصريفية في هذا الكتاب:

- ‌بين ركن الدين وابن الحاجب:

- ‌أولًا: المسائل الخلافية في الكتاب:

- ‌ثانيا: اللهجات العربية الواردة في الكتاب

- ‌المبحث الثاني: الكتاب "توثيقه ومخطوطاته

- ‌تحقيق عنوانه، وتوثيق نسبته إلى مؤلفه:

- ‌نماذج خطية من النسخ المعتمدة في التحقيق:

- ‌منهجي في تحقيق الكتاب:

- ‌كتاب: شرح شافية ابن الحجاب لأبي الفضائل ركن الدين الحسن الأستراباذي المتوفى سنة "715ه

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌[حد التصريف] :

- ‌[أنواع الأبنية] :

- ‌[الميزان الصرفي]

- ‌[القلب المكاني] :

- ‌[علامات القلب] :

- ‌[الصحيح والمعتل] :

- ‌[أبنية الاسم الثلاثي] :

- ‌[رد بعض الأبنية إلى بعض] :

- ‌[أبنية الرباعي المجرد] :

- ‌[أبنية الخماسي] :

- ‌[أحوال الأبنية] :

- ‌[أبنية الماضي المجرد الثلاثي] :

- ‌[أبنية الماضي الثلاثي المزيد فيه] :

- ‌[معاني: الأبنية في الأفعال] :

- ‌[معاني أبنية الثلاثي] :

- ‌[معاني: فَعِلَ] :

- ‌[معاني فعُل] :

- ‌[معاني أفعَل] :

- ‌[معاني: فَعَّلَ] :

- ‌[معاني: فاعَلَ] :

- ‌[معاني: تَفَاعَلَ] :

- ‌[معاني: تَفَعَّلَ] :

- ‌[معاني انْفَعَلَ] :

- ‌[معاني: افْتَعَلَ] :

- ‌[معاني: استفعل] :

- ‌[أبنية الرباعي] :

- ‌[الفعل المضارع وأبوابه] :

- ‌المشتقات:

- ‌[الصفة المشبهة] :

- ‌المصدر:

- ‌[المصدر الميمي] :

- ‌[المصدر مما جاء على أكثر من ثلاثة أحرف] :

- ‌[اسم المصدر] :

- ‌[اسم المرة] :

- ‌[أسماء الزمان والمكان] :

- ‌[اسم الآلة] :

- ‌[باب المُصَغَّر] :

- ‌[شواذ التصغير] :

- ‌[تصغير الترخيم] :

- ‌[تصغير المبنيات] :

- ‌[باب الاسم المنسوب] :

- ‌[باب الاسم المجموع] :

- ‌[حكم عين الثلاثي المؤنث في جمع المؤنث] :

- ‌[جمع التكسير للثلاثي الصفة] :

- ‌[جمع التصحيح في الصفات] :

- ‌[عود إلى جمع التكسير] :

- ‌[جمع فاعل الاسم] :

- ‌[جمع فاعل الصفة] :

- ‌[جمع ما آخره ألف التأنيث] :

- ‌[جمع أفْعَل: اسما وصفة]

- ‌[جمع فَعْلان: اسما وصفة]

- ‌[تكسير الرباعي والمشبه به] :

- ‌[جمع الخماسي] :

- ‌[اسم الجمع] :

- ‌[شواذ الجمع] :

- ‌[جمع الجمع] :

- ‌[التقاء الساكنين] :

- ‌ الابتداء

- ‌[الوقف] :

- ‌[المقصور والممدود] :

الفصل: ‌ الحالة العلمية والفكرية والثقافية في عصره:

جـ-‌

‌ الحالة العلمية والفكرية والثقافية في عصره:

ظلَّت بغدادُ زُهاء خمسة قرونٍ العاصمةَ الروحيَّةَ والفكرية للمسلمين قاطبة ولكل الناطقين بلغة الضادِ، ينزِح إليها العلماء من أبناء الأوطان الأخرى يشهدون حلقاتها ودروس علمائها ومناظرات أدبائها ومحاورات ظرفائها، ومسابقات شعرائها، ومفاكهات أئمة المجالس فيها، وامتلأت مكتباتها ودور كتبها بذخائر علمية نفيسة، وأصبحت بغدادُ -بحق- دارة العلم وهالة الأدب -كما يقال- واستمرت على هذه الحال إلى أن وقعت فريسة في يد التتار في عام 656هـ -كما قلنا- ففرقوا أهلها وقتلوا علماءها وشردوا من نجا منهم من القتل، وألقوا بكتبها في نهر دجلة.

وعندما اكتسح التتارُ الممالك الإسلامية خربوا الحضارات، وهدموا العمارات، وكانت هذه العمارات نتيجة حضارة قرون، وكانت الكتب التي ألقوا بها في نهر دجلة نتيجة ثقافة قرون، والحضارات والعلوم إنما تبنى على ما قبلها، وتؤسس على ما سبقها، وهي كالماء للنبات الغض فإذا حرم النبات الغض الماء ذبل وجف بعد قليل، وكذلك كان العلم والحضارة الإسلاميان، هذا فضلًا عما أصيبت به الثقافة من نكبات للعلماء، فإذا بقي شيء من العلم فقليل يكفى للتقليد ولا يبعث على التجديد1.

وبعد هذه الكارثة العظيمة التي حلت ببغداد وبخارى ونيسابور والري وسمرقند وبلخ، وغيرها من مدن العلم والأدب، انتقل العلم وانتقلت مراكزه إلى القاهرة، وأصبحت القاهرة خليفة بغداد، وعُقد لها لواء الزعامة الفكرية والثقافية منذ منتصف القرن السابع الهجري

1 ظهر الإسلام: 4/ 193.

ص: 17

وتوافد عليها علماء المشرق والمغرب من أمثال ابن خلكان الإربلي، وابن مالك الأندلسي، وابن منظور الإفريقي، وابن خلدون المغربي، وغيرهم.

وقد شعر علماء ذلك العصر بنقص الكتب في أيامهم، فقال الإمام السيوطي في المزهر1 بعد ذكر حكاية الصاحب بن عباد، لما دعي للذهاب إلى بعض الملوك فاعتذر بمشقة الانتقال؛ لأنه يحتاج إلى ستين بعيرًا ينقل عليها كتب اللغة التي كانت عنده:"وقد ذهب جُلٌ الكتبِ في الفتن الكائنة بين التتر وغيرهم؛ بحيث إن الكتب الموجودة الآن في اللغة من تصانيف المتقدمين والمتأخرين لا يجيء حمل جمل واحد".

وإذا كان السيوطي رحمه الله يبالغ في ذلك إلا أنه إن دل على شيء فإنما يدل على مقدار قلق العلماء لضياع الكتب بالفتن، ويدل أيضا على كثرة الكتب التي ضاعت، سواء بالحرق أو بإلقائها في نهر دجلة.

وكان إحراق الكتب قد بدأ في المملكة الإسلامية قبل ذلك بسبب التنازع بين الفرق الإسلامية؛ فكل فرقة تحاول إحراق كتب الأخرى؛ كإحراق السلطان محمود الغزنوي لكتب المُعتزلة، وناهيك عمّا أحرق من كتب العلماء المتهمين بالزندقة والفلسفة، وهي كثيرة، ولعل بينها ما ليس مثله بين ما بقي كما قال جرجي زيدان2.

أما التتار فبالغوا في الإحراق والتخريب؛ قال ابن تغري بردي: "وخربت بغداد الخراب العظيم، وأُحرقت كتبُ العلم التي كانت بها

1 1/ 49.

2 ينظر: تاريخ آداب اللغة العربية 3/ 113.

ص: 18

في سائر العلوم والفنون التي ما كانت في الدنيا، قيل: إنهم بنوا بها جسرًا من الطين والماء عوضًا عن الأجر1.

وإذا كان الغزو المغولي للشرق الأدني قد نتج عنه ذلك الركودُ العلمي والأدبي، إلا أنه كان ركودًا مؤقتًا؛ حيث أخذ النشاط يدب في هذين الميدانين، وذلك بعد أنْ استقر المغول في البلاد التي فتوحها؛ ويرجع ذلك إلى أن بعض المؤلفات العلمية قد نجت من أيدي المغول وبخاصة ما كان منها في المدن الجنوبية من البلاد الخوارزمية.

ثم أخذ المغول يتقبلون آراء المسلمين وأفكارهم، ورغبوا تدريجيا في اعتناق المدنية الإسلامية. ليس هذا فحسب، بل وجدنا الكثيرين من سلاطينهم قد اعتنق الإسلام، مثل أبغا بك، وغازان، وأبي سعيد وغيرهم، وبرز كثير من العلماء والأدباء بفضل تشجيع المغول لهم، ومن أشهر هؤلاء في عهد هولاكو العلاّمة نصير الدين الطوسيُّ أستاذ ركن الدين الأستراباذي. وقد امتاز الطوسيُّ بأبحاثه في علم الفلك فشجعه المغول وبنوا له مرصدا عظيمًا في مراغة بأذربيجان، ومكتبة بجانبه، يقال إنها كانت تحوي أربعمائة ألف من المجلدات.

وقد امتاز الطوسيُّ أيضًا بمؤلفاته القيمة في الجبر والهندسة والطبيعة والحكمة والأخلاق وآلات الرصد، كما اشتهر بترجمة كثير من الكتب اليونانية في مختلف العلوم، وكان من أكبر المشتغلين بالعلوم العقلية بعد ابن سينا.

1 النجوم الزاهرة: 7/ 51.

ص: 19

وقد حاول الطوسيُّ جاهدًا أن ينقذ حياة أكبر عدد من العلماء وأن يحفظ أكبر عدد من الكتب الباقية، لذلك اتخذ من مرصد مراغة حجة لجمع الجم الغفير من العلماء وحمايتهم من القتل، واستخلاص الكتب وحفظها والعناية بها، وكان من نتيجة ذلك أن انقلب الأمر وعاد المغول بعد ذلك مسلمين منافحين عن الإسلام.

ونبغ في هذا العصر علماء كثيرون من بينهم: ابن مالك "ت 672هـ"، ومحي الدين النووي:"ت 676هـ"، ورضي الدين الأستراباذي:"ت 686هـ"، وجمال الدين بن منظور الإفريقي:"ت 711هـ"، وركن الدين الأستراباذي:"ت 715هـ"، وابن آجروم الصنهاجي "ت 723هـ"، وأبو حيان "ت 745هـ"، وتقي الدين السبكي:"ت 756هـ"، وابن خلدون المغربي المتوفى سنة 818هـ، ومجد الدين الفيروزابادي المتوفى سنة 817هـ. وغيرهم.

وبالجملة يمكن القول بأنه بالرغم مما حَلَّ بالأمصار الإسلامية من خراب ودمار على أيدي التتار، فإنّ سند التعليم كان لا يزال قائمًا كما قال العلامة ابن خلدون رحمه الله تعالى1.

1 ينظر: تاريخ ابن خلدون: 1/ 361.

ص: 20