الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: [الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فقد سألني من لا يسعني مضايقته ولا يوافقني مُخَالَفَته أنْ أُلحَقَ بِمقدِّمَتِي في الإعْرابِ مُقَدِّمَةً في التَّصْرِيفِ عَلَى نَحْوِها، ومقدِّمَةً في الخَطِّ، فَأَجَبْته سائلاً متضرِّعاً أنْ يَنْفَعَ بِهِما كَمَا نفع بأختهما، والله الموفق]1.
1 ما بين المعقوفتين إضافة من "ق"، "هـ"، وهي ديباجة متن المصنف.
[حد التصريف] :
"التصريف علم بأصول يعرف بها أَحْوَالُ أَبْنِيَةِ الْكَلِمِ الَّتي لَيْسَتْ بإِعْراب"1، 2.
إنما قال: "علم بأصول"؛ لأنه لا يمكن تعريف علم من العلوم إلا باعتبار متعلقه؛ لأنه يبحث في ذلك العلم عن عوارضه. ومتعلق هذا العلم هو الأصول المذكورة3.
وإنما قال: "تعرف بها أحوال أبنية الكلم" ولم يقل: تعرف بها أبنية الكَلِم كما قال بعض التصريفيين4؛ لأنه لو قال كذلك لخرج عنه أحكام
1 في "هـ" عبارة ابن الحاجب مبتورة، وهي هكذا: قوله: "التصريف علم
…
" إلى آخره.
2 عرف عبد القاهر الجرجاني "471هـ" التصريف بقوله: "اعلم أن التصريف "تَفْعِيل" من الصرف، وهو أن تصرف الكلمة المفردة، فتتولد منها ألفاظ مختلفة، ومعان متفاوته". "المفتاح في الصرف: 26".
3 ويعني بالأصول: القوانين الكلية المنطبقةَ على الجزئيات، كقولهم مثلاً:"كل واو أو ياء إذا تحركت وانفتح ما قبلها قلبت ألفا "انظر: شرح الرضي على الشافية: 1/ 1-2".
4 قال الرضي في شرح الشافية "2/ 7": "والمتأخرون على أن التصريف علم بأبنية الكلمة، وبما يكون لحروفها من أصالة وزيادة وحذف وصحة وإعلال وإدغام وإمالة، وبما يعرض لآخرها مما ليس بإعراب ولا بناء من الوقف وغير ذلك.
الوقف وبعض أحكام الإدغام وبعض أحكام التقاء الساكنين؛ لأن الوقف على المتحرك الذي هو نحو جَعْفَر [وزيد بالإسكان] 1 والرَّوْم والإشمام2 وتحريك الباء في نحو: لم يضرب الرجل. لالتقاء الساكنين وإدغام [الباء في الباء في نحو] 3: اضرب بعده ليست من أبنية الكلم، بل من أحوالها، لكن لا يجوز خروجها عنه؛ [لأنها من التصريف]4.
وإنما قلنا: بعض أحكام الإدغام؛ لأن بعضها راجع إلى أبنية الكلم، لا إلى أحوالها [نحو: شد يشد. وإنما] 5 قلنا: بعض أحكام التقاء الساكنين؛ لأن بعضها راجع إلى أبنية الكلم لا إلى أحوالها [نحو: انطلق، بسكون اللام] 6 وفتح القاف في "انطلق" -أمرا- ونحو: "لم يلد"7 بسكون اللام وفتح الدال؛ فإنه [من] 8 [حكم التقاء الساكنين] 9 مع أنه راجع إلى أبنية الكلم.
1 ما بين المعقوفتين موضعه بياض في "هـ".
2 سيأتي تعريف لمصطلحي الروم والإشمام في موضعه من هذا البحث وذلك في باب الوقف، إن شاء الله تعالى.
3 ما بين المعقوفتين موضعه بياض في "هـ".
4 ما بين المعقوفتين موضعه بياض في "هـ".
5 ما بين المعقوفتين موضعه بياض في "هـ".
6 ما بين المعقوفتين موضعه بياض في "هـ".
7 وذلك في مثل قول رجل من أزد السَّراة "من الطويل":
عَجِبْتُ لِمَوْلُودٍ وَلَيْسَ لَهُ ابٌ
…
وَذِي وَلَدٍ لم يلده أبوان
"والبيت في الكتاب: 1/ 266، 4/ 115".
8 لفظة "من": إضافة من "ق".
9 ما بين المعقوفتين موضعه بياض في "ق".
ولقائل1 أن يقول: ينبغي أن يقول: بعض أحكام الوقف أيضا؛ لأن بعضهما [راجع إلى أبنية الكلم] 2 أيضا، وهو الوقف بتضعيف الآخر في نحو:"جعفر"، على ما يجيء3.
وإنما قيد الأحوال بالتي ليست بإعراب، ليخرج عنه النحو؛ لأنه علم بأصول يعرف بها الإعراب. والإعراب من أحوال أبنية الكلم.
[واعلم أن المراد بأبنية الكلم4 أوزان الكلم التي يكون لها قبل أن يعمل بها ما يقتضيه القياس التصريفي وبعده إن اقتضى القياس التصريفي تغيرها عن الأوزان التي كانت لها من الأصل.
1 ولقائل: موضعه بياض في "هـ".
2 ما بين المعقوفتين موضعه بياض في "ق".
3 قال الجاريردي في شرحه على شافية ابن الحاجب: "وأورد عليه بعض الشارحين بأنه ينبغي أن يقال: بعض أحكام الوقف أيضا؛ لأن بعضها راجع إلى أبنية الكلم أيضا، وهو الوقف بتضعيف الآخر نحو: جعفر. وفيه نظر؛ لأنا قد ذكرنا أن بعض أحكام الإدغام راجع إلى الأبنية وهو ما يكون في كلمة واحدة، وبعضها إلى أحوال الأبنية وهو ما يكون في كلمتين. وهكذا ذكرنا في التقاء الساكنين، فبأي شيء يفرق بين أحوال جعفر إذا وقف عليه بالسكون أو بالروم أو بالإشمام أو بالتضعيف، فجعل بعضها راجعا إلى الأبنية والبعض الآخر راجع إلى أحوال الأبنية تحكم؛ إذ الوقف الإشمام مثلا في حالة كالتضعيف في حالة أخرى، ولا أثر لكون التغيير في بعض الصور بالحذف؛ ألا يرى إلى قول الشارحين الإعراب داخل في أحوال أبنية الكلم؛ لأن البنية تكون أيضا على حال باعتباره، فإنه يدل على ما قلناه. "مجموعة الشافية: 1/ 10".
4 قال ابن جماعة في حاشيته على شرح الجاربردي -وهو بصدد التعليق على عبارة: المراد بأبنية الكلم: "والأولى أن يقال: البنية عبارة عن اعتبار حروف مخصوصة وتأليفها من غير اعتبار الحركات والسكنات فيها. وإنما كان أولى؛ لأن المصدر عند ابن الحاجب من أحوال الأبنية وتحقيق الشارح خارج عن تعريف الأبنية فيلزم المخالفة بين الشرح والمتن هذا مسموع من مولانا ركن الدين رحمه الله: "مجموعة الشافية: 1/ 11 بحاشية شرح الجارودي".
والمراد بأحوال أبنية الكلم: أحوال تلحق أوزانا من التصغير والنسب والجمع والإمالة والوقف وتخفيف الهمزة والتقاء الساكنين والابتداء بالساكن والقلب والإبدال والحذف والإدغام، إلى غير ذلك] 1.
ولقائل أن يقول: هذا التعريف غير مانع لشموله بعض أقسام النحو، وهو الذي يعلم منه البناء ككون النكرة المفردة مبنية2 مع لا على الفتح، نحو:[لا رَجُلَ] وككون المنادي المفرد المعرفة مبنيا على الضم، نحو:[يا زيد] . وكون [قبل وبعد] 3 وغيرهما من الجهات الست مبنيا على الضم عند قطعها عن الإضافة ونية الإضافة نحو: {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} 4 وحينئذ لو قال: التي ليست بإعراب ولا بناء آخر الكلمة لكنا أولى5.
1 ما بين المعقوفتين ساقط برمته من "ق".
2 في الأصل: مبنيا. وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
3 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
4 سورة الروم: من الآية "4".
5 ويمكن أن يجاب عن هذا الاعتراض بأن المصنف أراد بالإعراب في التعريف علم النحو بأقسامه. ويشهد لذلك ما قاله الجاربردي في شرحه على الشافية: "وخرج بقوله: "ليست بإعراب" علم النحو بأقسامه؛ أي: بحث المبنيات والمعربات؛ فإنه يقال: هذا كتاب إعراب القرآن مثلا، وإن كان مشتملا على ذكر البناء والإعراب، ويشهد له قول المصنف في أول الكتاب: "أن ألحق بمقدمتي في الإعراب "فاندفع اعتراض بعض الشارحين بأنه غير مانع لدخول المبنيات فيه. "مجموعة الشافية: 1/ 9". ونقل عن المتقدمين، ومنهم سيبويه ما يوافقه. وهو ظاهر عبارة المصنف. فلو عبر الشارح بعلم الإعراب بدلا من علم النحو لوافق ذلك.
ولقائل أن يقول: الحد المذكور غير جامع؛ لأنه يخرج عنه أبواب التصريف التي تعرف بها أبنية الكلم1. لا يقال: إذا دل2 الحد على أنه تعرف بها أحوال أبنية الكلم دل على أنه يعرف بها أبنية الكلم أيضا بمفهوم الموافقة؛ لأنا نقول: لا يدل عليه بمفهوم الموافقة؛ لأن شرط مفهوم الموافقة أن يكون المسكوت عنه مساويا للمنطوق أو أولى منه، وهو منتف ههنا.
ويمكن أن يقال: إنما لم يذكر الأبنية وذكر أحوالها؛ لأن كل واحد يعرف أن معرفة الأبنية من التصريف ولم يعرف أن معرفة
1- ويمكن أن يجاب عن هذا الاعتراض بأن المتقدمين من النحاة يطلقون النحو على ما يشمل التصريف، ويعرفون النحو بأنه علم يعرف به أحكام الكلم العربية إفرادا وتركيبا، أو بأنه العلم بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب الموصلة إلى معرفة أحكام أجزائه التي ائتلف منها. والمتأخرون على أن التصريف قسيم النحو لا قسم منه، فيعرف كل واحد منهما بتعريف يميزه عن قسيمه وعن كل ما عداه.
ويؤيد ذلك ما قاله ابن جماعة في حاشيته على شرح الجاربردي "وقد صرح كثير بأن علم النحو مشتمل على نوعين: أحدهما علم الإعراب، والآخر علم التصريف، قالوا: وذلك أن علم النحو مشتمل على أحكام الكلم العربية، وتلك الأحكام نوعان: إفرادية وتركيبية. فالإفرادية هي علم التصريف. والتركيبية هي علم الإعراب
…
". "مجموعة الشافية 1/ 9 الحاشية". وقال الرضي في شرحه على الشافية "1/ 6": "واعلم أن التصريف جزء من أجزاء النحو بلا خلاف من أهل الصناعة".
2 في "ق": إذ.
أحوالها من التصريف، ولهذا تعرض لذكر1 معرفة أحوال الأبنية ولم يتعرض لذكر2 معرفة الأبنية. ولو قال: علم بأصول تعرف بها أبنية الكلم وأحوالها التي ليست بإعراب ولا بناء الآخر لكان أصوب؛ لأنه لم يتوجه الإشكال المذكور حينئذ3.
1 في "ق": بذكر.
2 لذكر: ساقطة من "ق".
3 حينئذ: ساقطة من "هـ".