الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه وقفة أخرى، مع إحدى خياناتهم، لله ورسوله والمؤمنين. يقول تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)} (1). يكشف الحق تعالى حال المنافقين متعجباً منهم، طَمَّعُوا إخوانهم من أهل الكتاب، في الخروج معهم، ونصرتهم، وموالاتهم على المؤمنين، وهم في كل دعواهم كاذبون، فهم أعجز من أن يتركوا أوطانهم لتعلقهم بها، وأجبن من أن يقاتلوا فلا صبر لهم، وسرعان ما يتولون هاربين.
وهكذا؛ كانت تتنزل الآيات، تبصرة لأهل الإيمان، وتنبيهاً لهم وتحذيراً من مؤامرات المنافقين، ولو ذهبنا نستقصي مخازي المنافقين ومؤامراتهم التي فضحها القرآن لطال بنا المقال، وخرجنا عن مقصودنا في هذا البحث، فأكتفي إن شاء الله بما سبق وفيه إشارة للمطلوب.
ومن أهداف الإعلام العسكري في القرآن الكريم
7 - كشف أعداء الأمة والتحذير من كيدهم ومكرهم
وهو من أعظم الأهداف، وأشدها أثراً، والحاجة إليه ماسَّةً، لما له من التعريف بالعدو، وصفاته، ومواطن ضعفه، وأساليب كيده، ومكره.
ومن الآيات في هذا الجانب، قوله تعالى محذراً من الانخداع بهم، ومحاولة استرضائهم والتقرب منهم {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (2). صيغة تيئيسية - إن صح التعبير - فلا يطلب المسلم رضاهم، أو يخطب ودهم، فمهما فعل، فلن يظفر بمطلوبه، فأولى بالمؤمن أن يعتز بما هو عليه من هدى وبصيرة، والله وليُّه، وناصره.
(1) - سورة الحشر. آية: 11
(2)
- سورة البقرة آية: 120
قوله جل شأنه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} (1) وهنا تحذير من الانسياق وراء دعاوى القوم، أو الوقوع في شِراكهم، فإن غاية أمنياتهم، أن يردوهم إلى الكفر، ومبتغى سعيهم أن يُغْرِقوهم في الضلال.
وقوله تعالى {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} (2) بيان إلهي واضح بأعداء المسلمين مرتبين حسب شدة عداوتهم فأولهم اليهود، ثم المشركون، والعجيب أن اليهود جاءوا في صدارة الأعداء، مع كونهم أهل كتاب، يعرفون صدق الرسول وصحة رسالته عليه الصلاة والسلام، ولكنه الظلم، والعلو في الأرض، وما جزاهم الله به من القسوة والطبع على القلوب، فلا يهتدون. ومن الآيات الكاشفة عن أعداء الأمة قوله تعالى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} (3). فعداوتهم ظاهرة واضحة، فلا يستقيم الغفلة عنهم، ولا تجاهل أخطارهم.
وقوله تعالى {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} (4). غلظة أكباد، وقسوة قلوب، فلا رحمة ولا شفقة تخالط مشاعرهم، مع خروج فاجر عن طاعة ربهم، ومتابعة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام.
وكما بينت الآيات عداوتهم الشديدة للإسلام ونبي الإسلام والمسلمين، فقد أكدت النهي عن اتخاذهم أولياء، أو أصفياء، فلا خير فيهم، ولا أمان معهم. وهذه الآيات المتتاليات في هذا المعنى الثابت، والأكيد:
(1) - سورة آل عمران. آية: 100
(2)
- سورة المائدة. آية: 82
(3)
- سورة النساء. آية: 101
(4)
- سورة التوبة. آية: 7 - 8