الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع:
الترغيب والترهيب
(1)
الترغيب: كل ما يشوق المدعو إلى الاستجابة وقبول الحق والثبات عليه.
الترهيب: كل ما يخيف ويحذر المدعو من عدم الاستجابة أو رفض الحق أو عدم الثبات عليه بعد قبوله.
والملاحظ أن القرآن الكريم مملوء بما يرغب الناس في قبول دعوة الإسلام والالتزام بمبادئه والتحذير من الإعراض عنها ورفضها، مما يدل دلالة قاطعة على أهمية هذا الأسلوب: أسلوب الترغيب والترهيب في الدعوة إلى الله تعالى، والإعلام بأحكام ومفاهيم الإسلام وعدم إهماله من قبل الداعي المسلم، والإعلام الإسلامي.
بم يكون الترغيب والترهيب؟
- والأصل في الترغيب أن يكون في نيل رضى الله ورحمته وجزيل ثوابه في الآخرة، وأن يكون الترهيب بالتخويف من غضب الله وعذابه في الآخرة وهذا هو نهج رسل الله الكرام كما بينه القرآن الكريم، فمن الآيات القرآنية قوله تعالى:
1 -
2 -
(1) - أصول الدعوة. د عبد الكريم زيدان. ص 421.بتصرف واختصار، الدعوة الإسلامية (الوسائل والأساليب). محمد خير رمضان يوسف. ص 98 - 103. دار طويق للنشر والتوزيع. ط2/ 1414هـ. بتصرف
(2)
- سورة نوح. آية: 1 - 4.
(3)
- سورة التغابن. آية: 8 - 10.
3 -
- ويكون الترغيب والترهيب أيضاً بما يصيب المدعوين في الدنيا من خير في حالة استجابتهم وما يصيبهم من شر في حالة رفضهم، على أن لا يغفل الداعي أبداً عن الترغيب والترهيب بالجزاء في الآخرة. ومن أدلة هذا الجواز ما يأتي:
1 -
2 -
وقال تعالى حكاية عن قوم نوح عليه السلام لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} (3).
3 -
- إن هذا الأسلوب القرآني المتميز في جذب الناس إلى دعوته الكريمة ومبادئه السامية، من أبدع الطرق الإعلامية، فآيات القرآن العظيم تُعرِّف بالمبادئ والمفاهيم، وتبين محاسنها، وتعدد فوائدها ومكاسبها في الدنيا والآخرة، وهي كذلك تنبه وتحذر جماهير المتلقين للرسالة القرآنية من تَنَكَّبَ الطريق السويّ، وسلوك السبيل الغويّ، والإعراض عن الحق المبين، ورفض النور الذي جاء به سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ولا يتوقف القرآن عند ذلك فقط، بل يتخطاه ليبين للجماهير العاقبة السيئة، وسوء المصير في الدنيا قبل الآخرة، ومن أجمع الآيات في هذا المعنى الجليل قوله سبحانه {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ
(1) - سورة المائدة. آية: 9 - 10.
(2)
- سورة النور. آية: 55.
(3)
- سورة نوح. آية:10 - 12.
(4)
- سورة النحل. آية: 97.
لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)} (1). فبينت الآيات أن التمسك بما جاء عن الله في كتابه وعلى لسان رسوله من الهدايات يكون عصمة للمتمسكين به من الضلال في الأفهام والأفعال، ونجاة من الشقاء، كما بينت الآيات الكريمة عاقبة المعرضين عن الهدى والرشاد بالضيق والضنك في الدنيا، والعمى في الآخرة فلا يستطيعون مضياً ولا يرجعون والجزاء من جنس العمل، فكما نسوا آياته وأعرضوا عنها في الدنيا، أعرض الله عنهم في الآخرة وعذبهم عذاب المسرفين الجاحدين، وهو العذاب الأشد الخالد.
- ووسائل الإعلام الموفقة هي تلك المؤسسات التي تنتفع بهدايات القرآن، ويكون لها في آياته وتوجيهاته معين لا ينضب، ومرتع خصب تتفيأ في ظلاله، وتجتني من ثماره، وتنتفع بأساليبه في خدمة رسالتها الإعلامية، وما تسعى إليه من خدمة أمتها ونصرة دينها. والذي لا شك فيه أن هذا العطاء القرآني الرباني الممدود، هو مزية فريدة لأهل الإسلام ودعاته وإعلامييه، متى أحسن استغلاله والانتفاع به، جاءت أمتنا بالعجائب، وتبوأت صدارة الموجهين والمرشدين بين البشرية.
(1) - سورة طه. آية: 123 - 127.