الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني:
دواعي ظهور الإعلام الإسلامي
(1)
تتمتع وسائل الإعلام في عصرنا الحاضر بمكانة عظيمة في توجيه أفكار الجماهير، وتشكيل سلوكياتها في الحياة، في عالم تحول إلى (قرية كونية)، قَصَّرَتْ وسائل الاتصال الالكترونية المسافات بين أجزائه، وربطت شبكةً معقدة من الاتصالات بين دوله وشعوبه، بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الإنسانية كله، وأصبحت وسائل الإعلام الموجه المركزي الأول للأفراد والمجتمعات، ولا يخفى على أحد السيطرة الكبيرة للدول الغربية على الإعلام وسياساته وتوجيهاته، ولا يخفى على مخلص الأضرار التي نزلت بالأمة من جراء هذا الإعلام الخبيث الموجه، ومن هنا تكتسب المطالبة بإيجاد البديل الإسلامي في ميدان الإعلام - بجانبيه النظري والتطبيقي - أهمية بالغة، فإنَّ صياغة منهج للإعلام الإسلامي يعمل على سد الفراغ الهائل في منظومات المنهج الإسلامي ليعتبر ضرورة ملحّة، حتىّ يمكن بلورة أنموذج جديد للإصلاح الإسلامي يقوم على الشمول والتكامل والواقعية.
ويمكن لنا أن نعدد الدواعي التي دعت المسلمين للنزول لهذا الميدان الخطير في النقاط التالية:
1 -
إدراك أهمية الإعلام في حياة المجتمعات، وخطورة ما يقوم به من التأثير على الأفراد والجماعات سلباً كان هذا التأثير أو إيجاباً.
2 -
شمولية أحكام الإسلام لجميع مناحي الحياة ووجوب العمل على صبغ جميع الأنشطة بالصبغة الإسلامية ومن أهمها المنظومة الإعلامية.
3 -
مواجهة الغزو الفكري والثقافي والحضاري الرهيب الذي يتعرض له المسلمون طعناً وتشكيكاً في دينهم وأخلاقم وتاريخهم.
4 -
توجيه الإعلام في الدول الإسلامية نحو الأصالة والذاتية النابعة من قيم الإسلام ومبادئه، وتوفير الجو الملائم والدعم المناسب لصنع البدائل الإسلامية التي تقف في مواجهة ما يقدمه الغرب.
(1) - مستفاد بتصرف كبير وإعادة صياغة غالباً من إضاءات حول الإعلام الإسلامي. ص 3 - 7، الإعلام الإسلامي في مواجهة الإعلام المعاصر ص 3 - 6.
5 -
تنقية الإعلام - إلى جانب التعليم - من المؤثرات الغربية العلمانية (1) والإلحادية (2)، وتفنيد ما تقدمه وسائل الإعلام الغربية من مفاسد وانحرافات وبيان عوارها وتهافتها بمنطق مقنع وبوسائل مكافئة.
6 -
حاجة البشرية اليوم للخلاص من الشرائع المحرَّفة والمذاهب الفاسدة، وهي تعيش ضياعاً وقلقاً واضطراباً. بسبب كابوس الإلحاد والعلمانية، والفساد الخلقي، والظلم والاستبداد السياسي، والاستغلال الاقتصادي، والتفكك الاجتماعي، وتعالت الصيحات تبحث عن مصدر للأمان والعدالة والحياة الكريمة، فأين سيجدون كل ذلك إلاّ في الإسلام؟!!
7 -
مخاطبة الآخرين بلغتهم ووسائلهم في سبيل الدعوة إلى الإسلام، وتوضيح صورته الناصعة، وإبراز محاسنه وثمراته للناس في كل مكان، وتبليغ رسالة الإسلام العالمية، وإيصال دعوته إلى البشرية كلها، وهذا من أعظم المبررات للدعوة إلى صياغة الإعلام صياغة إسلامية حتى يمكن أن يؤدي هذا الإعلام دوره في الحياة الإنسانية.
لقد تأخر المسلمون كثيراً في سبيلهم للحاق بركب الإعلام والاستفادة من وسائله، ولكنهم بدأوا جهادهم الإعلامي (جهاد العصر) ولن تعدم أمتنا المخلصين من أبنائها الذين يدافعون عنها ويذودون عن حياض حرماتها ومقدساتها، ويرفعون عقيدتها وشريعتها عالية للناظرين، واضحة للحيارى والباحثين عن الحق والهدى.
وبعد هذا العرض السريع لدواعي ظهور الإعلام الإسلامي ننتقل إلى المبحث التالى وفيه الحديث عن منطلقات هذا الإعلام بمشيئة الله تعالى.
(1) - هي ترجمة خاطئة لكلمة ( secularism) في الإنجليزية، وهي كلمة لا صلة لها بالعلم، والترجمة الصحيحة للكلمة هي اللادينية، أي لا صلة لها بالدين أو تضاده. جاء في دائرة المعرف البريطانية مادة ( secularism) { هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها} والشائع التعبير عن العلمانية لدى الكثيرين {فصل الدين عن الدولة}. ولو قيل {فصل الدين عن الحياة لكان أصوب. انظر: العلمانية نشأتها وتطورها للدكتور سفربن عبد الرحمن الحوالي. ص/21 - 24
(2)
- الإلحاد: الطعن في الدين والميل عن الحق. انظر المعجم الوسيط مادة: لحد، ص/ 817