الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
تعريف الإعلام الاقتصادي
كمثله من المصطلحات لابد لنا من التوقف للتعرف على معناه، وقد مربنا تعريف الإعلام، فنقف مع تعريف الاقتصاد ومن ثَمَّ الإعلام الاقتصادي.
المطلب الأول تعريف الاقتصاد لغة:
قال الجوهري: "والقصد: بين الإسراف والتقتير. يقال: فلان مقتصد في النفقة. وقوله تعالى: {واقصد في مشيك}. واقصد بذَرْعك: أي ارْبَعْ على نفسك. والقصد: العدل"(1).
وقال الفيروزآبادي: "القصد: استقامة الطريق، والاعتماد ........ ، وضد الإفراط، كالاقتصاد .......... ، و_: العدل"(2).
جاء في المعجم الوسيط: "قَصَدَ الطريق قصداً: استقام .......... ، و_ في الأمر: توسط لم يُفْرِط ولم يُفَرِّط. و_ في الحكم: عدَلَ ولم يَمِل ناحية. و_ في النفقة: لم يُسْرِف ولم يَقْتُر. و_ في مشيه: اعتدل فيه "(3).
خلاصة التعريف اللغوي:
أن الاقتصاد لغة: دائر في استعماله حول معاني الاستقامة والاعتدال والتوسط في جميع استخداماته، فهو لوصف الطرق، والمناهج استقامة، وعدالة، وللأشخاص، والتصرفات وسطية، واعتدال.
المطلب الثاني: تعريف الاقتصاد اصطلاحاً:
لعلم الاقتصاد تعريفات كثيرة، ومن أشهر التعريفات الغربية للاقتصاد أنه:
" علم اجتماعي موضوعه الإنسان، ذو الإرادة، يهدف إلى دراسة العلاقة بين الحاجات المتعددة، والموارد المحدودة بغرض تحقيق أكبر قدر ممكن من إشباع الحاجات، عن طريق الاستخدام الكفء للموارد المتاحة، مع العمل على إنمائها بأقصى طاقة ممكنة"(4).
(1) - الصحاح. باب الدال فصل القاف مع السين 2/ 525.
(2)
- القاموس المحيط باب الدال فصل القاف مع السين ص / 396.
(3)
- المعجم الوسيط، مادة قصد:، ص / 737.
(4)
- مبادئ علم الاقتصاد. د مصطفى السعيد. ص/ 199 ط دار النهضة العربية.1970، النظام الاقتصادي في الإسلام. د أحمد محمد العسال ود فتحي أحمد عبد الكريم. ص / 8 ط 3 مكتبة وهبة. القاهرة 1980.وبالكتابين تعريفات أُخَر، وما أثبتناه فهو أجمعها.
وقفة مع التعريف السابق:
توقف الباحث كثيراً عند تعريفات هؤلاء الغربيين (1)، وإصرارهم على كون سبب المشكلات الاقتصادية، ندرة أو محدودية الموارد في مواجهة تعدد الحاجات، وهذا - فيما يبدو لي - خطأ فادح، وخلل رئيس في التصور لسبب المشكلة، فالموارد أبداً لم تكن يوما محدودة، ولا نادرة. فما استدعى الله تعالى خلقه للحياة الدنيا إلا وقد يسر لهم الأقوات، ووفَّر لهم الأرزاق قال سبحانه {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (2) وقال تعالى {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (3)، فليست مشكلة البشرية الاقتصادية في ندرة الموارد ومحدوديتها، بل في ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، واستئثار فئة قليلة بالثروات، بل نهبها، واغتصاب الأراضي، واستعباد الشعوب المستَضْعَفة، مع سوء التوزيع والاستهلاك للموارد المتاحة (4)، {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10)} (5). فهذا هو الأصل بركة في الأرزاق، ووفرة في الموارد.
تعريف الاقتصاد الإسلامي
لما ذكرت تعريف الغربيين للاقتصاد، رأيت لزاما أن أتعرض لتعريف الاقتصاد الإسلامي، وهو الاقتصاد الذي أسسه الإسلام عبر القواعد والتوجيهات القرآنيةوالنبوية.
" وقد تعددت عبارات المختصين حول بيان المقصود بالاقتصاد الإسلامي فبينما يذهب البعض إلى أنه:
(1) - المصدران السابقان ذاتهما.
(2)
- سورة هود. آية: 6
(3)
- سورة إبراهيم. آية 34
(4)
- بعد كتابتي لاعتراضي السابق، وجدت الأستاذ الكبير/ عيسى عبده. قد تكلم في نفس الأمر، وأكد على أن الأصل في الموارد الوفرة. في كتابه القيم الاقتصاد الإسلامي منهج ومدخل، ص 33 - 34، وص 40. ط الأولى. دار نهضة مصر للطبع والنشر القاهرة. 1974.
(5)
- سورة فصلت. آية 9 - 10
المذهب الاقتصادي الذي تتجسد فيه الطريقة الإسلامية في تنظيم الحياة الاقتصادية يرى آخرون أن
الاقتصاد الإسلامي هو الذي يوجه النشاط الاقتصادي وينظمه وفقًا لأصول الإسلام وسياساته الاقتصادية.
ويرى الدكتور محمد عبد الله العربي رحمه الله أن الاقتصاد الإسلامي هو
((مجموعة الأصول الاقتصادية العامة التي نستخرجها من القرآن والسنة، والبناء الاقتصادي الذي نقيمه على أساس تلك الأصول بحسب كل بيئة وكل عصر))،وهذا التعريف هو أرضاها، وأقربها، لكونه يكشف بوضوح عن مكونات الاقتصاد الإسلامي وأن منه ما هو ثابت وهو مجموعة الأصول العامة المستخرجة من القرآن والسنة، وأن منه ما قد يتغير بتغير الزمان والمكان وهو البناء الاقتصادي الذي نقيمه على أساس تلك الأصول بحسب كل بيئة وكل عصر" (1).
وبعد بيان معنى الاقتصاد اصطلاحاً يمكن لنا أن نعْبُر إلى النقطة التالية وهي:
تعريف الإعلام الاقتصادي:
نخلص مما سبق من التعريف بالاقتصاد لغة واصطلاحاً إلى القول -: إن الإعلام الاقتصادي، هو الإعلام القائم على تزويد الناس بالمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة، عن سلوك الإنسان الاقتصادي في تحصيل وإشباع حاجاته، والتعريف بالموارد المتاحة، وطرق الإنتاج، ووسائل التوزيع، والاستهلاك، والتبادل، بما يحقق الرفاهة للأفراد والمجتمعات.
وبهذا التعريف للإعلام الاقتصادي نقترب ونلامس مبحثنا التالي وهو:
(1) - النظام الاقتصادي في الإسلام. د أحمد محمد العسال ود فتحي أحمد عبد الكريم. ص / 15 بتصرف.