المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإعلام بملامح الشخصية المسلمة في القرآن - صور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم - دراسة في التفسير الموضوعي

[عاطف إبراهيم المتولي]

فهرس الكتاب

- ‌ملخص البحث

- ‌شكر وتقدير

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع

- ‌مشكلة البحث

- ‌أهداف البحث

- ‌الدراسات السابقة

- ‌منهج الدراسة

- ‌هيكل البحث

- ‌تمهيد

- ‌تعريف التفسير الموضوعي، وأنواعه وأهميته:

- ‌أنواع التفسير الموضوعي:

- ‌أهمية التفسير الموضوعي:

- ‌الباب الأولالإعلامتعريفه، ونشأته، وتطوره

- ‌الفصل الأولتعريفات ومقاصد

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام

- ‌المبحث الثاني:نشأة الإعلام وتطوره

- ‌المبحث الثالث:وسائل الإعلام

- ‌تعريف الوسائل لغةً:

- ‌أنواع وسائل الإعلام

- ‌وظائف وسائل الإعلام

- ‌المبحث الرابع:التوجهات الحاكمة للإعلام المعاصر (النظريات الإعلامية)

- ‌1 - نظرية السلطة:

- ‌2 - نظرية الحرية:

- ‌3 - نظرية المسؤولية الاجتماعية:

- ‌4 - النظرية الاشتراكية:

- ‌الفصل الثانيلمحات حول الإعلام الإسلامي

- ‌المبحث الأول:تعريف الإعلام الإسلامي

- ‌وقفة مع التعريفات السابقة:

- ‌المبحث الثاني:دواعي ظهور الإعلام الإسلامي

- ‌المبحث الثالث:منطلقات الإعلام الإسلامي

- ‌المبحث الرابعأهداف الإعلام الإسلامي

- ‌المبحث الخامسوسائل الإعلام الإسلامي

- ‌ القرآن الكريم

- ‌السنة النبوية

- ‌ القدوة الحسنة:

- ‌ إعلام الكلمة الطيبة:

- ‌الفصل الثالثخصائص الإعلام القرآني ووسائله

- ‌المبحث الأول:القرآن أعظم الوسائل الإعلامية

- ‌ المعجزة الباقية

- ‌ الإعلام في القرآن

- ‌المبحث الثاني:الدور الإعلامي للرسل الكرام

- ‌المبحث الثالث:خصائص الإعلام القرآني

- ‌1 - رباني لا يد لأحد من البشر فيه

- ‌2 - اعتماد الحقائق كمصدر وحيد

- ‌3 - المصداقية

- ‌4 - اعتماد البرهان والدليل العقلي

- ‌5 - الانحياز التام لمكارم الأخلاق

- ‌6 - العدالة والإنصاف

- ‌7 - التفاعلية الإيجابية مع الأحداث

- ‌المبحث الرابع:وسائل الإعلام في القرآن

- ‌ تنويع الخطاب

- ‌ القصص

- ‌ الأمثال

- ‌ الترغيب والترهيب

- ‌ التكرار

- ‌ الحوار والجدال

- ‌المبحث الخامسألفاظ القرآن ذات الدلالات الإعلامية

- ‌الباب الثانيصور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم

- ‌الفصل الأولصور الإعلام العقدي في القرآن الكريم

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام العقدي

- ‌ تعريف العقيدة لغةً

- ‌ تعريف العقيدة اصطلاحاً

- ‌ موضوعات الإعلام العقدي:

- ‌المبحث الثاني:أهداف الإعلام العقدي في القرآن

- ‌ تعريف الخلق بربهم

- ‌ بيان وحدانية الله عز وجل

- ‌ تعظيم الله سبحانه

- ‌ الإعلام برحمه الله تعالى وعنايته بعباده

- ‌ محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم

- ‌ الإعلام بحكمة الله تعالى

- ‌ إعلام الناس بعظمة الله تعالى

- ‌ إبراز بديع صنع الله في الكون

- ‌ بث أجواء الطمأنينة

- ‌ الدفاع عن عقيدة الأمة ورد الشبهات

- ‌المبحث الثالثصور الإعلام العقدي في القرآن الكريم

- ‌ اعتماد تكرار الحقائق ذات المعنى الواحد

- ‌ استخدام القصص أسلوباً إعلامياً في بيان معاني العقيدة

- ‌ الإعلام بضرب الأمثال لتوصيل حقائق العقيدة والإيمان

- ‌ الإعلام بالجدل والحوار عن صحيح الاعتقاد

- ‌ تنبيه الفطر السليمة وإصلاح ما طرأ عليها من فساد ببيان حقائق العقيدة

- ‌ استثارة الحواس

- ‌ الإعلام بحقائق الإيمان بمخاطبة العقول ومحاججة الأفهام

- ‌ الإعلام بذكر سوء عاقبة الكفار

- ‌الفصل الثانيصور الإعلام السياسي في القرآن الكريم

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام السياسي

- ‌المبحث الثانيأهداف الإعلام السياسي في القرآن الكريم

- ‌1 - إعلان الحاكمية لله سبحانه:

- ‌2 - التأكيد على وحدة الأمة الإسلامية:

- ‌3 - بيان السنن الربانية للظهور والتمكين في الأرض

- ‌4 - تعريف الأمة بأحكام الإسلام في إدارة الحكم والشئون العامة

- ‌المبحث الثالثصور الإعلام السياسي في القرآن الكريم:

- ‌الفصل الثالثصور الإعلام العسكري في القرآن الكريم(الحربي - أو الجهادي)

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام العسكري

- ‌المبحث الثانيأهداف الإعلام العسكري في القرآن الكريم

- ‌1 - تنمية روح الانتماء والولاء لأمة الإسلام

- ‌2 - حشد أفراد الأمة للتأهب للدفاع عن الدين والمقدسات:

- ‌3 - بث وإشاعة روح الثقة في الأمة:

- ‌4 - تربية الأمة على الجدية، وعلو الهمة:

- ‌5 - غرس القيم الصحيحة، وتقويم السلوكيات المنحرفة:

- ‌7 - كشف أعداء الأمة والتحذير من كيدهم ومكرهم

- ‌8 - الإعلام بأسباب النصر على الأعداء

- ‌المبحث الثالثصور الإعلام العسكري في القرآن الكريم:

- ‌1 - الإعلام ببيان الحكمة وأسباب فرض القتال على المسلمين:

- ‌2 - استخدام تنوع الخطاب في تأسيس المفاهيم العسكرية

- ‌أ- أسلوب النداء:

- ‌ب- خطاب التحريض والإغراء:

- ‌ت- خطاب الذَّم والتنفير:

- ‌ث- الترغيب في الثبات في مواطن النزال

- ‌3 - استخدام الأسلوب القصصي بما له من قدرة على التأثير القوي

- ‌أ- قصة طالوت مع بني إسرائيل

- ‌ب- قصة غزوة الأحزاب

- ‌ت- قصة غزوة حنين

- ‌الفصل الرابعصور الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام الاجتماعي

- ‌المبحث الثانيأهداف الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم

- ‌الإعلام بأسس بناء المجتمعات في الإسلام

- ‌تنمية الحس الاجتماعي لدى أفراد المجتمع

- ‌بيان العناية القرآنية الكبيرة بالعلاقات الاجتماعية

- ‌الإعلام بأهمية القيم الإنسانية الرفيعة للمجتمع في الإسلام

- ‌المبحث الثالثصور الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم

- ‌1 - استعمال القصص القرآني في تقرير المفاهيم وتقويم السلوك الاجتماعي

- ‌2 - تنويع الخطاب

- ‌الفصل الخامسصور الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام الاقتصادي

- ‌المبحث الثانيأهداف الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم

- ‌تحقيق العبودية لله تعالى بكمال الانقياد لقواعد الشريعة في معاملات الاقتصاد

- ‌الدلالة على منابع الثروات ومصادر الإنتاج

- ‌الحث على السعي الدءووب، والعمل الجاد، مع ربط الرزق بالإيمان

- ‌ نشر ثقافة الإحسان

- ‌محاربة الجشع، والرغبة الجامحة في الربح السريع

- ‌المبحث الثالثصور الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم

- ‌1 - استخدام القصص القرآني في تقرير المفاهيم والمباديء الاقتصادية

- ‌أ- مفهوم الادخار وترشيد الاستهلاك

- ‌ب- ذم الترف والتباهي

- ‌ت- تقرير حقيقة القيم

- ‌ث- حسن الوفاء والعدالة في المعاملات

- ‌2 - تنويع الخطاب

- ‌الفصل السادسصور الإعلام الثقافي في القرآن الكريم

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام الثقافي

- ‌المبحث الثانيأهداف الإعلام الثقافي في القرآن الكريم

- ‌تحديد أسس بناء الشخصية الإسلامية:

- ‌الإعلام بملامح الشخصية المسلمة في القرآن

- ‌بيان نظام الحياة داخل المجتمع المسلم والحث على التزامه

- ‌إعلام الأمة بتراث وفكر الأمم المؤمنة من أتباع الأنبياء والمرسلين السابقين

- ‌تزويد العقول بحقائق الدين الناصعة، وكشف أباطيل وشبه الخصوم

- ‌الدعوة لفتح آفاق الإبداع وإعمال العقول، والتنبيه على آيات الله الكونية

- ‌المبحث الثالثصور الإعلام الثقافي في القرآن الكريم

- ‌الخطاب الثقافي العام في القرآن الكريم

- ‌استخدام الاستفهام لحفز الأفهام، وبث المعارف المتنوعة

- ‌استخدام الأسلوب الإنشائي في الإعلام بحدود الحلال والحرام

- ‌استخدام الأسلوب الخبري في الإعلام بالمعارف والأحكام

- ‌استعمال التكرار

- ‌استعمال القصص القرآني في بث القيم، والتعاليم الإسلامية

- ‌بيان عاقبة الشر والإفساد

- ‌بيان عاقبة الإيمان والصلاح

- ‌بيان الحرص على طلب العلم

- ‌بيان الحرص على دعوة الخلق ونصحهم، والصبر على أذاهم

- ‌الخاتمة

- ‌التوصيات

- ‌المصادر والمراجع

- ‌فهرس الآيات

- ‌فهرس الأحاديث النبوية

الفصل: ‌الإعلام بملامح الشخصية المسلمة في القرآن

عليه الصلاة والسلام. ويمكن لنا أن نلحظ أن الله تعالى لم يأمر نبيه عليه الصلاة والسلام بطلب الاستزادة من شيء إلا من العلم لعظم أثره في الدين والدنيا فقال جل جلاله {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (1).

ومن أسس الشخصية الإسلامية: العمل

فالمسلم العامل له في الحياة أهميته مهما كان عمله مادام عملا شريفا وما دام كسبه حلالا فهو يشارك في عمارة الحياة وازدهارها ويعمل على دفعها إلى الإمام قال الله تعالى حاثاً على العمل {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (2). وقرن سبحانه بين الإيمان والعمل في خمسين موضعاً في القرآن للدلالة على أهمية، بل حتمية العمل ومن ذلك قوله سبحانه {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} (3). وأمر سبحانه بفعل الخير في قوله تعالى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (4). وحث على العمل فقال سبحانه {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (5). وبشَّر العاملين بحسن الأجر فقال تعالى {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (6).

بهذه الأسس تقوم الشخصية المسلمة، وتترجم هذه الأصول إلى ملامح خاصة، تتميز بها عن غيرها، وهي - الملامح الشخصية وبيانها - من أهداف الإعلام الثقافي في القرآن الكريم أيضاً:

‌الإعلام بملامح الشخصية المسلمة في القرآن

(1) - سورة طه. آية: 114

(2)

- سورة الملك. آية: 15

(3)

- سورة البقرة. آية: 25

(4)

- سورة الحج. آية: 77

(5)

- سورة التوبة. آية: 105

(6)

- سورة آل عمران. آية: 136

ص: 256

فإن كانت الأسس السابقة تشكل التركيبة الداخلية، وعماد الشخصية المسلمة، فإن ملامحها هي تلك المظاهر الخارجية، التي تتضح من خلال التعامل مع الأحداث، والأفراد. ويمكن لنا أن نجمع هذه الملامح في عناوين ثلاثة رئيسة (1) وهي إجمالاً:

التحلي بالخُلُق الحسن الجميل

الثبات في الرخاء والشدة

التعاون والتعاضد والتفاعل في الخير

فالملمح الأول: التحلي بالخلق الحسن الجميل

ويشمل الأخلاق العظيمة، والشمائل الطيبة التي أكد عليها القرآن، وتجلت في سيرته عليه الصلاة والسلام، وهو القائل (إن من خياركم أحسنَكم أخلاقاً) (2). وقد مدح الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام وزكاه فقال له {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (3). فمن هذه الأخلاق الجميلة:

التواضع من غير ذُلٍّ

يقول تعالى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} (4).وقال سبحانه لنبيه عليه الصلاة والسلام {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} (5). يقول عليه الصلاة والسلام (وما تواضع عبد لله إلا رفعه)(6)

والعِزَّة من غير كِبْر

(1) - هذا رأي للباحث، واختياره.

(2)

- رواه البخاري. كتاب الأدب. باب: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً. رقم الحديث: 5682، ورواه مسلم كتاب الفضائل. باب: كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم. رقم الحديث: 2321. كلاهما عن عبد الله بن عمرو

(3)

- سورة القلم. آية: 4

(4)

- سورة الفرقان. آية: 63

(5)

- سورة الحجر. آية: 88

(6)

- رواه الترمذي. باب: ما جاء في التواضع. رقم الحديث 2029. عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 257

يقول تعالى {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (1). ويقول سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} (2).

والرفق واللين

يقول سبحانه {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (3) ويقول عليه الصلاة والسلام (إن الله عز وجل رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف)(4).ويقول سبحانه يمدح المؤمنين بأنهم {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (5).

والأمانة

وقد أمر الله بها باللفظ المؤكد فقال سبحانه {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (6) ويقول الله تعالى مادحاً عباده المؤمنين {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (7). وكان النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، معروفاً في قومه بـ الأمين، وكان يحث على الأمانة وأدائها ويقول (أدِ الأمانةَ لمن ائتمنك، ولا تخن من خانك)(8).

وهنا أكتفي بهذه الأمثلة، على ما أشير إليه، والتي يمتلئ بمثيلها القرآن، فإن الأخلاق من أعظم موضوعات القرآن، وأبرز ملامح الشخصية المسلمة الصادقة، كيف لا وقد قال صاحب الخُلُق العظيم (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق) (9). وأما الملمح التالي فهو:

(1) - سورة المنافقون. آية: 8

(2)

- سورة المائدة. آية: 54

(3)

- سورة آل عمران. آية: 159

(4)

- صحيح ابن حبان. كتاب البر والإحسان. باب الرفق عن أبي هريرة. رضي الله عنه رقم الحديث: 554.، وفي المعجم الأوسط للطبراني. عن أنس رضي الله عنه رقم الحديث: 3022

(5)

- سورة الفتح. آية: 29

(6)

- سورة النساء آية: 58

(7)

- سورة المؤمنون آية: 8

(8)

- الترمذي. أبواب البيوع رقم الحديث: 1264. عن أبي هريرة رضي الله عنه

(9)

- رواه البخاري. في الأدب المفرد. باب حسن الخلق رقم الحديث: 273.

ص: 258

الملمح الثاني: الثبات في الرخاء والشدة

وهذا ثمرة الإيمان الحق، فبه يوقن المؤمن أن ما أخطأه ما كان ليصيبه، وما أصابه ما كان ليخطئه، فيُسَر ويشكر في السراء، ويصبر ويرضى في الضراء.

وآيات القرآن الكريم تمثل أعظم وأقوى عوامل التثبيت لأهل الإيمان وفيها قوله تعالى عن القرآن {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (1).

ولسان حال المؤمن دائماً {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)} (2).

وقال الرسول الكريم عليه أتم الصلوات والتسليم في بيان فضل هذا الاستقرار والثبات النفسي (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)(3).

وأهل الإيمان ينسبون الفضل لله عند تحقق المسرات، ومنهم سليمان عليه السلام الذي قال {يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} (4). والقائل أيضاً فيما حكاه القرآن {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} (5).

وكما لا تجد من أهل الإيمان إلا الشكر لله في السراء، فإنهم في الضراء، لا يخرجون عن التسليم والصبر والرضا بالقضاء يقول تعالى واصفاً حالهم {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (6).

(1) - سورة النحل آية: 102

(2)

- سورة التوبة آية: 51

(3)

- مسلم. كتاب الزهد والرقائق. باب: المؤمن أمره خير كله. رقم الحديث: 2999.

(4)

- سورة النمل آية: 16

(5)

- سورة النمل آية: 40

(6)

- سورة البقرة آية: 156

ص: 259

ومن الثبات والاستقرار النفسي في جميع الأحوال إلى الملمح الرئيس التالي وهو:

الملمح الثالث: التعاون والتعاضد والتفاعل في الخير

وأصل ذلك توجيه القرآن الكريم {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1).

ومن ذلك الدعوة للخير وتعليم الجاهلين قال تعالى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2).

وقوله تعالى عن وظيفة النبي عليه الصلاة والسلام وأتباعه من الدعوة إلى الله على علم وهدى {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (3).

ومن هذا أيضاً قوله تعالى {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (4) فينفي الله تعالى الخيرية عن أعمال الناس كلها، إلا تلك الأعمال التي تعود بتحقيق التكافل، والترابط، والألفة، والمحبة، والتصالح، على المجتمع بأسره.

ولذلك نجده سبحانه يأمر بالتفاعل، والمبادرة بالإصلاح، صيانةً للأخوة الإيمانية وتعظيماً لهذه الرابطة فيقول عز وجل {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (5).

وبهذه الملامح الرئيسة، وما يتفرع عنها، تحيى الشخصية المسلمة الصادقة، حياة طيبة، مستقرة، متميزة عن غيرها من الشخصيات، في الأعمال، والغايات، والوسائل.

(1) - سورة المائدة آية: 2

(2)

- سورة آل عمران آية: 104

(3)

- سورة يوسف آية: 108

(4)

- سورة النساء آية: 114

(5)

- سورة المائدة آية: 2

ص: 260