الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
قرار توصية اللجنة
المقدمة
الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، خلق الإنسان، علمه البيان، وجمله بالبنان والجنان، وزينه بمنطق اللسان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أوتي جوامع الكلم والتبيان، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الذين قاموا بنشر دينه، وسلكوا سبيله في التبليغ والإعلام أما بعد
فأمتنا الإسلامية تواجه صراعاً معلناً وخفياً لم يسبق له مثيل، مخططات تستهدف أصولها ومبادئها، ومكر بالليل والنهار لتذويبها وسلخها من دينها، عمل دؤوب لقلب الحقائق، وتمييع المفاهيم، وإغراق المجتمعات المسلمة بشتى صنوف الشهوات والشبهات، حتى غدا أمر الأمة ملتبساً، وحالها في التيه والغواية مرتكساً، ونشأ جيل بل أجيال لا تعرف سوى اسم الإسلام ورسم القرآن، ولا علاقة لهم بشعائره وشرائعه.
وقد مرت قرون اعتمدت فيها قوى الظلام الكافرة والأمم المستكبرة على قوتها العسكرية في إخضاع الشعوب وتليين قناتها، وربط مقدراتها بمصالحها رباط العبد الذليل على باب سيده، غير أن كل هذه القوة والجبروت كانت غالباً ما تعود خائبة مهما مر من سنين وأيام؛ هذا غير ما كانت تحدثه من يقظة هائلة في وجدان المسلمين تزيدهم قوة في المواجهة وقدرة على تحقيق الانتصار والتحرر.
ومن هنا تغيرت مخططات أعداء الأمة فعمدوا إلى تمزيق وحدتها، ببث روح الفرقة، وإثارة النزاعات العرقية والمذهبية، سلاحهم الأكبر الذي يستخدم في هذا الصراع المحموم هو وسائل الإعلام المختلفة مرئية ومسموعة ومقروءةً وتكنولوجية.
وعبر هذه الوسائل ينهال على المسلمين كم رهيب من صور الفساد العقدي والانحراف الخلقي، الذي باتت تضج منه أمة الإسلام، وتصطلي بناره، خاصة وأن كثيراً من القائمين على هذه الوسائل من أبناء الأمة الذين تنكبوا الطريق وتنكروا لأمتهم ودينهم، ورضوا بأن يكونوا أداة طيعة، بل ورؤوس حربة لأعداء الأمة ومخططاتهم الخبيثة.
وقد مر دهر طويل وساحة الإعلام لا تجد صوتاً مسلماً يدافع أو ينافح عن دين الأمة وسبب عزتها وصمام أمانها، وخلت الساحة لكل ناعق ومارق، يفسدون ولا يصلحون، يصرفون الناس عن دين ربهم، أوهنوا الهمم، وأسقطوا القيم، يستهزئون ويسخرون بالخير والدعاة إليه، ويقدمون ويمجدون سبل المعاصي والآثام وسائلهم في ذلك المال الحرام واللحم الحرام، واشتد ظلام الفتن، ويأس الكثيرون من الصلاح، وفرط الكثيرون في الإصلاح.
وتصديقاً لقول الحق تعالى {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)} (1).
ظهرت مؤسسات إعلامية تتخذ الإسلام مرجعاً لها، تعمل وفق ضوابطه، وتلتزم بأحكامه، ففرح المسلمون الصادقون بها، وتأملوا فيها الخير، وانتظروا منها بيان حقائق الإسلام وصفاء عقيدته ونقاء شعائره ومتانة شريعته وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
ولقد تنادى المخلصون من أبناء الأمة بضرورة دعم هذا الكيان الإعلامي الإسلامي، إيماناً منهم بخطورة وسائل الإعلام، ومسيس الحاجة إليها، حفاظاً على الهوية، وصيانة للمجتمعات المسلمة من الأفكار المنحرفة والهجمات الحاقدة على دين الأمة عقيدة وشريعة.
ومن هنا تعددت المؤلفات والدراسات حول الإعلام الإسلامي فأفرزت جهوداً مشكورة، وأفكاراً بديعة، تتحدث عن الأصول، والمقومات، والمبادئ، والخصائص، والوسائل.
ويبقى المجال خصباً رحيباً، للطامحين لخدمة دينهم وأمتهم ليبدعوا في مجال الإعلام الإسلامي، ويفتحوا الآفاق واسعة أمامه من خلال ما يستخرجون كل يوم من فنون جديدة في الوسائل الإعلامية التي تتسق وأحكام الدين، وترتكن للكتاب والسنة، وهما المنهل العذب المورود، والمعين الصافي المقصود.
(1) - سورة الحج. آية: 40