الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
وتستطيع وسائل إعلامنا الإسلامي - بهذا الكنز العظيم والمعين الفياض من القصص القرآني - تقديم زاد نافع للأمة، أبلغ أثراً، وأكثر تحليلاً وعمقاً. ومن القصص القرآني لضرب
الأمثال
في القرآن، وهو مطلبنا التالي:
المطلب الثالث: الأمثال (1)
7 -
"الحقائق السامية في معانيها وأهدافها تأخذ صورتها الرائعة إذا صيغت في قالب حسن يقربها للأفهام بقياسها على المعلوم اليقيني، والتمثيل هو القالب الذي يبرز المعاني في صورة حية تستقر في الأذهان، بتشبيه الغائب بالحاضر، والمعقول بالمحسوس، وقياس النظير على النظير، وكم من معنى جميل أكسبه التمثيل روعة وجمالاً، فكان أدعى لتقبل النفس له، واقتناع العقل به، وهو من أساليب القرآن الكريم، ومن ضروب بيانه ونواحي إعجازه، وذكر الله سبحانه في كتابه أنه يضرب الأمثال"(2)، فقال تعالى:{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} (3)، وقال تعالى:{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (4)
8 -
تعريف الأمثال: جمع مثل، والمثَل والمِثْل والمَثيل، كالشَّبَه والشِّبْه والشبيه لفظاً ومعنىً. قال ابن منظور:"المثَل الشيء الذي يضرب لشيءٍ مثلا فيُجعل مِثْله، وفي الصحاح: ما يضرب به من الأمثال"(5).
9 -
والمثل القرآني هو: إبراز المعنى في صورة رائعة موجزة لها وقعها في النفس سواء كانت تشبيهاً، أو قولاً مرسلاً (6)
10 -
أنواع الأمثال في القرآن: وأغزر الأمثال بياناً، وأعلاها فصاحةً أمثال القرآن الكريم، من غاص فيها، صدر عن صنوف الآداب، وانهالت عليه
(1) - مستفاد من المدهش لابن الجوزي. 1/ 16 - 17، الاتقان للسيوطي. 5/ 1932 - 1942، مباحث في علوم القرآن. 281 - 289. بتصرف
(2)
- مباحث في علوم القرآن. 281 بتصرف يسير.
(3)
- سورة العنكبوت. آية: 43.
(4)
- سورة الزمر. آية: 27.
(5)
- لسان العرب. مادة مثل. 13/ 22
(6)
- مباحث في علوم القرآن. 283
المعاني الثَّرَّة، فالقارئون لها والمتدبرون معانيها يقطفون منها نوادر الأمثال، وجواهر الحكم، وقلائد الأدب، وللأمثال في الكتاب العزيزثلاثة أنواع:
- الأمثال المصرحة: وهي ما صُرِّحَ فيها بلفظ المثل، أو ما يدل على التشبيه، كما جاء في قوله سبحانه {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ} (1) فقد ذكر الله سبحانه في هذه الآية حال المنافقين " وتقدير هذا المثل أن الله سبحانه شبههم في اشترائهم الضلالة بالهدى وصيرورتهم بعد البصيرة إلى العمى بمن استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله وانتفع بها وأبصر بها ما عن يمينه وشماله وتأنس بها فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره وصار في ظلام شديد لا يبصر ولا يهتدي"(2)
- الأمثال الكامنة: وهي التي لم يصرح فيها بلفظ التمثيل، ولكنها تدل على معاني رائعة في إيجاز، ويكون لها وقعها إذا نقلت إلى ما يشبهها، ومن أمثلة هذا النوع قوله سبحانه {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} (3) وقوله سبحانه {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (4) وللآيتين معنى المثل السائر: خير الأمور الوسط ومن أمثلة هذا النوع أيضاً قوله عز وجل {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} (5)، وهذه الآية الكريمة كقولهم: كما تدين تدان.
- الأمثال المرسلة: وهي جمل أرسلت إرسالاً من غير تصريح بلفظ التشبيه، فهي جارية مجرى الأمثال، كما في قوله سبحانه {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (6)،وقوله عز وجل {لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} (7)، وقوله سبحانه {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} (8)
(1) - سورة البقرة. آية: 17.
(2)
- تفسير ابن كثير. 1/ 83.
(3)
- سورة البقرة. 68.
(4)
- سورة الفرقان. 67.
(5)
- سورة النساء. آية: 123.
(6)
- سورة الرحمن. آية: 60.
(7)
- سورة المائدة. آية: 100.
(8)
- سورة فاطر. آية: 43.
11 -
فوائد الأمثال: للمثل أهمية كبرى في إفهام الناس، وتأثير عجيب في الأسماع، فإذا جعل الكلام مثلاً كان أوضح للمنطق، وأجمل للسمع، وأوسع لنواحي الحديث. تأنس إليه النفوس الأُنس التام، ويمكن لنا أن نلخص فوائد ضرب الأمثال فيما يلي:
أإبراز المعاني في صورة محسوسة، تقبلها العقول، وتستقر فيها.
ب الكشف عن الحقائق وعرض الغائب في معرض الحاضر.
ت إخراج المعنى الرائع في عبارة موجزة كما في الكامن والمرسل من الأمثال.
ث يضرب المثل للترغيب والمدح حيث يكون الممثل به مما تحبه النفوس، وتعظمه القلوب، كما في قوله سبحانه {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} (1).
ج ويضرب المثل للتنفير والذم حيث يكون الممثل به مما تكرهه النفوس، ويستقبحه الخلق، كما في قوله عز وجل {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)} (2).
ح والأمثال أوقع وأبلغ وأقوى وأقوم في النفوس والقلوب زجراً ووعظاً وإقناعاً، وقد أكثر الله عز وجل منها في القرآن تذكرة وعبرةً للناس (3).
12 -
ووسائل الإعلام عامة والإسلامي خاصة مدعوة دعوة أكيدة إلى تفعيل هذه الأدوات القرآنية والاستفادة منها في غرس المعاني، وتربية النشء المسلم، وترسيخ المفاهيم الصحيحة في وجدان الجماهير التي غالباً ما تتلقف ما تلقيه إليه وسائل الإعلام وتعتقده صحيحاً، تتمثله، وتقتدي وتعمل به.
(1) - سورة البقرة. آية: 261.
(2)
- سورة الحجرات. آية: 12.
(3)
- أنواع وفوائد الأمثال كتاب مباحث في علوم القرآن. ص 284: 289 مصدر سابق.