الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
صور الإعلام العسكري في القرآن الكريم:
1 - الإعلام ببيان الحكمة وأسباب فرض القتال على المسلمين:
اقتضت الحكمة في المرحلة المكية، أن يصبر المسلمون على أذى المشركين، وأن يتجهوا إلى تربية أنفسهم، ونشر دعوتهم، فكان الشعار المعلن {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (1). فلما صارت للمسلمين بالمدينة دولة، أُذِنَ لهم في القتال، وجهاد أعداء الله وكان لهذا التشريع حكم عظيمة منها:
أ- الدفاع عن الدين ضد الكفار والمشركين: ومن هذا قوله تعالى {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} (2)، فأَذِن الله تعالى لعباده بقتال من عادوهم وأخرجوهم لا لشيء إلا أنهم مؤمنون برب العالمين، والحفاظ على الدين هو إحدى الضروريات الخمس للشريعة الإسلامية (3).
ب- دفع المفسدين، ودرء مخططاتهم: ومن هذا قوله سبحانه {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (4)، فهذه سنة ربانية، يشرف أهل الإيمان بالقيام بها، فيدفعون الفساد والمفسدين، محافظين على صلاح الأرض للعيش فيها، وعبادة رب العالمين.
ت- التمكين للعقيدة من الانتشار: قال الله تعالى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (5)، فالقتال لهؤلاء الذين يحولون بين الناس ودعوة الحق، من دون عدوان على المسالمين.
(1) - سورة النساء. آية: 77
(2)
- سورة الحج. آية: 39 - 40
(3)
- الموافقات. 2/ 20
(4)
- سورة البقرة. آية: 251
(5)
- سورة التوبة. آية: 36
ث- رد العدوان وتجنب الفتنة في الدين: ومن هذا قوله تعالى {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (1) وهذه الآيات تبين أن الواجب على المسلمين، مدافعة ومحاربة كل من يكون سبباً لفتنة الناس عن دين ربهم، فإن كانوا يدفعون عن أنفسهم القتل؛ فدفع الفتنة في الدين أولى، لأنها أشد أثراً وأعظم في الأمة.
ج- ابتلاء المؤمنين وتمحيصهم: ويظهر هذا من قوله تعالى {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (2). ومن قوله تعالى {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (3). فلابد للمؤمنين من الابتلاء بعدوهم، والصبر، والثبات، وجهاده بالنفس، والمال.
ح- عقاب الناكثين للعهود والخائنين لله ورسوله {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (4)، وقال سبحانه {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} (5) وهذا أمر لابد منه، فالتهاون مع المجترئين على دولة الإسلام، يزيدهم بغياً عدواناً، وحين يعلمون أن مصير الناكثين، أو الخائنين، أن
(1) - سورة البقرة. آية: 191 - 194
(2)
- سورة آل عمران. آية: 141 - 142
(3)
- سورة التوبة. آية: 16
(4)
- سورة التوبة. آية: 13
(5)
- سورة الأنفال. آية: 58