الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - التفاعلية الإيجابية مع الأحداث
، ويبدو ذلك بجلاء من نزول القرآن الكريم منجماً على ثلاث وعشرين سنة متابعاً للحوادث، مجيباً عن الأسئلة، حالّاً للمشكلات، مرشداً للحائرين، حاسماً للنزاع، حكماً فصلاً في الملمات، والوصول لواحد مما سبق أو بعضه هو غاية أماني وسائل الإعلام.
…
ولم تقتصر تفاعلية الإعلام القرآني على جانب دون آخر بل شملت جميع جوانب الدين والحياة، في العقائد والعبادات والمعاملات والحدود والأحكام.
? نقرأ في العقائد إيضاح التصورات، ورد الزائف من الأقوال {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116)} (1)، ونقرأ قوله تعالى {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)} (2).
? ونجد في العبادات {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (3)، ونقرأ قوله تعالى {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)} (4).
? ونجد الإرشادات التامة والإجابات الوافية لما يقع من مشكلات أو يحل من نكبات ومحن ففي غزوة أحد كمثال يقول سبحانه واصفاً لحال المسلمين {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ
(1) - سورة البقرة. آية: 116.
(2)
- سورة الأنبياء. آية: 21 - 22.
(3)
- سورة البقرة. آية: 187.
(4)
- سورة البقرة. آية: 198.
وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (1)، ثم يذكر زلة بعضهم ويعفو عنهم {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (2)، ثم يكشف لهم عن موضع الخلل ومرجع الهزيمة فيقول سبحانه {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (3).
? وبمثل هذا التفاعل كان القرآن يتنزل على الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ونجد فيه أحكام الأسرة زواجاً وطلاقاً ووصيةً وميراثاً، والحدود، والعلاقات مع غير المسلمين نجد بيانا كافياً، ودواءً شافياً لجميع العلل، يعلم ويرشد، وينفي عن مجتمع المسلمين الخبث، يثبت أهل الإيمان الصادقين، ويفضح مخططات الكافرين والمنافقين (4) وهكذا يجب أن تكون وسائل الإعلام، تعبر بصدق عن مجتمعاتها، وتعكس الفكر الصحيح والفهم المستنير، وتكون أداة إصلاح لا إفساد، وسيلة إرشاد وهداية لا إضلال وغواية.
? إن إطلالة متجردة على خصائص الإعلام القرآني تبعث همم المخلصين لإصلاح مواطن الخلل، ومواضع الفساد، في منظومة الإعلام في أمتنا الإسلامية عامة، والمؤسسات الإعلامية العربية خاصة.
(1) - سورة آل عمران. آية: 152 - 153.
(2)
- سورة آل عمران. آية: 155.
(3)
- سورة آل عمران. آية: 165.
(4)
- كمثال يمكن مطالعة سور (النور والأحزاب والحشر) فقد احتوت على تحديات جسام كان الوحي الإلهي فيصلا حاسما في مجرياتها.
وإذا كانت هذه هي الخصائص، فلابد لنا من الولوج إلى عالم وسائل الإعلام القرآنية، نستلهم منها الرشاد، ونتعرف بها الطريق الصحيح إلى التأثير الإيجابي، وتوصيل الرسالة بأوضح الأساليب، وأبين الوسائل، ومبحثنا التالي يحقق بذلك المعنى بإذن الله.