الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
أهداف الإعلام الثقافي في القرآن الكريم
تحديد أسس بناء الشخصية الإسلامية:
وهي الأسس، التي تقوم عليها، وتتميز بها شخصية المسلم عن غير المسلمين، وأهمها:
الإيمان الحق
وبه ينعتق الإنسان من ربقة العبودية والخضوع إلا لله تعالى، ويتحرر من جميع مخاوفه، على أجله أو رزقه، على حاضره، أو مستقبله، ويسمو بقلبه عن التصورات الفاسدة للقضايا الكبرى، كالخلق والغاية منه، والموت والمصير بعده، وينأى بعقله عن الأوهام وسيطرة الخرافات. وفي هذه المعاني كلها جاءت آيات وآيات، منها على سبيل المثال:
وقوله تعالى {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (2).
وقوله سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3).
وقوله تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (4).
وقوله سبحانه {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (6). فتشكل هذه الآيات حصناً منيعاً للإنسان، فيحيى عالماً بربه، وما
(1) - سورة يونس. آية: 3
(2)
- سورة النحل. آية: 51
(3)
- سورة الشورى. آية: 11
(4)
- سورة الذاريات. آية: 56
(5)
- سورة الأنبياء. آية: 34 - 35
(6)
- سورة هود. آية: 6
ينبغي له من تعظيم، وتوحيد، وتنزيه، وعارفاً للغاية من خلقه، فيقوم بعبادته، ومطمئناً مستقراً في تصوراته في جميع مجالات حياته.
ومن أسس بناء الشخصية الإسلامية: القيام بالعبودية
وتتمثل في دعائم الإسلام وهي التطبيق العملي للعقيدة. والعبادات بدورها تثمر السلوك الصحيح، والخلق القويم، وترسم لشخصية المسلم الطريق السويَّ، فيعيش حياته موصولا بربه، فاعلاً في مجتمعه، يستشعر نبض الإيمان في أعماقه فلا ينبعث من حياته إلا الخير. يقول الحق تعالى {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (1). ويقول سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2). وحياة الإنسان كلها، من مولده لمماته، بحركاته وسكناته، كلها عبودية لله قال عزَّ مِن قائل {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)} (3). ومن هنا؛ تجد المسلمين متميزين عن غيرهم، بتقلبهم في جميع أحوالهم في طاعة ربهم، وعبادته، قال عنهم ربهم سبحانه {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (4).
ومن أسس بناء الشخصية الإسلامية: الأسوة الحسنة
فيبدأ المسلم تكوين شخصيته الإسلامية، سلوكا، وتطبيقا، من توجيهات القرآن الكريم، وسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، وصحابته رضي الله عنهم، يقول سبحانه {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (5). فهو عليه الصلاة
(1) - سورة العنكبوت. آية: 45
(2)
- سورة الحج. آية: 77
(3)
- سورة الأنعام. آية: 162 - 163
(4)
- سورة التوبة. آية: 112
(5)
- سورة الأحزاب. آية: 21
والسلام، أسوة كل مؤمن، تتعلق بافعاله، وأقواله، أنظار وقلوب المؤمنين، ليقتدوا به، ويسعدوا بمتابعته، بل إن هذا الأمر – الاقتداء والتأسي – هو أحد الأسباب الرئيسة، التي من أجلها جعل الله تعالى رسله الكرام من البشر، لا من الملائكة، لكي يتحقق بهم التأسي، ويتسنى للناس الاقتداء ببشر مثلهم، لهم نفس صفاتهم، ونمط حياتهم ويفعلون أفعال البشر، مثلهم تماماً، فتأنس إليهم الأرواح، وتُقْبِل عليهم القلوب تأسياً واقتداءً.
وقد ذكر القرآن الصفات الأساسية، التي ينبغي أن تشكل الأسوة، والقدوة لشخصية المؤمن، كما أرادها الله تعالى، ومنها ما ذكره سبحانه كصفات لبعض عباده، وأنبيائه في قوله سبحانه {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54)} (1). وقال عز وجل {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75)} (2). وفي قوله تعالى {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)} (3). وغير ذلك من الايات الكريمات التي تبرز الصفات الجليلة التي ينبغي على أهل الإيمان التمسك والاقتداء بها.
ومن الأسس الهامة في بناء شخصية المسلم: العلم
حيث تتسامى شخصية المسلم بالعلم الذي يكشف له طريق الحق والخير وينير مسالك الحياة فيمضي فيها على هدى، فتتميز شخصيته عن غيره بالفكر والعلم المفيد قال عزَّ مِن قائلٍ مُمْتَنَّاً على نبيه بتعليمه {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} (4). وقال سبحانه {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (5). فجعل سبحانه تعليم العلم إحدى مهمات الرسول الكريم
(1) - سورة مريم. آية: 54
(2)
- سورة هود. آية: 75
(3)
- سورة آل عمران. آية: 146
(4)
- سورة النساء. آية: 113
(5)
- سورة آل عمران. آية: 164