المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌استخدام الاستفهام لحفز الأفهام، وبث المعارف المتنوعة - صور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم - دراسة في التفسير الموضوعي

[عاطف إبراهيم المتولي]

فهرس الكتاب

- ‌ملخص البحث

- ‌شكر وتقدير

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع

- ‌مشكلة البحث

- ‌أهداف البحث

- ‌الدراسات السابقة

- ‌منهج الدراسة

- ‌هيكل البحث

- ‌تمهيد

- ‌تعريف التفسير الموضوعي، وأنواعه وأهميته:

- ‌أنواع التفسير الموضوعي:

- ‌أهمية التفسير الموضوعي:

- ‌الباب الأولالإعلامتعريفه، ونشأته، وتطوره

- ‌الفصل الأولتعريفات ومقاصد

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام

- ‌المبحث الثاني:نشأة الإعلام وتطوره

- ‌المبحث الثالث:وسائل الإعلام

- ‌تعريف الوسائل لغةً:

- ‌أنواع وسائل الإعلام

- ‌وظائف وسائل الإعلام

- ‌المبحث الرابع:التوجهات الحاكمة للإعلام المعاصر (النظريات الإعلامية)

- ‌1 - نظرية السلطة:

- ‌2 - نظرية الحرية:

- ‌3 - نظرية المسؤولية الاجتماعية:

- ‌4 - النظرية الاشتراكية:

- ‌الفصل الثانيلمحات حول الإعلام الإسلامي

- ‌المبحث الأول:تعريف الإعلام الإسلامي

- ‌وقفة مع التعريفات السابقة:

- ‌المبحث الثاني:دواعي ظهور الإعلام الإسلامي

- ‌المبحث الثالث:منطلقات الإعلام الإسلامي

- ‌المبحث الرابعأهداف الإعلام الإسلامي

- ‌المبحث الخامسوسائل الإعلام الإسلامي

- ‌ القرآن الكريم

- ‌السنة النبوية

- ‌ القدوة الحسنة:

- ‌ إعلام الكلمة الطيبة:

- ‌الفصل الثالثخصائص الإعلام القرآني ووسائله

- ‌المبحث الأول:القرآن أعظم الوسائل الإعلامية

- ‌ المعجزة الباقية

- ‌ الإعلام في القرآن

- ‌المبحث الثاني:الدور الإعلامي للرسل الكرام

- ‌المبحث الثالث:خصائص الإعلام القرآني

- ‌1 - رباني لا يد لأحد من البشر فيه

- ‌2 - اعتماد الحقائق كمصدر وحيد

- ‌3 - المصداقية

- ‌4 - اعتماد البرهان والدليل العقلي

- ‌5 - الانحياز التام لمكارم الأخلاق

- ‌6 - العدالة والإنصاف

- ‌7 - التفاعلية الإيجابية مع الأحداث

- ‌المبحث الرابع:وسائل الإعلام في القرآن

- ‌ تنويع الخطاب

- ‌ القصص

- ‌ الأمثال

- ‌ الترغيب والترهيب

- ‌ التكرار

- ‌ الحوار والجدال

- ‌المبحث الخامسألفاظ القرآن ذات الدلالات الإعلامية

- ‌الباب الثانيصور الإعلام الإسلامي في القرآن الكريم

- ‌الفصل الأولصور الإعلام العقدي في القرآن الكريم

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام العقدي

- ‌ تعريف العقيدة لغةً

- ‌ تعريف العقيدة اصطلاحاً

- ‌ موضوعات الإعلام العقدي:

- ‌المبحث الثاني:أهداف الإعلام العقدي في القرآن

- ‌ تعريف الخلق بربهم

- ‌ بيان وحدانية الله عز وجل

- ‌ تعظيم الله سبحانه

- ‌ الإعلام برحمه الله تعالى وعنايته بعباده

- ‌ محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم

- ‌ الإعلام بحكمة الله تعالى

- ‌ إعلام الناس بعظمة الله تعالى

- ‌ إبراز بديع صنع الله في الكون

- ‌ بث أجواء الطمأنينة

- ‌ الدفاع عن عقيدة الأمة ورد الشبهات

- ‌المبحث الثالثصور الإعلام العقدي في القرآن الكريم

- ‌ اعتماد تكرار الحقائق ذات المعنى الواحد

- ‌ استخدام القصص أسلوباً إعلامياً في بيان معاني العقيدة

- ‌ الإعلام بضرب الأمثال لتوصيل حقائق العقيدة والإيمان

- ‌ الإعلام بالجدل والحوار عن صحيح الاعتقاد

- ‌ تنبيه الفطر السليمة وإصلاح ما طرأ عليها من فساد ببيان حقائق العقيدة

- ‌ استثارة الحواس

- ‌ الإعلام بحقائق الإيمان بمخاطبة العقول ومحاججة الأفهام

- ‌ الإعلام بذكر سوء عاقبة الكفار

- ‌الفصل الثانيصور الإعلام السياسي في القرآن الكريم

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام السياسي

- ‌المبحث الثانيأهداف الإعلام السياسي في القرآن الكريم

- ‌1 - إعلان الحاكمية لله سبحانه:

- ‌2 - التأكيد على وحدة الأمة الإسلامية:

- ‌3 - بيان السنن الربانية للظهور والتمكين في الأرض

- ‌4 - تعريف الأمة بأحكام الإسلام في إدارة الحكم والشئون العامة

- ‌المبحث الثالثصور الإعلام السياسي في القرآن الكريم:

- ‌الفصل الثالثصور الإعلام العسكري في القرآن الكريم(الحربي - أو الجهادي)

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام العسكري

- ‌المبحث الثانيأهداف الإعلام العسكري في القرآن الكريم

- ‌1 - تنمية روح الانتماء والولاء لأمة الإسلام

- ‌2 - حشد أفراد الأمة للتأهب للدفاع عن الدين والمقدسات:

- ‌3 - بث وإشاعة روح الثقة في الأمة:

- ‌4 - تربية الأمة على الجدية، وعلو الهمة:

- ‌5 - غرس القيم الصحيحة، وتقويم السلوكيات المنحرفة:

- ‌7 - كشف أعداء الأمة والتحذير من كيدهم ومكرهم

- ‌8 - الإعلام بأسباب النصر على الأعداء

- ‌المبحث الثالثصور الإعلام العسكري في القرآن الكريم:

- ‌1 - الإعلام ببيان الحكمة وأسباب فرض القتال على المسلمين:

- ‌2 - استخدام تنوع الخطاب في تأسيس المفاهيم العسكرية

- ‌أ- أسلوب النداء:

- ‌ب- خطاب التحريض والإغراء:

- ‌ت- خطاب الذَّم والتنفير:

- ‌ث- الترغيب في الثبات في مواطن النزال

- ‌3 - استخدام الأسلوب القصصي بما له من قدرة على التأثير القوي

- ‌أ- قصة طالوت مع بني إسرائيل

- ‌ب- قصة غزوة الأحزاب

- ‌ت- قصة غزوة حنين

- ‌الفصل الرابعصور الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام الاجتماعي

- ‌المبحث الثانيأهداف الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم

- ‌الإعلام بأسس بناء المجتمعات في الإسلام

- ‌تنمية الحس الاجتماعي لدى أفراد المجتمع

- ‌بيان العناية القرآنية الكبيرة بالعلاقات الاجتماعية

- ‌الإعلام بأهمية القيم الإنسانية الرفيعة للمجتمع في الإسلام

- ‌المبحث الثالثصور الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم

- ‌1 - استعمال القصص القرآني في تقرير المفاهيم وتقويم السلوك الاجتماعي

- ‌2 - تنويع الخطاب

- ‌الفصل الخامسصور الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام الاقتصادي

- ‌المبحث الثانيأهداف الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم

- ‌تحقيق العبودية لله تعالى بكمال الانقياد لقواعد الشريعة في معاملات الاقتصاد

- ‌الدلالة على منابع الثروات ومصادر الإنتاج

- ‌الحث على السعي الدءووب، والعمل الجاد، مع ربط الرزق بالإيمان

- ‌ نشر ثقافة الإحسان

- ‌محاربة الجشع، والرغبة الجامحة في الربح السريع

- ‌المبحث الثالثصور الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم

- ‌1 - استخدام القصص القرآني في تقرير المفاهيم والمباديء الاقتصادية

- ‌أ- مفهوم الادخار وترشيد الاستهلاك

- ‌ب- ذم الترف والتباهي

- ‌ت- تقرير حقيقة القيم

- ‌ث- حسن الوفاء والعدالة في المعاملات

- ‌2 - تنويع الخطاب

- ‌الفصل السادسصور الإعلام الثقافي في القرآن الكريم

- ‌المبحث الأولتعريف الإعلام الثقافي

- ‌المبحث الثانيأهداف الإعلام الثقافي في القرآن الكريم

- ‌تحديد أسس بناء الشخصية الإسلامية:

- ‌الإعلام بملامح الشخصية المسلمة في القرآن

- ‌بيان نظام الحياة داخل المجتمع المسلم والحث على التزامه

- ‌إعلام الأمة بتراث وفكر الأمم المؤمنة من أتباع الأنبياء والمرسلين السابقين

- ‌تزويد العقول بحقائق الدين الناصعة، وكشف أباطيل وشبه الخصوم

- ‌الدعوة لفتح آفاق الإبداع وإعمال العقول، والتنبيه على آيات الله الكونية

- ‌المبحث الثالثصور الإعلام الثقافي في القرآن الكريم

- ‌الخطاب الثقافي العام في القرآن الكريم

- ‌استخدام الاستفهام لحفز الأفهام، وبث المعارف المتنوعة

- ‌استخدام الأسلوب الإنشائي في الإعلام بحدود الحلال والحرام

- ‌استخدام الأسلوب الخبري في الإعلام بالمعارف والأحكام

- ‌استعمال التكرار

- ‌استعمال القصص القرآني في بث القيم، والتعاليم الإسلامية

- ‌بيان عاقبة الشر والإفساد

- ‌بيان عاقبة الإيمان والصلاح

- ‌بيان الحرص على طلب العلم

- ‌بيان الحرص على دعوة الخلق ونصحهم، والصبر على أذاهم

- ‌الخاتمة

- ‌التوصيات

- ‌المصادر والمراجع

- ‌فهرس الآيات

- ‌فهرس الأحاديث النبوية

الفصل: ‌استخدام الاستفهام لحفز الأفهام، وبث المعارف المتنوعة

الناس والأصل الواحد، وصلة الأرحام، والتواصل

يقول سبحانه {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} (1)

ويقول تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} (2)

وهاتان الآيتان، أصلان عظيمان، يشكلان أساس الاتصال الإنساني المبني على المساوة التامة بين الخلق، وعلى اعتبار تنوع الأعراق والألوان والألسنة سببا للتواصل والتعارف، وليس سببا للتفرق والعداوة. ويستطيع الناظر المتأمل أن يعرف أنه بقدر ابتعاد الناس وقربهم من مفاهيم القرآن الكريم وتعاليمه، تكون درجة اتصالهم وتعايشهم، فكلما كان اتصالهم لله، خالياً عن أغراض الدنيا، كلما عظم هذا الاتصال وامتدَّ، وكان سبباً لتحصيل أي منافع دنيوية بعد ذلك، في ظلال هذا التواصل القرآني الراقي، الذي يحفظ كرامات الخلق، وينظم تعاملاتهم.

ومن صور الإعلام الثقافي في القرآن الكريم

‌استخدام الاستفهام لحفز الأفهام، وبث المعارف المتنوعة

وقد رأيت من الفائدة، وضع بعض العناوين الكاشفة لمعاني الآيات، كما يلي:

الخالق القدير، وصنعته المبْهِرَة

يقول الله تعالى {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} (3)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (4)

(1) - سورة النساء آية: 1

(2)

- سورة الحجرات آية: 13

(3)

- سورة الغاشية آية: 17 - 20

(4)

- سورة البقرة آية: 106 - 107

ص: 274

ويقول الله تعالى {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (1)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (2)

هذه الآيات المتتابعة، المثيرة للأذهان بما فيها من الاستفهام، تنبه القلوب، إلى قدرة علام الغيوب جل جلاله، وصنعته العظيمة، وتبني في اليقين الإنساني تعظيم الرب سبحانه، المدعم بما يراه حوله في عالم الشهادة، من آيات شاهدات على أنه على كل شيئ قدير.

العليم الخبير، وعلمه المحيط

يقول الله تعالى {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (3)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (4)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} (5)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (6)

(1) - سورة النحل آية: 79

(2)

- سورة لقمان آية: 29

(3)

- سورة التوبة آية: 79

(4)

- سورة المجادلة آية: 7

(5)

- سورة العلق آية: 14

(6)

- سورة الحج آية: 70

ص: 275

وفي الآيات تنبيه للغافلين، بأن الله تعالى لا يخفى عليه شيئ من أحوالهم، وما يقتضيه ذلك، من تربية للنفوس على مراقبته سبحانه، فينشأ الوازع (الضمير) ويوجه الجوارح لما يوافق محبة مولاه.

ولقد شقيت مجتمعاتٌ، ومجتمعاتٌ، بغياب الوازع، وانعدام الضمير، فلا يكادون يمتنعون عن المخالفات، مالم يكن هناك رادع من قانون، أو سلطة تجبر على الالتزام بتوجهات المجتمع، فإذا غابت هذه الوسائل، رتع الذئب في الغنم، وعَبَّ كلٌ بما يقدر عليه، بلا وازع أو حرج، وأما من تربى على هذه الآيات، واستحضرها في حركاته وسكناته، فهو المستقيم دوماً، وإن غابت قوانين وسلطات الأرض، فإنه يبقى ممتنعاً لحق سلطان الرب جل جلاله.

السنن الإلهية، في إهلاك الظالمين، وعقابهم

يقول الله تعالى {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} (1)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} (2)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} (3)

تشتمل الآيات على الإعلام بمصير الأمم الكافرة، الظالمة، وأسباب إهلاكها، من معاداة الله ورسله، وتكذيبهم لدعوات الرسل، وإسرافهم على أنفسهم بارتكاب كل منكر وزور

(1) - سورة التوبة. آية: 63

(2)

- سورة الأنعام. آية: 29

(3)

- سورة إبراهيم. آية: 9

ص: 276

من القول والفعل. وهذه سنن الله تعالى في خلقه، وفي الآيات تحذير من سلوك تلك المسالك، من الجحود، والنكران، والعصيان.

من مظاهر الإنعام

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (1)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (2)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} (3)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} (4)

والآيات الكريمة فيها بيان لصاحب النعم، التي لا تعد، ولا تحصى، وإعلام بمُسْديها للخلق، رأفة منه، ورحمةً بعباده، وتيسيراً لمعاشهم. فيحيى الإنسان في ظل ممدود من نعمة الله عليه، منذ أخرجه من بطن أمه، وجعل له سمعاً، وبصراً، وفؤاداً، تحيط به المِنَن، وتحوطه العناية والرعاية. وإذا أبصر العبد هذا كله تلزمه حالة من الشكر لربه بقلبه، ولسانه، وجوارحه.

وبذات الأسلوب بيَّن القرآن الكريم، بعض أحوال المنحرفين، ومنهم:

المنحرفون من أهل الكتاب

يقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} (5)

(1) - سورة الحج. آية: 63

(2)

- سورة الحج. آية: 65

(3)

- سورة النور آية: 43

(4)

- سورة البلد آية: 8 - 10

(5)

- سورة آل عمران آية: 23

ص: 277

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} (1)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} (2)

عجيب أمر هؤلاء المنحرفين من أهل الكتاب، فرغم ما اصطفاهم الله تعالى به من العلم والمعرفة، والرسالة، والتكريم، إلا أنهم تنكَّروا لذلك كله، وأعرضوا عن النور المبين، وآثروا العرض الزائل، والمتاع الفاني، والرياسة الدنيوية، وتعاونوا مع الكفار، وفاهت ألسنتهم وقلوبهم بالبغضاء والأحقاد على أهل الإيمان، وجاءوا بكل نقيصة، فحق فيهم مثل الكلب، ومثل الحمار، مهما حمل من علم لم ينتفع به.

كالعيس في البيداء يقتلها الظما

والماء فوق ظهورها محمول

المنافقون، وسوء طويتهم

يقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} (3)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (4)

(1) - سورة النساء آية: 44

(2)

- سورة النساء آية: 49 - 52

(3)

- سورة النساء آية: 60

(4)

- سورة المجادلة آية: 8

ص: 278

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (1)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (2)

وهذا صنفٌ آخر من المنحرفين، آمنوا ثم كفروا، عاشوا مخادعين، يسرون الكفر، ويظهرون الإسلام، يوالون أعداء الله ورسوله والمؤمنين، ويكيدون ويمكرون بالإسلام والمسلمين، يفرحون بأذيتهم، ويركبهم الحزن والنكد لانتصارهم وانتشار دعوتهم.

المتباطئون، المتثاقلون

يقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} (3)

ويقول تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} (4)

والآيتان بما تحملانه من استفهام تعجبي، إنكاري، لوم وتوبيخ، للمتخاذلين عن الجهاد في سبيل الله، المتباطئين عن تلبية النداء، طلباً منهم للراحة، والسلامة.

وهذان الاستفهامان، وما احتفَّ بهما من سياق، وضع للدنيا بما فيها من شهوات وملذات، في حجمها الأصلي، فهي مجرد متاع عما قليل ينفد، وأما الآخرة، فإليها يشمر المجاهدون، وللفوز فيها يسعى العاملون.

(1) - سورة المجادلة آية: 14

(2)

- سورة الحشر آية: 11

(3)

- سورة النساء آية: 77

(4)

- سورة التوبة آية: 38

ص: 279