الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلمة الطيبة
وهذه الآية الكريمة، تُبْرِزُ عالياً، المكانة السامية التي تحتلها كلمة التوحيد الكلمة الطيبة، التي تثمر جميع خصال الخير، وينتفع بها الناس أجمعين، وتتمتع بالثبات والرسوخ، كالشجرة الباسقة المثمرة، التي تعود على الناس بالنفع من كل زواياها.
وفي الآية تأصيل لمعنى خيرية الأمة وانتفاع الناس بها، وهي ثقافة سلام ومحبة ومودة، يتمثل حاملها هذه المعاني فيعيش من حوله ينعمون بفكر مستنير، وعمل رشيد، ونصح صادق.
الباب المفتوح، والرحمة المبذولة
يقول الله تعالى {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (2)
والآية حث على المبادرة بالتوبة النصوح، وتقديم النفقة الطيبة، التي يقبلها رب العالمين سبحانه متفضلاً، وتنتهي الآية بالترغيب في عفوه سبحانه بذكر اسميه الكريمين جل شأنه التواب الرحيم، فيتوب على عباده التائبين، ويرحم ضعفهم.
وفي الآية تأسيس لثقافة الرجوع عن الخطأ وعدم التمادي فيه، والمسارعة إلى أوجه التكافل المختلفة، رغبة فيما عند الله من الثواب، وليس لمصالح فانية.
ومن الاستفهام لتنبيه العقول والأفهام، في القضايا المختلفة، ننتقل بمشيئة الله لصورة أخرى، من صور تنوع خطاب الإعلام الثقافي في القرآن الكريم وهي:
استخدام الأسلوب الإنشائي في الإعلام بحدود الحلال والحرام
(1) - سورة إبراهيم آية: 24
(2)
- سورة التوبة آية: 104
رسم القرآن الكريم الشخصية الثقافية المسلمة، من خلال عدة صور متنوعة، منها بيان دائرة الواجبات، والمستحبات، والمكروهات، والمحرمات، وذلك عن طريق النداء والأمر والنهي، فالشخصية المسلمة تمتاز عن غيرها، بوجودها داخل تلك الدائرة، تدور بين فعل المأمور، واجتناب المحظور. وفي الآيات خير برهان، كما يتضح من الأمثلة فيما يلي:
أمر سبحانه المؤمنين والمؤمنات بالعفة، غضاً للبصر، وحفظاً للفرج، وحجاباً للمرأة فقال تعالى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (1).
ونهى سبحانه عن الزنا والفواحش فقال تعالى {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (2) وقال سبحانه {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (3)
وأمر سبحانه بالتثبت في الأخبار والأحكام والتبين في الأمور فقال جل جلاله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (4)، وقال عز وجل {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (5).
(1) - سورة النور آية: 30 - 31
(2)
- سورة الإسراء آية: 32
(3)
- سورة الأنعام آية: 151
(4)
- سورة الحجرات آية: 6
(5)
- سورة النساء آية: 94
ونهى سبحانه عن " القول بالتخمين، والحدس وسوء الظن "(1)، فقال تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (2)، كما قال تبارك وتعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (3).
وأمر سبحانه بالصدق فقال {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (4) ونهى عن الكذب وقرنه بالشرك فقال تعالى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (5).
وأمر عز وجل بالاعتدال والتوازن، في الأمور كلها، وآيات القرآن غنية بهذه المعاني فمنها: قوله تعالى {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (6).
وكما أمر سبحانه بالسعي للصلاة يوم الجمعة فقد أمر بالسعي على الرزق عقب قضائها. قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (7).
ونهى سبحانه عن الإسراف والبخل فقال {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (8).
وقال تعالى {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)} (9).
(1) - التفسير المنير: 8/ 80. مرجع سابق
(2)
- سورة الإسراء آية: 36
(3)
- سورة الحجرات آية: 12
(4)
- سورة التوبة آية: 119
(5)
- سورة الحج آية: 30
(6)
- سورة القصص آية: 77
(7)
- سورة الجمعة آية: 9 - 10
(8)
- سورة الإسراء آية: 26 - 27
(9)
- سورة الإسراء آية: 29