الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول:
تعريف العقيدة لغةً
العقيدة لغة: من العقد؛ وتدور معانيها اللغوية حول الربط، والشد، والإبرام، والإحكام، والتوثق، والتماسك، والإثبات؛ والمعاهدة، ومنه اليقين والجزم، ومنه قوله سبحانه {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} (1) وتعقيد الأيمان يكون بقصد القلب وعزمه، أي ما صممتم عليه منها وقصدتموها (2)، بخلاف لغو اليمين التي تجري على اللسان عادة بدون تعقيد ولا تأكيد (3). والعقد نقيض الحل، ويقال: عقده يعقده عقداً، والجمع عقود، واعتقدتُ كذا؛ عقدتُ عليه القلب والضمير حتى قيل العقيدة: ما يدين الإنسان به، وله عقيدة حسنة؛ سالمة من الشك (4)، وقال في المعجم الوسيط: " العقيدة: الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى مُعْتَقِده، والعقيدة في الدين: ما يقصد به الاعتقاد دون العمل (5).
وخلاصته: أن ما عقد عليه الإنسانُ قلبَه جازماً، فهو عقيدة، سواء كان حقاً، أو باطلاً. وهناك رباط وثيق بين هذا المعنى اللغوي والمعنى الشرعي، يظهر ذلك من خلال المطلب القادم في بيان العقيدة اصطلاحاً.
المطلب الثاني:
تعريف العقيدة اصطلاحاً
العقيدة اصطلاحاً: قال الشيخ عبد الله عبد الحميد الأثري: (هي الأمور التي يجب أن يصدق بها القلب، وتطمئن إليها النفس؛ حتى تكون يقيناً ثابتاً لا يمازجها ريب، ولا يخالطها شك. أي: الإيمان الجازم الذي لا يتطرق إليه شك لدى معتقده، وسمي عقيدة؛ لأن الإنسان يعقد عليه قلبه)(6)
وقال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله (هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره، وتُسمَّى هذه أركانُ الإيمان، وهي التي لا
(1) - سورة المائدة، آية:89.
(2)
- تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير 2/ 123. مرجع سابق
(3)
- المرجع السابق 1/ 359.
(4)
- المصباح المنير للفيومي، باب (عقد) ص 160، طبعة مكتبة لبنان، 1990م. / مختار الصحاح للرازي، باب (عقد) ص 390، طبعة مكتبة لبنان، 1989م. بتصرف
(5)
- المعجم الوسيط، باب عقد، ص 614. مرجع سابق
(6)
- الوجيز في عقيدة السلف الصالح، ص 14، عبد الله عبد الحميد الأثري
تتعلق بكيفية العمل، مثل اعتقاد ربوبية الله ووجوب عبادته، واعتقاد بقية أركان الإيمان المذكورة) (1).
والتعريف الأول، هو تعريف عام بالعقيدة ككل، وبيان خصائصها؛ من اليقينية والجزم في مسائلها؛ بحيث لا يتطرق لشيء من قضاياها شك، أو ريب.
والتعريف الثاني، تضمن الإشارة لأصول العقائد، وأركان الإيمان، وبيان أن العقائد مختصة بالجانب العلمي الغيبي، وليس بالجانب العملي المشاهد.
خلاصة: يمكن لنا أن نخلص بتعريف للعقيدة بأنها: مجموع القضايا العلمية الغيبية التي يؤمن بها الفرد بيقين جازم لا ريب فيه.
وهذا معنى قوله سبحانه {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (2). قال أبو العالية رحمه الله: يؤمنون بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وجنته، وناره، ولقائه، ويؤمنون بالحياة بعد الممات، وبالبعث، فهذا غيب كله. وبمثل هذا المعنى جاءت أقوال الصحابة متقاربة، حول أن جميع المذكورات من الغيب الذي يجب الإيمان به (3).
ملاحظة: قد يتبادر أن الكتب والرسل مشاهدة منظورة فليست من الغيب، ولكن المراد هو الإيمان بنسبتها إلى الله، أي كون الرسل مبعوثين من عند الله، والكتب منزلة من عند الله كذلك، وهذا أمر غيبي (4).
وبعد الوقوف على معنى العقيدة لغة واصطلاحاً نرجع إلى الكلام على تعريف الإعلام العقدي وهو مقصودنا من هذا المبحث؛ فأقول - وعلى الله اعتمادي -:
تعريف الإعلام العقدي:
هو الإعلام القائم على تزويد الناس بالمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة عن مجموع القضايا العلمية الغيبية التي جاءت في الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة، بحيث تصل بالجماهير لتصور عقدي واضح لا لبس ولا غموض فيه، وتساعدهم على تكوين عقيدة صحيحة بلا أوهام أو خرافات.
(1) - عقيدة التوحيد وما يضادهاأو ينقضها، ص: 5و 6، د صالح بن فوزان الفوزان، طبعة إحياء التراث - الكويت
(2)
- سورة البقرة، آية:3.
(3)
- تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير 1/ 68 و69. مرجع سابق
(4)
- العقيدة في الله، ص 10. بتصرف، د عمر سليمان الأشقر ط 8، دار النفائس بالأردن ومكتبة ابن الجوزي بالكويت 1991.