الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: الزجر عن القرض إذا جرَّ منفعة
856 -
وعن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّ قرضٍ جَرَّ منفعةً فهو ربًا" رواه الحارثُ بن أبي أسامة، وإسناده ساقط.
رواه الحارث بن أبي أسامة كما في "المطالب العالية"(1440) قال: حدثنا حفص بن حمزة، أنا سوار بن مصعب، عن عُمارة الهمداني، قال: سمعتُ عليًّا رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّ قرضٍ جَرَّ منفعةً فهو رِبًا".
قلت: إسناده ضعيف جدًّا؛ لأنَّ فيه سوار بن مصعب وهو متروك.
قال البخاري: منكر الحديث. أهـ.
وقال النسائي: متروك. أهـ.
وفي رواية قال: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه. أهـ.
وفي "سؤالات المرُّوذي" عن أحمد: ليس بشيء. أهـ.
وقال أحمد وأبو حاتم: متروك الحديث. أهـ.
وقال أبو داود: ليس بثقة. أهـ.
ولهذا قال ابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 8: هذا الإسناد ساقط وسوار هو ابن مصعب وهو متروك. أهـ.
وبه أعل الحديث عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 3/ 278، والزيلعي في "نصب الراية" 4/ 60 والحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 3/ 39. وابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" 2/ 78 و"البدر المنير" 6/ 621 - 622 وذكر علة أخرى وهي الانقطاع فيما بين عمارة وعلي.
بل قال أبو حفص عمر بن بدر الموصلي في كتاب "المغني عن الحفظ والكتاب" 1/ 403: لم يصح فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
* * *
857 -
وله شاهدٌ عن فَضالةَ بن عُبَيدٍ عندَ البيهقي.
رواه البيهقي 5/ 350 قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا. ثنا أبو العباس محمَّد بن يعقوب، ثنا إبراهيم بن منقذ، حدثني إدريس بن يحيى، عن عبد الله بن عياش، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق التجيبي، عن فَضالة بن عُبيد صاحب النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنَّه قال: كلُّ قرضٍ جَرَّ منفعةً فهو وجه من وجوه الرِّبا. هكذا موقوف.
قلت: في إسناده إبراهيم بن منقذ وإدريس بن يحيى لم أجد لهما ترجمة.
قال الألباني رحمه الله في "الإرواء" 5/ 235: إدريس هذا لم أجد له ترجمة، ومن فوقه ثقات. أهـ.
* * *
858 -
وآخرُ موقوفٌ عن عبد الله بن سَلام عندَ البخاريِّ.
رواه البخاري (3814) قال: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، قال: أتيت المدينة، فلقيت عبد الله بن سَلام رضي الله عنه، فقال: ألا تجيءُ فأُطعِمَك سَويقًا وتمرًا وتدخلَ في بيتٍ؟ ثمَّ قال: إنكَ بأرضٍ الرِّبا بها فاشٍ، إذا كان لكَ على رجلٍ حَقٌّ، فأهدَى إليك حِمْلَ تِبْنٍ أو حِمْلَ شعيرٍ أو حِمْلَ قَتٍّ فلا تأخذه فإنَّه ربًا. ولم يذكر النَّضرُ وأبو داود ووهبٌ عن شعبة: البيت.
تنبيه: قال الصنعاني في "سبل السلام" 3/ 105 لما ذكر هذا الأثر: لم أجده في البخاري في باب: الاستقراض، ولا نسبه المصنف في "التلخيص" إلى البخاري، بل قال: إنه رواه البيهقي في "السنن الكبرى" عن ابن مسعود وأُبيِّ بن كعب وعبد الله بن سلام وابن عباس موقوفًا عليهم. ثمَّ قال الصنعاني: فلو كان في البخاري لما أهمل نسبته إليه في "التلخيص" أهـ. ومما سبق تبيّن أن الأثر في البخاري كما قال الحافظ ابن حجر.
وفي الباب عن أنس بن مالك وآثار عن ابن عباس وأُبيّ بن كعبٍ وابن مسعود.
أولًا: حديث أنس بن مالك، رواه ابن ماجه (2432) والبيهقيُّ 5/ 350 كلاهما من طريق إسماعيل بن عياش، قال: حدثني عتبة بن حميد الضَّبيُّ، عن يحيى بن أبي إسحاق الهُنائي، قال: سألتُ
أنس بن مالك: الرَّجلُ مِنَّا يُقرِضُ أخاه المال فيهدي له؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقرضَ أحدُكم قرضًا فأهدَى له، أو حَمَلَه على الدَّابةِ، فلا يركَبْها ولا يَقبَلْه، إلا أن يكون جرَى بينه وبينه قبلَ ذلك".
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه عتبة بن حميد الضبِّي. تُكلِّم فيه.
قال أحمد: كان من أهل البصرة، وكتب شيئًا كثيرًا، وهو ضعيف، ليس بالقوي، ولم يَشْتَهِ الناسُ حديثَه أهـ.
وقال أبو حاتم: كان جوّالةً في الطلب، وهو صالح الحديث. أهـ
وذكره ابن حبَّان في "الثقات". وأيضًا يحيى بن أبي يحيى الهُنائي مجهول كما جرم الحافظ ابن حجر في "التقريب"(1).
لهذا قال البوصيري في تعليقه على "الزوائد": في إسناده عتبة بن حميد الضبي؛ ضعفه أحمد وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في "الثقات". ويحيى بن أبي إسحاق لا يعرف حاله. أهـ
(1) انظر ما قاله ابن حجر في "التقريب"(7673) يحيى بن يزيد الهنائي، مقبول من الخامسة ويقال هو ابن أبي إسحاق المتقدم (7502)، وانظر ترجمة يحيى بن أبي إسحاق الهنائي ويحيى بن يزيد الهنائي في "تهذيب الكمال" للمزي و"تهذيب التهذيب" لابن حجر، الذي ذكر أن المري رجح أنَّه يحيى بن أبي إسحاق الهنائي الذي أخرج له ابن ماجه أهـ ويحيى بن يزيد الهنائي قال عنه أبو حاتم شيخ، وذكره أبو حبان في "الثقات" وروى عنه جمع، وروى له مسلم في "الصحيح"(691)، وأبو داود (1201).
قلت: لم أقف على تضعيف أبي حاتم. وقد ترجم ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/ 370 لعتبة ونقل عن أبيه ما ذكرناه آنفًا. وأيضًا في إسناده إسماعيل بن عياش، فقد تكلم في روايته عن غير الشاميين (1). وشيخه عتبة بن حميد بصري. كما في "الجرح والتعديل" 6/ 370 لهذا لما أعل الألباني رحمه الله الحديث بما سبق. قال في "الإرواء" 5/ 237: إسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين، وهذا منه، فإن شيخه الضبي كوفي. أهـ. ثمَّ نقل قول ابن عبد الهادي في "التنقيح". هذا الحديث غير قوي، فإن ابن عياش متكلم فيه. أهـ.
وأيضًا روي موقوفًا. قال البيهقي 5/ 350: ورواه شعبة ومحمد بن دينار فوقفاه. أهـ.
ثانيًا: أثر ابن عباس رواه البيهقي 5/ 350 من طريق شعبة عن عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، قال: كان لنا جار سَمَّاك عليه لرجل خمسون درهمًا، فكان يهدي إليه السَّمَكَ، فأتى ابن عباس فسأله عن ذلك، فقال: قاصّه بما أهدَى إليك. قلت: إسناده قوي ظاهره الصحة.
ورواه أيضًا البيهقي 5/ 349 من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي صالح، عن ابن عباس، أنَّه قال في رجل: كان له على رجل عشرون درهمًا، فجعل يُهدي إليه، وجعل كلما أهدى إليه هدية
(1) راجع باب: منع الجنب من قراءة القرآن. وباب: جامع في سجود السهو.
باعها حتى بلغ ثمنها ثلاثة عشر درهمًا، فقال ابن عباس: لا تأخذ منه إلا سبعة دراهم.
وقد صحح الألباني في رحمه الله في "الإرواء" 5/ 234 كلا الإسنادين.
ثالثًا: أثر أُبيّ بن كعب فقد رواه البيهقي 5/ 349 من طريق عباد بن موسى الأزرق، ثنا سفيان، عن الأسود بن قيس، حدثني كلثوم بن الأقمر، عن زر بن حبيش، قال. قلت لأبيّ بن كعب: يا أبا المنذر إني أُريد الجهاد، فآتي العراق فأقرض، قال: إنك بأرض الربا فيها كثير فاشٍ، فإذا أقرضت رجلًا، فأهدى إليك هدية، فخذ قرضَك، واردد إليه هديته.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأنَّ فيه كلثوم بن الأقمر الوادعي. قال علي بن المديني: مجهول. أهـ. وبه أعله الألباني رحمه الله في "الإرواء" 5/ 235.
رابعًا: أثر ابن مسعود رواه البيهقي 5/ 350 و 351 من طريق ابن سيرين، عن عبد الله، يعني ابن مسعود: أنَّه سُئل عن رجل استقرض من رجل دراهم، ثمَّ إن المُستقرض أفقر المقرضَ ظهرَ دابته، فقال عبد الله: ما أصاب من ظهرِ دابته فهو ربًا.
قلت: إسناده منقطع؛ لهذا قال البيهقي 5/ 351: ابن سيرين عن عبد الله منقطع. أهـ.
* * *