الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: الشركة
875 -
عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال الله تعالى: أنا ثالثُ الشَّرِيكَينِ ما لم يَخُنْ أحدُهما صاحبَه، فإذا خانَ خَرَجْتُ من بينهما" رواه أبو داود، وصححه الحاكم.
رواه أبو داود (3383)، والحاكم 2/ 60، والبيهقي 6/ 78 - 79، والدارقطني 3/ 35 كلهم من طريق محمد بن الزبرقان أبي همام، عن أبي حيان التيمي، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكره.
قال الحاكم 2/ 60: وهذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 6/ 721: هذا الحديث جيد الإسناد. اهـ.
قلت: فيما قالاه نظر، فإن أبا حيان التيمي اسمه يحيى بن سعيد بن حيان التيمي الكوفي، قال العجلي: ثقة صالح؛ وهو ثقة عابد من رجال الجماعة ووثقه ابن معين وآخرون، ولكنَّ أباه سعيد بن حيان مجهول. والحديث لم يسنده غيره. قال الدارقطني 3/ 35 قال لُوين: لم يسنده أحد إلا أبو همام وحدَه. اهـ.
ونقله أيضًا عن لُوين المزي في "تهذيب الكمال" 3/ 151 رقم (2240) وقال ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 4/ 490:
وأبو حيان هو يحيى بن سعيد بن حيان أحد الثقات، ولكن أبوه لا تعرف له حال، ولا يعرف مَن روى عنه غير ابنه. اهـ.
وسكت عنه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" فتعقبه ابن القطان فقال في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 4/ 568: سكت عنه؛ مصححًا له، ولم يبين أنه من رواية أبي حيان عن أبيه، فهو إذن صحيح عنده كسائر ما يسكت عنه، هذا ما أخبر به عن نفسه. والرجل المذكور لا تعرف له حال. فإذا لم يباله هناك، فينبغي له أن لا يباله هنا. أما أبو عتاب سهل بن حماد فإنه لا بأس به، قاله أحمد بن حنبل. وقال الرازيان: صالح الحديث. ولا يضره أن لم يعرفه ابن معين
…
اهـ.
ولهذا لما نقل ابن الملقن في "البدر المنير" 6/ 722 قول ابن القطان تعقبه فقال: قد عرفه ابن حبان فذكره في "ثقاته" وذكر أنه روى عنه مع ولده الحارث بن سويد. اهـ.
وذكر ابنُ حبان سعيد بن حيان في "الثقات" ونقل الحافظ ابن حجر في "التهذيب" 4/ 18 وفي "التقريب" أن العجلي قال: كوفي ثقة. ثم قال الحافظ ابن حجر. ولم يقف ابن القطان على توثيق العجلي. فزعم أنه مجهول. اهـ.
قلت: وإن وثقه العجلي فإنه ينبغي أن يتحفظ من توثيقه للمجاهيل. ولما نقل الألباني رحمه الله في "الإرواء" 5/ 288 - 289 قول الحافظ في "التقريب": وثقه العجلي! قال الألباني عقبه: وهو من المعروفين بالتساهل في التوثيق، ولذلك لم يتبن الحافظ توثيقه ولا
الجزم به فقال: ثقة، كما هي عادته فيمن يراه ثقة، فأشار إلى أن هذا ليس كذلك عنده، بأن حكى توثيق العجلي له. فتنبه اهـ.
قلت: ومع جهالة سعيد بن حيان؛ فإن الحديث اختلف في وصله وإرساله. فقد رواه الدارقطني 3/ 35 من طريق جرير، عن أبي حيان التيمي، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يد الله على الشريكين ما لم يَخُنْ أحدُهما صاحبَه، فإذا خان أحدُهما صاحبَه رفعها عنهما".
قال الذهبي في "الميزان" 2/ 132 في ترجمة سعيد بن حيان والد أبي حيان. لا يكاد يُعرف. روى عن أبي هريرة وعنه ولده بحديث: "أنا ثالث الشريكين" رواه أبو داود، وللحديث علة، رواه هكذا أبو همام محمد بن الزِّبرقان عن أبي حيان. ورواه جرير عن حيان عن أبيه مرسلًا. اهـ.
ولهذا قال الحافظ ابن حجر في "الدراية" 2/ 144: صححه الحاكم ومنهم من أعله بالإرسال. اهـ.
وقال في "التلخيص الحبير" 3/ 49: صححه الحاكم وأعله ابن القطان بالجهل بحال سعيد بن حيان والد أبي حيان وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" وذكر أنه روى عنه أيضًا الحارث بن يزيد لكن أعله الدارقطني بالإرسال فلم يذكر فيه أبا هريرة، وقال: إنه الصواب. اهـ.
وسئل الدارقطني في "العلل" 11 / رقم (2084) عن حديث ابن حيان والد أبي حيان عن أبي هريرة قال: قال الله تعالى "أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه" فقال: يرويه ابن حيان التيمي،
واختلف عنه؛ فوصله أبو همام الأهوازي، عن أبي حيان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن جرير بن عبد الحميد وغيره؛ رووه عن أبي حيان عن أبيه مرسلًا وهو الصواب. اهـ.
قال ابن حجر في "التلخيص" 3/ 56: أعله الدارقطني بالإرسال فلم يذكر فيه أبا هريرة وقال: إنه الصواب. اهـ.
ولما ذكر الألباني رحمه الله هذا الإسناد. قال في "الإرواء" 5/ 289: وفيه ضعف كما سبق. ولعل مخالفة جرير وهو ابن عبد الحميد خير منه. اهـ.
ثم نقل قول الحافظ ابن حجر فيه: ثقة، صحيح الكتاب، قيل: كاد آخر عمره يهم من حفظه. اهـ.
ثم قال الألباني: وجملة القول: أن الحديث ضعيف الإسناد، للاختلاف في وصله وإرساله وجهالة راويه، فإن سلم من الأولى، فلا يسلم من الأخرى. اهـ.
ولما ذكر الحديث ابن عبد الهادي في "المحرر" 1/ 501 قال: قيل: إنه منكر. اهـ.
* * *
876 -
وعن السائب بنِ يزيد المخزوميِّ أنَّه كان شريكَ النبي صلى الله عليه وسلم قَبْلَ البِعثَةِ، فجاء يومَ الفتح فقال:"مرحبًا بأخي وشيريكي" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
رواه أحمد 3/ 425 قال: حدثنا عفان، ثنا وهيب، ثنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن مجاهد، عن السائب بن أبي السائب، أنه كان يشارك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلَ الإسلام في التجارة، فلما كان يومُ الفتح جاءه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مرحبًا بأخي وشريكي، كان لا يُداري ولا يُماري، يا سائبُ، قد كنتَ تعملُ أعمالًا في الجاهلية لا تُقبَلُ منكَ، وهي اليوم تُقبَلُ منكَ" وكان ذا سَلَفٍ وَصِلَة.
ورواه الحاكم 2/ 69 - 70 من طريق عفان بن مسلم به. وقال الحاكم 2/ 70: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.
قال الهيثمي في "المجمع " 1/ 94: رواه أبو داود وغيره بعضه، ورواه أحمد والطبراني في "الكبير" ورجاله رجال الصحيح. اهـ.
قلت: رجاله لا بأس بهم وعبد الله بن عثمان بن خُثَيْم المكي اختلف فيه. ضعَّفه ابن معين والنسائي في رواية عنهما، ووثقاه في رواية أخرى. وضعَّفه علي بن المديني، ووثقه العجلي وأبو حاتم، ولم يترك يحيى ولا عبد الرحمن حديث ابن خثيم. وروى عنه جمع من الثقات منهم السفيانان وابن جريج ومعمر وحماد بن سلمة وحفص بن غياث وأبو عوانة
…
وغيرهم. وأخرج له البخاري في التعاليق ومسلم في الأصول. وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب"(3466): صدوق. اهـ.
وقد اختلف في إسناده. فقد رواه أبو داود (4836) قال: حدثنا مُسدَّدٌ، ثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثني إبراهيم بن المهاجر،
عن مجاهد، عن قائد السائب، عن السائب، قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فجعلُوا يثنون عليَّ ويذكروني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنا أعلمكم" يعني به، قلت: صدقتَ بأبي أنت وأمي: كنتَ شريكي، فنِعْمَ الشريكُ، كنتَ لا تُداري ولا تُماري.
ورواه ابن ماجه (2287) قال: حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة
…
عن قائد السائب به بمثله إلا أنه قال فيه: فكنتَ خير شريك. ونقل الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 474 عن السهيلي أنه قال في "الروض الأنف" حديث السائب: كنتَ شريكي في الجاهلية فكنت خير شريكٍ، لا تداري ولا تماري، كثير الاضطراب، فمنهم من يرويه عن السائب بن أبي السائب، ومنهم من يرويه عن قيس بن السائب، ومنهم من يرويه عن عبد الله بن السائب. وهذا اضطراب لا يثبت به شيء، ولا تقوم به حجة، والسائب بن أبي السائب من المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم، واضطرب في متنه أيضًا، فمنهم من يجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم في أبي السائب، ومنهم من يجعله من قول أبي السائب في النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
ونقل الزيلعي عن إبراهيم الحربي أنه قال في كتابه "غريب الحديث". إن -تدارئ- مهموز من المدارأة- وهي المدافعة. وتمارى، غير مهموز من المماراة وهي المجادلة. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 3/ 56: ورواه أبو نعيم في "المعرفة" والطبراني في "الكبير" من طريق قيس بن
السائب، وروي أيضًا عن عبد الله بن السائب. قال ابن أبي حاتم في "العلل" وعبد الله ليس بالقويم. اهـ.
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 6/ 724: هذا الحديث من رواية السائب بن أبي السائب، واسم أبي السائب صيفي بن عابد، لا السائب بن يزيد، ذاك آخر ولد في السنة الثانية من الهجرة. قال ابن أبي حاتم في "علله" عن أبيه: روي أن قيس بن السائب كان شريك النبي صلى الله عليه وسلم، وأن عبد الله أيضًا كان شريكه قال وعبد الله ليس بالقديم، وكان على عهد رسول الله حَدَثًا، والشركة بأبيه أشبه وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب": اختلف فيمن كان شريكه، فمنهم من يقول: السائب بن أبي السائب، ومنهم من يقول: لأبي السائب، ومنهم من يقول: لقيس بن السائب، وقيل لعبد الله بن السائب، وهذا اضطراب لا يثبت به شيء ولا تقوم به حجة، والسائب بن أبي السائب من المؤلفة، وممن حسن إسلامه. انتهى ما نقله وقاله ابن الملقن.
تنبيه: وقع في طبعة محمد حامد فقي لـ "بلوغ المرام". وعن السائب المخزومي، ووقع في طبعة سمير الزهيري: وعن السائب بن يزيد المخزومي. وهذا وهم. ويظهر أن الحافظ بريء منه بدليل أنه ذكر الحديث في "تلخيص الحبير" 3/ 56 ثم قال: وقوله: ابن يزيد، وهم، وإنما هو السائب بن أبي السائب.
ثم أيضًا ينبغي أن يعلم أن في عزو الحديث إلى أبي داود وابن ماجه بلفظ أحمد كما فعل الحافظ في "البلوغ" ليس بحسن، لأنه
عندهما بلفظ آخر كما سبق. ولا شك أن مقصد الحافظ هو أصل الحديث من أجل الاختصار، والأولى أن ينص على هذا حتى لا يحصل لَبْس في هذا الأمر. والله أعلم.
* * *
877 -
وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: اشتركتُ أنا وعَمّار وسَعْدٌ فيما نصيبُ يومَ بدرٍ. الحديث. رواه النسائي وغيره.
رواه النسائي 7/ 319، وأبو داود (3388)، وابن ماجه (2288)، والبيهقي 6/ 79 كلهم من طريق سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: اشتركتُ أنا وعمار وسعد فيما نصيب يومَ بدرٍ، قال: فجاء سعد بأسيرين، ولم أجِئْ أنا وعمارٌ بشيءٍ.
قلت: إسناده ضعيف؛ لانقطاعه بين أبي عبيدة وأبيه عبد الله بن مسعود كما سبق (1). وبهذا أعله المنذري في "مختصر السنن" 4/ 53 وابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 39، والهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 271، وأيضًا الألباني رحمه الله في "الإرواء" 4/ 295.
* * *
(1) راجع باب: ما جاء أن الوتر سنة.