الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم اتسع فجعل كل تغيير لفطٍ بما يقرب منه تصحيفًأ. وقد وقع ذلك لجماعةٍ من العلماء، حتى يحكى أن حمادًا قرأ:{بل الذين كفروا في عزةٍ} [ص: 2]{أصيب من أشاء} [الأعراف: 156]{شأن يغنيه} [عبس: 37]، وفي ذلك تصانيف.
وقوله: {صحفًا مطهرة فيها كتب} إشارة إلى ماتضمنه القرآن الكريم من الزيادة التي ليست في غيره من كتب الله تعالى. والصحفة: مثل قصعةٍ عريضةٍ؛ خاطبهم الله تعالى بما يألفون، فقال:{يطاف عليهم بصحاف من ذهبٍ} [الزخرف: 71].
فصل الصاد والخاء
ص خ خ:
قوله تعالى: {فإذا جاءت الصاخة} [عبس: 33] هي القيامة. سميت بذلك لأنها ذات أهوال. وأصله من صخ يصخ فهو صاخ، أي صاخ صياخًأ مقطعًا يقطع قلب سامعه. فالصيخ شدة صوت ذي النطق. فالصاخة هي التي تصخ الأسماع، أي تصمها حسبما أشير إليه بقوله تعالى:{يوم ينفخ في الصور} [الأعراف: 73].
ص خ ر:
قوله تعالى: {الذين جابوا الصخر بالواد} [الفجر: 9]. جابوا أي قطعوا. والصخر: الحجر الصلب، أشار إلى قوله تعالى:{وتنحتون من الجبال بيوتًا} [الشعراء: 149]. وصخر: علم لرجلٍ مشهورٍ أخو الخنساء الذي تقول فيه: [من البسيط]
684 -
وإن صخرًا لتأتم الهداة به
…
كأنه علم في رأسه نار
فصل الصاد والدال
ص د د:
قوله تعالى: {ويصدون عن سبيل الله} [الأنفال: 47] الصد: المنع، مأخوذ من
صد الجبل، وهو ما يحول بينك وبينه. ومنه الصديد: وهو ما حال بين اللحم والجلد من القيح، وعليه قوله تعالى:{ويسقى من ماءٍ صديدٍ} [إبراهيم: 16]. والصديد: قد يكون انصرافًا عن الشيء وامتناعًأ نحو قوله تعالى: {يصدون عنك صدودًا} [النساء: 16] وقد يكون صرفًا ومنعًا، نحو:{فصدهم عن السبيل} [النمل: 42] الصد: الإعراض. ومنه قوله تعالى: {إذا قومك منه يصدون} [الزخرف: 57] وقرئ بكسر الصاد أي يضجون؛ يقال: صد يصد أي ضج، وذلك أنه لما نزل قوله تعالى:{إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} [الأنبياء: 98]. قال الزبعرى: خصمت محمدًا ورب الكعبة، قد عبد املسيح وعزيز فنحن نرضى أن يكون إلهنا معهما. فضج القوم ولغطوا حتى نزل قوله تعالى:{إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} [الأنبياء: 101]. ويروى أنه عليه الصلاة والسلام قال له: "ما أجهلك بلغة قومك، لو أراد ذلك لقال: ومن تعبدون".
وصد: يكون متعديًا للثاني بنفسه وبحرف الجر؛ ومن الأول قوله تعالى: {وصدها ما كانت تعيد} [النمل: 43]. ومن الثاني قوله: {إنهم ليصدونهم عن السبيل} [الزخرف: 37]، قوله:{فأنت له تصدى} [عبس: 6] أي تتعرض. تصدى له: إذا تعرض. والصداد. بثلاث دالات، فأبدل آخرها ياء نحو تطبب، وقلل الشاعر:[من الوافر]
865 -
من المتصديات بغير سوءٍ
…
تسيل إذا مشت سيل الحباب
والأصل فيه الصدد وهو القرب والمؤاخرية. وكم ما قابلك فهو متصد ومتصدد.
ص د ر:
قوله تعالى: {حتى يصدر الرعاء} [القصص: 23] أي ترجع من سقيهم غنمهم. وصدر: إذا تعدى بعن اقتضى معنى الانصراف؛ تقول: صدرت الإبل عن الماء صدرًا.
وقرئ "يصدر" أي يردون مواشيهم. قوله: {يؤمئذٍ يصدر الناس أشتاتًا} [الزلزلة: 6] أي يرجعون؛ يقال: صدر عن كذا: رجع عنه، وصدر إلى كذا: صار إليه. والوارد: الجائي. والصادر: المنصرف. قوله تعالى: {رب اشرح لي صدري} [طه: 5] لصدر: الجارحة، ثم استعير لمقدم الشيء كصدر القناة وصدر المجلس والكتاب والكلام. وصدره: أصاب صدره، نحو كبده، أو قصد قصده. ورجل مصدور: يشتكي صدره. والصدار: ثوب يغطي الصدر وذلك على بناء دثارٍ ولباس، ويقال له أيضًا الصدرة. فقوله تعالى:{لكن تعمي القلوب التي في الصدور} [الحج: 46] إشارة إلى هذه الجوارح. قال بعض الحكماء: حيثما ذكر الله القلب فإشارة إلى العلم والعقل، نحو:{إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب} [ق: 37] وحيثما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك، وإلى سائر القوى من الشهوة والهوى والغضب.
وقوله: {رب اشرح لي صدري} سؤال لإصلاح قواه. وكذا قوله: {ويشف صدور قوم مؤمنين} [التوبة: 14]. إشارة إلى اشتفائهم، من قوله:{فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور} [الحج: 46] أي العقول فيما بين سائر القوى، وليس بمهتدية.
ص د ع:
قوله تعالى: {فاصدع بما تؤمر} [الحجر: 94] أي شق قلب من تأمره، يشير إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر صعب يكاد يشق، وقيل: شق جماعاتهم بالتوحيد. وقيل: اجهر بالقرآن. وقيل: أظهر. وقيل: احكم بالحق، واقصد بالأمر. وكلها متقاربة. وقال ابن عرفة: أراد فرق بين الحق والباطل. يقال: تصدع القوم إذا تفرقوا. وعن ثعلب قال: قال أعرابي يحضر مجلس أبي عبد الله -وكان أبو عبد الله ربما يأخذ عنه-: "فاصدع بما تؤمر" أي اقصد. والعرب تقول: صدعت فلانًا: قصدته. وأصل الصدع الشق في الأجسام الصلبة. يقال: انصدع الحديد والزجاج، صدعته فانصدع، وصدعته فتصدع. وعنه استعير: صدع الأمر أي فصله. ومنه استعير الصداع: وهو شبه الاشتقاق في
الرأس من الوجع. ومنه قيل للفجر: صديع، وصدعت الفلاة: قطعتها. وتصدع القوم: تفرقوا. قوله: {يومئذ يصدعون} [الروم: 43] أي يتفرقون: {فريق في الجنة وفريق في السعير} [الشورى: 7]. وصدعت الرداء: شققته. قوله: {والأرض ذات الصدع} [الطارق: 12] لأنها تشق بالنبات. وفي الحديث: "فإذا صدع من الدجال"؛ الصدع: الربعة من الرجال بين رجلين.
ص د ف:
قوله تعالى: {يصدفون عن آياتنا} [الأنعام: 157] أي يعرضون إعراضًا شديدًا. وأصله من صدفي الجبل وهما ناحيتاه. وفي الحديث: "كان إذا مر بصدف مائلٍ أسرع المشي"؛ قال أبو عبيد: الصدف والهدف: كل بناءٍ عظيمٍ مرتفعٍ. وقيل: هو مأخوذ من الصدف في رجل البعير، وهو الميل. وقيل: من الصلابة. ومنه: صدف الجبل لصلابته. وقيل: من الصدف الذي يخرج من البحر، يعني: في صلابته أيضًا. قوله: {بين الصدفين} [الكهف: 96] أي ناحيتي الجبل، لأن كل جبلٍ يصادف -أي يقابل- الآخر. وقرئ بضمتين، وبضمةٍ وسكونٍ. وفتحتين. وهي لغات.
ص د ق:
قوله تعالى: {واجعل لي لسان صدقٍ} [الشعراء: 84] سأل ربه أن يجعله صالحًا بحيث إنه إذا أثنى عليه غيره كان صادقًا لا كاذبًا. ونحوه قول الشاعر: [من الطويل]
866 -
إذا نحن أثنينا عليك بصالحٍ
فأنت كما نثني وفوق الذي نثنى
فالصدق والكذب يتقابلان، وهل بينهما واسطة أم لا؟ الجمهور أنه لا واسطة، وأثبتها الجاحظ. ودليل ذلك في غير هذا الموضوع، وأصلهما في القول ماضيًا كان أو مستقبلاً، وعدًا كان أو غيره. ولا يكونان بالقصد الأول إلا بالخير دون غيره من أصناف الكلام، ولذلك قال تعالى:{ومن أصدق من الله حديثًا} [النساء: 87]. وقوله: {إنه كان صادق الوعد} [مريم: 54]. وقد يكونان بالعرض في غيره من أنواع الكلام كالاستفهام والأمر والدعاء، وذلك نحو قول القائل: أزيد في الدار؟ فإن في ضمنه إخبارًا بكونه جاهلاً حال زيد. وكذا إذا قال: واسني؛ فإن في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة. وإذا قال: لا تؤذني، ففي ضمنه أنه يؤذيه، قاله الراغب، وفيه نظر من حيث إن التصديق والتكذيب لم يردا على معنى الاستفهام وما بعده إنما وردا على ما هو لازم له، ولا كلام في ذلك فلم يصح أن يقال إنهما وردا على غير الخبر.
واختلف الناس في الصدق؛ فقيل: هو مطابقة الخبر للمخبر عنه في نفس الأمر، وفي اعتقاد المخبر، وإليه نحا الراغب فقال: والصدق مطابقة القول المضم والمخبر عنه معًا. ومتى انخرط شرط من ذلك لم يكن صدقًا بل إما لا يوصف بالصدق، وإما أن يوصف تارةً بالصدق، وتارةً بالكذب على نظرين مختلفين كقول الكافر دون اعتقادٍ: محمد رسول الله، فإن هذا يصح أن يقال: صدق لكون المخبر عنه كذلك، وأن يقال: كذب لمخالفة قوله ضميره: وللوجه الثاني إكذاب الله المنافقين حيث قالوا: {نشهد إنك لرسول الله} [المنافقون: 1] فقال: {والله يشهد أن المنافقين لكاذبون} [المنافقون: 1] أنتهى. وقد أجيب عنه بأن المعنى في تسميتها شهادة قوله: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} [الفتح: 27] أي. حقق رؤيته. فهذا أصدق بالفعل وهو التحقيق. قوله تعالى: {والذي جاء بالصدق وصد له} [الزمر: 33] أي حقق ما أورده قولاً بما تحراه؛ فعلاً، ويعبر عن كل فعل فاضل ظاهرًا وباطنًا بالصدق، فيضاف إليه ذلك الفعل الذي يوصف به كقوله تعالى:{في مقعد صدقٍ} [القمر: 55]. وقوله تعالى: {أن لهم قدم صدقٍ} [يونس: 2]. وقوله تعالى: {رب أدخلني مدخل صدقٍ
وأخرجني مخرج صدقٍ} [الإسراء: 80]. وقوله: {واجعل لي لسان صدقٍ} [الشعراء: 84]. ويستعملان في أفعال الجوارح فيقال: صدق في القتال إذا وفي حقه وفعل ما يجب وكما يجب، وكذب في القتال عكسه. قوله:{صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: 23] أي حققوا العهد بما أظهروه من أفعالهم. قوله: {ليسأل الصادقين عن صدقهم} [الأحزاب: 8] أي ليسأل من صدق بلسانه عن صدق فعله، تنبيًا أنه لا يكفي الاعتراف بالحق دون تحريه بالفعل. وصدقت فلانًا: نسبته إلى الصدق. وأصدقته: وجدته صادقًا. ويقال: هما واحد، ويقالان فيهما جميعًا. ويستعمل التصديق في كل ما فيه تحقيق يقال: صدقني. قوله: {وهذا كتاب مصدق لسانًا عربيًا} [الأحقاف: 12] أي مصدق ما تقدم. و"لسانًا" نصب على الحال. وفي المثل "صدقني سن بكره" لم يكذبني فيما استخبرته. والصداقة صدق الاعتقاد في المودة، وذلك مختص بالإنسان دون غيره.
قوله تعالى: {ولا صديقٍ حميمٍ} [الشعراء: 101] إشارة إلى نحو قوله: {الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدو إلا المتقين} [الزخرف: 67] والصدقة: ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزكاة، لكن الصدقة في الأصل، يقال للمتطوع به والزكاة للواجب. وقيل: يسمى الواجب صدقةً إذا تحرى صاحبها الصدق في فعله، فعليه قوله تعالى:{خد من أموالهم صدقةً} [التوبة: 103] وهي الزكاة. يقال: صدق وتصدق، ويقال لما تجافى عنه الإنسان من حقه: تصدق به نحو قوله تعالى: {فمن تصدق به فهو كفارة له} [المائدة: 45] أي من تجافى عنه. قوله: {وأن تصدقوا خير لكم} [البقرة: 28] فإنه أجرى ما يتسامح به للمعسرين مجرى صدقةٍ. ومنه ماروي عنه عليه الصلاة والسلام: "ما تأكله العافية صدقة". ومثله قوله تعالى:
{ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا} [النساء: 92] سمى إعفاءهم صدقةً. قوله: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلةً} [النساء: 4] أي مهورهن، مأخوذ من الصدقة، وفيه تنبيه على أن في إعطائه أجرًا كما في إعطاء الصدقة. وقد أثبت الشارع ذلك في النفقة الواجبة كقوله عليه الصلاة والسلام:"وحتى اللقمة تضعها في في امرأتك".
يقال: صداق المرأة وصداقها وصدقتها. وقد أصدقتها، أي أعطيتها صداقًا وسميته لها. قوله تعالى:{فأصدق وأكن} [المنافقين: 10] من الصدقة. وقال الراغب: من الصدق أو الصدقة، وليس بذاك. قوله:{إنه كان صديقًا} [مريم: 41] أي بليغًا فيه. وهو من كثر منه الصدق وقيل: من لم يكذب قط. وقيل: من لم يتأت منه كذب لتعوده الصدق. وقيل: من صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله، وهذه هي درجة الأنبياء، ولذلك وصف بالصديقية خليله فقال:{إنه كان صديقًا نبيًا} . وقال تعالى: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين} [النساء: 69] فهم دون الأنبياء في الفضيلة، إذ لا فضيلة عندنا توازي النبوة خلافًا لقومٍ خالين من المتصوفة. قوله:{وأمه صديقة} [المائدة: 75] قيل: لو كانت نبيةً لوصفها بها، إذ في مقام المدح نما يوصف بالأكمل.
وصدق: يتعدى للثاني بنفسه بحر الجر مثل كذب. تقول: صدقته الحديث وفي الحديث. قال تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده} . قوله: {إن المصدقين} [الحديد: 18] قرئ بالتشديد من التصدق، والتخفيف من تصديقهم ما [جاء به]
رسولهم وكتابهم، ومن جملته الصدقة. والمصدق أيضًا: الذي يأخذ الصدقات كالعامل، ولس مرادًا هنا.
ص د ي:
قوله تعالى: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديةً} [الأنفال: 35]. التصدية: التصويت بتصفيقٍ وغيره. ومنه الصدى: وهو ما يسمعه المصوت في الأماكن الخالية ذوات الأجرام الصلبة كالعمران والكهوف في الجبال والبيوت المكلسة. وقيل: الصدى: صوت يرجع من مكان صقيلٍ. والتصدية: كل صوتٍ يجري مجرى الصدى في أن لا غناء فيه. فقوله تعالى: {إلا مكاء وتصدية} أي غناء ما يوردونه غناء الصدى، ومكاء الطير. والتصدي: أن يقابل الشيء مقابلة الصدى، أي الصوت الراجع من الجبل. وقد مر أن أصله صدد.
والصدي أيضًا ذكر [البوم والدماغ] أيضًا لكون الدماغ يتصور بصورة الصدى ولهذا سمي هامةً. وقولهم: أصم الله صداه: دعاء عليه بالخرس، لأن المعنى: لا جعل الله له صوتًا حتى لا يكون له صدى يرجع إليه بصوته. وقد يقال للعطش صدى. يقال: رجل صديان وامرأة صدياء وصديانة وصادية، وقد أنشدني شيخنا أثير الدين لبعضهم:[من الخفيف]
867 -
لا تفه ما حييت إلا بخيرٍ
…
ليكون الجواب وقفًا لديكا
قد سمعت الصدى وذاك جماد
…
كل شيءٍ تقول رد عليكا
وفي حديث ابن عباس: "كان يصادى منه غربه" أي تدارى. والمصاداة والمدالاة والمداصاة والمراداة والمرافاة والمداملة، كله بمعنى واحدٍ. وقال الخبيث الحجاج لأنس بن مالكٍ رضي الله عنه:"أصم الله صداك"، قد مر تفسيره. وقيل: هو